عبّاس النوري: تجربة استثنائية… وانعطافة نحو تحقيق صورة أقرب إلى الواقع

دمشق ـ آمنة ملحم

عقدت مؤسّسة الإنتاج التلفزيوني والإذاعي في سورية، مؤتمراً صحافياً، أعلنت فيه إنهاء العمليات الفنية لمسلسل «ترجمان الأشواق» مع المخرج محمد عبد العزيز، وبدء عمليات التسويق للعمل.

«ترجمان الأشواق» الذي استغرق تصويره ثلاثة أشهر في دمشق، تبدأ حكايته مع اتصال يتلقّاه «نجيب»، الشخصية التي يجسّدها الفنان عباس النوري، يخبره أن ابنته الوحيدة اختُطفت، ليجد نفسه أمام مسؤوليات ابتعد عنها منذ عشرين سنة، حين رحيله عن البلاد بعد تعرّضه لاعتقال لأسباب سياسية. وعندما يقرّر العودة يجد نفسه أمام بلاد أخرى لم يعرفها من قبل. وفور وصوله تعود علاقته بصديقيه القديمين، الرفيقين من أيام العمل السياسي، «الدكتور زهير» غسان مسعود الذي ابتعد عن اليسار وصار متديّناً، و«كمال» فايز قزق الذي يملك مكتبة في مركز المدينة ورثها عن أبيه، ولم يزل يسارياً متشدّداً لقناعاته. والثلاثة يعكسون حقبة مرت بها البلاد، ويعكسون حيرة وارتباك جيلهم أمام ما يحدث وأمام زمن غريب يحاولون الانسجام معه.

«نجيب» الذي عاد للعثور على ابنته سيعثر على نفسه في الطريق إلى ذلك، وخلال رحلة بحثه يكتشف صديقيه ويكتشف أسرته. أتى ليبحث عن ابنته فوجد نفسه متجمّداً في العمر الذي غادر به، ويعثر على ما لم يكن في الحسبان، على ماضيه، وعلى مدينته، والأغرب من ذلك أنه يعثر على الحبّ المؤجّل منذ أن غادر.

كاتب العمل بشار عباس قال خلال المؤتمر الصحافيّ إنّ العمل يمسّ قضايا حقيقية في حياتنا. وهو محاولة للبحث عن الشخصية السورية الحقيقية، لا كما تقدّمها بعض الأعمال، والبحث عن الجيل الصغير الضائع في هذه الأحداث عبر تقديم نماذج سورية متنوّعة خارج البلد وداخله، مع محاولة لكسر الصورة النمطية للإنسان المثقف في العمل بتعريجه على الإنسانية والتأكيد أن الخلاص جمعيّ ولا يمكن أن يكون فردياً. معرجاً على اعتماد العمل على المتعة والتشويق اللذين لن يغيبا عن كافة حلقات المسلسل. معرباً عن سعادته بالتعامل مع مخرج مثقّف، الأمر الذي سهّل العمل كثيراً وجعل المَشاهد تظهر كما تخيّلها خلال الكتابة على الورق، وأحياناً أجمل مما تخيّله. كما أكد على دعم المؤسسة للعمل وتوفيرها ظروف إنتاج جيدة مع فتحها هامش لحرّية الطرح والحركة من دون محاولة فرض الرأي إلا لمصلحة النصّ.

بدوره، لفت مخرج العمل محمد عبد العزيز إلى أن العمل كان فيلماً سينمائياً، ولكن بجلسات حوارية مع الكاتب تحوّل إلى نصّ دراميّ تلفزيونيّ، وهي تجربته التلفزيونية الأولى بعد عدد من الأفلام التي قدّمها. منوّهاً بأن العمل نال من المؤسسة أفضل مناخ إنتاجي ضمن الرؤية المحدّدة، وأن الفنان عباس النوري كان شريكاً أساسياً فيه. لافتاً إلى اقتراب صورة العمل من الصورة السينمائية بقناعته بأنه لم تعد هناك فوارق كبيرة بين الفنون في ما عدا شرط العرض.

من جانبه، أكّد الفنان عباس النوري أنّ «ترجمان الأشواق» تجربة استثنائية بالنسبة إليه، وانعطافة نحو تحقيق صورة أقرب إلى الواقع، مع شغفه الكبير لعمل حياتي إلى أبعد الحدود كما يحمل نصّ العمل. مشيراً إلى أنّ الثقافة هي الركيزة الأساسية في العمل وبطلته ولكنها الثقافة الشعبية، فهو وجه آخر للمجتمع، وجه شعبي للبلد بعيداً من الكتب والشخصيات الثقافية الخشبية، ويتميّز بالجرأة في قراءة الواقع بكلّ شرائحه بطريقة مسؤولة.

كما أكدت الفنانة رنا ريشة أنّ العمل يشبهنا جميعاً، فهو قريب من واقعنا وليس غريباً عنّا أبداً، وهو يسلّط الضوء على ما عشناه في السنوات الأخيرة عبر رصد للتغيّر الذي طاول الشخصيات قبل الحرب وأثناءها. وفيه تجسّد شخصية «نجوى» أخت «نجيب» التي تضطر بعد تهجّرها مع زوجها وأولادها للسكن في منزل أهلها مع والدتها «ثناء دبسي» التي تحتضن ابنة «نجيب» وتربيها في غيابه.

وأوضح الفنان علي صطوف أنّ مشاركة الفنانين الكبار في العمل أتاح الفرصة للشباب في الارتقاء بمستوى الشخصية والعمل ككلّ، مع مساحة الحرّية الكبيرة التي منحها المخرج للارتجال ضمن حدود، وبذلك تبدو الشخصيات كأبطال حقيقيين.

وفي خطّ جريء إنّما بصورة غير اعتيادية، تؤدّي الفنانة نوار يوسف دور الراقصة. هذا الدور الذي تطلّب منها التبحّر في هذا العالم ومشاهدته في الواقع مع أخذها دروساً في الرقص كي تبدو الشخصية أقرب إلى الحقيقية ومن دون تصنّع.

وردّاً على سؤال عن خطة المؤسّسة التسويقية للعمل بعد جهوزيته للعرض، لفت مدير المؤسسة الدكتور ماهر الخولي إلى الأزمات التسويقية التي تعاني منها الدراما السورية، إلّا أنه يرى أنّ الأسواق ستضطر إلى فتح باب عريض للدراما الجيدة، و«ترجمان الأشواق» يحقّق شرط الجودة، وأن النتائج الأولية مبشرة، وهناك مجموعة مؤسّسات وقنوات بدأت الحوار لشرائه.

يضمّ المسلسل العتيد على قائمة أبطاله أيضاً، كل من الفنانين ثناء دبسي، سلمى المصري، شكران مرتجى، حسام تحسين بك، سعد مينة، ولاء عزام، مروة الأطرش، أسيمة يوسف وآخرين.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى