بوتين والخامنئي لحسم سورية وحماية التفاهم النووي… وربط فنلندا بالخليج الحريري يعود من الرياض بوساطة مع حزب الله لهدنة إعلامية مع السعودية
كتب المحرّر السياسي
بينما أكدت مصادر عراقية واسعة الإطلاع لـ»البناء» أنّ قيادة مسعود البرزاني التي شعرت بخطر تفكّك منظومة السيطرة على كردستان إذا واصلت التأقلم مع فشل الانفصال، وتقبّلت الحقائق، عادت للتلاعب بفرص التفاوض وتمييع التفاهمات لإفراغ النصوص الدستورية حول السيطرة على الحدود والمعابر من مضمونها، ما اضطر رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي إعطاء الأوامر بتنفيذ النصوص القانونية ومواجهة كلّ عرقلة بالقوة، فيما حملت أنباء الميدان تقدّم القوات العراقية نحو أهدافها.
جاء الحدث العراقي في مرتبة ثانية بعد الحدث الأوّل الذي مثلته القمة الثانية للزعيمين الروسي فلاديمير بوتين والإيراني الإمام علي الخامنئي، وما رافقها من قمة رئاسية روسية إيرانية وقمة ثلاثية روسية إيرانية أذربيجانية.
القمم التي شهدتها طهران سجلت وفقاً لمصادر متابعة، تأكيداً على مواصلة التعاون في المجالات العسكرية والأمنية والسياسية والاقتصادية كلّها، لضمان انتصار سورية وتعافيها، تحت سقف عدم المساومة على وحدتها وسيادتها، ودعم العملية السياسية التي تتمّ تحت هذه السقوف، والتي ترعاها موسكو، فيما التعاون الروسي الإيراني لدعم سورية والمقاومة في الحرب على الإرهاب مستمرّ بلا تراجع، أما على مستوى التصعيد الأميركي بوجه إيران فقد كان الموقف الروسي داعماً لموقف إيران برفض المساس بالتفاهم الدولي على ملفها النووي، أو بمحاولات تقييد مشاريعها الصاروخية الدفاعية، أو السعي لربطهما بسلة تفاوض.
النتاج الاقتصادي لقمم طهران كان بإطلاق خط تواصل بري متعدّد الوظائف يتّسع لطرق دولية، لشاحنات البضائع وحافلات السياح، ولخطوط سكك حديدية وخطوط أنابيب للنفط والغاز وشبكات النقل الكهربائي العملاقة، يمتدّ من بطرسبورغ الروسية على شاطئ بحر الشمال قبالة فنلندا حتى بندر عباس الإيراني قبالة الخليج، عابراً أذربيجان، ليتحقق لروسيا الوجود على الخليج ولإيران الوجود على بحر الشمال.
لبنانياً، شكلت زيارة رئيس الحكومة سعد الحريري للرياض محور الاهتمام السياسي والإعلامي، حيث قالت مصادر مطلعة إنّ الحريري عاد بغضب سعودي مما وصفه بالحملات التي تتعرّض لها السعودية من قادة حزب الله، واضطرارها للردّ عليها مباشرة، بما يعرف بتغريدات السبهان، وزير شؤون الخليج، التي تهاجم حزب الله. وقالت المصادر إنّ الحريري نقل عن قادة السعودية مطالبتهم المسؤولين اللبنانيين بالتدخل لوضع حدّ لهذه الحملات، طالباً التوسّط لهدنة إعلامية بين حزب الله والسعودية.
الحريري حمل رسالة سعودية إلى لبنان
انحسرت موجة التصعيد السعودي التي يقودها وزير الدولة لشؤون الخليج العربي ثامر السبهان ضد حزب الله والحكومة اللبنانية مع زيارة رئيس الحكومة سعد الحريري إلى المملكة ولقائه المسؤولين السعوديين لا سيما ولي العهد محمد بن سلمان، في حين لم تُسجل أية مفاعيل لتهديدات السبهان على الساحة الداخلية، التي شهدت تراجعاً أمس الأول، كما لوحظ ارتياح لدى الرئيس الحريري بعد زيارته المملكة، بعد أن أبلغ الحريري القيادة السعودية بأن خيارات الضغط على حزب الله من الساحة اللبنانية ضيقة، وأن التسوية الرئاسية والتفاهمات السياسية السائدة لا تسمحان بأي تغيير للمعادلة الداخلية أو الذهاب بعيداً في مواجهة حزب الله»، وأشارت مصادر قناة «المستقبل» الى أن «زيارة الحريري الى السعودية كانت ممتازة ولم تكن مفاجئة لا في شكلها ولا في نتائجها سوى في بعض المخيّلات». لكن الملاحظ هو استمرار برنامج الدعوات الى الشخصيات اللبنانية لزيارة السعودية، حيث سلّم القائم بأعمال السفارة السعودية في لبنان وليد البخاري البطريرك الماروني مار بشارة الراعي دعوة لزيارة المملكة.
وعلمت «البناء» أن «الحريري حمل رسالة من القيادة السعودية الى المسؤولين اللبنانيين، تتضمّن تحذيرات سعودية من انعكاسات الحملات التي يشنّها حزب الله ضد المملكة على الوضع اللبناني وأن استمرارها سيقابل بردّات فعل سياسية وإعلامية من السعودية، وبالتالي على المسؤولين اللبنانيين تحمّل مسؤولياتهم في هذا السياق لتجنّب هذه المواجهة». وفور عودته الى بيروت أجرى الحريري «اتصالاً هاتفياً برئيس المجلس النيابي نبيه بري وأطلعه من خلاله على مضمون الرسالة وأجواء زيارته الى المملكة».
وقالت مصادر نيابية لـ «البناء» إن «السعودية تمر في أسوأ وأصعب مرحلة في تاريخها بعد الهزائم والنكسات المتتالية التي تعرّضت لها في أكثر من ساحة إقليمية، في اليمن وسورية والعراق وأخيراً سقوط رهانها على كردستان بعد تمكّن الجيش العراقي بدعم إيراني تركي من حسم الموقف في كركوك ودفن مشروع الانفصال».
وأوضحت المصادر أن «السعودية المرتبطة بالمشروع الأميركي «الإسرائيلي» تحاول التعويض عن هذه الخسارة الاستراتيجية بشن حرب إعلامية وسياسية ودبلوماسية على محور المقاومة، لا سيما على حزب الله الى جانب أنها تراهن على عدوان «إسرائيلي» على حزب الله أو على سورية»، غير أن المصادر أكدت أن «مَن التقاهم الحريري بعد عودته الى بيروت لمسوا منه حرصه الشديد على الاستقرار السياسي الداخلي وعلى الائتلاف الحكومي والحفاظ على الأمن في ظل الحرائق المشتعلة في المنطقة». وأكدت أن «الحريري لن يكون جزءاً من تخريب الساحة الداخلية كما يطالب السبهان»، غير أن أوساطاً مطلعة أوضحت لـ «البناء» أن «حزب الله يدرك حجم الضغوط والحصار الذي يتعرّض له الحزب ومحور وحركات المقاومة من قوى إقليمية ودولية لمعاقبة المقاومة على إنجازاتها في وجه الإرهاب واسقاط المشاريع الخارجية في المنطقة لا سيما العدوان الاخير على غزة، غير أن الحزب لن ينجر الى مستنقع الجدل السياسي والطائفي بل سيعمل على استيعاب هذه الاصوات الموتورة والمهزومة حرصاً على الاستقرار الداخلي».
نصر الله اتصل بهنيّة: معركتنا واحدة
وأجرى الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله اتصالاً برئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية «حماس» إسماعيل هنية عبّر فيه عن تعازي حزب الله بالشهداء الذين ارتقوا في العدوان «الإسرائيلي» الأخير على غزة.
وأكد فيه على وقوف حزب الله إلى جانب الإخوة في حركة حماس والجهاد الإسلامي وبقية فصائل المقاومة الفلسطينية في مواجهة العدوانية الصهيونية وكل ما يستهدف المقاومين في المنطقة. وقد أكد الطرفان على متانة العلاقة بين حركات المقاومة ووحدة المعركة والتضامن والتواصل والتعاون في مواجهة كل التحديات القائمة والمقبلة.
اشتعال جبهة باسيل – المشنوق
على ضفة أخرى، اشتعلت جبهة وزيري الداخلية نهاد المشنوق والخارجية جبران باسيل مجدّداً حول الملف الانتخابي، ما يؤكد أنها الى تصاعد الخلاف السياسي حول تطبيق قانون الانتخاب وآليات الاقتراع لا سيما لجهة البطاقة البيومترية والتسجيل المسبق للمقترعين خارج مكان القيد. فبعد دعوات باسيل المتكررة الى استقالة وزير الداخلية لعجزه عن وضع القانون الانتخابي الجديد موضع التطبيق، شنّ المشنوق أمس، هجوماً عنيفاً على باسيل، وقال: «يبدو أن الوزير باسيل ما عاد يفرِّق بين حدوده وحدود الآخرين، ولا عاد قادراً على التمييز بين موقعه كوزير وبين أحلامه كمرجعية فوق الدستور والدولة والمؤسسات، وبتطاول مرفوض على الصلاحيات والاعراف».
واعتبر المشنوق في بيان وزّعه أنّه «بات واضحاً أنّ هناك مَن يريد أن يستثمر في الهوبرة لبناء خطاب انتخابي، ويعتقد أنّه ينال من الوزير المشنوق شخصاً وفريقاً سياسياً، أيّاً تكن الادعاءات عكس ذلك». واستغرب المشنوق «ألا يستوعب وزير يملك الحنكة والذكاء أموراً في غاية البساطة، وهي: أولاً: أنّ السجال الدائر حول التسجيل المسبق هو سجال سياسي ليس الوزير المشنوق طرفاً فيه، بل هو بين الوزير جبران باسيل ومَن يبدو أنه لا يجرؤ على تسميتهم. ثانياً: أعلن الوزير المشنوق جهوزية الوزارة لطبع بطاقات الهوية البيومترية لجميع الناخبين اللبنانيين محدداً لذلك سقفاً زمنياً حددته الشركة المعنية بالطبع والتوزيع، وقد انتهى في نهاية أيلول الماضي. وحين فات الموعد بعد أشهر من النقاش طرح المشنوق حلاً وسطاً يقضي بإصدار عدد أقل من البطاقات، يغطي الشريحة الراغبة في التصويت في مكان الإقامة، ويوفر على الشركة وقت الإنتاج والتوزيع وتصحيح البيانات. وقد غرقت هذه الخطة في السجالات السياسية التي ليس المشنوق طرفاً فيها، مجدداً».
إحالة ملف النازحين إلى لجنة اختصاصيين..
على صعيد أزمة النزوح السوري، وبعد تأجيل انعقادها أكثر من مرة، عقدت اللجنة الوزارية المكلفة متابعة الملف اجتماعاً مساء أمس في السراي الحكومي برئاسة رئيس الحكومة.
وكشف وزير الداخلية بعد الاجتماع «أنّنا اتّفقنا أن تجتمع مجموعة من الإختصاصيين من الوزارات المعنيّة، للبحث في المسودة بشأن ملف النازحين ومناقشتها عند وزير شؤون النازحين معين المرعبي».
وشهدت الجلسة بحسب معلومات «البناء» خلافاً بين أعضاء اللجنة حول التواصل مع الحكومة السورية والتنسيق لإيجاد الحل المناسب للأزمة واعادة النازحين الى بلدهم، كما شهدت سجالاً بين الوزير باسيل ووزير التربية مروان حمادة الذي قال: «ليست وزارة الخارجية مَن يرسم سياسة الدولة، وهذا ما قلته لوزير الخارجية جبران باسيل ».
وأكد وزير الاقتصاد رائد خوري في تصريح «وجود إرادة حقيقية للحكومة بالعمل على حلّ ملف النازحين نتيجة الوضع الاقتصادي الصعب الذي نعيشه».
وشدّد المطارنة الموارنة بعد اجتماعهم الشهري في بكركي على «ضرورة عودة النازحين السوريين إلى وطنهم، لأنهم باتوا مهددين بفقدان هويتهم وعبئاً ثقيلاً على لبنان من كل جانب».
الى ذلك، يعقد مجلس الوزراء اليوم جلسة عادية في السراي، ومن المتوقع أن يناقش، ملف بواخر الطاقة.
بري: لن تمرّ المناقصات إلا عبر الأصول القانونية
وفي سياق ذلك، اعتبر الرئيس بري في لقاء الاربعاء أن «التلزيمات لا ولن تمر الا عبر الاصول القانونية، اي عبر دائرة المناقصات في اي التزام يتجاوز الـ100 مليون ليرة». ونقل زوار رئيس المجلس عنه لـ «البناء» تشديده على ضرورة وقف الهدر والفساد في مؤسسات الدولة، مشيراً الى أن «إقرار الموازنة سيخفض 60 في المئة من هذا الهدر».
وفي سياق ذلك، أحال وزير المالية علي حسن خليل إلى النيابة العامة المالية بواسطة هيئة القضايا في وزارة العدل، ملفاً يتعلق بتزوير إيصالات تحصيل تم اكتشافها عند إجراء التدقيق المتبع من قبل المركز الالكتروني في وزارة المالية، وذلك قبل القيام بعملية تشطيب الإيصالات المسددة، بعدما تبيّن أن لا وجود لأي من هذه الإيصالات على نظام الصناديق. كما أحال خليل الملف نفسه إلى رئيس التفتيش المركزي لأخذ العلم وإجراء التحقيق اللازم وإبلاغ وزارة المالية النتيجة.
في المقابل، أعلن بري تأجيل الجلسة التشريعية في انتظار أن تنضج بعض المشاريع واقتراحات القوانين، كما أفاد الزوار بأن رئيس المجلس سيدعو الى جلسة تشريعية قريبة بجدول أعمال يتضمن بنوداً عدة ملحة تتعلق بالوضع الاجتماعي والاقتصادي والمالي لتسيير شؤون المواطنين الحياتية.
وطالب بري وزارة الخارجية بتقديم شكوى الى مجلس الأمن حول الخروق «الإسرائيلية»، مشيراً الى «معلومات وتقارير عن نية العدو «الإسرائيلي» بناء جدار على الحدود وكذلك للاعتداء على مقام النبي إبراهيم في مزارع شبعا».
وفي خرق جديد للسيادة اللبنانية وللقرار 1701 شهدت منطقة صيدا تحليقاً للطيران الحربي الصهيوني على علو منخفض.