كسر الخط الأحمر الأميركي في القائم والبوكمال… والمقداد لتنسيق إيراني سوري لجنة الانتخابات «طبخة بحص»… وبرّي: الانتخاب بالهوية… لا تأجيل ولا تمديد
كتب المحرّر السياسي
العيون الغربية كلها شاخصة نحو الصين وما ترسمه نتائج المؤتمر التاسع عشر للحزب الشيوعي الصيني، الذي تحوّل إلى خبر أوّل في الصحف العالمية الكبرى، بعدما صارت الصين ثاني دولة في حجم اقتصادها بعد الولايات المتحدة الأميركية، ومرشحة لتبوّء المركز الأول خلال الأعوام الخمسة المقبلة، واحتلت المركز الثاني لأكبر حامل كتلة نقدية بعد اليابان ومرشح للمركز الأوّل بعد أعوام قليلة أيضاً، ودخلت اللعبة الدولية بهدوء وبرود، وراء شريكها الروسي الذي نجح بفرض مكانة اللاعب الأوّل من بوابة دوره في الحرب على سورية، بينما يعلن الزعيم الصيني شي بينغ عزم حكومته على بناء قوة عسكرية تليق بمكانة بلاده، لتكتمل معالم الصعود الصيني، الذي توّج في مؤتمر الحزب بينغ زعيماً تاريخياً للحزب إلى جانب أسماء ماو تسي تونغ ودنغ هسياو بينغ، في زمن تراجع القبضة الأميركية على العالم، معلناً بدء مرحلة نهوض التنين الصيني بمسؤولياته كقوة عظمى.
التراجع الأميركي الذي يقرأ، حسب التوقيت الصيني، بالاستعداد للتحرّك بسرعة تزداد مؤشراتها، ترجمته الضربة القاسية التي تلقاها الرهان الأميركي السعودي «الإسرائيلي» على خطة انفصال كردستان، والفشل في احتواء نتائجها، كما جاء في كلام مستشار الأمن القومي الأميركي الجنرال هيربيرت ماكماستر في إعلان الخيبة والذهول من الحركة الإيرانية السريعة التي أجهضت الانفصال باستقطاب شريك كردي وتنظيم تحرك سريع للحشد الشعبي نحو كركوك. وعلى إيقاع هذا الإنجاز العراقي الذي سجلته واشنطن ضمن خيباتها، واصل العراق حركته على الشريكين التركي والإيراني لتقييم الخطوات اللاحقة في مسار إنهاء ذيول خطة الانفصال وبلورة خطة التحرّك، التي تتجه لتعامل سياسي بارد بانتظار التفاعلات داخل الساحة الكردية، وكيفية تصرف رئيس الإقليم مسعود البرزاني مع نهاية ولايته الرئاسية بعد أيام، والمرحلة الانتقالية الفاصلة عن الانتخابات البرلمانية والرئاسية بعد ثمانية شهور في إقليم كردستان، لجعل الحوار حول القضايا العالقة أوراقاً داعمة للفريق المساند لوحدة العراق بين الأطراف الكردية، الذي يتزعّمه ورثة حزب الاتحاد الوطني الكردستاني وعائلة مؤسّسه الرئيس العراقي الراحل جلال الطالباني.
متابعة ملف الانفصال الكردي لم تمنع العراق من مواصلة الأولوية التي تتمثل بمطاردة داعش وما تبقى من انتشار لمسلحي التنظيم غرب العراق، وحيث ملف الحدود مع سورية كان موضع حذر عراقي مراعاة لخطوط حمراء أميركية بدا العراق أشدّ حزماً في التوجه للحسم بالتنسيق العلني مع الجيش السوري، وحيث الحشد الشعبي والمقاومة شريكان في العملية بتحدّ واضح لما رسمه الأميركيون من خطوط حمراء وحيث تتوقع مصادر عسكرية أن تبدأ معركة القائم والبوكمال في الأسبوع المقبل، تتقدّم القوات من طرفَيْ الحدود وتسجل نقاطاً جديدة لتلاقيها في محيط المدينتين الخاضعتين لداعش.
بالتزامن نفسه، كان الجيش السوري يحقق المزيد من التقدّم في محاور مدينة دير الزور، وخصوصاً المنطقة الصناعية، بينما تعيش «قوات سورية الديمقراطية» القلق على مستقبل عفرين، بعدما زجّت بكامل قواتها في مناطق دير الزور لقطع الطريق على دخول الجيش السوري إلى مناطق سيطرة داعش.
