هنيّة يدعو إلى النفير ويقول نحن أمام انتفاضة جديدة بوجه الاحتلال.. مسيرات في مدن فلسطينية.. وبيت لحم أعلنت الحداد وقرعت أجراسُ كنائسها
تواصلت أمس، الأصوات العربية والدولية، المندّدة بقرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس المحتلة.
وفي هذا السياق، يعقد مجلس الأمن الدولي اجتماعاً طارئاً اليوم الجمعة، حول اعتراف الرئيس الأميركي بالقدس عاصمةً للكيان الصهيوني.
وطلبت ثماني دول عقد الجلسة الطارئة وهي إيطاليا والسنغال والسويد وبريطانيا والأوروغواي وبوليفيا ومصر وفرنسا، وفق ما نُقل عن مصدر دبلوماسيّ.
إلى ذلك، أعلن رئيس الوزراء الفلسطيني، رامي الحمدالله، أمس، رداً على قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن القدس، أن القدس عاصمة فلسطين، والقرار لا يغيّر هويتها.
وقال الحمد الله خلال مؤتمر صحافي له في غزة: «القدس عاصمة دولة فلسطين وهي أكبر وأعرق من أن يغيّر إجراء أو قرار هويتها العربية»، واصفاً خطوات ترامب بشأن القدس بأنها «إجراءات مستنكرة ومرفوضة ومستفزة».
وأشار رئيس الحكومة الفلسطينية إلى أن هذه الإجراءات هي تقويض لكل الجهود المبذولة لإحياء عملية السلام، وتأجيج للصراع، بل وإنهاء للدور الذي كانت الولايات المتحدة تلعبه كراعٍ لعملية السلام.
وشدّد الحمدالله على «أن الوحدة الوطنية هي صمام الأمان في هذه المرحلة التاريخية الفارقة التي تمرّ بها قضيتنا الوطنية، والإجراءات التي عبّر عنها خطاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمس».
وفي السياق، قال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية إن قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب الجائر يتزامن مع الذكرى السنوية لانتفاضة الحجارة التي انطلقت في ظل ظروف صعبة ومعقدة شبيهة بهذه الظروف.
وأشار هنيّة في كلمة له ردّاً على قرار ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني إلى أن «نحن أمام منعطف تاريخي بعد قرار الادارة الأميركية الأخرق والظالم»، مضيفاً أن «ما من انتفاضة في العصر الحالي انطلقت إلا وارتبطت بالقدس».
ولفت هنية إلى أن «لا وجود للكيان الصهيوني، لكي يكون له عاصمة ولا اعتراف بشرعية الاحتلال على أرض فلسطين»، مؤكداً أن القدس موحّدة لا شرقية ولا غربية، بل هي فلسطينية عربية إسلامية وعاصمة دولة فلسطين».
كما اعتبر هنية في كلمته أن عملية ما يُسمّى بالسلام قُبِرت مرة واحدة وإلى الأبد ولا يوجد شيء اسمه صفقة قرن ولا غير ذلك، موضحاً أن الجميع مطالب باتخاذ قرارات ورسم سياسات ووضع استراتيجية لمواجهة المؤامرات الجديدة على القدس وفلسطين.
وأكّد هنية على ضرورة عقد اجتماع فلسطيني جامع وعاجل لدراسة الوضع الراهن والاتفاق على السياسة الفلسطينية المقبلة، مشدّداً على أن السياسية «الإسرائيلية» المدعومة أميركياً لا يمكن مواجهتها إلا بإطلاق شرارة انتفاضة متجدّدة ضد الاحتلال.
وتابع قائلاً «سنعمل على إطلاق انتفاضة بوجه الاحتلال تعبيراً عن حق الشعب الأزلي بالقدس وبكل فلسطين».
كما دعا هنية إلى وقف التنسيق الأمني مع العدو، مطالباً بتمكين المقاومة في الضفة الغربية للردّ على هذا العدوان.
وأشار إلى أنه واهم مَن يعتقد أن الشعب الفلسطيني يمكن أن يسلّم أو يستسلم أمام هذا القرار، بل هو الذي سيفرض المعادلات اليوم، مضيفاً أن القرار الأميركي إعلان حرب على الشمل الفلسطيني في أقدس مقدساته الإسلامية والمسيحية.
