الأمين محمود الجوهري… المميّز وعياً ومناقب وأداءً قومياً اجتماعياً
برحيل الأمين محمود الجوهري يرحل رمز آخر مميّز من رموز العمل القومي الاجتماعي في بلد عرف الحزب منذ ثلاثينات القرن الماضي، واستمر نابضاً بالحضور الفاعل عبر رموز مضيئة بدءاً من الأمناء محمد القاضي، محمد أمين أبو حسن، منير الشعار، شفيق مفرج، وتباعاً عبر الأمناء معين عرنوق 1 ، عادل الشعار، جبران عريجي، موفق شرف، دهام دهام، والرفقاء يوسف ابراهيم، رياض الحسنية، رفيق غرز الدين، داود أبو عنق، منح قربان، جورج عنتر، أمين عنداري، جوزف ساسين، عفيف صعب، عبد الله جبيلي، نقولا شريقي، عباس دهام 2 ، وكثيرين غيرهم ممن يصعب تعدادهم، وهم استقروا في ولايات ومدن متباعدة وحققوا للوجود القومي الاجتماعي حضوره الفذ في اوساط الجالية ومع الحكومات والاحزاب والقوى الفنزويلية.
وفي هذا المجال لا يسعنا الا ان نذكر بتقدير الدور المميّز الذي قام به الأمين عبد الله قبرصي طيلة فترة استقراره في فنزويلا في ستينات القرن الماضي وما كان لمجلة «الندوة» التي أصدرها من أثر بالغ في حياة العمل الحزبي في كل من فنزويلا وجزر البحر الكاريبي.
الأمين محمود الجوهري هو من هذا الرعيل الحلو. عرفته عبر زياراته إلى الوطن، وفي الاتصالات المستمرة معه هاتفياً وفي المراسلات. دائماً كان الأمين محمود حاضراً لكل امر حزبي، ملبياً بوجدانه وعقله ومناقبه، وفواحاً بعطر النهضة.
كان في المسؤوليات الادارية، او خارجها، المرجع الذي كنت اعتمده في الكثير من المواضيع الحزبية. كان محط ثقة بالنسبة للمركز، كما للفروع وللرفقاء.
كثيراً ما رغبتُ إليه ان يتولى مسؤولية منفذ عام فنزويلا، فكان يعتذر. فنزويلا المترامية الاطراف تحتاج إلى من يعطي العمل الحزبي فيها وقتاً غير قليل، انما كان يتصل ويقدم لنا رأيه بعد الدرس، هو المتمع بمزايا الدقة والترفع والصدق وتقديم مصلحة الحزب على كل شيء.
كانت ثقتي به لا حدود لها، كما محبتي واحترامي، وارتياحي له. لم اسجل مرة اني اختلفت معه على شيء، او تباعدنا مودة وثقة.
في الزيارة الاخيرة إلى الوطن للرفيق المناضل جوزف ساسين، كان الأمين محمود الجوهري ثالثنا. كم ذكرناه واطربنا واعتبرناه الاكفأ لتوليّ مسؤولية العمل الحزبي في فنزويلا، ولكن!
واليوم، إذ يرحل الأمين محمود الجوهري، نشعر أنّ أساساً متيناً في عمارة الحزب في فنزويلا قد غاب. هيهات أن نجد من يملأ الفراغ الذي ترك.
كان قومياً اجتماعياً بكل ما عناه سعاده في أعضاء حزبه… البقاء للأمّة.
تحية إلى المقاومة الوطنية، للأمين محمود الجوهري
عن مجلة «صباح الخير» العدد 456 تاريخ 10/11/1984:
«للمرّة الأولى تنقل إلينا شبكات التلفزيون الفنزويلي وذلك بواسطة البث المباشر وقائع الصراع الذي دار بين مرشحي الرئاسة الاميركية: الجمهوري ريغن والديمقراطي موندايل. ويمكن التعليق على هذا الحدث بالقول انه ليس ذو أهمية للانسان الذي يعيش خارج الولايات المتحدة الا من حيث المحتوى الديمقراطي الذي يعالج فيه المرشحان وجهة نظرهما وذلك بالدفاع عن برنامج كل منهما… وما يلفت نظر المواطن اللبناني الذي يعيش خارج وطنه هذا الفعل والتأثير لعمليتي تفجير السفارة الاميركية في بيروت وما لهاتين العمليتين من تأثير على مسرى الحملة الانتخابية داخلياً… من هنا يمكننا ان ندخل لمعالجة الموضوع لنستخلص عدة نتائج اهمها:
ان الجهة التي قامت بهاتين العمليتين هي جزء من شعبنا الذي آمن بعقم المهادنة مع الامبريالية التي تمثل الولايات المتحدة قاعدتها والتي تمثل «اسرائيل» رأس حربتها في أمتنا حيث ان الصراع ضد هذين الحليفين يمثل وجهان لعملة واحدة، وذلك بعد ان تأكدت العلاقة الجذرية في سياسة ونهج الدولتين في التآمر على حقنا ووجودنا في أمتنا التي يأتي البرهان عليهما واضحاً منذ تدبير الاجتياح الاسرائيلي في 82 إلى الاعداد لمجزرة صبرا وشاتيلا والى وضع الفيتو على الشكوى اللبنانية بصدد الممارسات الاسرائيلية في الجنوب. من هنا يمكننا استنتاج مدى اهمية وعي الشعب لحقه القومي، ولحمل السلاح في عمليات بطولية على غرار العمليات على جيش العدو في الجنوب والبقاع، المقرونة بالهجوم على سفارات الدولة الامبريالية الحليفة لاسرائيل. فكما كان لعمليات المقاومة الوطنية البطلة فعلها وتأثيرها في الحملة الانتخابية الاسرائيلية نلاحظ اليوم فعل وتأثير العمليات على السفارة الاميركية، على الحملة الانتخابية في الولايات المتحدة. لهذا يمكننا استنتاج اهمية حرب الشعب او حرب التحرير القومية في صراعنا على وجودنا مع الدولة العدو ومع حليفها، ومن هنا يتبين ان ليس لدى شعبنا اي طريق آخر لسلوكه في تحرير ارضه وفي اثبات حقه القومي.
فمن هذا المغترب، وبِاسم المئات من المتعطشين لرؤية قوافل الثوار الذين يصوبون بندقيتهم نحو عدوّنا الاساسي من ضمن نهج وطني بعيد عن كل انتماء ديني ومذهبي، وبالتحديد المقاومة الوطنية اللبنانية البطلة التي كانت عبارة عن انبثاق الفجر من الظلمة والتي اعادت لشعبنا ايمانه وعزته وكرامته والتي بدأ فعلها يظهر داخلياً في إسرائيل وأميركا، نوجه تحية تقدير واعتزاز مؤمنين بأنه ما دام هناك من يستسيغ الموت من اجل التحرير والوحدة فان نصرنا آتٍ وهو قريب».
أعتذر اذا كانت قد سقطت أسماء لأمناء ورفقاء تواجدوا وتولوا مسؤوليات في فنزويلا. نحن هنا لا نؤرّخ للحضور القومي الاجتماعي فيها، إنما نتكلم عن أمين مميّز في وعيه والتزامه القوميين الاجتماعيين.
نأمل ممّن يملك معلومات مفيدة ان يكتب إلى لجنة تاريخ الحزب.
هوامش:
1 معين عرنوق: بعد مغادرته الوطن على إثر الثورة الانقلابية، تولّى الأمين معين مسؤولية العمل الحزبي في فنزويلا. وإذ انتقل إلى جزيرة «غوادلوب»، تولّى فيها مسؤولية المفوضية إلى مسؤوليته عن فروع الحزب في جزر البحر الكاريبي، أمثال آنتيغوا، المارتنيك، كوراساو، هايتي وغيرها.
2 كتبت عن عددٍ من الأمناء والرفقاء الراحلين. لمن يرغب الاطّلاع الدخول إلى قسم «من تاريخنا» على موقع شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية www.ssnp.info