فنزويلا وأهمية الدعم الشعبي
حميدي العبدالله
كان واضحاً أنه بعد النتائج التي أسفرت عنها الانتخابات البرلمانية، وما حققته المعارضة من تقدّم، كان هذا التقدّم نتيجة طبيعية لبعض أداء السلطات الفنزويلية، ولا سيما على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي، كان واضحاً أنّ الولايات المتحدة لن تدع الفرصة تفلت من يديها، وهي ستحاول البناء على هذه النتائج لاستكمال سيطرة حلفائها على السلطة وإطاحة الرئيس الفنزويلي الحالي.
وفعلاً كان هناك عمل منسّق بين الولايات المتحدة والمعارضة الفنزويلية، تجلى بتحركات شعبية واسعة قامت بها المعارضة، ولاقتها الولايات المتحدة بفرض عقوبات واتخاذ إجراءات ضدّ المسؤولين الفنزويليين، وتراءى لكثيرين أنّ فنزويلا تسير باتجاه الانزلاق نحو مسارين لا ثالث لهما، إما الإطاحة بالحكم الحالي والعودة إلى حكم جماعات سياسية مدعومة من الولايات المتحدة، وإما الحرب الأهلية والفوضى التي ستزيد الأمور تدهوراً في هذا البلد الغني بثرواته النفطية ولكنه الفقير في مستوى دخل سكانه.
لكن ما لم يكن بالحسبان، هو ردّ فعل السلطات الفنزويلية والشرائح الاجتماعية المؤيدة لها، والتي كانت تخشى أن يعود الأغنياء إلى السلطة من جديد ويحرمونهم من المكاسب الاجتماعية التي حققوها في عهد الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز. فقامت السلطات بتشكيل جمعية تأسيسية، أعادت هذه الخطوة خلط الأوراق، ونقلت السلطات الفنزويلية من موقع الدفاع إلى موقع الهجوم، ولكن التطوّر الأهمّ والأبرز على صعيد المواجهة، وعلى صعيد تحديد مستقبل فنزويلا، هو النتائج التي أسفرت عنها الانتخابات المحلية، التي كانت نتائجها مفاجئة إذ فاز أنصار الرئيس الفنزويلي بالغالبية الساحقة، الأمر الذي يؤكد أنّ الشعب الفنزويلي، الذي لم يكن راضياً عن أداء حكومات الرئيس الحالي، خشي على مكاسبه التي تحققت في ظلّ الحكم اليساري، ولهذا غضّ النظر عن أخطاء حكومات الرئيس مادورو وتوجه بقوة إلى صناديق الاقتراع ليبعث برسالة إلى المعارضة وإلى من يدعمها، أيّ الولايات المتحدة، مفادها أنّ الرهان على استعادة السلطة وعودة عقارب الساعة إلى الوراء غير ممكن، وولّى عهد تنظيم الانقلابات بالسهولة التي كانت تنفذها وكالة الاستخبارات الأميركية.