صعوبات تواجه مساعي بكين لإحياء التجارة على طريق الحرير

تواجه مساعي بكين لإحياء التجارة على طريق الحرير مشاكل عدة، من وصول مشروع سكك حديد في اندونيسيا إلى مأزق إلى تهديدات المتمردين لممر اقتصادي في باكستان، في إطار هذا المشروع الذي يعد درة عهد الرئيس الصيني شي جينبينغ.

وتهدف مبادرة «حزام واحد طريق واحد» التي كشفها شي في 2013 إلى ربط الصين بافريقيا وآسيا وأوروبا عبر شبكة من الموانئ والسكك الحديدية والطرق والتجمعات الصناعية.

ودفع شي، أقوى زعيم صيني منذ عقود قدما مشاريع بنى تحتية تشكل محور هدفه المتمثل بتعزيز نفوذ بكين الاقتصادي والجيوسياسي.

وتطرق مؤتمر مهم للحزب الشيوعي الحاكم الشهر الماضي إلى المبادرة التي أشارت بعض التقديرات إلى أنه تم التعهد بأكثر من ترليون دولار لإنجازها مع مشاريع مقترحة في أكثر من 65 دولة.

لكن على الأرض، واجهت المبادرة عدة عراقيل إذ إنّ المشاريع المرتبطة بها عبر مناطق تشهد حالات تمرد وأنظمة ديكتاتورية وأخرى ديمقراطية لكن تسودها الفوضى، إلى جانب مقاومة مسؤولين فاسدين وسكان قرى يرفضون مغادرة مناطقهم.

وقال موراي هيبرت من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية سي أس آي أس الذي درس بعض المشاريع في جنوب شرق آسيا إنّ «إقامة البنى التحتية عبر عدة دول بهذه الطريقة أمر في غاية التعقيد». وأضاف إنّ تنفيذ مثل هذه المشاريع «يواجه مشاكل في مسائل الأراضي والتوصل إلى اتفاقيات بشأن التمويل، وحل المسائل التكنولوجية».

إلا أنّ المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية هوا تشونينغ أصرت على أن المبادرة «تتقدم بشكل سلس».

عقبات تواجه خط القطار

فازت بكين بعقد لبناء أول سكة حديد للقطارات السريعة في إندونيسيا في أيلول 2015. ولكن بعد أكثر من عامين، بدأ العمل بالكاد على خط جاكرتا ـ باندونغ.

وفي زيارة مؤخراً إلى واليني حيث أطلق الرئيس الأندونيسي جوكو ويدودو مشروع خط القطار في كانون الثاني العام الماضي، كانت الحفارات تمهد الأراضي. لكن لم تكن هناك سكة للقطار الذي يفترض أن يبدأ تشغيله في 2019.

وأدى الجدل السياسي إلى عرقلة المشروع أولاً. لكنّ المشكلة الأساسية تتمثل في إقناع أهالي القرى بالتخلي عن أراضيهم الواقعة في مسار السكة المقترحة، وهو ما يشكل معضلة في الديمقراطية التي تجري الأمور فيها بشكل فوضوي.

وفي ما يتعلق بخط قطار سريع آخر يوصل جنوب الصين بسنغافورة، تأجل مقطع جزء السكة الذي يمر عبر تايلند بفعل الخلافات على أمور تتعلق بالتمويل والقوانين الحمائية المرتبطة بمسألة العمالة.

ولم تقر الحكومة العسكرية في تايلاند 5,2 مليار دولار للبدء بأعمال البناء قبل تموز. ويجري العمل على قسم من الخط يبلغ طوله 415 كلم يقع في لاوس، حليفة بكين.

ولكن حتى في لاوس، أثار المشروع جدلاً بسبب كلفته الضخمة المقدرة بـ5,8 مليارات دولار أي ما يعدل نحو نصف الناتج المحلي الإجمالي في البلاد فيما كثرت التساؤلات عما ستجنيه الدولة الفقيرة للغاية من المشروع.

مكاسب غير متوازنة

ليست لاوس وحدها التي تثير هذه شكوك، إذ طرحت عدة دول تساؤلات بشأن جدوى مبادرة «حزام واحد طريق واحد» بالنسبة إليها.

فالمكاسب بالنسبة للصين، على غرار تمكينها من الوصول إلى أسواق رئيسية والتعامل مع فائض الصناعات المحلية، أكبر بكثير من تلك التي سيجنيها شركاؤها.

وأفسدت مخاوف من هذا النوع، مشاريع في آسيا الوسطى تشكل جزءاً من مسار محتمل بين غرب الصين وأوروبا.

وتتضمّن هذه المشاريع منطقة تجارة حرة في هورغوس على الحدود الصينية الكازاخستانية حيث تقع مراكز تسوق فاخرة على الجانب الصيني، وسكة حديد خطط لها إلى أوزبكستان وتوقف العمل في بنائها لأسباب عدة أبرزها معارضة قرغيزستان التي يفترض أن يمر الخط عبرها.

وقال زعيم حركة «الجيل الجديد» التي تتخذ من بشكيك مقراً لها تيمور سارالايف «أنا ضد هذه السكة بشكلها الحالي لأنّ المكاسب المالية التي يمكن أن تعود على قرغيزستان ستذهب بدلاً من ذلك إلى الصين وأوزبكستان.

أما الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني وهو مشروع تبلغ كلفته 54 مليار دولار وأطلق عام 2013 للربط بين غري الصين والمحيط الهندي عبر باكستان، فقد تعرض إلى اعتداءات من قبل متمردين انفصاليين في إقليم بلوشستان حيث فجروا خطوط أنابيب غاز وقطارات وهاجموا مهندسين صينيين.

«أ. ف. بـ«

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى