ما هو مخرج الأزمة الليبية؟

نبال بريك هنيدي

خلال السنوات الأربع التي تلت تدخل حلف «الناتو»، لم تعرف ليبيا الاستقرار، وعاشت في ظل فوضى شبه شاملة، وانفلات أمني كبير، سببته الميليشيات المتطرفة والمتعددة الانتماءات، بالرغم من محاولات الحكومة السيطرة على الوضع، وفي ظل مخاوف دولية.

ففي حين تؤكد التقديرات الغربية وحتى الإقليمية أن عدد هذه الميليشيات أكثر من 2000 فصيل ميليشياوي مسلح، وكل فصيل منها كان يسعى لتفكيك السلطة ومنع وجود قيادة مركزية أساسية للدولة، يرى محللون أن الحكومات التي أعقبت «الثورة» الليبية أفشلت جهود بناء مؤسسة قوية تستطيع أن تعتمد عليها الدولة، حيث لا تزال ليبيا بلا جيش نظامي واضح المعالم والقيادات.

أضف إلى ذلك التفجيرات التي شهدتها ليبيا على مدى أربعة أعوام، وأعنفها تفجيرات بنغازي في الرابع عشر من شهر أيار عام 2013، التي اعتبر خبراء أمنيون أن توقيتها ومكانها شكلا تصعيداً خطيراً في الملف الأمني الليبي، وخاصة في بنغازي، التي شهدت طيلة اليوميين السابقين عدة انفجارات استهدفت مقرات الأمن والشرطة، وكان أشدها التفجير الذي شهدته مدرسة منطقة السلماني، حيث تتواجد دوريات الجيش المكلف بحراسة منشأت المدينة، وتفجيرات طرابلس وبنغازي وسرت في 23 تموز 2013، بالاضافة إلى عدد من الهجمات الانتحارية والاشتباكات في منطقة بنينا في مدينة بنغازي، في الثاني من آب الماضي.

على وقع كل ذلك، اقتصرت مواقف الدول الغربية على التصريحات خوفاً من التدخل العسكري المباشر في ليبيا. ففي الوقت الذي عبرت ألمانيا وإيطاليا وبريطانيا، بالاضافة إلى الولايات المتحدة الأميركية، في بيان مشترك يوم 23 أيار الماضي، عن قلقها العميق إزاء تطورات الأوضاع في ليبيا، أكد مصدر دبلوماسي فرنسي في الثاني من هذا الشهر ألا نيّة لباريس في التدخل العسكري في ليبيا، زاعماً أن الرئيس الفرنسي ووزير خارجيته يؤيدان الحل السياسي وليس التدخل العسكري.

إذاً فما هو المخرج من الأزمة الليبية؟

يقول خبير عسكري روسي إنّ واشنطن أرادت تحويل الساحة الليبية إلى محرقة يمكن توجيه نيرانها إلى الهدف الذي يحدده المخططون في البيت الأبيض بدون التورط بشكل عسكري مباشر، تحت غطاء عدم التمكن من التحكم في الفوضى القائمة.

هذا وقال رئيس أركان الجيش الليبي، عبد الرازق الناظوري، في السادس والعشرين من آب الماضي، إن بلاده تلقت وعوداً من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بتقديم مساعدات لبناء الجيش الليبي. وأضاف أن عملية جمع السلاح ستتم بعد القضاء على المجموعات التكفيرية.

ويؤكد ذلك زيارة عبد الله الثني، رئيس الحكومة الليبية، في الثامن من الشهر الجاري إلى القاهرة، وهي زيارة التي استغرقت ثلاثة أيام، استقبله خلالها الرئيس عبد الفتاح السيسي وبعض المسؤولين المصريين، حيث أكد الرئيس السيسي في اللقاء مساندة مصر دولة وشعباً لخيارات الشعب الليبي، وأهمية العمل لدعم مؤسسات الدولة الليبية لتحقيق استقرار البلاد، مع بذل كافة الجهود الممكنة لدعم القيادة الشرعية للدولة، فضلاً عن أهمية جمع السلاح، وتأسيس جيش وطني قوي بعيداً عن القبلية أو الطائفية.

وقد لفت رئيس الوزراء الليبي إلى حرص بلاده على أن تكون أول زيارة خارجية للحكومة الليبية الجديدة إلى مصر، مؤكداً تعزيز العلاقات الثنائية في كافة المجالات، وخصوصاً على الصعيدين الأمني والاقتصادي، ولا سيما في ما يتعلق بتأمين مصادر النفط الليبي، وتدريب الجيش الشرطة الليبيين، وضبط الحدود، وتبادل معلومات استخبارية وأمنية لمكافحة الإرهاب. وبدوره، أكد وزير الخارجية سامح شكري خلال لقائه بنظيره الليبي محمد الدايري ألا توجد أي رغبة دولية في التدخل العسكري في ليبيا لأن ذلك سيزيد الأمور تعقيداً.

ولذلك فإن العنوان الأبرز للحضور المصري في ليبيا هو التنسيق بين مصر وليبيا، بسبب حاجة الأولى للنفط ولمصلحتها الاقتصادية والأمنية، ولبناء دولة ليبية مستقلة تبنيها مصر بيديها، وتستتبعها باتفاقيات متعددة المجالات، خصوصاً في ما يتعلق بالنفط، لتصبح صندوق السياسة الخارجية والدور الإقليمي والاستخباري لمصر.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى