المرأة بين الفخّ الرقميّ والحرّية المعرفية

المرأة بين الفخّ الرقميّ والحرّية المعرفية

قراءة مُعمّقة لقياس مدى تأثير العالم الرقمي ممثل بذراعه الأخطبوطي مواقع التواصل الاجتماعي على الحياة الطبيعيه وجودة الترابط الأُسري والعاطفي بين الشريكين.

ففي زمن التصدّع العاطفي والتفكّك الوجداني واللهاث وراء الخارج والتشبّث بدائرة الاهتمام الأسهل، وإهمال الداخل ودائرة التأثير الأعمق التي تصنع رسالة الإنسان مُتحرّراً من سطوة المحاور المتذبذبة للحياة، مُنخرطاً في صوغ محور راسخ متمركز حول المبادئ السامية والخالدة، مُستقٍ منها شعوره بالأمن والقوة والإرشاد الدائم والحكمة.

في ظلّ هذا الواقع، تُرتَهن تفاصيل الحياة العائلية لهذة الشبكات المُصمّمة كمحطّة تعارف بين الأشخاص والجماعات، الذين تفصلهم المسافات وتُقرّبهم الرؤى والأفكار… لتصبح في المقابل الهوة أكثر عمقاً بين الشركاء الذين دفعوا بِسذاجة مشاعرهم كأسهم قابلة للصعود والهبوط في بورصة ردود الفعل المرجوّة والتقييمات المُعتمدة من قِبل الآخرين، والتي تأخذ دور المُرشد الوهمي. فكانت النتيجة أن تمدّدت «المسافة الصفرية» بين الأرواح لتصبح أميالاً بين أشخاص لا تفصلهم عن بعض إلا خطوة واحدة.

نعم، يجب الإشارة ودقّ الناقوس. فثمّة انحراف للدور المعرفي لهذا العالم الرقمي. وهذا الانحراف هو نتاج تشتّت الفكر لدى أحد الشريكين، وبخاصّة المرأة التي ارتضت الوقوع في فخّ يصعُب الخلاص منه. ومن هنا نشأ ما قد يسمّى

«الإدمان أو المخدّر الرقمي».

لقد تمكّنت مصيدة المواقع من نساء الطبقة الحائرة المُرتعشة، فانتزعت تلك المرأة من كتابها الذي تراكم على وجهه غبار الانتظار، ومن خطّها الفكري الذي يُنمّي شخصيتها ويُعمّق ولاءها للقيم لا للمشاعر… ومن أدوات أنوثتها التي يُفترض أن تُعزّز ثقتها بذاتها قبل أن تؤثّر بالشريك، ومن مرآتِها التي أخذت موعداً مفتوحاً مع الهجران!

ومن عطرها المركون في زاوية النسيان! ومن حديقتها التي نمت فجأة ونضُجت كالأولاد تماماً وتحتاج رعاية من نوع خاص!

استطاع الفخّ أن يجعلها قيد الإقامة الجبرية في أروقة الفضاء الأزرق، زاهدة بِهيبة الخصوصية وبذخ التفاصيل، حيث الاعتراف يكتسي برونقه بعيداً عن أعين الشهود على علاقات وترابطات تأخذ متانتها من عدد التصفيقات!

تلهث كالفرس المُرهقة التي تُعكاس الريح في ميدان السباق!

تتمدّد بِهيئتها المُهملة قابعة في رُكن الوجل تُحصي الأسماء عند الشريك، تزور الصفحات، تُدقّق في الوجوه وتُفسّر الكلمات والأفكار!

تقف على مقياس ريختر لتلمُس درجة الأمان، وقوّة الإخلاص، وأيُ شُبهة يكون دليلُها حاضراً لا حاجة أن تُباغته بزيارة أو أن تسأله عند المساء، فلحظة بلحظة هي تتبعهُ في مسارات ومتاهات تلوي عُنق الطمأنينة المُفترضة وتقُصّ أجنحة الروح التي غادرت ملكوت الحرية!

أيّ فخّ أحمق هذا الذي قبعت طوعاً في غيهبه المرأة الشرقية؟ مكلّلة جهودها بإرثٍ ثقيل من التجاعيد والهالات السوداء تُثير بها شفقة الشمس.

فاطمة مهاجر

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى