طهران تنتقد تصريحات بن سلمان وتصفها بـ «مزاعم مغلوطة وخطيرة»
انتقدت طهران تصريحات ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان التي اتهم فيها، أمس، إيران بشن «عدوان عسكري ومباشر» على بلاده، بعد إطلاق الحوثيين صاروخاً باليستياً على الرياض.
وفي مكالمة هاتفية مع نظيره البريطاني بوريس جونسون، أكد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف «أنّ تصريحات القادة السعوديين منافية للحقيقة وخطيرة»، حسبما نقل عنه الناطق باسم الوزارة الإيرانية بهرام قاسمي، أمس.
فيما بحث ظريف مع جونسون «العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية والدولية»، مؤكداً «رفض طهران لمزاعم المسؤولين السعوديين المغلوطة والخطيرة، والمتعارضة مع القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة».
وكانت السلطات السعودية أعلنت أنّ «صاروخاً أطلقه الحوثيون من الأراضي اليمنية تمّ اعتراضه وتدميره من قبل أنظمة الدفاع الجوي للمملكة في محيط مطار الرياض الدولي».
وفي وقت سابق من الأمس، أكد ولي العهد السعودي، في مكالمة هاتفية مع جونسون، أنّ «ضلوع النظام الإيراني في تزويد الميليشيات الحوثية التابعة له بالصواريخ يعدُّ عدواناً عسكرياً ومباشراً من قبل النظام الإيراني، وقد يرقى إلى اعتباره عملاً من أعمال الحرب ضدّ المملكة».
في السياق نفسه، قال مساعد رئيس مجلس الشورى الإيراني، حسين عبد اللهيان، «إنّ السعودية وأميركا وإسرائيل، بصدد البحث عن ترتيبات جديدة في المنطقة بعد فشلهم في استخدام داعش لتدمير العراق وسورية».
وأشار عبد اللهيان، في تصريح للقناة الثانية في التلفزيون الإيراني، أول أمس، إلى أنّ «هذا الثلاثي بدأ عملية جديدة لزعزعة استقرار لبنان باستقالة سعد الحريري من رئاسة الحكومة».
وأضاف: «ليس هناك قلق خاص حيال داخل لبنان، ولكن لو استمر اللاعبون في المنطقة وخارجها بمخططاتهم فإنّ لبنان ربما يتجه إلى عدم الاستقرار».
وقال عبد اللهيان «إنّ السعودية تسعى إلى تثبيت مكانة ولي العهد محمد بن سلمان، كما أنّ الرئيس الأميركي دونالد ترامب يريد تحقيق أهدافه عبر زعزعة الاستقرار»، على حد تعبيره.
وأوضح أنه «ينبغي وضع التطورات في العراق وسورية واليمن إلى جانب السلوك غير البناء للسعودية، والأحداث الأخيرة في لبنان، إلى جانب بعضها بعضاً ودراستها معاً».
واتهم المسؤول الإيراني أميركا وإسرائيل بـ «تأجيج التوتر»، قائلاً: «إنهما السبب في اندلاع الحرب بين السعودية وإيران بهدف جني الفوائد من وراء ذلك»، متابعاً: «لكنهم لن يحققوا حلمهم هذا».
ووصف السعوديين بأنهم «باتوا يعبّدون الطريق أمام الأميركان في المنطقة، وأنّ الوضع حساس جداً في المنطقة، لأنّ الأطراف التي كانت تحاول تغيير الوضع في سورية والعراق واليمن فشلت الآن، لكنها تحاول زعزعة الاستقرار في لبنان».
في سياق متصل، حذرت مفوضية الاتحاد الأوروبي العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، فيديريكا موغيريني، أمس، من تداعيات «بالغة الخطورة» للخلافات المتصاعدة بين السعودية وإيران.
ورداً على سؤال حول التوتر بين السعودية وإيران، قالت موغيريني، خلال مؤتمر صحافي عقدته في واشنطن: «اسمحوا لي بقول بعض الحكمة الأوروبية، في عالم يبدو أنه يصبح في الوقت الراهن مجنوناً تماماً، الأمر خطير».
وأشارت المسؤولة الأوروبية بأسف إلى أنها «تعلم أنّ هذا ليس المزاج السائد في العالم و لا يمثل صوت الأغلبية».
وعلى الرغم من أنّ موغيريني امتنعت عن الانتقاد السافر لرئيس الولايات المتحدة، دونالد ترامب، لسياسته المعادية تجاه إيران ودعمه الحازم للسعودية، إلا أنها أشارت إلى أنّ «المسؤولين في أوروبا، يرغبون في أن يقوم كلا الجانبين السعودي والإيراني بتهدئة خطابهما، والبحث عن أرضية مشتركة حتى لو كانت صغيرة لإقامة السلام عليها».
وتجنبت كبيرة الدبلوماسيين الأوروبيين أن «تحمّل جهة محدّدة المسؤولية عن التوتر المستمر»، فيما أضافت: «يجب إعادة الهدوء، إنّ مستوى المواجهة في المنطقة قد يترك تداعيات بالغة الخطورة، ليس فقط على المنطقة بل خارجها أيضاً».
وفي شأن الاتفاق النووي أكدت موغيريني، «أنّ الاتفاق النووي مع إيران يعمل»، مشدّدة على «ضرورة استمرار تطبيقه من قبل الولايات المتحدة».
وقالت موغيريني، في مؤتمر صحافي عقدته أمس: «إنّ الاتفاق النووي مع إيران يعمل، وتنفيذه جار، ونصدق ما ورد في تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي أكدت تطبيقه الكامل من طرف إيران».
وأشارت موغيريني إلى أنّ «الاتفاق النووي مع إيران من الضروري تنفيذه من قبل جميع الأطراف»، معربة عن «أملها في أن تستمر الولايات المتحدة بتطبيقه لاحقاً»، ومؤكدة أنّ «الاتحاد الأوروبي سيعمل مع الإدارة الأميركية على ضمان ذلك».
وكشفت موغيريني أنها «أجرت محادثات مع أعضاء غرفتي الكونغرس الأميركي كافة، مجلس النواب ومجلس الشيوخ، حول الاتفاق النووي»، ذاكرة أنّ «المشرعين أكدوا لها بوضوح دعمهم لمواصلة الولايات المتحدة التزامها ببنود هذه الوثيقة».
ولفتت الدبلوماسية الأوروبية إلى أنّ «الاتحاد الأوروبي لا يخطط للتدخل في المناقشات داخل الولايات المتحدة حول هذا الموضوع»، إلا أنها شدّدت في الوقت ذاته على «مراجعة الاتفاق مع إيران ليس خياراً».
من جهة أخرى، أعلنت وزارة الخارجية البريطانية «أن الوزير بوريس جونسون سيزور إيران قبل نهاية العام الحالي بعد إدلائه بتصريحات مثيرة للجدل بشأن قضية اعتقال مواطنة بريطانية في الجمهورية الإسلامية».
يذكر في هذا السياق أنّ السلطات الإيرانية اعتقلت في نيسان الماضي المواطنة البريطانية نازنين زاغري رتكليف بتهمة ممارسة أنشطة معادية للحكومة، وأصدرت محكمة إيرانية في 10 أيلول حكماً بسجنها لمدة 5 سنوات.
وكان وزير الخارجية البريطاني أعلن سابقاً أنّ زاغري رتكليف كانت تقوم بتدريس الصحافة، إلا أن المؤسسة الخيرية «Thomson Reuters Foundation»، التي كانت المواطنة البريطانية تعمل فيها، نفت ذلك وأعلنت أن زاغري رتكليف كانت تقضي إجازتها في إيران.
وقال مصدر مطلع في وزارة الخارجية البريطانية إنّ «جونسون اتصل بنظيره البريطاني محمد جواد ظريف وأعرب عن قلقه بشأن احتمال تأثير تصريحه غير الدقيق في قضية المواطنة البريطانية».
وأضاف المصدر: «أكد جونسون أنّ السيدة زاغري رتكليف كانت تقضي إجازتها لحظة اعتقالها»، مشيراً إلى أنّ «الوزير البريطاني ينوي بحث هذه المسألة خلال زيارته إلى إيران قبل نهاية العام».
يذكر أنّ تصريحات جونسون في قضية زاغري رتكليف أثارت ضجة إعلامية، وأصبحت ذريعة لإطلاق دعوات جديدة من قبل المعارضة وكذلك بعض أعضاء حزب المحافظين إلى ضرورة استقالة وزير الخارجية البريطاني.
على صعيد آخر، قرّر الرئيس الأميركي دونالد ترامب تمديد العقوبات التي فرضتها واشنطن ضدّ إيران سنة 1979 لمدة سنة أخرى.
وأعلن البيت الأبيض، أول أمس، أنّ «العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران لم تُطبَّع»، وأن ترامب قرّر على أساس ذلك «تمديد نظام الطوارئ، الذي تم إعلانه وفقاً للمرسوم التنفيذي 12170 بخصوص إيران».