عون يتّصل بالرئيس الفلسطيني متضامناً: القدس تتمثل فيها كل الأديان السماوية والتدبير الأميركي مخالف للإنسانية
أكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون للرئيس الفلسطيني محمود عباس خلال اتصال هاتفي أجراه معه وقوف لبنان رئيساً وشعبًا الى جانب الشعب الفلسطيني في رفضه اعتبار القدس عاصمة لـ«اسرائيل»، مؤكداً التضامن الكامل في رفض هذه الخطوة وضرورة مواجهتها بموقف عربي واحد.
وكان عون أدان القرار الأميركي باعتبار القدس عاصمة لـ«اسرائيل» خلال استقباله كاثوليكوس الأرمن الأرثوذكس أرام الاول، على رأس وفد ضم ممثلين عن كافة الابرشيات الارمنية في العالم، مطارنة ومدنيين، اضافة الى النائبين هاغوب بقرادونيان وارتور نزاريان، لافتاً إلى خطورة ما حصل بعد إعلان الرئيس الاميركي نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس.
وقال: «إن القدس التي تتمثل فيها كل الأديان السماوية، لا يمكن أن تكون خالية من المسيحيين ومن المعالم المسيحية. فكيف يمكننا أن نتخّيل وجود المسيحيين في العالم، من دون أن يكون لديهم كنيسة المهد وكنيسة القيامة ودرب الجلجلة ومدينة الرسل؟ هذا أمر خارج عن إطار الإنسانية، والأديان السماوية الثلاثة. وقد أكدت موقفي المعارض لهذا التدبير أمس باسم جميع اللبنانيين، لأنه مخالف للحقوق وللإنسانية. وقد خسرت الولايات المتحدة نتيجة هذا الموقف صفتها كدولة عظمى تعمل على وضع حلول تحقق السلام العادل في الشرق الاوسط».
وكان الكاثوليكوس آرام الاول، تحدث في مستهل اللقاء باسم الوفد فعبّر عن سعادته بلقاء الرئيس عون في بيت الشعب، وقدّم له أعضاء السينودس المقدس للكنيسة الأرمنية لمناسبة وجودهم في لبنان، مشيراً إلى أن الكنيسة الأرمنية هي قبل كل شيء كنيسة الشعب.
وقال: «نحن موجودون أينما كان ككنيسة في مختلف أنحاء العالم، لكن لبنان يبقى بالنسبة إلينا المركز والقلب. فهو لعب دوراً محورياً مميزاً في الوقوف إلى جانب الأرمن»، مضيفاً «لا نقبل على الإطلاق الإعلان الصادر عن الرئيس الأميركي بشأن القدس، عاصمة الدولة الفلسطينية، التي يجب أن تكون مدينة مقدّسة مفتوحة للاديان السماوية الثلاثة. وهذا هو موقف جميع اللبنانيين والعرب والمسيحيين». وختم بالقول: «أغتنم المناسبة لأكرّر تهنئتي لكم وتمنياتي بدوام نجاحكم في مهمتكم الصعبة والاساسية».
وردّ الرئيس عون مرحباً بالوفد، مشيراً الى أن لبنان وأرمينيا عاشا معاً الإبادة الجماعية التي حصلت على يد العثمانيين، بين عامي 1915 و1916، وأحييا معاً السنة الماضية الذكرى المئوية لهذه الابادة. «لقد تم قتل الارمن بالسيف، أما المسيحيون فقتلوا عبر المجاعة. هذا ما قاله آنذاك وزير الدفاع أنور باشا في زيارة له إلى عاليه، مركز جمال باشا قائد الفرقة الرابعة التي كانت تحارب في الشرق، حيث اعتبر أنه كي تستعيد الحكومة العثمانية شرفها، يجب أن تتخلص من الأرمن واللبنانيين».
أضاف: «أنا لا أطلق على الأرمن في لبنان اسم الجالية الأرمنية لأننا نعتبرهم مواطنين مثلهم مثل جميع اللبنانيين، لكننا نحب في المقابل أن نراهم يحافظون على تراثهم وجذورهم. فاللبنانيون أيضاً منتشرون في مختلف انحاء العالم، وهجرتهم بدأت كالأرمن بعد عامي 1914 و1915. وقد شكل هذا التشابه سبباً لنتمكن من التعايش معاً لا سيما وأننا نتشارك القيم الانسانية نفسها وعلى تفاهم دائم، خصوصاً في المرحلة الاخيرة بعد عودتي من المنفى سنة 2005».
وأمل عون أن تشهد الكنيسة الأرمنية ازدهاراً عبر العالم. وقال: «من المؤكد أنكم أينما كنتم، ستجدون الى جانبكم لبنانيين وكنائس لبنانية منتشرة في العالم، إن كان في كندا أو اميركا او اميركا اللاتينية».
واستقبل الرئيس عون النائب السيدة نايلة تويني وأجرى معها جولة أفق تناولت الأوضاع العامة في البلاد في ضوء المستجدات الأخيرة. ودعت النائب تويني رئيس الجمهورية إلى حضور القداس الذي سيُقام يوم الأحد المقبل لراحة نفس النائب الشهيد جبران تويني لمناسبة الذكرى السنوية الثانية عشرة لاغتياله.
واستقبل رئيس الجمهورية الوزير السابق جان لوي قرداحي وتداول معه في عدد من الشؤون العامة وحاجات منطقة جبيل التي «تؤمن بالعهد وتضع ثقتها برئيسه وتتطلع بجميع ابنائها الى ما يمثله الرئيس عون كرئيس للدولة وزعيم وطني يرعى جميع اللبنانيين ويدافع عن حقوقهم ويحمي مصالحهم وكرامتهم».
واستقبل عون الوزير السابق ناجي البستاني الذي أوضح بعد اللقاء أنه أجرى مع رئيس الجمهورية جولة أفق في الأوضاع العامة، لا سيما بعد التطورات التي حصلت مؤخراً بعد عودة الرئيس سعد الحريري عن استقالته.
وقال: «إن ما تكرّس في مجلس الوزراء قبل يومين أكد حرص لبنان على سيادته، وعلى الحزم الذي أدى إلى عودة الانتظام إلى العمل الحكومي». ولفت البستاني إلى ضرورة مواجهة الاستحقاقات الوطنية ولا سيما الاستحقاق الانتخابي في موعده، خصوصاً في ظل قانون أعطى الناخب دوراً حاسماً من خلال الصوت التفضيلي الذي يحدّد حصة كل لائحة وكل مرشح فيها.
واستقبل عون ممثل المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى في كندا العلامة السيد نبيل عباس واطلع منه على أوضاع الجالية اللبنانية في كندا والذي نقل إلى رئيس الجمهورية محبة اللبنانيين في مختلف المدن الكندية وثقتهم بقيادته السفينة اللبنانية إلى شاطئ الأمان لا سيما في المواضيع التي شهدها لبنان مؤخراً.
وقال: «إن الطريقة الفائقة الحكمة التي أدار بها الرئيس عون أزمة الحكومة، ومن ثم عودة الرئيس سعد الحريري عن استقالته، تركت ارتياحاً كبيراً لدى اللبنانيين في كندا خصوصاً وفي لبنان عموماً». ونوّه العلامة عباس بالخطوة التي اتخذت في عهد الرئيس عون لجهة تسجيل اللبنانيين في الانتشار للمشاركة في الانتخابات النيابية، لافتاً إلى ان لهذه الخطوة انعكاسات إيجابية على صعيد التواصل الدائم بين لبنان المقيم ولبنان المنتشر».
وفي قصر بعبدا سفيرة لبنان المعيّنة في اليونان السفيرة دونا بركات الترك قبيل تسلمها مهامها الدبلوماسية الجديدة، وزوّدها عون بتوجيهاته متمنياً لها التوفيق.
إلى ذلك، يُقام في الخامسة والنصف مساء اليوم احتفال في قصر بعبدا يضيء خلاله رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وعقيلته السيدة ناديا عون شجرة الميلاد بمشاركة عائلة الرئيس وموظفي قصر الرئاسة ولواء الحرس الجمهوري. وتلي إضاءة الشجرة أمسية ميلادية تحييها جوقة أطفال تابعة للمدرسة الموسيقة الأنطونية في الجامعة الأنطونية.