مي الخليل … أيقونة رياضية من لبنان
ابراهيم وزنه
الفنّ في تحويل الألم إلى أمل، والتفوّق على الأحداث الطارئة بسلاح العزيمة والإصرار، ومن ثمّ الاجتهاد في خدمة الوطن عبر بثّ روح التعاون من خلال حدث رياضي جامع اسمه «الماراثون»، كلّ هذه المحطّات، تدلّ صراحة إلى السيّدة مي الخليل التي أجادت في مواجهة الصعاب وأخلصت بصدق واجتهاد لخير مجتمعها، فجاء القطاف وطنياً جامعاً عبر جمعية بلغت اليوم الخامسة عشرة من عمرها، اسمها «بيروت ماراثون».
من حادث عابر تعرّضت له السيّدة الخليل في غربتها منذ سنوات، كانت بداية رحلة التحدّي عند المرأة الحديدية، فبعد أشهر من تلقيّها العلاج متسلّحة بالصبر والإرادة، اتّخذت قرارها وعاهدت نفسها أمام الله بأن تكون رسولة محبّة وأيقونة للسلام والتلاقي، فأرادت من تجربتها وبعد استعادة عافيتها أن تعمّم ثقافة الركض بين الناس، لإيمانها أنّ في الركض صحة وفرح وشفاء وصحبة جديدة.
في العام 2003، انطلقت النسخة الأولى من ماراثون بيروت، بضعة آلاف ركضوا لأجل السلام، ثمّ كرّت سبحة الماراثونات، فمن عام إلى عام ترفع الجمعية شعاراتها التي تشجّع على الركض وتدعو إلى حفظ الوطن ووحدة أبنائه، وها هي اليوم، في العام 2017، تطفئ شمعتها الـ 15 وشعارها «15 سنة .. ورح نضلّ نركض»، خمسون ألفاً من كلّ الألوان والطوائف ركضوا بالأمس، فزرعوا البهجة في شوارع عاصمة الحرف والشرائع بيروت، ومن غير «الماراثون» يقدر على جمعهم تحت أقواس الانطلاق ومنصّات التتويج وسط أجواء كرنفالية لامثيل لها، و»بروح رياضية»!
آلاف يركضون، المئات يعملون في خدمتهم، العشرات يشرفون، ومعهم حشد من الشخصيات الوازنة تضفي على الحدث رونقاً جامعاً، الرسائل من المشاركين تنطلق في كلّ الاتجاهات، وكلّ يركض على ليلاه، وبالمحصّلة يتأكّد للقاصي والداني بأنّ رقعة الماراثون اللبناني بدأت تمتدّ وتكبر حتى وصلت ارتداداتها إلى كلّ العالم، وقد نال «ماراثون بيروت» التصنيف البرونزي، وعنه، أبدعت بطلته السيدة الخليل في الحديث عن تجربتها خلال منتدى الإبداع المجتمعي في البحرين، لكونها «الملهمة» في تحقيق تظاهرة رياضيّة ستبقى تزداد إشعاعاً وتنداح اتّساعاً على مرّ السنين في وطنها لبنان. ختاماً، أدامك الله «ست مي» بهذه الهمّة، وكلنا أمل بأن تستمرّين في صياغة رسالتك الرياضية الوطنية الجامعة والشاملة والمشعّة … لأجل الأجيال … لأجل لبنان، وكلّ ماراثون وأنت بألف بخير.