لافروف يرى المسلّحين الموالين لواشنطن هم الخطر الأكبر.. ودمشق تؤكّد أنّ وجود القوّات الأميركيّة في سورية عدوان موصوف
أكّد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أنّ بلاده لم تتعهّد بضمان خروج التشكيلات الموالية لإيران من سورية.
وقال لافروف في مؤتمر صحافي له، أمس: «بخصوص ما يدور في الأراضي السوريّة، فإنّنا لم نبحث ذلك بعد مع الزملاء الأميركيّين، سوى أنّنا نؤكّد حقيقة التواجد الشرعي لنا وللإيرانيّين بدعوة من الحكومة السورية، وكذلك نؤكّد حقيقة التواجد غير الشرعي الذي أوجدته الولايات المتحدة».
وأشار وزير الخارجية الروسي، إلى أنّ الحديث مع الأميركيين كان يدور على وجه التحديد حول «عمل آليّة مناطق خفض التصعيد جنوب غربي سورية».
وشدّد لافروف على أنّ «مجموعات المسلّحين الموالين للولايات المتحدة من مختلف المجموعات يشكّلون الخطر الأكبر في سورية»، مشيراً إلى أنّ تصريحات البنتاغون حول أنّ الولايات المتحدة لن تخرج من سورية «تتعارض مع اتفاقيات جنيف».
وتابع لافروف حديثه عن الوضع في مدينة «البوكمال»، فقال: «إنّها ليست الحالة الأولى التي تتسامح فيها الولايات المتحدة مع الإرهابيّين، ونتساءل حول أهداف واشنطن في سورية».
وكان مصدر رسمي سوريّ في وزارة الخارجية والمغتربين، أكّد أنّ وجود القوات الأميركية وأيّ وجود عسكري أجنبي في سورية بدون موافقة الحكومة السورية، هو عدوان موصوف واعتداء على السيادة السورية وانتهاك صارخ لميثاق ومبادئ الأمم المتحدة.
وقال المصدر تعقيباً على تصريحات وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس، حول تواجد القوات الأميركية في سورية: «إنّ الجمهورية العربية السورية تجدّد التأكيد على أنّ وجود القوات الأميركيّة وأي وجود عسكري أجنبي في سورية بدون موافقة الحكومة السورية، هو عدوان موصوف واعتداء على سيادة الجمهورية العربية السورية وانتهاك صارخ لميثاق ومبادئ الأمم المتحدة.
وأضاف المصدر: «لقد ادّعت الإدارة الأميركيّة على الدوام بأنّ تدخّل قوّاتها في سورية كان بهدف مكافحة تنظيم «داعش» الإرهابي، الذي يلفظ أنفاسه الأخيرة في سورية بفضل بطولات وتضحيات الجيش العربي السوري والحلفاء والقوى الرديفة، وإنّ ربط التواجد الأميركي في سورية الآن بعمليّة التسوية ما هو إلّا ذريعة ومحاولة لتبرير هذا التواجد، وإنّ هذا الربط مرفوض جملة وتفصيلاً، لأنّ الولايات المتحدة وغيرها لن تستطيع فرض أيّ حلّ بالضغط العسكري، بل على العكس فإنّ هذا التواجد لا يؤدّي إلّا إلى إطالة أمد الأزمة وتعقيدها، وهنا يكمن الهدف الحقيقي لهذا الوجود الأميركي في سورية».
وتابع المصدر: «لقد جاءت تصريحات وزير الدفاع الأميركي لتؤكّد الأجندة التي لم تعد خفيّة للإدارة الأمريكيّة، والدور التدميري الذي لعبته من خلال التواطؤ الذي أصبح جليّاً وواضحاً مع تنظيم «داعش» الإرهابي والمجموعات الإرهابية الأخرى، والسعي الدائم لإفشال كلّ الجهود لإيجاد حلّ للأزمة الراهنة بهدف تأجيج التوترات والأوضاع في المنطقة خدمة للمشروع الصهيوني وفرض الهيمنة على دول المنطقة ومقدراتها، وهذا السلوك الأميركي وحده كفيل بتكذيب ودحض ما جاء به وزير الدفاع الأميركي».
وختم المصدر بالقول: «إنّ الجمهورية العربية السوريّة تطالب مجدّداً بالانسحاب الفوري وغير المشروط للقوات الأميركية من أراضي الجمهورية العربية السورية، وإنّ هذا الوجود هو عدوان على سيادة سورية واستقلالها وسيتمّ التعامل معه على هذا الأساس».
