حمزة: العلم والمعرفة موقف لكن الحدث السياسي يفرض نفسه… وسنحرّر القدس كما حرّرنا بيروت حمية: البحث العلمي أساس نهوض المجتمع والحكومات مطالبة بصياغة استراتيجية وطنية تحدّد الأولويات

عبير حمدان

تحت عنوان «القدس عاصمة فلسطين»، افتتحت أمس، في فندق كراون بلازا بيروت، أعمال الدورة الـ 29 للمؤتمر الدولي لعلم الالكترونيات الدقيقة، والذي تنظمه جامعة الآداب والعلوم والتكنولوجيا في لبنان AUL بالتعاون مع جامعتي بوليتكنيك مونتريال EPN وواترلو كندا. وذلك برعاية وزير التربية والتعليم العالي في لبنان، ودعم وتقدير للأعمال العلمية والأكاديمية من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون.

الدورة التاسعة والعشرون للمؤتمر والتي تُعقد لأول مرة في لبنان ولمدة ثلاثة أيام، بعد أن كانت تُعقد على مدى السنوات الثماني والعشرين الماضية في جنوب وغرب أوروبا وآسيا وشمال أفريقيا، حضرها وزير التربية والتعليم العالي ممثلاً بالدكتور العميد محسن جابر، رئيس مركز الأبحاث الكندي الدكتور محمد صوان، المدير الإقليمي للوكالة الجامعية الفرنكوفونية في الشرق الأوسط هيرفي صابوران، أمين عام اتحاد الجامعات العربية الدكتور سلطان أبو عرابي، رئيس مجلس أمناء الجامعة الدكتور مصطفى حمزة، رئيس جامعة AUL في لبنان الدكتور عدنان حمزة، نائب رئيس الجامعة للشؤون الخارجية الدكتور زياد بكداش، عميد كلية الهندسة في الجامعة الدكتور علي حمية، ورؤساء الجامعات وعمداء الكليات وحشد من الشخصيات السياسية والأمنية والاقتصادية والعلمية والاجتماعية والإعلامية.

يشتمل برنامج المؤتمر أعمالاً بحثية لأكثر من 500 باحث وباحثة من نخبة العلماء الأكاديميين من المجتمعات الهندسية لأكثر من 23 دولة يناقشون خلاله الموضوعات العلمية الحساسة والمهمة غير المقتصرة على الدوائر والنظم وأدوات CAD أهمّها إلكترونيات مايكرونانو الحدث العلمي العالمي حالياً، بالإضافة الى موضوعات الواقع الافتراضي والأجهزة الطبية المتجدّدة، والتي سيتمّ نشر جميع تلك البحوث العلمية المقبولة خلال المؤتمر في IEEE Xplore .

استهلّ حفل الافتتاح بالنشيد الوطني وكلمة ترحيب وشرح عن أعمال المؤتمر من عريفة الحفل علا جيزاوي.

صوان

وألقى الدكتور محمد صوان كلمة أكد فيها أهمية المؤتمر وانعقاده في بيروت وأهمية الاستمرار في عملية البحث العلمي كهدف محوري وأساسي، كما استعرض ما توصلت اليه الدراسات والبحوث عن الطاقة المتجدّدة والأنظمة الالكترونية الدقيقة الحديثة كأساس في بنية العديد من الأنظمة الذكية التي تشكل الآن عصب حياة مجتمعنا الحديث وحضارتنا التي من أبرزها دمج رقاقات إلكترونية مختلفة لصنع أجهزة طبية متجدّدة تزرع في جسم الإنسان لمعالجته من بعض الأمراض، كذلك أنظمة المايكرو نانو المتطوّرة واكتشافات إلكترونية دقيقة أخرى تشكل أساس معظم الأجهزة التي نستخدمها في الهواتف والحواسيب الذكية عبر تقنية هندسة الاتصالات البصرية.

صابوران

من جهته، أشار الدكتور هيرفي صابوران في كلمته إلى تبني الوكالة كافة أعمال هذا المؤتمر وتشجيعها المطلق له في دورته الـ 29 لما يمثله من أرض خصبة للتفاعل ولتبادل الخبرات بين الباحثين والخبراء في مضمار العلوم الحديثة والمتطوّرة التي هي ذات أهمية كبرى في عصرنا الحالي، مضيفاً: «إنّ هذا التشجيع والمشاركة لهو صلب أهداف الوكالة في دعمها مؤسسات التعليم العالي الأعضاء فيها، ومنها جامعة AUL التي نقدم لها التحية لتنظيمها الدورة 29 للمؤتمر ودعمها حركة البحث العلمي في كافة أشكاله».

حمية

أما الدكتور علي حمية، فشدّد في كلمته على أهمية المؤتمر وأهدافه المؤتمر إلى جانب العديد من المؤتمرات العلمية المهمة الأخرى التي نظّمتها الجامعة هذا العام والتي تأتي ضمن السياسة التي تبنّاها مجلس أمناء الجامعة لتشجيع البحث العلمي والباحثين داخل الجامعة وخارجها، مؤكداً أنّ جامعة AUL تعتبر البحث العلمي جزءاً أساسياً في خلق فرص العمل والاحتفاظ بها، مؤكداً حرص الجامعة في رسالتها على توفير التعليم المتركز حول إثراء تجربة الطلبة من خلال توفير برامج تعليمية متطوّرة تلبّي احتياجات سوق العمل، وتتكيّف مع إمكانات الراغبين بالتعلم، حيث إنّ جميع البرامج التعليمية في الجامعة متوفرة إلى جميع الطلاب حول الأراضي اللبنانية، وذلك بهدف إعداد متخرّجين يتمتعون بالمهارات النظرية والتطبيقية التي تخلق قيماً اقتصادية واجتماعية ذات قيمة. وختم بالقول: «إنه الآن باستطاعتنا القول إنّ الركائز الأساسية تمّت ترجمتها على الأرض، وما نحن بحاجة اليه الآن هو أن تقوم الحكومات بتأدية دورها من خلال صياغة سياسة استراتيجية وطنية لتحديد أولوياتها على مستوى البحوث العلمية والتعليم، وذلك لمساعدة مؤسسات التعليم لخلق فرص عمل لمتخرّجيها».

أبو عرابي

بعد ذلك تحدّث أمين عام اتحاد الجامعات العربية الدكتور سلطان أبو عرابي فهنأ القيّمين على أعمال المؤتمر لاختيارهم مواضيع وأعمالاً علمية حساسة تفيد تقدم وتطوير مجتمعاتنا العربية، مشيراً «إلى إيقاع العصر الحديث الذي يحتّم على الجامعات العربية إيجاد وسائل تعليمية حديثة بعيدة عن عملية التلقين تواكب استخدام تقنيات التعليم المتطوّرة في عمليات التدريس والتركيز على الأعمال البحثية وتقنياتها»، مشيراً «إلى نشأة الاتحاد عام 1964، حيث كان أول اجتماع لرؤساء الجامعات العربية في جامعة الاسكندرية عام 1969، وكان عدد الجامعات في ذلك الوقت 23 جامعة»، قائلاً «اليوم الاتحاد يضم 350 جامعة من 22 بلداً عربياً ولدينا 15 مليون طالب وطالبة على مقاعد الدراسة ولدينا 200 ألف عضو للتدريس في جامعاتنا، ولكن رغم هذا الزخم أمامنا الكثير من التحدّيات». وتوجّه بالشكر الى «الجامعة المضيفة وكل المعنيين في بيروت على أهمية هذه التظاهرة العلمية».

حمزة

من جهته، حيّا رئيس جامعة AUL الدكتور عدنان حمزة الحضور، مثمّناً مشاركة الباحثين العلمية البناءة والتي تساهم في خدمة المجتمعات، وفي الكلمة التي ألقاها خلال المؤتمر، باللغة الانكليزية ركّز على قضية القدس وفلسطين، فتوجّه إلى المشاركين من مختلف دول العالم، بكلمات مؤثرة، وهو يرفع بيده علم فلسطين: معلناً انطلاق أعمال الدورة الـ29 للمؤتمر الدولي للألكترونيات الدقيقة تحت عنوان «القدس عاصمة فلسطين».

جابر

وألقى الدكتور محسن جابر كلمة راعي المؤتمر، فنوّه بنشاط جامعة AUL المميّز وبسلسلة المؤتمرات واللقاءات العلمية التي نظّمتها وتتناول القضايا والمواضيع الحياتية الهامة بمشاركة أكاديميين وباحثين ومفكرين من أرقى الجامعات لتبادل الآراء والخبرات العالمية، وذلك بفضل جهود رئيس الجامعة الصديق الدكتور عدنان حمزة.

ولفت إلى أنّ علوم الالكترونيات الدقيقة غيّرت نمط حياة البشر والعالم بأسره في بضع سنوات، وأنّ قفزات التطوّر المتسارعة تحتم علينا التنبّه وإيلاءها الاهتمام اللازم والسريع ورصد أهميتها بهدف الاطلاع والاستفادة من نتائجها في مؤسّساتنا الجامعية والمراكز البحثية لكي لا يكون لبنان في ظلّ هذه الثورة الالكترونية، وفي القرن الحالي عاجزاً عن مواكبة التحوّلات العالمية، ونأمل مع العهود المقبلة أن نصل الى صياغة جديدة لدور لبنان في هذه المرحلة… ومواكبة الثورة التكنولوجية والتنافس والصراع العلمي، متوجّهاً للجامعة المضيفة ومسؤوليها والباحثين المشاركين بكلّ الشكر والتقدير متمّنياً لهم التوصل في هذا المؤتمر الى خلاصات تساهم في تطوير التقنيات والاتصالات خدمة لأوطاننا وللبشرية كافة.

وبعد الكلمات سلّم حمزة درعاً تقديرية لممثل وزير التربية والتعليم العالي، ودرعاً أخرى لمؤسس المؤتمر الدكتور محمد المصري عربون وفاء على عطاءاته في خدمة العلم والبحث العلمي.

حمزة: العلم والمعرفة موقف

وكانت لـ «البناء» لقاءات على هامش حفل الافتتاح، حيث حضر الموقف السياسي المتصل بالحدث في كلمة الدكتور عدنان حمزة الذي تحدّث لـ «البناء» على هامش افتتاح المؤتمر، ومما قاله: «تتمثّل أهمية هذا المؤتمر بالمواضيع التي يبحثها والمرتبطة بالبحث العلمي، وأن يتمّ عقده في بيروت في دورته التاسعة والعشرين واستضافة حشد من الخبرات العلمية. وهو مبعث فخر لنا، والمؤتمرات العلمية تحثّ على المزيد من العطاء في هذا الإطار».

وفي الإطار السياسي قال حمزة: «الحدث السياسي فرض نفسه، وهذا أمر لا مجال للنقاش حوله، إذ إن قضايانا المحقة يجب أن تكون على أعلى قائمة أولوياتنا. وعلينا الإشارة إليها دوماً، القدس جزء منا والقدس تاريخنا. وهي أول عاصمة عربية احتُلت وبعدها بيروت وكما حرّرنا بيروت سنحرّر القدس. وأنا قلت في كلمتي إنّ القدس عاصمة فلسطين ولا شيء سوى فلسطين، فلسطين التي يجب أن تعود لأهلها وناسها دون قيد أو شرط … ونحن جزء من هذه الأرض ولو كنا نلتقي اليوم تحت عنوان تظاهرة علمية، هذا لا يمنع أن نقول كلمة حق، نحن أهل العلم والمعرفة ومن موقعنا نساهم ولو بموقف رافض لما يحاول الاحتلال فرضه بالقوة. هذه الأرض تستحق الحياة ومعظم الباحثين والعلماء من هذه البلاد، بلادنا لذا من البديهي أن نشير إلى القضية المركزية والحدث الأبرز الذي يعنينا جميعاً».

أبو عرابي: مواجهة التحديات

أما أبو عرابي فقال: تحدّثت في كلمتي عن نشأة الاتحاد عام 1964 وكان أول اجتماع لرؤساء الجامعات العربية في جامعة الاسكندرية عام 1969 وكان عدد الجامعات في ذلك الوقت 23 جامعة، اليوم الاتحاد يضمّ 350 جامعة من 22 قطراً عربياً ولدينا 15 مليون طالب وطالبة على مقاعد الدراسة ولدينا 200 ألف عضو للتدريس في جامعاتنا، ولكن رغم هذا الزخم أمامنا الكثير من التحديات، ولا زال لدينا 40 مليون شخص في العالم أميين، ولا داعي للدخول في التسميات للدول التي فيها الكثير من الأمية.

عالمنا العربي غني بالثروات، ولكن للأسف هذه الثروات لا يتمّ توظيفها بالشكل الصحيح، وهناك ضعف في البحث العلمي، الثروات يتمّ صرفها خارج هذا الإطار مما يدفع الباحثين إلى الاغتراب، وبالتالي هناك هجرة كبيرة للأدمغة.

هذا النوع من المؤتمرات يساهم في خلق نوع من تبادل الخبرات بين الباحثين ويعود بالنفع على المهتمّين في هذا الإطار، ومن هنا أتوجه بالشكر إلى الجامعة المضيفة وكلّ المعنيين في بيروت على أهمية هذه التظاهرة العلمية.

حمية: أهمية البحث العلمي

يؤكد الدكتور علي حمية على أهمية البحث العلمي وضرورة دعم الباحثين من الجهات الرسمية المعنية بالحفاظ على الكفاءات العلمية، وعن المؤتمر يقول: «هذا المؤتمر في دورته التاسعة والعشرين يشكّل أهمية كبيرة ضمن مسيرة طويلة لكلّ من يبحث في المجال العلمي. إنّ العلم الإلكتروني والتكنولوجي هما من أساسات حياتنا اليومية. ونحن نسير نحو زمن أصبحت فيه الآلة بديلاً عن اليد العاملة البشرية، لذلك المطلوب أن ندعم الباحثين في مجال العلم، ومن المؤسف أننا في لبنان نستورد الأفكار ونعمل عليها لسنوات من خلال مئات الأبحاث من دون أن نستفيد منها بشكل مباشر، وإذا كانت لدينا أفكار خلاّقة وباحثون متفوّقون في مجال العلوم نعمل على تصديرهم إلى الخارج وفي كلتا الحالتين الخاسر الوحيد هو مجتمعنا وناسنا».

ويضيف حمية في إطار متصل: «حيث نشير إلى المشروع البحثي علينا تعريفه بشكل واضح لمن لا يعرف أهميته، المشروع البحثي هو الطريق الصحيح كي نخدم المجتمع، وخدمة المجتمع تكون من خلال الجامعات بواسطة التدريس وتثقيف الطلاب وحثهم على البحث العلمي وحين يتمّ استيراد أفكار من الخارج لنعمل عليها لسنوات في جامعاتنا، لأجل حفنة من المال من دون أن نوظفها بما يخدم مجتمعنا تنتفي المنفعة العامة، وبالتالي المستفيد الوحيد هو الجهة المصدّرة».

وحول مَن يتحمّل مسؤولية غياب المنفعة الفعلية، يقول حمية: «أضعف الإيمان أن تقوم الدولة اللبنانية بدراسة جدوى حول أولوياتها في التعليم والتعلم والبحث العلمي وتوزعها على الجامعات والمراكز البحثية، وتقول للمجتمع العلمي في لبنان إنّ نهر الليطاني والتلوّث فيه هو أولوية، البترول أولوية، لذا عليكم تكثيف البحث في هذا المجال. مهمة الدولة تحديد الأولويات ودعم مراكز البحث العلمي لتحقيق النتائج التي تعود بالنفع على المجتمع».

وفي ما يتصل بأهمية مؤتمرات من هذا النوع يقول حمية: «هذه المؤتمرات تساهم في تبادل الخبرات وتوسّع الآفاق لدى المهتمّين كي يتعرّفوا إلى كلّ معلومة جديدة في هذا الإطار، علينا أن نهتمّ بالعلم والبحث العلمي وتوفير الطاقة للناس والحياة المريحة ونحثّهم على اكتساب المعرفة. وبالتالي نصل إلى نتيجة جيدة تؤسس للديموقراطية الفعلية وللنهوض بالمجتمع على قاعدة علمية ثابتة».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى