نصرالله: تظاهرة الإثنين لنقول إنّ القدس عاصمة أبدية لفلسطين… ماذا عن الحكومات؟ بري لإجماع نيابي وسفارة بسفارة الحريري يضيء السراي بالقدس قانصو للمقاومة

كتب المحرّر السياسي

لم يأتِ اليوم الأوّل على قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بتشريع احتلال القدس الشرقية وضمّها لـ»إسرائيل» كعاصمة لها، بالأخبار السارة لواشنطن وتل أبيب، فكلّ ردود الأفعال الدولية جعلت إلغاء القرار ممراً إلزامياً لاستئناف العملية السياسية تحت عنوان السعي للسلام في المنطقة. وقد عبّرت التحذيرات الأوروبية والروسية عن مخاوف من أن يكون القرار نهاية العملية التفاوضية ومدخلاً لتصعيد وانفجار أعمال العنف، بصورة تهدّد بالخروج عن السيطرة، خصوصاً مع الأنباء التي حملها اليوم الفلسطيني الأوّل من انفجار لانتفاضة شعبية بدأت بوادرها في المدن والبلدات الفلسطينية، وشهدت القدس أبرزها، بينما بدأت عناصر التوتر العسكري على جبهات غزة تنذر بالتصعيد.

خيار المواجهة المفتوحة الذي شكّل قرار قوى المقاومة، باعتبار القرار الأميركي نهاية مرحلة وبداية مرحلة، يجب دخولها بتأنٍّ ودون حرق الأوراق دفعة واحدة، عبّر عنه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، الذي تجمع قوى المقاومة على تفويضه دفة القيادة، كما قالت مصادر فلسطينية في المقاومة، لـ»البناء»، فالمواجهة يمكن أن تصل بـ «إسرائيل» للخروج إلى حرب ستكون المقاومة مَن يخوض غمارها، ما يمنحها الموقع الحاسم في رسم خطط المواجهة، والتدرّج في خطوات التصعيد، ومع البعد الشعبي الذي سيكون عنوان المرحلة الأولى الذي يشكّل عنوانه، تأكيد أنّ القدس عاصمة أبدية لفلسطين، ومطالبة الحكومات باعتماد هذا العنوان بقرارات مؤسسية، دعا السيد نصر الله لتظاهرة حاشدة يوم الإثنين تحت هذا الشعار، داعياً الحكومات لحسم مواقفها، فيما ركّز السيد نصر الله على شرح مخاطر القرار على القدس ومستقبل المسجد الأقصى وكنيسة القيامة، أكد على سقوط خيار التفاوض طالما أنّ الأهمّ قد سقط وهو القدس، معتبراً الصفعة الأميركية لدعاة التفاوض إهانة لكلّ العرب والمسلمين والمسيحيين الذين يعتبرون أنهم أصدقاء وحلفاء أميركا، وأنّ هذه الصفعة تنبئ بالأخطر، فمن يستخفّ بالأقدس لديك فلن يقيم اعتباراً لما هو دونه مكانة وقداسة.

فيما سيكرّس رئيس مجلس النواب نبيه بري جلسة خاصة للمجلس النيابي اليوم لإدانة القرار الأميركي بإجماع نيابي، والاتجاه لاستصدار قانون يعتمد القدس عاصمة لفلسطين، تسبقهما كلمة للرئيس بري يعيد فيها الدعوة لمعادلة عربية إسلامية سبق ودعا إليها في مؤتمرات برلمانية عربية وإسلامية عنوانها سفارة بسفارة، بربط صدور قرار أميركي بنقل السفارة إلى القدس بقرارات موازية بإغلاق السفارات الأميركية، بينما غرّد رئيس الحكومة سعد الحريري مستنكراً القرار الأميركي، وقرّر مساء إضاءة السراي الحكومي بصورة للقدس والمسجد الأقصى وكنيسة القيامة بما بدا رداً على إضاءة «إسرائيلية» لجدار القدس أول أمس بالعلمين الأميركي و»الإسرائيلي».

وحدة الموقف اللبناني بسقف جامع كانت موضوع تداول بين عدد من قادة الكتل النيابية لدراسة الدعوة لتجمع شعبي موحّد في ساحتي الشهداء ورياض الصلح الأسبوع المقبل يتحدّث معه عبر الشاشات الرؤساء الثلاثة والأمين العام لحزب الله وعدد من القيادات الروحية والسياسية، في رسالة للعالمين العربي والإسلامي، وفي قلبه فلسطين حول الشكل الواجب للمواجهة، وفي رسالة للخارج كله، خصوصاً للغرب بأنّ القرار وحّد اللبنانيين ومثلهم سيوحّد العرب والمسلمين، في رفضه ويجب إدراك حجم الاستفزاز الذي يحمله هذا القرار.

عضو المجلس الأعلى في الحزب السوري القومي الاجتماعي الوزير علي قانصو دعا بعد لقائه بالرئيس بري لمواجهة مخاطر القرار الأميركي بالتمسك بخيار المقاومة.

نصر الله: للتظاهر الإثنين دفاعاً عن القدس

كقائدٍ معني وأساسي في الصراع العربي «الاسرائيلي»، ولما تمثله بيروت كعاصمة للمقاومة وحاضنة للقضية الفلسطينية، أطلّ الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله مخاطباً العالمين العربي والإسلامي أنظمة وحكاماً وحكومات وشعوباً متجاوزاً جميع الخلافات للانضواء تحت العنوان الأساس الدفاع عن القدس كرمز إسلامي ومسيحي وعربي، حيث تصبح كل الحقوق العربية مباحة للكيان الصهيوني، إذا ما تم السكوت عن القرار الأميركي الخطير.

وأكد السيد نصر الله في كلمة متلفزة مساء أمس، أن «الموقف الأميركي في السابق كان يشكل حاجزاً أو مانعاً دون الاندفاعة «الإسرائيلية» لتنفيذ كافة البرنامج «الاسرائيلي» لتهويد القدس، لافتاً الى انه بعد هذا القرار الأميركي قد نشهد ظاهرة استيطان كبيرة وستتّسع القدس أكثر نحو الضفة الغربية تحت مشروع «القدس الكبرى».

ودعا السيد نصر الله الى استخدام أقصى وسائل التضامن والتكاتف كلٌ حسب إمكاناته، وطالب الجميع بتحويل التحدي فرصة والعودة كعرب ومسلمين الى فلسطين كبوصلة لما تمثله من قضية ذات وزنٍ وقيمة وأهمية.

وأكد سيد المقاومة أن المسجد الأقصى والمقدسات الإسلامية والمسيحية باتت في خطر شديد بعد هذا القرار، واعتبر أن القدس هي محور وجوهر القضية الفلسطينية، موضحاً أنه عندما يتم إخراج القدس منها لا يبقى للقضية شيء. سائلاً ماذا سيكون مصير الضفة الغربية والجولان ومزارع شبعا عندما تتجرأ أميركا على ما هو أعز عند الفلسطينيين والعرب والمسلمين؟

ورأى السيد نصر الله أنه يجب أن يصدر إعلان فلسطيني وعربي يؤكد بأن ترامب أنهى «عملية السلام» وقضى عليها، وأنه يجب إبلاغه برفض العودة إلى المفاوضات قبل تراجعه عن قراره، مشدّداً على ضرورة صدور قرار ملزم للدول العربية والإسلامية يعتبر القدس عاصمة أبدية لفلسطين وغير قابلة للتفاوض.

ومن الواضح أن رسائل الأمين العام لحزب الله جاءت في سياق متكامل لإعلان المواجهة التي ستتدحرج ككرة ثلج بعد أن تنازلت الولايات المتحدة عن «دورها الوسطي» على مدى الصراع العربي «الاسرائيلي»، وبالتالي خسرت موقعها الذي كانت تدعيه ولم تمارسه، ولأجل عيون «إسرائيل» لم تُبقِ الولايات المتحدة كرامة لأي من حلفائها. وتجنّب السيد نصر الله فتح مضبطة اتهام للمتواطئين مع قرار الرئيس الأميركي على أن تتكشف منظومة المتواطئين في الأيام المقبلة.

ودعا السيد نصر الله إلى تظاهرة شعبية كبرى يوم الإثنين المقبل في الضاحية الجنوبية للاحتجاج على هذا القرار الأميركي الظالم وللتضامن مع الشعب الفلسطيني تحت عنوان «الدفاع عن القدس والتنديد بالعنجهية الأميركية»، مؤكداً أن ما قام به ترامب هو تهديد كبير يستطيع الفلسطينيون والعرب والمسلمون أن يحوّلوه إلى أعظم فرصة.

قانصو: محطة على طريق تصفية المسألة الفلسطينية

ودان الوزير علي قانصو «قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بخصوص الاعتراف بالقدس عاصمة للدولة العبرية، ونعتبر هذا القرار عدواناً جديداً على شعبنا الفلسطيني، ومحطة على طريق تصفية المسألة الفلسطينية». ولفت قانصو بعد لقائه رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة إلى أن «شعبنا سيواجه هذا القرار لإسقاطه، لتبقى القدس عاصمة أبدية للدولة الفلسطينية. ولنا ملء الثقة بأن شعبنا الفلسطيني سيحوّل هذا القرار المشؤوم فرصة يعيد فيها إنتاج وحدته الوطنية، ويجدّد تمسكه بالمقاومة والانتفاضة خياراً لاستعادة حقوقه في كل فلسطين. وإننا ندعو كل القوى الحية في الأمة وفي العالم العربي والعالم إلى وقفات غضب انتصاراً لفلسطين وللقدس عاصمة لفلسطين وتنديداً بالقرار الأميركي». وعرض مع سفير ساحل العاج في لبنان جيلبيردوه دجانهوندي العلاقات الثنائية بين البلدين. والتقى الوزير السابق فريد هيكل الخازن وعرض معه الأوضاع».

.. والمجلس النيابي يرفض بالإجماع اليوم

قرار الرئيس الاميركي والتداعيات المرتقبة طغت على المشهد الداخلي في غياب أي حركة سياسية باستثناء مشاركة لبنان في مؤتمر مجموعة الدعم الدولي للبنان الذي سيُعقد اليوم في باريس، حيث يمثل لبنان رئيس الحكومة سعد الحريري يرافقه وزير الخارجية جبران باسيل.

ويعقد المجلس النيابي اليوم، جلسة استثنائية دعا اليها الرئيس بري للرد على قرار ترامب، وأشارت مصادر نيابية مطلعة لـ «البناء» الى أنه «من الطبيعي أن يدعو الرئيس بري الى جلسة وهو الذي طالما نادى بتصويب البوصلة باتجاه القضية الفلسطينية، فضلاً عن أن لبنان المعني الأساس بما يجري في الأراضي المحتلة لارتباطه الجغرافي والسياسي والاجتماعي بالقضية، وهو الذي دفع الأثمان منذ إنشاء دولة «اسرائيل» من حروب وتهجير اللاجئين وهو الذي احتضن القضية ولا يزال رأس حربة في مقاومة المشروع الصهيوني في المنطقة».

ولفتت المصادر الى أن «الجلسة ستبدأ بكلمة للرئيس بري، علماً أن الأخير رفع السقف في وجه الولايات المتحدة ودعا في مؤتمر البرلمانات الإسلامية الى قطع العلاقات مع الولايات المتحدة وسحب السفراء من واشنطن»، وستتخلل الجلسة كلمات لرؤساء الكتل النيابية على أن تختتم بتوصية جامعة على رفض القرار الأميركي وتأكيد أن القدس عاصمة لدولة فلسطين ودعوة البرلمانات العربية الى رفض القرار واتخاذ الإجراءات لوقف تنفيذه، كما سيؤكد المجلس الحقوق الفلسطينية ورفض التوطين في لبنان وحق العودة».

وحذرت المصادر من مخاطر القرار على لبنان والمنطقة لا سيما أنّه يعبر عن توجه الادارة الاميركية للسياسات المعتمدة في قضايا المنطقة والانحياز الكامل للعدو «الاسرائيلي»، ولكل ما يتعلق بالصراع العربي «الاسرائيلي».

التعديل الوزاري خارج النقاش

على صعيد الملفات الداخلية، من المتوقع أن تعود البلاد الى طبيعتها على صعيد تفعيل عمل المؤسسات وإنجاز الملفات الحياتية والاقتصادية مطلع الاسبوع المقبل، وأكدت أوساط نيابية لـ «البناء» أن «التعديل الوزاري بات خارج النقاش وهو لم يعرض رسمياً على الرئيس بري»، مشيرة الى أن «لا جدوى من هذا الأمر قبيل أشهر من موعد الانتخابات النيابية».

وعن التحالفات التي أفرزتها أزمة اقالة الحريري لفتت الأوساط الى أن «التحالفات الاستراتيجية تختلف عن التحالفات النيابية التي ستخضع لمصلحة كل فريق بحسب طبيعة كل دائرة انتخابية وفي ضوء قانون الانتخاب الجديد»، لكنها أكدت أن «تحالفاً استراتيجياً على المستوى الوطني تشكل عقب أزمة الحريري يمكن البناء عليه في اطار أشمل وأوسع».

انتخابات بلا «بيومترية»

وأكدت الأوساط أن «الانتخابات النيابية ستجرى في موعدها ولم يعُد هناك مجال لتقريب موعدها، كما أنها ستجرى وفقاً للآليات التقليدية ولا يتسع الوقت لاعتماد البطاقة الممغنطة والبيومترية».

«إسرائيل» سبقت لبنان إلى الأسواق الأوروبية

وفي الملف النفطي، كشفت الأوساط أن «الحكومة باتجاه اتخاذ قرار طرح بلوكات النفط على التلزيم للبدء بالتنقيب عن النفط»، مشيرة الى أن «ثلاث شركات مرشحة للتلزيم فرنسية وإيطالية وروسية، كاشفة أن هذه الشركات الثلاث ستتقاسم التلزيم». ودعت الاوساط للإسراع في التنقيب عن النفط واستخراجه، محذرة من أن «»اسرائيل» سبقت لبنان وعقدت اتفاقاً مع قبرص واليونان وايطاليا لمدّ خط غاز في البحر المتوسط لنقل الغاز الى أوروبا، الأمر الذي يجعل «اسرائيل» المنافس النفطي الأول للبنان بعد أن غزت الأسواق الأوروبية».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى