اليمن المعركة الأصعب

حميدي العبدالله

واضح أنّ جميع الحروب التي نشبت في المنطقة كنتيجة لزلزال «الربيع العربي» تقترب من نهايتها، أو باتت دينامياتها تحت السيطرة، باستثناء الحرب اليمنية التي لا يظهر في الأفق نهاية لها، لا سياسياً ولا ميدانياً.

سياسياً التوازن الميداني حتى الآن لا يتيح لأيّ طرف فرض رؤيته، والحلول الوسط أو التسويات بين الأطراف المتحاربة تبدو مستحيلة لأنّ كلّ فريق يصرّ على تحقيق رؤيته. قد يقبل التحالف الذي يضمّ حركة أنصار الله و«المؤتمر الشعبي» وقوى وأحزاب أخرى، بتسوية تشبه التسوية القائمة في لبنان حيث تتعايش قوى تختلف مشاريعها السياسية وتحالفاتها الدولية والإقليمية، ولكن مثل هذه التسويات مرفوضة من حكومة المملكة العربية السعودية، ولا تقبل الرياض بأقلّ من قيام نظام حكم مؤيد للمملكة ومتساو مع خطط حلفائها، وفي مقدّمتهم الولايات المتحدة. وهذا الموقف عطل التسويات وعرقل الحوار الذي رعته الأمم المتحدة، وحال دون وصوله إلى خواتيم تنهي الحرب وتوقف المأساة التي يعيشها اليمنيون.

ميدانياً ترى الرياض أنّ لديها من القوة الذاتية والدعم من حكومات عربية ودول خارجية ما يؤهّلها لفرض شروطها لأنها في هذه الحرب تدافع عن مصالح وتطلعات دول عديدة. الولايات المتحدة لا ترغب أن يكون في اليمن نفوذ لقوى وطنية تناهض الكيان الصهيوني، وتعادي السياسة الأميركية مثل حركة أنصار الله، كما أنّ الولايات المتحدة تنظر إلى موقع اليمن الذي يتحكّم في مضيق باب المندب، ويشرف على القرن الأفريقي ويشترك بحدود طويلة مع المملكة العربية السعودية، وله سواحل على البحر الأحمر تقترب من فلسطين المحتلة، حيث يشعر الكيان الصهيوني بقلق شديد من سيطرة قوى مناهضة للكيان المحتل، تنظر واشنطن إلى موقع اليمن هذا على أنه موقع استراتيجي ومن مصلحتها إبقائه تحت سيطرة قوى حليفة للولايات المتحدة، ومنخرطة في استراتيجيتها. ولهذا ربما تشجّع الولايات المتحدة الوصول إلى تسويات لحروب كثيرة في المنطقة، ولكن مصالحها تتعارض مع عقد اتفاقات لا تكرّس سيطرتها المطلقة على اليمن.

لكن في المقابل حركة أنصار الله و«المؤتمر الشعبي» والأحزاب الأخرى لديها من التأييد الشعبي ما يؤهّلها لخوض حرب طويلة الأمد ولن تقبل أقلّ من تسويات تعترف بوجودها وتكرّس مصالحها وتطلعاتها الحيوية.

هذه الأسباب مجتمعة تشير إلى ترجيح احتمال استمرار الحرب في اليمن سنوات طويلة وفشل كلّ محاولات البحث عن حلّ سياسي قائم على تسوية تلبّي مصالح جميع الأطراف المنخرطة في الحرب.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى