ترامب في الصين لبحث الأزمة الكورية والتجارة الثنائية
وصل الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، إلى بكين، أمس، في أول زيارة للصين كرئيس للولايات المتحدة، يبحث خلالها التوتر القائم مع كوريا الشمالية، والتجارة الثنائية بين البلدين.
الجزء الرئيسي من البرنامج الرسمي لزيارة ترامب يبدأ اليوم. وبطبيعة الحال، يتصدّر هذا البرنامج اللقاء المقرّر مع الرئيس الصيني، شي جين بينغ. وبالإضافة إلى ذلك، من المقرّر تنظيم عدد من الاجتماعات مع المسؤولين الصينيين، يناقش الطرفان خلالها مجموعة واسعة من المواضيع، من القضية النووية لكوريا الشمالية وصولاً إلى التجارة الثنائية بين البلدين.
ونشأت بين ترامب وشي جين بينغ، علاقات شخصية قوية إلى حد ما، إذ لا يتوانى الرئيس الأميركي عن تأكيد ذلك في كل فرصة، خاصة عندما يحتاج إلى مساعدة الصين في القضية الكورية التي تقض مضاجعه. ومما لا شك فيه أن «العامل الشخصي» سيلعب دوراً هاماً في المفاوضات المقبلة.
وأعرب مستشار الأمن القومي الأميركي، هربرت ماكماستر، عن اعتقاده بأنّ «ترامب سيركز على تطوير علاقاته الشخصية القوية جداً بالفعل مع الرئيس الصيني، والتي بوشر بإنشائها في مانور في ولاية فلوريدا، حيث التقى الزعيمان لأول مرة في الربيع الماضي».
وأشار إلى أن «هذه العلاقات بين الرئيسين تطورت خلال الاجتماعات اللاحقة، وخاصة في إطار قمة مجموعة الـ 20 والعديد من المحادثات الهاتفية».
وبطبيعة الحال، سيكون الموضوع الرئيسي لمناقشات الرئيس الأميركي في الصين، هو مسألة كوريا الشمالية.
وقال ترامب قبيل وصوله إلى بكين: «آمل أن نتمكن من عمل شيء ما. دعونا نرَ ما سيحدث. أعتقد أن الصين هي المكان الذي سأذهب إليه، والرئيس بينغ يعمل جاهداً من أجل أن نرى ما إذا كان يمكنه القيام بشيء. أستطيع أن اشعر به. دعونا نرَ. وآمل أن يكون احتمال ذلك مرتفعاً جداً».
وأضاف: «لا أستطيع القول إنه لن يكون هناك أي خطأ في ما نقوم به أو في ما يقومون به هم كوريا الديمقراطية ، ولكننا دولة قوية جداً، ونحن نزداد قوة كل يوم».
ولفت ماكماستر بدوره، في الإحاطة التي سبق ذكرها، الانتباه إلى الدور الهام للصين في حل مشكلة كوريا الشمالية من الناحية الاقتصادية. وقال «إن ما لا يقل عن 90 من تجارة كوريا الديمقراطية يمر عبر الصين». وفي هذا الصدد، أشار مستشار ترامب إلى «أهمية تنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولي».
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، هوا تشونينغ، أنّ «الرئيسين شي جين بينغ وترامب سيتبادلان وجهات النظر بشكل شامل حول القضية النووية في شبه الجزيرة الكورية».
وأعلنت تشونينغ، في مؤتمر صحافي، أنّ «قادة الصين والولايات المتحدة سيجرون خلال اجتماعهم المقرر حواراً استراتيجياً حول أهم القضايا ذات الاهتمام المشترك بما في ذلك القضية النووية في شبه الجزيرة الكورية».
كما أعربت عن «استعداد الجانب الصيني، للحفاظ على اتصالات وثيقة وتفاعل مع الجانب الأميركي، على أساس الاحترام المتبادل، وبذل جهود مستمرة لحل المشكلة النووية في شبه الجزيرة الكورية».
وأشار نائب وزير خارجية الصيني، تشنغ تزيغوان، إلى أن «الصين تؤيد دائماً وباستمرار الدعوة إلى نزع السلاح النووي من شبه الجزيرة الكورية والحفاظ على السلام والاستقرار، وتدعو لحل هذه المشكلة من خلال المشاورات والمفاوضات».