المشهد السياسي والعسكري بجوانبه المتعدّدة كان موضوع زيارة نائب وزير الخارجية السورية الدكتور فيصل المقداد لطهران ولقاءاته مع مسؤوليها لمزيد من التنسيق، سواء بما يتصل بتقييم الانتصارات والإنجازات أو مواجهة التعقيدات المتصلة، خصوصاً بتقييم موحد للدور التركي وكيفية التعامل معه والملف الكردي وكيفية إدارته بصورة متوازية بين الحالتين الكرديتين في العراق وسورية.
لبنانياً، عاد الملف الانتخابي إلى الضوء مع انعقاد اللجنة الوزارية المكلفة متابعة ملف الانتخابات النيابية، وفشلها في التوصل لتفاهمات على قضايا الخلاف، وخصوصاً بعدما بلغ الخلاف بين وزير الخارجية جبران باسيل ووزير الداخلية نهاد المشنوق حول البطاقة البيومترية والتسجيل المسبق مرحلة التصريحات العلنية، والاتهامات بالعرقلة، ما حدا بعدد من الوزراء المشاركين بوصف اللجنة وعملها بـ «طبخة بحص»، وهو ما شرح تفاصيله رئيس المجلس النيابي نبيه بري لنواب لقاء الأربعاء باستعادة النقاشات الأولى حول اعتماد البطاقة البيومترية والخلاف حول التسجيل المسبق، وصولاً للقول إن لا تأجيل ولا تمديد، وطالما وزارة الداخلية غير قادرة على ضمان إنجاز البطاقة وتوزيعها في المدة الفاصلة عن الانتخابات، فالانتخابات ستتمّ في موعدها وببطاقات الهوية.
لجنة الانتخابات: «طبخة بحص»
لم تخرج اللجنة الوزارية المكلّفة متابعة قانون الانتخاب في اجتماعها أمس، بحلول حول آلية تطبيق بعض بنود القانون العالقة، لا سيما ما يتعلق بالبطاقة البيومترية والتسجيل المسبق للناخبين خارج مكان القيد، بل إن الخلاف لا يزال قائماً في هاتين النقطتين بحسب مصادر السراي الحكومي التي لفتت لـ «البناء» الى أن «النقاشات عكست وجهات نظر مختلفة حول النقاط العالقة، حيث عمل كل طرف على شد الحبل الى جهته ولم يتوصّلوا الى وجهة نظر مشتركة».
وترأس الاجتماع رئيس الحكومة سعد الحريري وحضره الوزراء: نهاد المشنوق، علي حسن خليل، جبران باسيل، محمد فنيش، علي قانصوه، طلال ارسلان، يوسف فينيانوس، بيار بو عاصي والامين العام لمجلس الوزراء فؤاد فليفل.
واكتفى المكتب الإعلامي لرئيس الحكومة بالإشارة الى الاجتماع والحضور من دون ذكر ما اذا كانت حُسمت الخلافات حول النقطتين المتبقيتين من آلية تطبيق القانون. وأوضح وزير الداخلية قبيل الاجتماع أن «التسجيل المُسبق للناخبين خارج أماكن الاقتراع بات محتماً»، لافتاً الى أن «الوقت مرّ ولم يعُد بالإمكان التصويت وفقاً للبيومترية من دون التسجيل المُسبق»، وعلّق باسيل على تصريح المشنوق ، قائلاً: «بدي شوف بس ينزل شو بيقول»، ولفت الى أن «حرية الناخب مستهدفة من خلال موضوع التسجيل المسبق وبعض القوى استهدفت بعض الأمور في القانون الانتخابي منها آلية التنفيذ والتعاطي بموضوع شعبوي بمناقصة البطاقات ووضع شروط إضافية على القانون». فيما أكد الوزير طلال ارسلان أن «الخلاف السياسي في أوجه والقصة طبخة بحص».
وفيما يُبقي الخلاف السياسي مصير الآليات الانتخابية التي ستعتمد في الانتخابات النيابية المقبلة مجهولاً، يظهر أيضاً المماطلة في وضع مواد القانون موضع التنفيذ منذ إقرار القانون الجديد، فلماذا لم تحسم مسألة البطاقة البيومترية فور صدور القانون؟ ولماذا تمّ إقرار القانون من دون الاتفاق النهائي على بنوده؟ ولماذا لم يأخذ المعنيون كلام وزير الداخلية عن صعوبة اعتماد البيومترية قبل إبصار القانون النور على محل الجدّ؟ وهل كانوا على علمٍ مسبق بعجز الحكومة عن ذلك فأضافوا المادتين 84 و95؟ وهل سيتحوّل الخلاف السياسي على النقاط التقنية ذريعة لتبرير التمديد الرابع؟
مصادر نيابية أشارت لـ «البناء» الى أن «المشكلة الأساسية التي تعتري تطبيق قانون الانتخاب هي أن القانون ليس مثالياً، بل وضع في ربع الساعة الأخيرة في مرحلة سياسية صعبة وظروف دستورية دقيقة سبقت إقراره كادت تؤدي بالبلاد الى الفراغ الشامل».
بري: الانتخابات حاصلة بالهوية إن تعذّرت «البيومترية»
وأكد رئيس مجلس النواب نبيه بري «أن الانتخابات النيابية ستجري في موعدها، وهي حاصلة من دون أدنى شك». وقال «إن من يفكر غير ذلك، فليخيّط بغير هالمسلة». واستعرض الرئيس بري مع النواب في لقاء الاربعاء، تفاصيل قانون الانتخاب لا سيما المادتين 84 و95 منه، مشيراً الى «ان في حال لم تتوفر البطاقة البيومترية، فإن هناك نصاً صريحاً في القانون باعتماد الهوية او جواز السفر». ولفت الى انه «أحال مشروع قانون البطاقة البيومترية فور وروده من الحكومة إلى اللجان النيابية المختصة». في المقابل، شدّد مرة أخرى «على وجوب ان تخضع كل التلزيمات لإدارة المناقصات وفق الاصول».
ونقل زوار الرئيس بري عنه قوله لـ «البناء» إنه مع اعتماد البطاقة البيومترية، لكن مع التسجيل المسبق للذين يودون الاقتراع خارج مكان القيد في مكان السكن، وأن رفض البعض ذلك بأنه يقيد حركة الناخب حجة غير مقنعة، بل العكس تماماً أنه ينظم العملية الانتخابية ويمنع التزوير».
والى جانب الخلاف السياسي والتقني برز خلاف آخر داخل اللجنة، وهو الاعتمادات المالية لتغطية العملية الانتخابية وطريقة تلزيم شركة لإعداد البطاقة البيومترية. ولفتت المصادر الى أن «لجنة الدفاع الوطني والداخلية والبلديات النيابية التي اجتمعت الاثنين الماضي، لدرس مشروع القانون المعجل لفتح اعتماد إضافي في الموازنة العامة لتغطية تطوير بطاقة الهوية الحالية الى بطاقة بيومترية، لم تتوصل الى اتفاق ودار نقاش واسع وعميق انتهى بإرجاء الجلسة الى موعدٍ آخر، بعد أن شهدت اعتراضات عدة حول الكلفة وطريقة التلزيم التي تمت بالتراضي لشركة واحدة». كما لفتت المصادر الى أن «المشروع نفسه سيطرح في جلسة للجنة المال والموازنة، التي ستعقد اليوم، مستبعدة التوصل الى اتفاق بهذا الشأن».
وتوقعت المصادر أن يحاول مجلس الوزراء في جلسته اليوم في السراي الحكومي إيجاد صيغة مبدئية لحل الخلاف القائم حول النقاط العالقة لعدم إشاعة مناخ سلبي حول مصير الانتخابات».
وزير الخزانة الأميركية: سنتّخذ إجراءات رادعة ضدّ حزب الله
على صعيد آخر، تواصل الولايات المتحدة الاميركية حربها على حزب الله، وتشكيل جبهة إقليمية، في مقدمتها السعودية لمواجهته، وسط معلومات تتحدث عن قرب صدور قانون العقوبات على الحزب.
وفي سياق ذلك، أعلن وزير الخزانة الأميركية ، ستيفن منوتشين ، من الرياض، «أنّنا سنتّخذ إجراءات رادعة ضدّ حزب الله لوقف إرهابه»، مشيراً إلى «أنّنا نؤسّس مركزاً متعدّد الجنسيات لقطع الدعم المالي لشبكات الإرهاب»، كاشفاً أنّ « الولايات المتحدة الأميركية تفرض عقوبات على 9 كيانات وأشخاص مرتبطين باليمن ». وشدّد على أنّ «السعودية شريك للولايات المتحدة الأميركية في محاربة تمويل الإرهاب».
قائد الجيش في واشنطن
إلى ذلك بدأ قائد الجيش العماد جوزيف عون أمس، زيارة إلى واشنطن حيث التقى كبار المسؤولين في وزارة الدفاع والأمن القومي والجيش الأميركي، حيث القتى قائد المنطقة المركزية الوسطى الجنرال جوزف فوتيل الذي توجّه اليه بالتهنئة على الانتصار الكبير الذي حققه الجيش في معركة «فجر الجرود»، ثم بحث الجانبان في العلاقات العسكرية الثنائية، وسبل تطوير التعاون ودعم الجيش اللبناني للقيام بمهمّاته الوطنية، وعرضا برنامج المساعدات العسكرية الأميركية للجيش اللبناني، حيث أكّد فوتيل مواصلة تقديم المزيد من المساعدات في المرحلة المقبلة، منوّهاً بقرار الجيش تعزيز انتشار القوى العسكرية في قطاع جنوب الليطاني.