قالت له
قالت له: ها أنت تغضب وتغار. فلِم تغضب حين أغار؟
فقال لها: لأن الغيرة نصف غضب ونصف اتهام، وكلاهما يستجلب الغضب.
فقالت له: لو تقابل غيرتي بالغزل لإنطفأت نار الغضب.
قال: لقد جرّبتها وقد نسيتي فقلتِ يومها أنت تتهّرب، وصارت الغيرة اتهاماً وغضباً.
فقالت: وبالابتسامة؟
فقال: قلتِ إنني أسخر وصارت السخرية سببك للمزيد من الغضب فاستجلب المزيد المزيد.
فقالت: إذاً دافع عن نفسك.
فقال لها: إذاً هي اتهام وليست حرصاً.
فقالت: لا أعلم بل أخاف.
فقال: استبدال الخوف بالاتهام طبع الضعفاء والمغرورين وأحياناً هو هجوم في موقع الدفاع.
فقالت: وأيهما أنا؟
قال: آخرها.
قالت: تتهمني إذاً بالتغطية على خطيئة بافتعال اتهام بمثلها.
فقال: أو تبرير بعض مشاغبة باتهام باللامبالاة.
قالت: هذا أنت ولست أنا.
قال: هذا نحن.
فقالت: تحدّث عن نفسك.
قال: لأنني أشدّ صدقاً فقلت مشاغبة ولم أقل خطيئة ولا ادّعيت الملائكية.
قالت: وأين تنتهي المشاغبة؟
فقال لها: بنظرة وكلمة.
قالت: وابتسامة فقبلة.
فقال: تصير نصف خطيئة.
قالت: لهذا لا أشاغب.
قال لها: ولهذا تتّهمين تمهيداً للمشاغبة فتنالي براءة الذمة مسبقاً.
قالت: ستثبت لك الأيام صدق كلامي.
قال لها: وموعد الغداء الخاص بداعي العمل.
قالت: إنه العمل.
قال: هذه عقدة الذنب سيدتي.
فقالت: وملاطفاتك للجميلات بالكلمة الحلوة.
قال لها: تعمّد التخفّي وراء أسباب يخفي فرضيات أكبر من الإعجاب.
قالت: أتغار؟
قال: أخشى أكثر.
فقالت: منّي؟
قال لها: في البداية عليك وبعدها منك عليك وبعدها منك.
قالت: ولا تغار؟
قال: ربما أشعر بالاحتقار في نهاية آخر المراحل فأمضي.
قالت: أتدعوني للاكتفاء بالأولى؟
قال لها: تبقى مشاغبة ونصف خطيئة.
قالت: إذاً تعادلنا.
قال: مع فوارق أنني لا أختفي وراء أعذار تصير أحياناً بعض نوايا.
قالت: صرت أنا المُلامة.
قال لها: بعد الغداء نشرب الشاي… عودي بالسلامة.
فقالت: لو علمت أنّ كلّ قصدي إثارة الغيرة !
قال: ستصابين أنت بالحيرة.
قالت: هات قبلة صغيرة.
قال: بعد أن تعودي وتروي لي السيرة.
فخرجت بابتسامة وتمنّى عابساً لها السلامة!