خونة ومتآمرون…
عبد الحكيم مرزوق
لم تعُد المسألة لها علاقة بالخجل أو الحياء، المسألة باتت واضحة منذ أكثر من ست سنوات، قبل الحرب الكونية على سورية. فالناطقون باللغة العربية ليسوا سوى ثلة من الخونة المتآمرين ليس على سورية بل على الأمة العربية جمعاء من المحيط إلى الخليج، وعلى قضيتهم التي كانت الأولى في المنطقة العربية، لكونها تشكّل قضية شعب مظلوم احتلت أرضه منذ أكثر من ستين عاماً ولم تفلح المفاوضات ولا الحروب المتكرّرة أن تعيد لهذا الشعب حقه الذي يتفق الجميع على أنه مشروع ولكن المعايير المزدوجة التي تعتمدها الإدارة الأميركية في تعاملها مع العرب أفرزت الكثير من الأمور التي وقفت وما زالت تقف عائقاً أمام حلّ القضية الفلسطينية.
وما هي المستجدات الآن وما السبب لهذا الكلام… إنه باختصار عري جديد لبعض الدول المتصهينة التي كانت تتعامل بالخفاء مع العدو الصهيوني، وأفصحت عن وجهها البشع من جديد وعن تآمرها القديم الجديد..
كيف ذلك؟
الجديد هو أنّ الإمارات العربية وفي خطوة جديدة نحو التطبيع مع العدو «الإسرائيلي» قد تعهّدت برفع علم الاحتلال «الإسرائيلي» خلال مباريات الجودو العالمية التي من المتوقع إقامتها على أراضيها في العام المقبل.
ماذا يعني هذا الكلام…؟ إنه باختصار اعتراف بالكيان «الإسرائيلي» الذي احتلّ فلسطين وارتكب المجازر وقتل وهجّر أهلنا في فلسطين من أراضيهم وما زال يرتكب يومياً القتل والتدمير والإرهاب المنظم داخل الأراضي الفلسطينية… وهذا يعني أيضاً أنّ الكيان «الإسرائيلي» المحتلّ يأخذ بحضوره تلك البطولة صفة الشرعية بالحضور والتمثيل. وهذا شيء لم يحصل عبر التاريخ… إنه سلسلة جديدة من سلسلة التآمر وطمس للقضية الفلسطينية بعد كلّ تلك التضحيات التي قدّمها العرب والمقاومة الفلسطينية في سبيل تحرير الأراضي من المحتلين الصهاينة.
إنّ هذه الخطوة لم تكن لتحصل لولا خطوات سابقة حصلت في أكثر من دولة ناطقة بالعربية، ومنها المملكة العربية السعودية التي كشفت بعض الوثائق السرية لقاءات تجمع قادة سعوديين مع بعض «الإسرائيليين»، ومنهم أنور عشقي المدير السابق للمخابرات السعودية الذي اجتمع أكثر من مرة مع بعض «الإسرائيليين». وهذا ما كشف أوراقاً كثيرة ربما كانت مخبّأة تحت الطاولة. فما كان يجري سابقاً في السرّ أصبح الآن واضحاً وأمام الجميع، حيث قال عشقي: إنّ المملكة العربية السعودية ستتجه للتطبيع مع «إسرائيل»، وهذا ما تبعته خطوات أخرى، إذ كشفت الأشهر الماضية عن لقاءات جرت في الكيان الإسرائيلي مع بعض أمراء بني سعود.
إنّ تاريخ السعودية غير المشرّف والمتآمر على العرب لا يستغرب ذلك من بني سعود، لأنهم ينحدرون من بني خيبر. وهذا التطبيع ليس مستغرباً وأيضاً فإنّ دور مملكة الرمال لم يكن نزيهاً في الحرب الكونية على سورية.
فقد قامت بالتآمر العلني وإرسال العصابات الإرهابية إلى سورية لمقاتلة الجيش السوري وصرفت مليارات الدولارات الأميركية على تلك العصابات وعلى إمدادهم بالسلاح والعتاد. ولم يتوقف الأمر عند ذلك، بل صرّح قادتها وبكل وقاحة عن هذا التآمر، وعن هدفهم بإسقاط الدولة السورية، ودعم مَن يسمّونهم بـ«المعارضة» وهم ليسوا سوى ثلة من المرتزقة الذين لم يمثلوا الشعب السوري ولم يحملوا همّه في يوم من الأيام. فمن كان يعيش خارج وطنه ويقيم بفنادق النجوم الخمس لم ولن يعرف ما عاناه السوريون داخل وطنهم خلال السنوات الست الماضية.. إنّ دور النظام السعودي كان وضيعاً ومنحطاً في الحرب الكونية على سورية، ويمكن القول إنه نقل موقعه من موقع الشقيق إلى موقع العدو والمتآمر والخائن للعرب وللعروبة بعد أفعاله المشينة التي كشفت عن وجهه القبيح.
ولم يكن الدور القطري أفضل من الدور السعودي، إذ إنّ قطر أيضاً انغمست في المؤامرة التي أدارتها الإدارة الأميركية واشترت المرتزقة من كلّ أنحاء العالم بالتنسيق مع دول عظمى وأرسلتهم إلى سورية كي تنفذ المخططات الأميركية الصهيونية بإضعاف الدولة السورية والقضاء عليها، وقد اعترف منذ أيام رئيس الوزراء وزير الخارجية السابق حمد بن جاسم وبكلّ وقاحة بأنّ قطر قامت بالتعاون مع السعودية بإرسال المرتزقة والعصابات المسلحة وزوّدتهم بالعتاد والسلاح للقتال في سورية ضدّ الجيش والدولة. وهذا الاعتراف جاء على محطة قطرية رسمية بمناسبة الهجمة التي تشنّها السعودية على قطر وتتهمها بالإرهاب ودعم الإرهاب. وكان هذا التصريح بمثابة التظلم وكشف المؤامرة التي تجري على قطر. إنها حقاً مهزلة وفصل يكشف ذلك التآمر وذلك الانحطاط الذي وصل إليه النظامان السعودي والقطري، إنهما أنموذجان من الخيانة ومن الانحطاط الأخلاقي والوطني.
كاتب وصحافي سوري
marzok.ab gmail.com