لقاء أنطاليا: انخفاض درجة العنف في سورية يسمح بالحلّ السياسي
أكّد وزراء خارجية كلّ من روسيا وإيران وتركيا، أنّ مستوى العنف في سورية انخفض، وهو ما يسمح لطرفَي النزاع في البلاد بالانتقال من المواجهة العسكرية إلى التسوية السياسيّة.
جاء ذلك في بيان صدر عن الخارجية الروسيّة في أعقاب لقاء مغلق عقده الوزير الروسي سيرغي لافروف مع نظيرَيه الإيراني محمد جواد ظريف والتركي مولود جاويش أوغلو في مدينة أنطاليا التركية، أمس الأحد.
وبحسب البيان، فإنّ الوزراء الثلاثة تبادلوا الآراء حول جميع القضايا المتعلّقة بالتسوية في سورية، وبحثوا التوجّهات الرئيسة في تطوّر الوضع الميداني والسياسي، «في سياق استكمال عملية هزيمة بؤرة الإرهاب الدولي وعمل مناطق خفض التصعيد التي تمّ إنشاؤها في إطار عملية أستانة».
وذكر البيان، أنّ الوزراء دعوا إلى مواصلة الجهود المشتركة التي تبذلها الدول الثلاث ضمن صيغة أستانة، «بما يخدم تهيئة الظروف المواتية لتفعيل المفاوضات السورية السورية تحت الرعاية الدولية في جنيف».
كما جاء في البيان، أنّ الوزراء الثلاثة بحثوا سير التحضير لعقد مؤتمر الحوار الوطني السوري في مدينة سوتشي، مشيرين إلى أنّ هذه المبادرة ترمي إلى إعادة الثقة بين السوريّين، «ونقل حلّ جميع مسائل الأجندة الوطنية إلى ساحة حوار سوري سوري شامل»، وصولاً عن حلول وسط من أجل سورية موحّدة قوية، اعتماداً على القرار 2254 الصادر عن مجلس الأمن الدولي.
وفي السياق، أعلن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، أنّ طهران وموسكو وأنقرة مستعدّون لتوفير أرضيّة لإحلال السلام والاستقرار في سورية.
كلام ظريف جاء على هامش اجتماع وزراء خارجية روسيا وإيران وتركيا أمس في أنطاليا في تركيا لإجراء محادثات حول سورية، للإعداد للقمّة الروسية التركية الإيرانية التي ستُعقد في مدينة سوتشي الروسية في 22 تشرين الثاني الحالي.
وفي تغريدة على حسابه على موقع «تويتر»، أشار وزير الخارجية الإيرانية إلى أنّ بلاده تعمل مع كلٍّ من تركيا وروسيا من أجل بناء وقف إطلاق نار في سورية، لافتاً إلى التحضير لحوار بين السوريين.
من ناحيةٍ أخرى، اتّهم ظريف السعودية بأنّها تدعم الإرهابيّين وتخوض حرباً على اليمن، كما أنّها تحاصر قطر وتثير الخلافات في لبنان، على حدّ تعبيره. وأضاف: «إذا غيّرت السعودية نهجها الهدّام، فيمكن أن تُسهم في إحلال السلام في المنطقة بدلاً من الحرب».
بدوره، قال لافروف إنّ الاجتماع الوزاري الثلاثي كُرّس لبحث تفاصيل قمّة سوتشي بين رؤساء روسيا وإيران وتركيا، مشيراً إلى أنّ «العمل في الاجتماع كان إيجابياً، واتّفق على كلّ المسائل الجوهرية».
كلام لافروف جاء بعد اجتماع منفصل مع نظيره الإيراني ظريف.
من جهتها، قالت الخارجية الروسيّة إنّ الاجتماع الوزاري الثلاثي في أنطاليا خرج باستنتاج أنّ الوقت قد حان لإيجاد حلّ سياسي في سورية.
وقالت الخارجية التركية في بيان لها، إنّ الاجتماع بين وزراء خارجية البلدان الثلاث «يأتي في إطار التحضير للقمّة الثلاثية التي ستُعقد في مدينة سوتشي الروسية في 22 تشرين الثاني الحالي حول سورية، بمشاركة كلّ من الرؤساء الروسي فلاديمير بوتين، والإيراني حسن روحاني، والتركي رجب طيب أردوغان».
من جهته، قال مسؤول تركي كبير، إنّ «وزير الخارجية الروسي سيرغي لافرورف ونظيرَيه الإيراني محمد جواد ظريف والتركي مولود جاويش أوغلو عقدوا اجتماعاً مغلقاً»، من دون أن يشير إلى أيّة تفاصيل.
وترعى روسيا وتركيا وإيران اتفاقاً يهدف إلى خفض حدّة المعارك، تمهيداً لاتفاق سياسي يضع حدّاً للنزاع المستمر منذ أذار 2011.
ميدانياً، أعلن «الإعلام الحربي المركزي» السوري ومصادر ميدانيّة، أنّ القوات السورية الحكومية حرّرت أمس الأحد بالكامل مدينة البوكمال في محافظة دير الزور شرق سورية من قبضة تنظيم «داعش».
وقال «الإعلام الحربي المركزي» في تغريدة نشرها أمس على حسابه في «تويتر»: «الجيش السوري وحلفاؤه يحرّرون مدينة البوكمال على الحدود السورية العراقيّة في ريف دير الزور الجنوبي الشرقي بشكلٍ كامل».
وشدّد في هذا السياق، على أنّ «الجيش السوري وحلفاءه قد طردوا «داعش» من آخر معقل له على الأراضي السورية».
بدوره، أكّد قائد ميداني سوري في حديث لوكالة «سبوتنيك» الروسيّة تحقيق هذا التقدّم المهم، موضحاً: «الجيش السوري قضى على فلول مسلّحي تنظيم «داعش» الذين تسلّلوا إلى مدينة البوكمال بإسناد من طائرات التحالف الدولي ضدّ «داعش» الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية، التي وفّرت غطاء لهم مكّنهم من العودة إلى البوكمال بعد يومين من إعلان الجيش السوري رسميّاً استعادة المدينة».
وأشار القائد العسكري إلى أنّ وحدات الهندسة تقوم حالياً بعمليات التمشيط لتفكيك العبوات الناسفة والمفخّخات والألغام التي خلّفها مسلّحو «داعش» داخل البوكمال.
وفي وقتٍ سابق من اليوم، ذكر «الإعلام الحربي المركزي» أنّ «الجيش السوري يسيطر على أكثر من 85 من مساحة المدينة، وسط «فرار نحو 150 مسلّحاً من فلول تنظيم «داعش» المتبقّية في البوكمال إلى شرق نهر الفرات عبر الأنفاق».
وأشار الإعلام إلى أنّه «قام بعضهم بتسليم أنفسهم لقوات سورية الديمقراطية»، التي تنشط في المنطقة بدعم من التحالف الدولي.
يُذكر أنّ مدينة البوكمال القريبة جداً من الحدود العراقية والتابعة لمحافظة دير الزور السورية، تُعدّ من النقاط الرئيسية التي استخدمها «داعش» للتنقّل بين العراق وسورية، وشهدت في الفترة الأخيرة اشتباكات عنيفة بين التنظيم من جهة والجيش السوري وحلفائه، بما في ذلك القوات الجوية الفضائية الروسية وعناصر «حزب الله» اللبناني و«الحشد الشعبي العراقي»، من جهة أخرى.
وأعلن الجيش السوري للمرة الأولى عن تحرير البوكمال في 10 تشرين الثاني الحالي، إلّا أنّ المسلّحين شنّوا لاحقاً هجوماً مضادّاً على القوات الحكومية وحلفائها واستولوا على أراضي واسعة في المدينة، ممّا دفع بعض وسائل الإعلام للقول إنّ «داعش» استعاد السيطرة عليها.
وكانت وزارة الدفاع الروسية قد نفت في 12 تشرين الثاني الأنباء حول استعادة تنظيم «داعش» سيطرته على مدينة البوكمال، التي تُعتبر آخر معقل للتنظيم الإرهابي في شرق سورية.
ونشرت الوزارة، الثلاثاء الماضي، صور انسحاب قوافل إرهابيين يبلغ طولها عدّة كيلومترات من البوكمال باتجاه وادي الصبحة على الحدود السوريّة العراقية.
ووفقاً للوزارة، كشفت عمليّة القوّات المسلّحة السوريّة لتحرير البوكمال، بدعم من القوّات الجوية الفضائية الروسية، حقائق التعاون المباشر ودعم الإرهابيين من قِبل التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة.
واتّهمت الوزارة التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة، بأنّه يتصنّع قيامه بعمليّة مكافحة الإرهاب، أمّا فعلياً فهو يؤمّن غطاءً لوحدات تنظيم «داعش» الإرهابي من أجل تعزيز مصالح الولايات المتّحدة في «الشرق الأوسط».
وكانت وحدات الجيش السوري استعادت بالتعاون مع القوات الرديفة السيطرة على قريتَي حران وحردانة شمال شرقي مدينة حماة، بعد طرد تنظيم «جبهة النصرة» والمجموعات المنضوية تحت زعامته.
وانتهت المواجهات باستعادة السيطرة على القريتَين المذكورتين والقضاء على العديد من الإرهابيّين، وفرار العشرات منهم، حيث يواصل الجيش السوري عملية تعقبهم.
كذلك تمّت استعادة قريتَي قصر علي وعرفة، بعد القضاء على آخر تجمّعات الإرهابيّين وتحصيناتهم فيهما.
كما قام عناصر الهندسة في الجيش بتفكيك العبوات الناسفة والمفخّخات التي زرعها الإرهابيّون في المنازل والأراضي الزراعية، لعرقلة تقدّم وحدات الجيش.