وقال نائب الوزير الصيني: «في الوضع الحالي يجب على الطرفين تجنب التصريحات والتصرفات، التي يمكن أن تؤدي إلى تعميق التناقضات والمزيد من التصعيد، لأن من الضروري بذل مزيد من الجهود لحل هذه المشكلة على مسار المفاوضات».وبالمقابل، أكد أن «الجانب الصيني يعارض بشدة نشر نظام الدفاع الصاروخي الأميركي ثاد في كوريا الجنوبية، ويعارض فرض عقوبات أحادية الجانب من جانب الولايات المتحدة ضد الشركات الصينية والأفراد».
وأضاف: «الصين والولايات المتحدة لديهما مصالح مشتركة في نزع السلاح النووي وكذلك في الحفاظ على السلام والاستقرار في شبه الجزيرة الكورية. وينبغي على الأطراف احترام مصالح بعضهم البعض والحفاظ على اتصال وتفاعل وثيقين وبذل جهود مستمرة لحل المشكلة النووية في شبه الجزيرة الكورية بشكل بناء».
ومن المرجّح أن يكون الموضوع الثاني الأهم في الاجتماعات المقبلة هو «الاقتصاد».
وفي هذا الصّدد، لفت الخبراء في واشنطن الانتباه إلى أن «ترامب اصطحب معه وفداً رفيعاً من رجال الأعمال الأميركيين إلى بكين».
وصرّح الرئيس الأميركي نفسه للصحافيين المرافقين بأنه «يودّ خلال جولته الحالية في آسيا مناقشة مسائل التجارة مع شي جين بينغ».
وقال ترامب «أعتقد أن الصين والولايات المتحدة تتمتعان بعلاقات قوية وودية للغاية، لكننا يجب أن ننظر بشكل أفضل مع بكين في شؤون التجارة بين البلدين».
ووصف سيد البيت الأبيض الوضع الحالي في العلاقات التجارية الأميركية الصينية بأنه شارع في اتجاه واحد»، ما يعني أن «الصين تستفيد أكثر من الولايات المتحدة». ووعد بأن تسعى بلاده لأن «تبدو أفضل من هذا المنطلق».
وفي حديثه عن وجهة النظر الصينية، أشار تشنغ تشي جوانغ، إلى أن «العلاقات التجارية والاقتصادية الثنائية مفيدة للطرفين». وأكد أن «مشكلة عدم التوازن في العلاقات الثنائية تحتاج إلى النظر على نطاق واسع».
وقال جوانغ: «من أجل حل هذه المشكلة، من الضروري زيادة حجم الصادرات الأميركية للصين، وكذلك حجم الاستثمارات الثنائية، وعدم الحد من الواردات من الصين».
وأشار إلى أن «الحروب التجارية لن تؤدي إلا إلى وقوع ضرر للجانبين». وأضاف الدبلوماسي الصيني أن «اقتصاديات الصين والولايات المتحدة تتمتعان بتكامل عال، وهناك إمكانات كبيرة للتعاون الثنائي».
وعشية الزيارة الحالية، تجنب كلا الجانبين التطرق إلى موضوع اليوان. علما بأن سلف ترامب، باراك أوباما، لم يفوت فرصة للتذكير بضرورة رفع قيمة العملة الصينية وبشأن الظروف غير المتكافئة التي تدخلها الشركات الأميركية. لكن الآن يبدو كل شيء مختلفاً تماماً، ربما لأن البيت الأبيض قرر في الوضع الحالي عدم إزعاج بكين بمشاكل ثانوية وعدم إثارة حساسيتها في ظل رغبته في الحصول على مساعدتها في حل المشكلة الرئيسية المتمثلة بالصداع الذي تشكله كوريا الديمقراطية لها.
ويغادر ترامب الصين غداً الجمعة، في 10 تشرين الثاني الحالي، ليواصل جولته الآسيوية.
في السياق نفسه، حث الرئيس الأميركي دول العالم على «عزل كوريا الشمالية»، ووصف نظامها بـ «الفاشي»، معتبراً أنّ «وقت استخدام القوة قد حان لإجبار هذا البلد على التخلي عن برامجه النووية والصاروخية».
وقال ترامب في خطابه أمام البرلمان الكوري الجنوبي، أمس: «وقت التبرير قد مرّ، والآن حان الوقت للقوة..».
وأضاف في الخطاب الذي بثته شبكة «سي أن أن» التلفزيونية، أنّ «العالم لم يعد قادراً على التحلي بالصبر مع النظام المرير الذي يهدّد بالسلاح النووي». وأشار إلى أنّ «الذين يريدون السلام يجب أن يكونوا أقوياء».
وأعلن الرئيس الأميركي في كلمته، أن «على كل الدول الانضمام إلى جهود عزل نظام كوريا الشمالية الوحشي، إذ لا يمكن للعالم أن يتغاضى عن خطر نظام مارق يهدده بالدمار النووي».
وأضاف ترامب محذراً: «آمل أن أتحدث ليس فقط باسم بلدينا الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية ، وإنما باسم كل الدول المتحضرة عندما أقول للشمال: لا تستخفوا بنا.. ولا تجربونا»، مشيراً إلى أن «الولايات المتحدة لن تسمح بأن تكون مدن أميركية مهددة بالدمار». وقال: «لن نخاف، يجب على كل الدول المسؤولة أن تنضم إلى جهود عزل نظام كوريا الشمالية الوحشي، وتحرمه من أي نوع من الدعم أو الإمداد أو القبول».
وعن الوضع في كوريا الشمالية، زعم الرئيس الأميركي أن «سلطاتها تقوم بارتكاب جرائم فظيعة». وقال «إن كيم جونغ -أون ونظام كيم يسعيان إلى نزاع خارجي، ليصرف الانتباه عن الفشل في البلاد».
وأكد الرئيس الأميركي مجدداً أن «بلاده لن تسمح لكوريا الشمالية بامتلاك أسلحة نووية».
وادعى ترامب أن «قادة هذا البلد يحكمون تحت راية الفاشية». وقال «في هذه الجزيرة، نرى النتائج المأساوية للتجربة في مختبر التاريخ». وأضاف: «أنّ قادة كوريا يضعون الناس في السجون تحت راية الطغيان والفاشية والقمع، وإن نتائج هذه التجربة واضحة ومقنعة تماما»، لافتا إلى أن «الناتج المحلي الإجمالي لكوريا الجنوبية أكثر بـ 40 ضعفاً من الناتج المحلي الإجمالي لكوريا الديمقراطية».
وقال ترامب إن «حوالى 100 ألف كوري شمالي يعانون من عمل السخرة الجماعي، ويتعرّضون باستمرار للتعذيب والجوع والعنف والقتل». وأشار إلى أن «الشعب الكوري الديمقراطي يعمل مجاناً تقريباً، ومؤخراً أمر جميع العاملين تقريبا بالعمل لمدة 70 يوماً على التوالي أو دفع ثمن يوم العطلة». وقال «إن الأسر تعيش في منازل دون مياه جارية، وإن أقل من نصفها يملكون كهرباء… ومازال الكثيرون يموتون بسبب الجوع».
وإضافة إلى ذلك، قال ترامب «إن الكوريين الشماليين قاموا باختطاف الأجانب لإجبارهم على تعليم اللغات الأجنبية لجواسيس كوريا الشمالية».
واعتبر ترامب أن «النظام الكوري الشمالي أبعد ما يكون عن تقدير أبناء شعبه كمواطنين متساوين»، وقال: «هذه الديكتاتورية القاسية تقيسهم وتصنّفهم وترتّبهم على أساس ولائهم للدولة استناداً إلى أكثر المؤشرات تعسفاً».
وكان الرئيس الأميركي قد ألغى، أمس، في اللحظة الأخيرة، زيارة مفاجئة كان يعتزم القيام بها للمنطقة المنزوعة السلاح بين الكوريتين، بسبب «سوء الأحوال الجوية».
ودعا الرئيس الأميركي روسيا والصين إلى «خفض العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع كوريا الشمالية». وقال ترامب أمام البرلمان الكوري الجنوبي: «إننا نحث كل دولة بما فيها روسيا والصين على التنفيذ الكامل لقرار الأمم المتحدة وخفض العلاقات الدبلوماسية مع النظام وكذلك العلاقات في مجال التبادل التجاري والتكنولوجي».
وفى وقت سابق، عرضت روسيا والصين على كوريا الديمقراطية «إعلان وقف مؤقت للتجارب النووية وإطلاق الصواريخ، مقابل امتناع كوريا الجنوبية والولايات المتحدة عن القيام بتدريبات في المنطقة لتحقيق الاستقرار في شبه الجزيرة، بيد أن واشنطن تجاهلت هذه المبادرة».