إلى ذلك، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أنّ حظر الطيران في منطقة البوكمال السورية كان بموافقة مركز العمليات الجوية المشتركة في القاعدة الجويّة في قطر.
وأشارت الوزارة إلى أنّ طائرات التحالف بقيادة واشنطن حاولت عرقلة توجيه الطائرات الروسية ضربات ضدّ مقاتلي تنظيم «داعش» في منطقة البوكمال، كذلك أشارت إلى أنّ أميركا ترفض ضرب مسلّحي «داعش» الخارجين من المدينة.
وفي السياق، أكّد غينادي غاتيلوف، نائب وزير الخارجية الروسي، أنّ محاربة الإرهاب لا تعدّ «بطاقة دخول» إلى سورية والبقاء فيها لبعض الدول بعينها أو التحالفات.
وقال غاتيلوف في معرض تعليقه على تصريحات لوزير الدفاع الأميركي، بشأن تواجد القوات الأميركيّة في سورية، إنّه «لا يحق للأمم المتحدة السماح بالتواجد العسكري على أراضي الدول.. محاربة الإرهابيّين، ليست بطاقة دخول لبعض الدول بعينها أو التحالفات من أجل الوجود العسكري في سورية.
إنّه تصريح غريب، لأنّ الأمم المتحدة لا يمكنها التعامل مع مثل هذه المسائل، إنّ سورية دولة ذات سيادة، ودولة مستقلّة، وفقط الحكومة السورية والسلطات يمكنها تحديد ودعوة قوات دول أخرى إلى أراضيها، والأمم المتحدة لم تعطِ مثل هذا الحق».
وكان وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس، أعرب في وقت سابق عن اعتقاده بأنّ الأمم المتحدة سمحت للولايات المتحدة بالدخول إلى أراضي سورية.
وقال ماتيس في حديث له مع الصحافيين في البنتاغون، معلّقاً على الأساس القانوني لتواجد الجيش الأميركي في سورية: «أعلنت الأمم المتحدة أنّنا نستطيع، من حيث المبدأ، ملاحقة تنظيم «داعش»، ونحن بالفعل هناك في سورية من أجل تدميره».
وفي ما يخصّ التسوية السياسية في سورية، قال غاتيلوف إنّه أبلغ المبعوث الأممي الخاص إلى سورية، ستيفان دي ميستورا، بأنّ روسيا تنوي عقد مؤتمر الحوار الوطني السوري في بداية كانون الأول المقبل.
وأكّد غاتيلوف، أنّ هدف روسيا من «أستانة» ومؤتمر الحوار الوطني السوري، هو تسريع التسوية السوريّة وليس خلق بديل عن مفاوضات جنيف.
وأشار إلى أنّ دي ميستورا أبلغه بأنّه سيخبر الأمين العام للأمم المتحدة حول مبادرة عقد المؤتمر الوطني السوري، ليتّخذ بعد ذلك القرار حول المشاركة فيه.
وأضاف غاتيلوف، أنّ روسيا تدعم مبادة الرياض لعقد لقاء جديد بين المعارضة السورية، قائلاً: «إذا ما توّج هذا الاجتماع بالنجاح وكانت وفود المعارضة أكثر تمثيلاً ممّا كان عليه قبل الفترة الحالية، فيمكن توقّع محادثات مثمرة بين وفود الحكومة والمعارضة».
إلى ذلك، أعلنت وزارة الخارجية الروسية أنّ مبعوث الرئيس الروسي إلى «الشرق الأوسط» ميخائيل بوغدانوف، بحث مع مساعد وزير الخارجية الإيراني حسين جابري أنصاري تعاون البلدين في تسوية الأزمة السورية.
وجاء في بيان صادر عن الخارجية الروسية أمس، أنّ الجانبين تبادلا الآراء بشكلٍ عميق خلال اللقاء حول «الوضع في «الشرق الأوسط»، مع التركيز على مسائل التعاون الروسي الإيراني في تسوية الأزمة السوريّة، أخذاً في الاعتبار نتائج الاجتماع الدولي حول سورية في أستانة في يومَي 30 و31 تشرين الأول الماضي».
وكان مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون العربية والأفريقية قد ذكر في وقت سابق، أنّه سيبحث في موسكو نتائج مفاوضات أستانة والتعاون الإقليمي بين إيران وروسيا.