كذلك اعتبر هنية أن الإدارة الأميركية أغراها الحديث عن التطبيع مع الكيان الصهيوني والاتصالات من فوق الطاولة وتحتها فاتخذت هذا القرار.
وسأل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إذا لم يكن الاعتداء على القدس واتخاذ قرار بأنها يهودية يستدعي عقد قمة عربية فمتى يمكن أن تنعقد إذاً؟، معلناً أن الحركة أعطت التعليمات لكل عناصر حماس بإعلان نفير داخلي والاستعداد لمتطلبات المرحلة القادمة لأنها فاصلة.
هنيّة أوضح أن صراع حماس هو فقط مع الاحتلال، والقوة التي بنتها قوى المقاومة ستكون عاملاً رافعاً للشعب الفلسطيني ولنصره، وأضاف «ليكن يوم غد بداية انتفاضة بوجه الاحتلال وحماس واثقة من النصر والعودة ومن تحرير القدس والأرض، كما يكون يوم غد يوم غضب وبداية تحرّك واسع لانتفاضة».
بدء الانتفاضة
وكانت التظاهرات قد عمّت القدس المحتلة، خاصة عند درجات باب العمود احتجاجاً على قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
وقال مصدر في رام الله إن قوات الاحتلال اعتدت على مسيرة سلمية ضد ترامب في مدينة الخليل وهاجمت المواطنين بقنابل الغاز، وشارك آلاف الفلسطينيين بتظاهرة في مدينة جنين، وسط هتافات «على القدس رايحين شهداء بالملايين».
وأفادت المصادر بالضفة الغربية بإصابة طفل مقدسي برصاصة مطاطية في الرأس خلال تصدّي الشبان للاحتلال في مخيم شعفاط شمال القدس.
بالتوازي، اعتدت قوات الاحتلال على المتظاهرين الفلسطينيين في مواقع مختلفة من بيت لحم. وفي السياق، تحدّثت المصادر عن إغلاق قوات الاحتلال الصهيوني الطرق كافة في بيت إيل ورام الله.
وفي قطاع غزة، سُجلّت إصابتان بالرصاص الحيّ في صفوف المتظاهرين ضد قرار ترامب، بالإضافة إلى إصابات عدة بالغاز المسيل للدموع.
وفي السياق، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية عن إصابة مواطن بجراح خطيرة جرّاء إصابته بعيار ناري في البطن من قبل الاحتلال شرق خان يونس.
واستباقاً لتحرّك الشارع الفلسطيني، قررّ جيش الاحتلال فجر أمس، تعزيز تواجده وانتشار قواته في مختلف أنحاء الضفة الغربية لمواجهة الفلسطينيين خلال الأيام المقبلة.
يأتي ذلك، وسط إضراب عام لفّ المحافظات والمدن الفلسطينية في إطار الاحتجاجات على قرار ترامب، حيث عمّ الإضراب التجاري والتعليمي مدينة القدس.
بدورها أعلنت كنيسة المهد للروم الأرثوذكس في بيت لحم أن اليوم يومُ حداد عام على القرار الجائر، حيث ستقرع أجراس الكنيسة حداداً وتنديداً.
وانتشرت قوات الاحتلال في محيط البلدة القديمة، وقامت خلال ذلك باعتقال أحد الشبان أثناء سيره في منطقة باب الساهرة.
واعتقلت قوات الاحتلال فجر أمس، أياد بشير أمين سر حركة فتح في جبل المكبر، والأسير السابق رائد السلحوت بعد اقتحام منزليهما في قرية جبل المكبر جنوب القدس.
وتحدّث موقع روترنت الصهيوني عن إطلاق قوات الاحتلال النار بعد اقتراب متظاهرين فلسطينيين من السياج الفاصل مع غزة، وسط أنباء عن إصابات.
ردود الفعل
وكانت ردود الفعل الدولية قد توالت، وقالت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغريني إن قرار ترامب قد يُعيد الأوضاع إلى أزمنة قاتمة تمّ تخطيها، مؤكدةً مواصلة دعم إعادة إطلاق المفاوضات بين «الإسرائيليين» والفلسطينيين.
وفي روسيا قال مصدر في الخارجية إن موسكو تعتبر القدس الغربية عاصمة لـ «إسرائيل» والقدس الشرقية عاصمة لفلسطين.
بدوره، اعتبر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في مؤتمر صحافي في ختام زيارته إلى الجزائر أن قرار ترامب نقل السفارة الأميركية إلى القدس أُحادي الجانب وسيعقّد مساعي السلام و «حل الدولتين».
وزير الخارجية البريطاني من جهته قال: إنّ اعتراف أميركا بالقدس عاصمة لـ «إسرائيل» ليس مفيداً، ونحن ملتزمون تماماً بخطتنا. في حين قال المتحدث باسم الخارجية الألمانية إن خطوة واشنطن بنقل سفارتها إلى القدس غير بنّاءة وتزعزع استقرار المنطقة.
وكان الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو رفض على نحو قاطع قرار ترامب، واصفاً إياه بالقرار التعسفي الذي يهدف إلى تعزيز الوجود غير الشرعي للكيان الصهيوني في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وفي إيران قال المتحدث الأعلى باسم القوات المسلحة العميد مسعود جزائري إن المحتلين الصهاينة لن ينعموا بالاستقرار أبداً وليس أمامهم أي خيار سوى ترك الأراضي الفلسطينية أو الدمار.
بدوره، قال رئيس لجنة الأمن والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني علاء الدين بروجردي إن نقل السفارة الأميركية إلى القدس سيزيد من جدية خط المقاومة في مواصلة سياساته.
السعودية أعربت عن «استنكارها وأسفها للقرار الأميركي بشأن القدس عبر بيانٍ صادرٍ عن الديوان الملكي السعودي، أكد أن قرار ترامب «يمثّل انحيازاً كبيراً ضد حقوق الشعب الفلسطيني»، وأمل البيان أنْ تتراجع الإدارة الأميركية عن قرارها وأن تنحاز للإرادة الدولية، معتبراً «القرار الأميركي خطوة غير مبررة وغير مسؤولة».
وفي سورية اعتبر نائب وزير الخارجية فيصل المقداد أن تواطؤ دول الخليج مع الكيان الصهيوني على القضية الفلسطينية ومحاولات إضعاف سورية ساهم وشجّع الإدارة الأميركية على اتخاذ قرارها بشأن القدس.
وفي العراق أكدت رئاسة الوزراء موقف الحكومة برفض القرار الأميركي محذّرة من التداعيات الخطيرة لهذا القرار على استقرار المنطقة والعالم، وما يمثله من إجحاف بحقوق الفلسطينيين والعالم العربي والإسلامي والأديان الأخرى.
ودان المرجع الديني السيد علي السيستاني قرار ترامب، قائلاً إن قرار الاعتراف يؤذي مشاعر مئات الملايين من العرب والمسلمين، في وقت اعتبر فيه رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي القرار الأميركي إعلانَ حرب على العالمين، العربي والإسلامي، وتجاوزاً لحقوق الشعب الفلسطيني.
ودعا زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر جميع الفصائل إلى اجتماع طارئ حول القدس، مضيفاً أن على السعودية إنهاء الحرب في سورية واليمن والبحرين وتوجيه التحالف الإسلامي السعودي ضد اليمن إلى القدس فوراً».
كما استدعت الخارجية العراقية السفير الأميركي لتسليمه مذكرة احتجاج على قرار ترامب بشأن القدس.
وفي البحرين، قالت جمعية الوفاق الوطني إن قرار الإدارة الأميركية هو إعلان حرب ضد العرب وضد المسلمين والمسيحيين جميعاً.
وأكدت «الوفاق» أن هذا القرار استفزاز لمشاعر مئات الملايين من المسلمين ومحاولة لفرض سياسة عنصرية ترتكز على الوصاية وخلق الفوضى ويقدّم أكبر خدمة للإرهاب وتغييب الاستقرار في المنطقة.
وفي تونس، صادق نواب الشعب على لائحة أعدّها المجلس ضد قرار الرئيس الأميركي بأغلبية 121 صوتاً مع احتفاظ 2 ورفض 2.