مزيدٌ من التساؤلات عن طريقة تقديم الحريري استقالته وتنويه بمواقف عون ونصرالله «الحكيمة والوطنيّة»
تواصلت التساؤلات عن طريقة تقديم الرئيس الحريري استقالته من الحكومة، مؤكّدةً أنّها أُمليت عليه سعودياً، ونوّهت في الوقت نفسه بمواقف الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، فيما كثّفت قيادات تيّار المستقبل الاتصالات مع القوى السياسية للتشاور في الأوضاع التي استجدّت بعد الاستقالة.
وفي هذا السياق، أجرى رئيس «كتلة المستقبل النيابيّة» الرئيس فؤاد السنيورة سلسلة اتصالات هاتفية شملت كلّاً من الرئيسَين أمين الجميّل وميشال سليمان، والرئيسَين نجيب ميقاتي وتمام سلام، إضافةً إلى رئيس حزب «القوات» الدكتور سمير جعجع ورئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط.
وذكر بيان للسنيورة، أنّ هذه الاتصالات كانت مناسبة لاستعراض الأوضاع الراهنة في البلاد، وعلى وجه الخصوص في ما يتعلّق باستقالة الرئيس سعد الحريري، وقد شدّد السنيورة على «أهميّة مقاربة المشكلات الوطنية من زاوية وطنيّة جامعة، وعلى وجه الخصوص في هذه الظروف الدقيقة».
من جهته، طمأن وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق بعد زيارته مُفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، إلى أنّ «الوضع الأمني ممسوك من كلّ النواحي»، مشيراً إلى أنّ الاجتماع الأمني صباح أمس في بعبدا «شهد تفاهماً وأعلى درجات المتابعة والاستنفار، واتّفقنا على العمل من أجل تفادي ما يعكّر صفو الأمن في البلاد».
ودعا إلى «انتظار عودة الرئيس الحريري للإجابة عن كلّ الأسئلة والاقتراحات والأفكار والمشاكل التي يطرحها موضوع استقالته»، مشيداً بـ«حكمة الرئيس عون العالية، التي خلقت توازناً مع الفراغ الذي حصل بسبب الاستقالة، وقد أوضح الرئيس عون أنّه لن يقوم بأيّ بادرة قبل لقائه الرئيس الحريري ليسمع منه مباشرة ما هي أسباب استقالته، وإنْ كان مستمرّاً بها».
وأوضح أنّّه ليس لدى الأجهزة اللبنانية أيّ معلومات عن محاولة اغتيال الحريري، «لكن يمكن أن تكون جهة غربيّة جدّية قد أبلغت الرئيس الحريري مباشرة، وليس من خلال الأجهزة الأمنيّة».
من ناحيتها، أشارت «رابطة الشغّيلة» في بيان، أنّ تقديم الحريري استقالته من السعودية، عبر شاشة قناة العربيّة، وفي هذا التوقيت بالذات، «لهو دليل واضح لا يرقى إليه الشكّ، أنّ الحريري قد أُكره على القيام بهذه الخطوة، من أجل إرباك محور المقاومة ومنعه من توظيف واستثمار انتصاراته، عبر محاولة هزّ الاستقرار في لبنان، وإثارة الفتنة والانقسام الداخلي والعودة بلبنان إلى أجواء الفوضى الأمنيّة والسياسيّة التي شهدها سابقاً عقب صدور القرار 1559 واغتيال الرئيس رفيق الحريري، وبالتالي زيادة منسوب الضغوط السياسيّة البائسة على أطراف محور المقاومة، والمصحوبة بالعقوبات الاقتصادية والأميركيّة».
ودعت إلى «ضرورة تكاتف كلّ الجهود الوطنيّة لقطع الطريق على هذا المخطّط، وإحباط أهدافه من خلال التمسّك أكثر من أيّ وقت بمعادلة الجيش والشعب والمقاومة التي حرّرت الأرض من الاحتلال الصهيوني وقوى الإرهاب التكفيري، وحمت سيادة واستقلال لبنان ومكّنت الدولة من بسط سلطتها على كامل أراضيها، لا سيّما وأنّ هذه المعادلة قد تعزّزت اليوم في ظلّ وجود الرئيس ميشال عون في سدّة رئاسة الجمهورية».
ورأى «تجمّع العلماء المسلمين»، أنّ «الاستقالة التي يشوبها الكثير من الإشكالات التي تجعلنا نشكّك بأنّها تنطلق من اقتناع راسخ لدى دولته، وقد تكون أُمليت عليه لمصالح سياسيّة لدولة أجنبية في صراعها مع دولة أخرى، وقد طرحت هذه الاستقالة تساؤلات مشروعة لدى الرأي العام اللبناني».
وأكّد أنّ هذه الاستقالة بشكلها ومضمونها وتوقيتها قد أُمليت عليه.
ونوّه بموقف الرئيس عون بالتريّث بالنظر في الاستقالة، ودعا التجمّع الدولة إلى الاتصال رسمياً بالدولة السعودية والتأكّد من سلامة الحريري.
ونوّه أيضاً بـ«الموقف المسؤول للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، الذي دعا إلى الوحدة الوطنيّة في هذه المرحلة الحرجة».
واعتبر أنّ «الجمهورية الإسلامية الإيرانية دولة صديقة للبنان، لم يأتِنا منها سوى الخير والدعم في مواجهة الاحتلال الصهيوني».
وقال رئيس حركة «الإصلاح والوحدة» الشيخ ماهر عبد الرزاق، في بيان: «إنّ استقالة الرئيس الحريري ليست لمصلحته ولا لمصلحة اللبنانيين، ولا تخدم الوحدة الوطنية»، ودعا كلّ القوى السياسيّة والدينيّة إلى «تحصين لبنان والحفاظ على وحدته الوطنيّة والإسلامية».
وحيّا رئيس جمعية «قولنا والعمل» الشيخ أحمد القطان في بيان، الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله «على كلامه المسؤول والحريص على وحدتنا الوطنية والإسلامية، وعلى أمن وأمان واستقرار البلد».
وأدان «تيّار الفجر»، في بيان لمكتبه الإعلامي، «التدخّل الوقح في الشأن اللبناني الذي وصل إلى درجة إرغام رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري على الاستقالة بهذه الطريقة المهينة، ما يُعدّ سابقة في العلاقات السياسية ويشكّل إهانة لجميع اللبنانيين قبل الرئيس المستقيل، ومحاولة مكشوفة لجرّ لبنان إلى أتون الفتن المستعرة في المنطقة».
ودعا «إلى الحفاظ على الوحدة الوطنيّة والسِّلم الأهلي، وعدم الركون والإذعان إلى المحاولات المغرضة التي تسعى جهدها في سبيل إخراج البلد من حالة الاستقرار إلى حالة من التشرذم والتخبّط والتوتر الأمني والسياسي من أجل تصفية حسابات إقليميّة ودوليّة في الداخل».
وتساءل عن مصير الحريري، ومدى تمتّعه بحريّته الشخصية وقراره الوطني المستقل.
وأكّد التيّار «أنّه لا داعي للخوف والتهويل من العدوان «الإسرائيلي» على لبنان، فهو خاضع لحسابات «إسرائيليّة» بحتة، إذ لا يمكن للسعودي أن يُملي على الإسرائيلي قرار الحرب».
واستغرب لقاء الجمعيات والشخصيات الإسلامية في لبنان، في بيان، طريقة الاستقالة التي تقدّم بها الحريري، «والتي تُعتبر نادرة في العالم، وتوحي بأنّ هناك ضغوطاً قاهرة، خصوصاً وأنّ نصّ الاستقالة خارج عن الأعراف الدستوريّة والبروتوكولية، بحيث أعلن أنّه يستقيل من الحكومة، وليس استقالة الحكومة التي يرأسها».
وإذ شدّد اللقاء على «الاستقرار في البلاد»، ثمّن «عالياً موقف السيد نصرالله، والذي جاء ليطمئن الناس بتشديده على الاستقرار والسِّلم الأهلي والاجتماعي.
وثمّن رئيس تيّار «صرخة وطن» جهاد ذبيان، كلام السيد نصرالله «الذي يثبت مع كلّ إطلالة أنّه صمّام أمان للبنان واللبنانيّين».
وفي ما يتعلّق باستقالة الحريري، لفتَ ذبيان إلى أنّ «موقف السيد نصرالله يشير بشكلٍ جازم إلى أنّ خطوة الحريري كانت بالإكراه، ما يطرح علامة استفهام حول ملابسات هذه الاستقالة، وهو ما يؤكّد التساؤلات التي طرحناها في وقت سابق حول خلفيات هذه الاستقالة، والجهة التي تقف وراءها والتي تبيّن أنّها سعودية الأهداف»، ودعا إلى الكشف «عن مصير الحريري، وهل هو بكامل حريّته أم لا».
وأشار ذبيان إلى «أنّ الأصوات التي خرجت بالأمس تدافع عن الحريري بدأت تخفت تدريجياً، ما يشير إلى حجم المأزق الذي يعيشه الحريري ومن خلفه تيّار المستقبل، الذي بات مربكاً في ظلّ ما يتمّ تسريبه من معلومات»، داعياً الحريري إلى توضيح حقيقة ما حصل معه».
إلى ذلك، أعلنت وزارة الخارجية الفرنسيّة في بيان، «أنّ فرنسا أخذت علماً باستقالة الحريري، «وهي تحترم قراره». ودعت «جميع الأطراف اللبنانية للعمل بروح من المسؤوليّة والتوافق. فمن مصلحة الجميع، بعد مرور عام على إعادة تسيير مؤسسات البلاد، ألّا يدخل لبنان في مرحلة عدم استقرار جديدة. ولا غنى عن وحدة اللبنانيّين كي يتمكّن المجتمع الدولي من مساعدة هذا البلد على التصدّي للتحدّيات العديدة التي يواجهها. وسنبقى على اتصال وثيق مع جميع اللاعبين السياسيّين اللبنانيين».
بدورها، أعلنت مجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان في بيان مشترك، أنّ أعضاء المجموعة في بيروت اجتمعوا أمس، وأعربوا عن قلقهم عقب إعلان استقالة الحريري، وأعادوا تأكيد «دعمهم القوي والجماعي لوحدة واستقرار وسيادة وأمن لبنان وشعبه».
وأشاد أعضاء المجموعة «بالقادة اللبنانيّين، على الاستجابة إلى هذه الظروف غير المنظورة، بطريقة هادئة وثابتة». وشدّدوا «على أهميّة قيام الجميع بدعم استمراريّة مؤسسات الدولة اللبنانية، وإجراء الانتخابات في حينها، وفقاً للدستور».