طهران: الموقف من الأسد قلب الصراع في الشرق الأوسط «أبو طاقية» يستخدم أهالي المخطوفين للتصعيد وتوقّع مفاجآت

كتب المحرر السياسي:

طهران عاصمة الإقليم الممتدّ من الصين إلى البحر المتوسط، ومن مضيق باب المندب إلى بحر قزوين، هكذا تنتزع طهران مكانتها، بالبناء الهادئ لتنمية اقتصادية وتطوّر تقني وقدرة عسكرية، وحنكة سياسية، وموقع جغرافي، وثروات طبيعية، قال جون كيري وزير خارجية أميركا هذا الكلام قبل أقلّ من سنة على ضفاف البحر الميت، في قصر المؤتمرات الذي استضاف قرابة المئتي ديبلوماسي أميركي يتقدّمهم كيري في المؤتمر السنوي للديبلوماسيين الأميركيين في الشرق الأوسط وأفريقيا.

شرح كيري لمرؤوسيه مكانة إيران كدولة تحتلّ إضافة للجغرافيا والقدرات العسكرية وملفها النووي، المرتبة السادسة في العالم في الاكتشافات العلمية، والمرتبة الحادية عشرة في تطوّر النظام التعليمي، والمرتبة السادسة عشرة في احترام الشروط الصارمة لحماية البيئة.

خلص كيري إلى أنّ إيران هي ألمانيا أو يابان هذا الشرق الأوسط، وعقلانيتها وسعيها إلى الحلول التفاوضية تجعلان منها شريكاً محتملاً في المنطقة ضمن مفهوم متحرّك للمصالح المشتركة بحفظ الاستقرار، لافتاً إلى أنّ الحلفاء التقليديّين لواشنطن فشلوا في احتلال مكانة مشابهة، سواء من يتشاركون بعض الميزات الاستراتيجية مثل تركيا ومصر أو الذين يحتلون مكانة مميّزة في الاهتمامات الأميركية كحال السعودية و«إسرائيل».

طهران التي تعرف هذه الحقائق وأكثر، كانت تضع كلّ الحكمة أمام ناظريها في إدارة العلاقة مع أنقرة والرياض، وتحصر لغة العداء والتصادم بتل أبيب، حتى أخرجت من جعبتها أخيراً، نفير المواجهة، فهي تعرف الدور التخريبي للحكمين السعودي والتركي على تفاهماتها النووية، وتعرف أن ساعة إنجاز هذه التفاهمات تقترب، وأنها ليست مهتمة ولا معنية بتسديد فواتير جانبية بالتفاهم مع أحد ثمناً لنهاية إيجابية لملفها النووي، وبعد اللغة السعودية غير اللائقة التي استخدمها سعود الفيصل وزير خارجية السعودية بالحديث عن احتلال إيراني لسورية، على رغم عدم مرور أسابيع على كلامه عن تعاون بنّاء وإيجابي لتحقيق الاستقرار الإقليمي، وبعد الإمعان التركي في التحريض على خراب سورية، على رغم كلّ التقديمات الإيجابية لإيران لحكومتي الرياض وأنقرة لتبديد الهواجس الكردية لتركيا والمخاوف اليمنية والبحرانية للسعودية، حسمت إيران عنوان الاشتباك الكبير في المنطقة، الذي لا مساومة عليه ولا تفاهمات من دونه، الرئيس السوري بشار الأسد قلب الصراع في الشرق الأوسط، وواشنطن التي تتحدث كثيراً عن الدعوة لإسقاط حكمه، تطلب مساعدتها بقنوات الاتصال معه، كما قال رئيس الحكومة الروسية ديميتري ميدفيديف، لذلك رفعت طهران صوتها لتقول لواشنطن عشية صياغة التفاهمات، إنّ تركيا المخادعة والسعودية الحاقدة أسوأ بوصلتين لرسم السياسة في الشرق الأوسط ولا تقلان سوءاً عن «إسرائيل» المكروهة، وكلهم يتشاطرون الفشل، ولن تتسامح إيران بالعبث في سورية وستتدخل بكلّ الوسائل التي تملكها لمنع أي عدوان بحق سورية تركياً كان أم غير تركي.

الحرب على «داعش» حاضرة في المفاوضات الأميركية ـ الإيرانية كما الأميركية ـ الروسية، خصوصاً مع رسم خطوط التفاهمين الرديفين، لكلّ من الملف النووي الإيراني، والأزمة الأوكرانية، ما يسمح بوضع معيار واضح وعملي لمعيار الحرب على «داعش» الذي يشكل عنوان المرحلة المقبلة في المنطقة بعد اكتمال تسويتي أوكرانيا والملف النووي، والمعيار من هي القوى الجدية والقادرة في هذه الحرب، الذين حالفتهم واشنطن أم الذين استبعدتهم؟

واشنطن تطلب من طهران وموسكو مشاركتها إعادة رسم صورة الحلف، والجواب بلا دمشق والتعاون مع الأسد لا يوجد حرب على الإرهاب، لتبقى الصفحة مفتوحة على نقاش لم يكتمل بعد.

«داعش» و«النصرة»، وعلى رأس اللائحة «أبو طاقية» مصطفى الحجيري، يهدّدون مجدّداً ويتوعّدون بالمفاجآت، بينما الجنرال ثلج بدأ يرمي شباك حصاره حول مخابئهم، فيما بدا أنّ رسالة «أبو طاقية» وصلت إلى أهالي المخطوفين عبر التهديد بإلحاق الأذى بأبنائهم، ليعلنوا السير بخطوات تصعيدية.

وفيما أكدت أوساط وزارية أنّ المفاوضات في شأن العسكريين المخطوفين لدى «جبهة النصرة» و«داعش» مجمّدة لعدم التوافق الحكومي على المقايضة، يستأنف مجلس الوزراء خلال جلسته الصباحية في السراي الحكومية اليوم، بحث هذا الموضوع من دون بروز مؤشرات على إمكان بته نهائياً.

ونظراً لهذه الأجواء، يتجه أهالي المخطوفين إلى التصعيد بالتزامن مع الجلسة. وإلى هذا الموضوع ينتظر أن يتطرق مجلس الوزراء إلى موضوع الهبة الإيرانية لتسليح الجيش والتي تلقى تحفظات من أطراف 14 آذار والنائب وليد جنبلاط فضلاً عن ضغوط أميركية لعرقلتها.

كما سيبحث المجلس في جدول أعمال من أكثر من 50 بنداً، معظمها مؤجل من الجلسة السابقة وتتضمن أموراً مالية وعقارية وهبات وتوقيع اتفاقيات.

وفيما بقي الهاجس الأمني بسبب الخطر الإرهابي وتوقع اشتداده في فصل الشتاء وانهمار الثلوج على جرود بلدة عرسال التي يتمركز فيها الإرهابيون، محور الاهتمام الشعبي والسياسي والعسكري تحسباً لأي مفاجآت قد يقدم عليها المسلحون، توقعت مصادر أمنية لـ«البناء» أن يلجأ هؤلاء إما إلى تنفيذ عمليات انتحارية ضد مراكز للجيش أو لحزب الله، وإما محاولة التسلل والخروج من الميدان، أو الاستسلام للجيش السوري. ورجحت مصادر إمكانية تسرب بعض المسلحين، بشكل فردي إلى المخيمات ولا سيما إلى مخيم عين الحلوة.

وبالفعل تخوفت أوساط فلسطينية من هذا التوجه الذي قد يتسبب بفتنة فلسطينية- فلسطينية فيما لو حاولت القوى الإسلامية السيطرة على قرار المخيمات.

وفي السياق، حمل الفار من وجه العدالة مصطفى الحجيري أبو طاقية بعنف على الجيش والقضاء وحزب الله، وأصابت مواقفه بشكل غير مباشر وزيري الداخلية والعدل نهاد المشنوق وأشرف ريفي، وذلك على خلفية مذكرة التوقيف التي صدرت بحقه أول من أمس بتهمة الانتماء إلى «جبهة النصرة» الإرهابية.

وحاول الحجيري في مؤتمر صحافي عقده في منزله بعرسال أمس، استنفار عصبيات مذهبية وسياسية متملقاً تيار «المستقبل» و«قوى 14 آذار»، ناعياً المفاوضات في ملف العسكريين المحتجزين لديهم ومعتبراً في المقابل أنه لم تعد هناك ضمانة لسلامتهم وأنهم باتوا في خطر. وبعدما نفى انتماءه إلى «النصرة»، وصف المذكرة القضائية بأنها مسيسة ويقف وراءها «حزب الله»، متوعداً الأخير بالهزيمة.

وعلقت مصادر مطلعة على نفي الحجيري انتماءه إلى «النصرة»، وأشارت لـ«البناء» إلى «أن الحجيري يقود ويمول مجموعة مسلحة معظم أفرادها يميلون إلى النصرة، وأنه يملك مستشفى ميدانياً باعترافه لا يستقبل فيه إلا جرحى جبهة النصرة وتنظيم داعش».

