التصعيد الأميركي ضدّ حزب الله: ماذا بعد؟
حميدي العبدالله
واضح أنّ الولايات المتحدة تقوم بحملة تصعيد ضدّ حزب الله استنفرت لها كلّ قدراتها وطاقاتها، وحشدت لها قوى هي ذاتها القوى التي عادة ما تلجأ إليها الولايات المتحدة عندما تضع على رأس أولوياتها مواجهة جهة محدّدة. تمثل التصعيد أولاً، بقانون العقوبات الذي يناقشه الكونغرس بذريعة إضعاف حزب الله، وتمثلت ثانياً، في الحملة الإعلامية التي تقودها حكومة المملكة العربية السعودية وتسخير إعلامها للقيام بهذه الحملة، وتمثلت ثالثاً، بتصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب وكبار المسؤولين في إدارته حول مقتل جنود المارينز عام 1983 في لبنان.
التصعيد الأميركي مفهوم، ومعروف أسبابه وتوقيته. هذا التصعيد يأتي استجابة لطلبات وتحريض «إسرائيل» على حزب الله، وإذا كان العداء الإسرائيلي، وبالتالي الأميركي لحزب الله حالة دائمة، لكن في هذه المرحلة وصل هذا العداء إلى مستوى غير مسبوق، وذلك لأسباب من أبرزها:
أولاً، حزب الله امتلك بعد خوضه الصراع إلى جانب الجيش السوري خبرات وقدرات عسكرية لم تكن متوفرة له في أيّ مرحلة من مراحل المواجهة مع العدو الصهيوني، وكلّ القدرات والخبرات التي يكسبها الحزب تقلق قادة العدو وتدفعهم للتحرك لاحتواء هذا الخطر.
ثانياً، سورية وجيشها يخرجان من الحرب التي استمرت 7 سنوات، وقد اكتسب الجيش السوري خبرات قتالية وقدرات عسكرية زادت من قدراته السابقة، وهذا يقلق قادة العدو مرتين، المرة الأولى، لأنّ هناك صراعاً سورياً مع الكيان الصهيوني على أرض سورية محتلة، والمرة الثانية، لأنّ هناك تعاوناً عسكرياً غير مسبوق بين حزب الله والجيش السوري، وسيكون لذلك انعكاسات وتداعيات أبرزها وحدة الجبهة، وعدم قدرة العدو في المستقبل على الانفراد في خوض حرب ضدّ طرف دون الطرف الآخر.
ثالثاً، إلى جانب حزب الله والجيش السوري تتوضّع قوات من الحرس الثوري الإيراني وقوات رديفة أخرى قاتلت الإرهاب في سورية وهي جزء لا يتجزأ من منظومة الدفاع في مواجهة الكيان الصهيوني.
لا شك أنّ كلّ ذلك يقلق تل أبيب، وبالتالي واشنطن ويدفعها لاستنفار كلّ طاقاتها لاحتواء هذا الوضع الجديد.
لكن ما الذي تستطيع تل أبيب وواشنطن وحلفاؤهما في المنطقة عمله بعد فشلهم في حرب السنوات السبع التي كان هدفها المباشر النيل من سورية، ولكن أهدافها غير المباشرة هي النيل من حزب الله؟ هل يمتلكون ما امتلكوه خلال السنوات السبع من قدرات وأدوات، وفشلت جميعها، ما الذي يستطيع أن يفعله تصريح للرئيس ترامب يعيد الحديث عن مسؤولية حزب الله عن مصرع عناصر المارينز، وهل سيرسل جيوشه للحرب في سورية ولبنان.
الهجوم الأكثر خطورة على منظومة المقاومة وفي طليعتها سورية وحزب الله قد فشل، وأيّ إجراءات أخرى ستكون بالتأكيد أدنى بكثير مما قام به الحلف المعادي الذي يواجه الآن مصاعب استراتيجية كثيرة بعد فشله في سورية والعراق واليمن.