للكبار فقط فيلم طويل ليس أميركياً صرفاً

«توب نيوز»

الملفات الدولية التي تقرّر مستقبل العالم صارت محدّدة بدقة واللاعبون الكبار صاروا محسومين بدقة أيضاً.

ملف أوكرانيا صار ملف أمن أوروبا في مجال الطاقة ووحدة كياناتها، بعدما حسمت التطورات استحالة تمرير أنابيب نفط قزوين وقطر بلا شراكة إيرانية، وبدا العرض التركي بالتعاون مع «داعش» لتحقيق ذلك مزحة سمجة، لا يتمكن أحد في الغرب من الدفاع عنها وتبريرها، وصار الفوز بأوكرانيا موحدة تحت أسنة رماح الحكومة المدعومة من الغرب مستحيلاً، ومواصلة العنف حرب أهلية تفتّت أوكرانيا، وصارت وحدة كيانات أوروبية عديدة ترتبط بمستقبل أوكرانيا، التي لا يصونها إلا حلّ سياسي لا يمكن صناعته إلا بالشراكة مع روسيا وعنوانه الفيدرالية.

ملف إيران النووي نضجت المفاوضات حول كلّ تفاصيله، وصار التسليم بحق إيران بتخصيب اليورانيوم نهائياً، بعدما شكل هذا العنوان على الدوام معياراً للتسليم بإيران دولة عظمى، تتساوى مع سائر الدول الكبرى بامتلاك كامل دورة التقنيات العليا، بعدما صارت إيران الرقم الصعب في منطقة الشرق الأوسط، مع تراجع أدوار المربع السعودي ـ المصري ـ «الإسرائيلي» ـ التركي كلّ لسبب، فـ»إسرائيل» لم تعد دولة حرب يعتمد عليها، وتركيا دولة خداع ولعب على الحبال، والسعودية نظام مهترئ يملك في النفط والمال خزاناً كبيراً ولكنه في السياسة تحكمه عقول صغيرة، وهو مصدر ثقافة التطرف وعاجز عن مداواة ذاته من جهة، وكلّ مرة تزداد خسائره التي كان آخرها اليمن قلب الخليج ومستودعه البشري الهائل من جهة أخرى، ومصر مثخنة بمشاكلها بعد عهد «الإخوان» وهموم إعادة النهوض ومواجهة تحديات الأمن الداخلي الصعبة.

آخر الكلام يقوله الجنرال مارتن ديمبسي رئيس أركان القوات الأميركية المشتركة، عن أنّ إيران مع سورية وحزب الله صارت دولة الحرب البرية الوحيدة في الشرق الأوسط، وسط جيوش مهزومة ومتخاذلة، من تركيا أمام «داعش» والسعودية امام الحوثيين و»إسرائيل» أمام الفلسطينيين، وأطلسي مذعور من كلّ صنوف الحروب البرية.

ملف أمن الخليج ونفطه صار إيرانياً بامتياز، وملف سورية والعراق والحرب على «داعش» بين الرهانات والأوهام بتسليح وتدريب فانتازيا المعارضة التي تمضي أسبوعاً لاختيار رئيس افتراضي لحكومة افتراضية ليمارس سلطة افتراضية، وبين دول الحلف التي ظهرت مجرّد ديكورات لا تضيف شيئاً إلى الدور الذي تقوم به واشنطن، إلا ما تدفعه من أموال لا تملك حق الاعتراض على دفعها ولا تمنحها مقعداً على مائدة القرار.

يقول رئيس الوزراء الروسي ديمتري ميدفيديف إنّ الأميركيين غير متمسكين بإسقاط الرئيس بشار الأسد، بل يسعون إلى التحدث معه تحت الطاولة، ويريدون معه علاقات سرية لأنهم غير جاهزين مع حلفائهم للتعامل علناً.

المثلث الأميركي ـ الروسي ـ الإيراني يقترب من صياغة التفاهمات الكبرى، وتكريس مرجعيته في الشرق الأوسط كناد للكبار، وللكبار فقط، فيلم طويل وجديد ليس أميركياً صرفاً هذه المرة، سيبدأ العرض خلال أسابيع.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى