في سابقة غريبة ومفاجئة فضحت التدخّل السعودي السافر في لبنان: الحريري يقدّم استقالته من السعودية وعون يتريّث بقبولها وتحذيرات من تداعيات تصعيد الرياض

من السعودية، وبعد ساعات من استدعائه المفاجئ إليها مساء يوم الجمعة الماضي، ألقى الحريري السبت، مطالعة اتّهام لإيران وحزب الله ختمها بإعلان استقالة حكومته، والتي وصفتها معظم ردود الفعل بأنّها خطوة في منتهى السلبيّة ومؤشّر على رفع السعودية منسوب التصعيد بعد سلسلة عشرات المواقف في الآونة الأخيرة لوزير الدولة السعودي ثامر السبهان ضدّ الشعب اللبناني والمقاومة. فيما تريّث رئيس الجمهورية ميشال عون في قبول الاستقالة التي تبلّغها من الحريري في اتصال هاتفي منه.

اتصالات عون

وأوضح مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية، أنّ الرئيس عون ينتظر عودة الحريري إلى بيروت للاطّلاع منه على ظروف الاستقالة ليُبنى على الشيء مقتضاه.

وفي إطار متابعته التطوّرات التي استجدّت بعد استقالة الحريري، أجرى عون سلسلة اتصالات بقيادات رسمية وسياسية وروحية، ركّز فيها على أهميّة المحافظة على الوحدة الوطنيّة وعلى أجواء الاستقرار الأمني والسياسي وحماية الإنجازات التي تحقّقت منذ سنة حتى الآن، وتغليب المصلحة الوطنية العُليا على ما عداها.

وأكّد الرئيس عون لهذه القيادات، أنّ التهديدات التي يتعرّض لها لبنان، لا سيّما منها التهديدات «الإسرائيلية»، تحتم وقوف اللبنانيين صفاً واحداً في مواجهتها، وأيّ خلل يصيب الوضع الداخلي يؤثّر سلباً على المناعة الوطنية ووحدة الصف.

وفي هذا السياق، اتّصل عون برئيس مجلس النوّاب نبيه برّي، وبرئيس المجلس الأعلى في الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان ورؤساء الأحزاب المشاركة في الحكومة وليد جنبلاط، سليمان فرنجية، طلال أرسلان، سمير جعجع، هاغوب بقرادونيان، محمد رعد وجبران باسيل.

كما اتّصل بالبطريرك الماروني بشار الراعي ومُفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان والمُفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان.

واتّصل كذلك الرئيس عون بوزير المال علي حسن خليل، ورئيس لجنة المال والموازنة النيابية النائب إبراهيم كنعان، وحاكم مصرف لبنان الدكتور رياض سلامة، ورئيس جمعية المصارف الدكتور جوزف طربيه، وعرض معهم الوضع المالي والمصرفي في البلاد، مشدّداً على ضرورة المحافظة على الاستقرار المالي.

وشملت اتصالات الرئيس عون وزراء: الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، العدل سليم جريصاتي والدفاع يعقوب الصرّاف. كما أعطى توجيهاته إلى قادة الأجهزة العسكرية والأمنيّة لاتخاذ الإجراءات اللازمة للمحافظة على الاستقرار في البلاد.

على صعيدٍ آخر، اتّصل رئيس الجمهورية بأمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، وتداول معه في الأوضاع الراهنة، وتمّ الاتفاق على تأجيل الزيارة الرسمية التي كان من المقرّر أن يقوم بها الرئيس عون إلى الكويت أمس إلى موعد لاحق.

وأكّد أمير الكويت للرئيس عون خلال الاتصال ترحيب الكويت بزيارته في أيّ وقت يراه مناسباً، متمنّياً للبنان دوام الاستقرار والأمان، وللشعب اللبناني الهناء وراحة البال.

وتابع عون اتصالاته أمس، وفي هذا السّياق تلقّى اتصالاً هاتفياً من الرئيس برّي الذي أطلعه على نتائج لقائه بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، كما تداول معه في التطوّرات التي نتجت عن إعلان الرئيس الحريري استقالة الحكومة.

واتّصل عون بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وبحث معه في المستجدّات الراهنة، حيث أكّد الرئيس المصري «وقوف جمهورية مصر العربية إلى جانب لبنان رئيساً وشعباً، ودعمها لسيادة لبنان وسلامة أراضيه ووحدة شعبه».

كذلك، أجرى عون اتصالاً بالملك الأردني الملك عبد الله الثاني بن الحسين، وعرض معه الأوضاع الراهنة، حيث أكّد الأخير «دعم بلاده لوحدة اللبنانيين ووفاقهم الوطني وكلّ ما يحفظ استقرار لبنان».

بدوره، أجرى الرئيس برّي سلسلة اتصالات مع شخصيات سياسية وروحية، لبحث التطوّرات بعد استقالة الحريري.

وتواصل برّي مع كلٍّ من مُفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان ورئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان، والوزير المشنوق.

خطاب الاستقالة والدور السعودي

وفي ما يتعلّق بخطاب الاستقالة الذي تلاه الحريري من السعودية، فقد بدا على عكس كلّ الاتهامات التي ساقها الحريري لإيران ولحزب الله، إذ جاء الخطاب في الشكل والمضمون ليفضح الدور السعودي السافر في التدخّل في الشؤون اللبنانية وفرض الوصاية على الرئاسة الثالثة. فتخلّي الحريري عن المسؤولية جاء من السعودية، ولهجة الخطاب التصعيديّة سعودية بامتياز.

ولم تكتفِ السعودية في الخطاب الذي قرأه الحريري بوجه متجهّم برفع حماوة الأجواء السياسية، بل ذهبت على لسان الحريري بالتهديد بعمل عسكري ضدّ إيران وحزب الله، بعد أن اتّهمهما بالإساءة إلى الأمّة، وقال: «سوف تنهض أمّتنا كما فعلت في السابق، وستقطع الأيادي التي تمتدّ إليها بالسوء، وكما ردّت عليكم في البحرين واليمن فستردّ عليكم في كلّ جزء من أجزاء أمّتنا».

وزعم الحريري «أنّنا نعيش أجواء شبيهة بالأجواء التي سادت قُبيل اغتيال الشهيد رفيق الحريري، وقد لمستُ ما يُحاك في الخفاء لاستهداف حياتي». في حين نفت الأجهزة الأمنيّة تلقّيها أيّة معلومات حول هذا الأمر.

وتجدر الإشارة إلى أنّ خطاب الاستقالة جاء بالتزامن مع ما سمّته السعودية حملة ضدّ الفساد فيها، والتي أدّت إلى اعتقال عدد كبير من الأمراء ورجال الأعمال ووزراء حاليّين وسابقين سعوديّين.

ردود فعل

وقد أثارت استقالة الحريري موجة عارمة من ردود الفعل، إذ أسف البطريرك الماروني بشارة الراعي لاستقالة الحريري، معرباً عن خشيته من تداعياتها على الاستقرار السياسي وما يرتبط به من نتائج. ودعا إلى حماية الوحدة الوطنية وتعزيزها، وإلى التروّي في اتخاذ القرارات، وتجنيب البلاد أيّة أزمة سياسيّة وأمنيّة تأتي من النزاعات والحروب الدائرة في المنطقة.

وقال الرئيس نجيب ميقاتي، بعد لقائه أمس مُفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان: «لن نسمح بأيّ شكل من الأشكال بالفراغ على صعيد سدّة رئاسة الحكومة. لبنان بلد توازنات، وعلينا العمل لتتولّى المركز الشخصية المناسبة التي نتفّق عليها تحت سقف دار الفتوى».

وردّاً على سؤال عمّا إذا كان مرشّحاً، قال ميقاتي: «هذا الموضوع ليس وارداً، لا من قريب ولا من بعيد»، معلناً أنّه قدّم لدريان مبادرة للخروج من الأزمة «لا تتضمّن أن أكون مرشّحاً لرئاسة الحكومة في الوقت الحاضر، لأنّني سأكون مرشّحاً للانتخابات النيابيّة المقبلة في مدينتي طرابلس».

وزراء ونوّاب

من جهته، قال وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، خلال عشاء هيئة قضاء الكورة في «التيّار الوطني الحر» أول من أمس: «لبنان كلّه حزين اليوم، لأنّ رئيس حكومته استقال. كلّ اللبنانيين تفاجأوا بما حصل، ولأنّ هذه الحكومة كانت تعمل بجدّ، وحقّقت الكثير وكانت موعودة بتحقيق الكثير وكانت في ذروة عطائها للبنان».

أضاف: «هناك من هو منزعج من وفاقنا، منزعج كيف أنّ رئيس الجمهورية متّفق مع رئيس الحكومة، كيف أنّ التيّار الوطني الحر متّفق مع تيار المستقبل، كيف أنّ التيّار الوطني متفاهم مع حزب الله ومع القوات وداخلين بشراكة وطنية مع الجميع، لذلك سعى إلى نسف هذه التفاهمات والتوافقات».

وعن صدمة استقالة الحريري، قال: «لا أحد كان يعلم بذلك، لكن من لديه حسّ سياسي، يعرف أنّه كلّما تخسر «داعش» بالمنطقة، ثمّة من يقول يجب أن نحقّق توازنا بضرب الإرهاب، أقصد «إسرائيل» التي هي منبع الإرهاب في المنطقة، وهي وجدت الآن أنّه آن وقت الاقتصاص من لبنان بعد وقوفه بوجه الإرهاب».

وأكّد أنّ «لبنان تخطّى أزمات كثيرة، وهذه أزمة سوف يتخطّاها بالوحدة والحكمة والقوة».

ورأى النائب مروان فارس، أنّ استقالة الحريري تأتي لتشير إلى «أنّ الاستقرار في لبنان مهدّد، في الوقت الذي كنّا نتابع باستمرار تصريحات اللواء عباس إبراهيم عن أنّ الوضع الأمني ممسوك والأمور مستقرّة».

وقال في بيان: «إذا تمّ قبول الاستقالة من فخامة الرئيس، لا بُدّ من إجراء حسابات دقيقة لصيانة الأمن والاقتصاد، ومطلوب أن تكون هناك ثوابت أمنيّة واقتصاديّة لتثبيت الاستقرار الذي تأكّد في المرحلة الأخيرة في جميع المجالات».

أضاف: «الفتنة الطائفيّة تمّ استبعادها، ولبنان كان في مرحلة التحضير للانتخابات في أيار 2018 بعد توقيع رئيس الجمهورية على موازنة 2017، هذه الموازنة التي كانت متوقّفة منذ أكثر من عشر سنوات، وبعد إقرار قانون سلسلة الرتب والرواتب الذي استفاد منه جميع الموظفين العسكريين والإداريين. أمّا استقالة الرئيس سعد الحريري، فتأتي في توقيت كثير الدقّة، وخصوصاً أنّها حصلت من خارج لبنان، وهذا أمر مستغرب، إذ لم تتمّ عملية من هذا النوع منذ الاستقلال 1943».

وأكّد أنّ «الاستقالة تحدث اضطراباً سياسياً كبيراً، وتضع كلّ السلطات في المجلس النيابي ورئاسة الجمهورية أمام مسؤوليات كبيرة هي الحفاظ على الأمن والاقتصاد، والمسألة المستجدّة بحاجة إلى معالجة هادئة لنستبعد الفتنة الطائفية فنحافظ على الاستقرار ومن ثمّ الاقتصاد».

واكتفى رئيس تيّار «المردة» النائب سليمان فرنجية بالقول عبر «تويتر»: «استقالة الرئيس سعد الحريري لا نعرف سببها وهذا قراره، ولكنّنا لن نرضى برئيس حكومة يتحدّى المكوّن السنّي ولا يحظى برضى وطني».

واعتبر النائب ميشال موسى، أنّ استقالة الحريري «كانت مفاجئة، ووضعت الأمور في مرحلة غير مدروسة»، لافتاً إلى أنّ «ما جرى أعاد كلّ الاتفاقيات التي أنتجتها الحكومة إلى نقطة الصفر، ما يستدعي مشاورات بين جميع الفرقاء بصورة فوريّة».

ونفى أن يكون الرئيس برّي في أجواء الاستقالة، لافتاً إلى أنّه «كان هناك اطمئنان إلى أنّ الأمور تسير بشكلٍ جيّد».

وقال رئيس المجلس العام الماروني، الوزير السابق وديع الخازن: «ليس سهلاً أن يتقبّل اللبنانيون استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري، بعد إيجابيّات مرحلة قيام العهد الجديد التي قامت على التنازلات المتبادلة».

أضاف: «هنا تلمع بارقة الأمل في انتظار دور إنقاذي مطلوب من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ومعه رئيس المجلس النيابي الأستاذ نبيه برّي، لأنّهما يدركان أنّ المنجزات الصعبة التي تولّدت نتيجة التعاون المتين مع الرئيس سعد الحريري، والذي تكرّس بتفاهمات مغلّبة للمصلحة الوطنيّة، ما كانت لتظهر بهذا التماسك المتوازن، لولا النيّات المخلصة والمتبادلة في سبيل إعادة انتظام مؤسسات الدولة».

ورأى الأمين العام لـ»حركة النضال اللبناني العربي» النائب السابق فيصل الداود، أنّ استقالة الحريري تمّت بغير إرادته، وليست تعبيراً عن قناعاته التي كان يعبِّر عنها في الحفاظ على الاستقرار، و»ربط النزاع» مع حزب الله وبتجنيب لبنان الصراعات الداخلية.

وأضاف في بيان، أنّ «توقيت الاستقالة، دون أسباب موجبة، ليس سوى تلبية لقرار سعودي نفّذه الرئيس سعد الحريري، الذي كان زار الرياض قبل أيام، وأعلن أنّها حريصة على الاستقرار، ودافع عن الحكومة وإنجازاتها، فتم استدعاؤه ليبلّغ أن يقدّم استقالته ويعلنها من السعودية، وهذه سابقة لم تحصل أن يقدّم رئيس حكومة استقالته من إحدى الدول، بما يؤكّد عدم احترام للدستور والمؤسّسات، إذ كان عليه أن يقدّمها إلى رئيس الجمهوريّة».

وختم بالقول: «إنّ هذه الاستقالة التي نأمل من الحريري العودة عنها، تضع لبنان أمام مصير مجهول وتهدّد أمنه».

واعتبر الأمين العام لـ»التنظيم الشعبي الناصري» الدكتور أسامة سعد، في تصريح، أنّ «التسوية التي قامت في لبنان على قاعدة تفاهمات إقليميّة قد انهارت بفعل انهيار تلك التفاهمات»، داعياً كلّ الأطراف السياسية اللبنانية إلى «الالتزام بمصالح الشعب اللبناني، لا بمصلحة أيّ قوة إقليميّة أو كبرى».

وقال: «على الرغم من عدم تأييدنا لحكومة الرئيس الحريري، ولا للتسوية التي جاءت بها، إلّا أنّنا لا نؤيّد أيضاً هذه الاستقالة، ونعترض كلّ الاعتراض عليها، سواء لجهة مكان إعلانها وتوقيت الإعلان، أم لجهة مضمونها التصعيدي الذي ينسف التفاهمات المتوافق عليها».

أضاف: «إنّها المرة الأولى التي يستقيل فيها رئيس حكومة لبنان من خارج لبنان، ما يشكّل انتقاصاً للسيادة اللبنانية وإساءة لكرامة الشعب».

وأكّد النائب السابق إميل إميل لحود، أنّ استقالة الرئيس الحريري من السعودية ليست مستغربة، «فهي كانت وستبقى وطنه الأول، وموطن رزقه المالي والسياسي، وقد ضاع الأول في الفترة الأخيرة وقُضي على الثاني اليوم».

وقال لحود، في بيان: «إنّ المستغرب فعلاً، ولو إيجاباً، هو سقوط القناع عن الوجه السعودي، الذي كان رمز السيادة والاستقلال بالنسبة إلى البعض في لبنان، وهم بلعوا ألسنتهم اليوم تحت وقع الصدمة، فإذا بما يسمّى مملكة الخير تستدعي رئيس حكومة لبنان وتكتب له بياناً وترغمه على قراءته في ربوعها، وتلوّح له أيضاً بمحاولة اغتيال».

وختم: «لعلّ هذا التلويح بمحاولة الاغتيال يجعلنا نتذكّر حدثَ 14 شباط 2005».

أحزاب وتيّارات

ودعا رئيس حزب «الحوار الوطني» فؤاد مخزومي، إلى «التمسّك بالسلم الأهلي والوحدة الوطنيّة»، مؤكّداً «أنّ لبنان استطاع أن يحافظ على أمنه وسلامة أبنائه رغم الأعاصير المحيطة به من كلّ جانب، خصوصاً أنّ التطوّرات الإقليميّة الظاهرة والخفيّة لهذه الصراعات قد تأخذ معها لبنان إلى المجهول إذا لم يجرِ التمسّك بأمن البلد واستقراره».

وختم مشدّداً على «ضرورة أن يتجاوز لبنان هذه الأزمة بالكثير من الحكمة للحفاظ على أمنه واستقراره، والعبور بالوضع الاقتصادي والمعيشي الحسّاس بصبر وشجاعة».

واعتبر المكتب السياسي للحزب «الشيوعي اللبناني» خلال اجتماع استثنائي، أنّ استقالة الحريري «تحمل إهانة للشعب اللبناني، وتتنافى مع كلّ موجبات السيادة الوطنيّة»، رافضاً «استخدام لبنان كمنصّة لتحقيق أجندات سياسية خاصة في صراعات المنطقة»، معتبراً «أنّ هذه الاستقالة المغامرة تنطوي على تهديد خطير للبلد، وتشرّع الباب أمام عدوان العدو «الإسرائيلي» المتربّص دوماً بلبنان».

وشدّد على «أنّ المبادرة يجب أن تبقى بيد الشعب اللبناني وقواه الوطنية والديمقراطية، في العمل على توحيد صفوف اللبنانيّين في مواجهة الاصطفافات الطائفية والمذهبية، خلف برنامج للخلاص الوطني من هذه السلطة التابعة والفاسدة، وصولاً لبناء دولة وطنيّة علمانيّة ديمقراطية».

ووصف «المؤتمر الشعبي اللبناني»، استقالة الحريري بأنّها «إعلان إفلاس سياسي، وفشل في معالجة أزمات لبنان»، مشدّداً على «أهميّة تحصين الوحدة الوطنية، وعدم الانجرار إلى مخطّط ضرب الاستقرار وتأجيج التعبئة العصبيّة بين المسلمين».

واعتبر الأمين العام لـ»التيّار الأسعدي» معن الأسعد في تصريح، أنّ استقالة الحريري في توقيتها ومكانها «تعني إدخال لبنان في أتون الفتن والصراعات، التي تضرب المنطقة»، معتبراً «أنّ خطاب الاستقالة تضمّن إعلان الحرب على إيران وتهديد أذرعتها، وهو أدخل قسماً من اللبنانيّين في المحظور، وهذا أمر لا يمكن إلّا أن يكون مؤشّراً لمعركة عسكريّة طاحنة في المنطقة ولبنان».

ولفتَ إلى «أنّ تذرّع الحريري بالخطر على حياته ليس سبباً مقنعاً لمواقف إعلان الحرب، وهو ذاته لن يصدّقه، ولكنّه استجاب كلّياً إلى الموقف السعودي الرسمي، ولم يستطع الصمود في وجه الضغوطات السعودية التي أعلنت صراحة أنّ كلّ من ليس ضدّ حزب الله هو ضدّها»، داعياً إلى «عدم السماح لعبور الفتنة، وللحؤول دون إدخال لبنان في محاور سياسية وعسكرية، والمحافظة على إنجازات وانتصارات حقّقها ثلاثي الجيش والشعب والمقاومة».

ورأى رئيس تيّار صرخة وطن، جهاد ذبيان، أنّ ما قام به رئيس حكومة لبنان السابق سعد الحريري، الذي أعلن استقالته من السعودية، يشكّل ظاهرة في الحياة السياسية، فهل يعقل لرئيس حكومة يدّعي السيادة والاستقلال أن يذهب إلى الرياض تحت جنح الظلام ليظهر في اليوم الثاني معلناً استقالته، بينما كانت دوائره الضيّقة تسرّب بأنّ السعودية حريصة على أمن لبنان واستقراره؟! ولكنّ التاريخ سيذكر من وضع لبنان في عين العاصفة خدمة لأجندات خليجية معروفة الأهداف.

وتابع ذبيان، مشيراً إلى أنّ خطوة الحريري تطرح علامة استفهام كبرى عن مصيره، فهل أعلن استقالته وهو بكامل حريّته، أم أنّ هناك ضغوطات فُرضت عليه من أجل دفعه للإستقالة مُكرهاً، مع احتمال أن يكون الحريري قبض ثمن استقالته بالإفراج عن أمواله المحتجزة في الرياض، مقابل تخلّيه عن رئاسة الحكومة!

وأشار رئيس تيّار «صرخة وطن»، إلى أنّ خطاب استقالة الحريري وما تضمّنه من تهجّم على المقاومة وتهديدات ضدّ الجمهورية الإسلامية في إيران، يكشف عن أمر عمليات سعودي صادر برفع مستوى التصعيد، والذي يتزامن مع هزائم الإرهاب المتتالية في سورية والعراق.

و دعا ذبيان الحريري وفريقه السياسي إلى مراجعة حساباتهم، لأنّ حسابات الرياض لم ولن تكون وفق حسابات البيدر في لبنان، مستنكراً التدخّل السعودي الفاضح في السياسة اللبنانية، وإجبار من يتبعون لها على اتخاذ مواقف تصبّ في مصلحتها ولو لم يكن هؤلاء مقتنعين بها.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى