هل أنا على ما يُرام!؟

نصار إبراهيم

1 أنا!

القهوة باردة

وطنٌ على مرمى حجرٍ

زهرةٍ… شوكة أو مجرّة

لا… أنا لستُ على ما يُرام!

2 لاجئ!

سبعون عاماً

أنزف انتظاراً

المخيّم يضيق

بطفلي الجديد

لا… أنا لستُ على ما يُرام!

3 امرأة!

لا أبراج فوق بيتي للحَمام

لا قبلة عابرة

والذباب أكثر من النحل هنا

والفَراشِ

فكيف أكون على ما يُرام!؟

4 طفل!

جندي

يدوس وجهَ طفولتي

ويحتفل انتصاراً

ولا أبكي

لا… أنا لستُ على ما يُرام!

5 تلميذ!

أين الوطن في كتابي المدرسيّ!؟

أين الطريق إلى البيت!؟

لا… أنا لستُ على ما يُرام!

6 فلاح!

لا مطر يأتي حين موعده

لا أغمار قمحٍ على البيدر

وصار رغيف الخبز أصغر

فكيف أكون على ما يُرام!

7 صياد!

لا أسماك في البحر

لا أصداف أجمعها

لا نوارسَ لا نجوم

البحر في مهبّ العاصفة

لا… أنا لستُ على ما يُرام!

8 يافا!

البرتقال يغفو وحيداً

حصان أبي… وبحر يافا!

فكيف أكون على ما يُرام!؟

9 عكا!

أفق بحريٌّ ولا شراع

هذا البحر مخيف

لا قنديلَ في الليل يهدي السفينة

لا… أنا لستُ على ما يُرام!

10 القدس!

شقيقاتي هناك

لا عناق… أو لقاء

فيروز صامتة

ودرب آلامي طويل

فكيف أكون على ما يُرام!؟

11 غزة!

حصارٌ أمامي

فوقي وتحتي

وخلفي حصار

رصاصةٌ… وجدار

فهل أكون على ما يُرام!؟

12 تدمر!

زنوبيا: بوابة التاريخ

كانت هنا!

أين المدينة

كيف أعود؟

لا… أنا لستُ على ما يُرام!

13 نينوى!

مناجاة الحرائق

أسد آشور بلا أجنحة

فكيف يحلّق فوق بغداد

وفوق الحدائق

فكيف أكون على ما يُرام!؟

14 القاهرة!

شمالاً لا يفيض النيل

وفوق سيناء موالٌ حزينٌ

فتسأل الأهرام:

أين الشمس… أين!؟

لا… أنا لستُ على ما يُرام!

15 اليمن!

برميل النفطٍ أقدسُ من طفلٍ

من قلمٍ وكتاب

أنا… أنا لستُ على ما يُرام!

16 مُزارع برازيلي!

الغابة مطريّة

وأشجار البنّ والكاكاو

تستجدي شربة ماء

لا… أنا لستُ على ما يُرام!

17 عامل منجم!

أبنوسٌ… ذهبٌ… ألماس

لا دواءَ للملاريا

طفلي الأوّل مات

والثاني أيضاً

لا… أنا لستُ على ما يُرام!

18 الهند!

صبية تزرع الرُّزَّ بلا أمل

ما كلّ هذا الفقر!

أشتاق للشاي والأغاني

إذن… كيف أكونُ على ما يرام!

19 مفارقات!

حين يكون الجهل أستاذاً

يدرّس الفلسفة

وإماماً أو قِسَّا يعلّم الأخلاق

حين يرضع الطفل الخوف

وتعتذر الضحية من المغتصب

فكيف أكون على ما يُرام!؟

20 حنظلة!

على شرفة المستحيل أعلن:

بوصلتي عارفةٌ

في البرّ وفي البحر

تأخذني حيث الوعد

حيث الأرض وحيث البرق وحيث الرعد

باسم الفكرة واللحظة

في فلسطين، دمشق، بغداد، صنعاء، مصر… وكلّ العواصم أعلن:

ما دامت بوصلتي العارفة معي فإني على ما يُرام!

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى