ذكرى التأسيس… عقيدة الحياة
محمد ح. الحاج
التأسيس بالمفهوم الدارج وضع اللبنات الأولى للبناء وحسب ما هو مخطط للبناء أن يكون، وبمعناه السياسي هو وضع الأسس الفكرية والتنظيمية لعقيدة قابلة للحياة والتطور..!
في الذكرى الثالثة لتأسيس الحزب السوري القومي الاجتماعي، بتاريخ 16 تشرين الثاني 1935 وبعد أن قام رجال الأمن العام اللبناني بتوقيف الزعيم وأعضاء مجلس العمُد إلى التحقيق، وأرسلوا على أثره إلى سجن الرمل بمذكرات توقيف غير مؤقت.
في مثل هذا اليوم بعد مرور ثلاث سنوات على التأسيس خرجت إلى مجال الحياة مبادئ الحزب السوري القومي الاجتماعي معلنة لأول مرة في التاريخ الحديث إرادة أمة كانت بين الأمم التي سقطت منذ قرون وظنّ العالم أنها ماتت وأصبح وطنها قطائع للأمم الغربية.
في مثل هذا اليوم بعد ثلاث سنوات من التأسيس نهضت الأمة السورية من بين الأمم الميتة وابتدأت تاريخها الجديد، وكان أول حوادث هذا التاريخ سجن زعيم الحزب السوري القومي وأركان إدارته، والزعيم يقول في أحد خطبه: ويل للأمة التي لا تاريخ لها.
في مثل هذا اليوم وقف السوريون القوميون يعظمون هذا الاختبار الأوّل العظيم الذي برهن عن معدنهم وعزيمتهم الصادقة.
في مثل هذا اليوم، بعد سنوات من التأسيس وقفت الأمة مشدوهة لأنّ منها قد خرجت نهضة جبّارة تضاهي نهضات الأمم الأخرى وتقرن اسمها بأسماء الأمم الحية التي غسلت عارها بتضحياتها، لم تعد الأمة بعد هذا اليوم تتسقط الفتات من موائد حريات الأمم الأجنبية، بل أصبحت تشترك مع الأمم الحرة بمجهودها هي في سبيل الحرية. الآثار الكاملة ج 3
بمثل تلك القوة والعنفوان انطلقت النهضة بعد أن تكاملت الأسس بقيام المؤسسات، وترسّخ الإيمان، وبدأ الانتشار في أوساط أمة متعطشة إلى الحرية لتنال فرصتها، وهذا ما وضعها في عين العاصفة فالأعداء الذين استمرأوا واستساغوا بقاء حالة التخلّف والسكينة، والصمت على عمليات النهب، هالهم هذا الحراك وبدأوا تحركاتهم القمعية التي لم تنل من النهضة بل زاد من وتيرة العمل الجادّ والصراع المؤيد بصحة العقيدة لنشرها وفتح الآفاق الثقافية أمام شباب الأمة لبعث الوعي وتحقيق نهضتها حيث كانت في حالة سبات دام أربعة قرون كاملة.
في ذكرى التأسيس نحتفل، ليس بشكل عادي واحتفال روتيني كما تفعل حركات مثيلة، الكبيرة منها وليس الصغيرة العابرة في تاريخ الأمم، لنقف قليلاً مستعرضين آلامنا وآمالنا، ما كنا نطمح لتحقيقه وما حققناه، وهذا في حدّه الأدنى وقفة مع الذات ومراجعة للأفعال والأداء على كلّ المستويات.
لم يقل لنا سعاده أنّ طريق النضال مفروشة بالرياحين وأننا لن نتعرّض للمصاعب والصراع المصيري الفعلي، ومن السذاجة الاعتقاد بأنّ العمل النهضوي يحقق غايته دون تضحيات وصبر طويل على المصاعب، وأما التضحية فتكون بكلّ ما نملك في سبيل الفلاح لأنّ ما تعاقدنا عليه يساوي وجودنا، وأننا ملاقون أعظم نصر لأعظم صبر في التاريخ، لكنه لم يقل ما سنلاقيه عند تفرّقنا، وهنا تذهب ريحنا، ويبطل أن نحقق الفلاح المنشود في أعمالنا ولو قمنا ببعض التضحية، أو حتى لو يضحّي بعضنا بكلّ ما يملك حتى الدماء والروح.
الحزب السوري القومي الاجتماعي تعرّض للكثير من التحدّيات والصعاب في أكثر من كيان، ورغم ذلك فإنّ أداء الحزب على مستوى الأمة في هذه الظروف المصيرية ينطلق من منطلق الواجب والالتزام، ويبقى ذلك كله دون الطموح.
بكلمات بسيطة يمكن القول إنّ الإيمان العقدي، والالتزام بالمبادئ، والارتباط بالمؤسس الشارع هو واحد عند الصفّ القومي بكامله.
اليوم يهنّئ القوميون الاجتماعيون بعضهم بعضاً بذكرى التأسيس ولسان حالهم يقول عسى أن نجتمع في الذكرى القادمة وأمتنا منتصرة.