تأجيل السلسلة مجدداً

في المقلب النيابي، شهدت جلسة اللجان النيابية المشتركة التي ترأسها نائب رئيس المجلس فريد مكاري، نقاشاً حول الدرجات الاستثنائية للتعليم الخاص. وكان الاتجاه العام هو لمنح أساتذة التعليم الخاص الدرجات الست ومساواتهم بأساتذة التعليم العام. ودار نقاش دستوري بين النواب، قررت بعده اللجان السير بمبدأ المساواة بين القطاعين التربويين العام والخاص لجهة وحدة التشريع، إلا أنها أرجأت البحث في موضوع تقسيط الدرجات الست أو دفعها دفعة واحدة، بعد أن عمت الفوضى القاعة العامة، ليتعذر معها تحديد النتائج النهائية من الموضوع، وهذا ما دفع وزير التربية الياس بو صعب إلى القول إن الأمور لا تزال تراوح مكانها وأن لا جدية في النقاشات.

وأكدت مصادر نيابية في كتلة التحرير والتنمية لـ«البناء» أن «موعد جلسة اللجان المقبل ينتظر عودة رئيس المجلس نبيه بري من جنيف، ولا سيما أن النقاشات داخل الجلسة لا تزال في حال المراوحة». وأشارت إلى إن لا جلسة قبل إحالة وزير الدفاع الوطني سمير مقبل التقرير عن الجداول المتعلقة بالعسكريين إلى المجلس.

من جهة أخرى، أكدت مصادر عين التينة لـ«البناء» أن جلسة تشريعية ستعقد نهاية الشهر الجاري لدراسة بعض الاقتراحات المتعلقة بمشاريع واقتراحات قوانين الانتخاب المقدمة، واقتراح النائب نقولا فتوش المتعلق بالتمديد للمجلس سنتين وسبعة أشهر.

الجميل طرح في لقاء الراعي- الحريري

وفي موضوع متصل، وعلى رغم نفي أوساط بكركي أن يكون جرى خلال لقاء البطريرك الماروني بشارة الراعي والرئيس سعد الحريري في روما طرح أسماء للاتفاق على مرشح توافقي منها لرئاسة الجمهورية، أكدت مصادر كتائبية لـ«البناء» أن اسم الرئيس أمين الجميل طرح، باعتباره «منفتحاً على الجميع من فريقي 8 و14 آذار وعلى الدول الإقليمية ولا سيما الجمهورية الإسلامية والسعودية».

وشددت المصادر على أن التمديد للمجلس النيابي أخذ حيزاً كبيراً من اللقاء، مشيرة إلى أن لا عناصر توحي أن الانتخابات الرئاسية قريبة.

«حزب الله» يدعو إلى اليقظة

إلى ذلك، أشار نائب الأمين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم خلال احتفال تربوي، أننا «اليوم في لبنان نحتاج إلى إرادة مشتركة بين مكونات الشعب اللبناني وهي التي تبني الدولة، يجب أن نبحث مع شركائنا في الوطن عن الأسس المشتركة لننهض معاً، ونؤجل موارد الخلاف للحوار والمعالجة، أما أن ينتظروا الحلول من الخارج أو الأوامر الإقليمية فهذا يعني تجميد بناء الدولة في لبنان»، داعياً إلى «الكف عن الترويج لشعار لا ترجمة له وهو أنهم بناة الدولة.

وقال: «لا تتذرعوا بنا، ولا تحوروا مواقفنا … ونحن مع الجيش اللبناني الوطني ودوره وتسليحه، مع الجيش من دون شروط، ومع حماية دوره سياسياً وعملياً، ومع تسليحه من كل العالم ومن إيران ولا نستثني إلاَّ إسرائيل».

ورأى أن»لبنان معني في هذه المرحلة باليقظة التامة لمواجهة الخطرين الإسرائيلي والتكفيري، وكل واحد منهما متمم للآخر، مع التأكيد أن الأولوية دائماً في مواجهة خطر الإسرائيلي والباقون هم أتباع لهذا الخطر اضطرت الظروف أن يكونوا في الواجهة».

وبالتوازي، رأى وزير الحرب «الإسرائيلي» موشيه يعالون أن «حزب الله» «غير معني بالتصعيد باتجاه إسرائيل، خصوصاً بعد تنفيذه العملية الأخيرة ضد الآلية العسكرية الإسرائيلية في مزارع شبعا». وقال في مقابلة مع موقع «مكور ريشون» «الإسرائيلي» إلى أنه «يجب علينا النظر للأمر في إطار محاولات «حزب الله» في المحافظة على قواعد اللعبة أو محاولته ردعنا عن تنفيذ عملية داخل لبنان»، وقال إن»الحزب لا ينظر إلى تصعيد محتمل في الشمال بعد العملية الأخيرة التي حدثت على الحدود».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى