وصول كتيبة من الشرطة العسكرية الروسية إلى داغستان بعد انتهاء مهامها في سورية العراق طلب رسمياً دعوة ممثليه إلى حضور الجولة الثامنة من اجتماع أستانة
أكد المتحدّث الرسمي باسم الكرملين ديميتري بيسكوف «أن الوضع في سورية تغيّر جذرياً بشكل لا يحتاج لإبقاء قوة عسكرية كبيرة فيها».
واستبعد بيسكوف في تصريحات صحافية أمس، «احتمال هجوم مضاد لتنظيم داعش الإرهابي، مثلما حدث في تدمر قبل عام». وقال: «إنّ الوضع في سورية تغيّر جذرياً».
ورفض بيسكوف تأويل زيارة الرئيس فلاديمير بوتين إلى سورية ومصر وتركيا أمس، بأنها محاولة لـ»ملء الفراغ في المنطقة وتعزيز مواقع بلاده هناك»، موضحاً أنّ «الحديث هنا يدور عن جهود ثابتة وهادفة في إطار السياسة التي يبلورها الرئيس الروسي منذ زمن بعيد والتي تسعى لإنقاذ سورية وإعادة إعمارها ودعم السلطة الشرعية والبحث عن التسوية السياسية فيها إضافة إلى تطوير العلاقات الثنائية المتعددة الأطر مع تركيا وسورية ومصر».
وأضاف بيسكوف: «لا يمكن الحديث عن ملء الفراغ، فروسيا موجودة في المنطقة منذ زمن وهي تتطلّع لتحقيق مصالحها البراغماتية وتسعى إلى تعاون يقوم على أساس المنفعة والثقة المتبادلتين».
من جهته، أكد نائب وزير الخارجية الروسي أوليغ سيرومولوتوف «أنّ خطر التنظيمات الإرهابية في سورية لا يقتصر على تنظيم داعش فحسب، بل يتخطاه إلى العديد من التنظيمات الأخرى التي تتبنى إيديولوجيا متطرفة»، مشدداً على أنّ «التصدي للفكر الإرهابي يتم من خلال تضافر الجهود الدولية ونبذ المعايير المزدوجة».
وأشار سيرومولوتوف في تصريح أمس إلى أنّ «مهمة القضاء على باقي التنظيمات الإرهابية في سورية تطرح في المقام الأول حالياً بعد الانتهاء من القضاء على تنظيم داعش الإرهابي»، موضحاً أنّ «هناك العديد من التنظيمات الإرهابية التي تتبنى أفكار تنظيم القاعدة المتطرفة كتنظيم جبهة النصرة الإرهابي الذي رغم قيامه بتغيير تسميته أكثر من مرة إلا أنه يبقى مدرجاً على قائمة الإرهاب لمجلس الأمن الدولي».
وأكد سيرومولوتوف «أنّ الأمر الأكثر أهمية بعد القضاء على تنظيم داعش الإرهابي في سورية يتمثل في ضمان استمرار عمل المؤسسات وضمان الشرعية بجهود السوريين أنفسهم من دون أي تدخل تعسفي من الخارج».
وأوضح نائب وزير الخارجية الروسي «أن الخطر الأكبر الذي يواجهه العالم يتمثل في نشر إيديولوجيا الإرهاب في الفضاء الإعلامي عبر الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي التي تلعب الدور الأساسي فيها جهات في الغرب تسمح لنفسها بالتلاعب بالرأي العام العالمي من خلال وصف الإرهابيين بالمناضلين من أجل الحرية»، مؤكداً أنّ «روسيا على قناعة بأنه لا يمكن التصدي لانتشار أفكار الإرهاب والتطرف إلا من خلال تضافر جهود الدول والمجتمعات على أساس القانون الدولي والتعاون ونبذ المعايير المزدوجة».
وأشار سيرومولوتوف إلى أنّ «انتشار ظاهرة الإرهاب يعود إلى سياسة الدول الغربية وتدخلها في الشؤون الداخلية للدول»، مؤكداً أنّ «روسيا لن تسمح للإرهابيين الفارين من سورية بممارسة نشاطهم في بلدان أخرى بما فيها روسيا حيث سيواجه هؤلاء الإرهابيون مصيرين اثنين هما المثول أمام العدالة والمحاكمة أو القضاء عليهم».
وأعرب سيرومولوتوف عن أمل روسيا في «نجاح التعاون مع الولايات المتحدة في مجال مكافحة الإرهاب»، مشيراً إلى أنّ «هذا التعاون يقتصر على درء وقوع اصطدامات بين عسكريي الجانبين»، لافتاً في الوقت ذاته إلى أنّ «الولايات المتحدة قامت بأعمال مرفوضة سمحت بحماية الإرهابيين بمن فيهم إرهابيو داعش ودعمت نشاطهم الإرهابي».
إلى ذلك أكد رئيس لجنة السياسة الإعلامية والتعاون مع وسائل الإعلام عضو لجنة الدفاع والأمن في مجلس الاتحاد الروسي ألكسي بوشكوف «أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وجّه من خلال زيارته إلى قاعدة حميميم العسكرية رسالة إلى التنظيمات الإرهابية في سورية وعلى رأسها تنظيم جبهة النصرة تحذّرها من تلقى ضربة لم ترها من قبل إذا حاولت رفع رأسها مجدداً في سورية».
وقال بوشكوف أمس، إنّ «هذه الرسالة موجهة أيضاً لبقايا فلول داعش المتوارية في أماكن مختلفة سواء في أفغانستان أو في ليبيا أو حتى في العراق، كما أنها رسالة غير مباشرة لواشنطن كي تدرك أن روسيا مستمرّة في عملياتها ضدّ الإرهابيين وأيضاً للدول الإقليمية التي قد تدفعها شهيتها مجدداً لدعم التنظيمات الإرهابية».
وأضاف بوشكوف إنّ «روسيا بتخفيضها عديد قواتها في سورية تحتفظ بكل قدراتها هناك من أجل عدم السماح للتنظيمات الإرهابية بممارسة نشاطاتها الإرهابية في سورية، وذلك بالتعاون مع الجيش العربي السوري»، مشيراً إلى أنّ «التصريحات الأميركية حول بقاء قواتها في سورية تدل بشكل واضح للعيان على أن سياستها الخارجية تعاني من أزمة، وأنه ليس بإمكانها العمل في إطار الشرعية الدولية، لذلك قررت الاستمرار في خرق قواعد القانون الدولي».
وأكد بوشكوف «أنّ وجود القوات الأميركية على الأراضي السورية غير شرعي، كما هو معروف للعالم برمّته»، مشيراً إلى أنّ «ذريعة تفسير هذا الوجود بمحاربة تنظيم داعش الإرهابي ليس لها أي أسس لأن التنظيم انتهى في سورية، ما يجعل الولايات المتحدة في وضع مناقض للقانون الدولي».
ونوّه بوشكوف إلى أنّ «روسيا ستقوم من خلال نشاطها الدبلوماسي والسياسي والإعلامي بإلقاء الضوء باستمرار على النهج الخطير للولايات المتحدة وستطلب من بقية أعضاء المجتمع الدولي التأثير عليها لإعادتها قدر الإمكان إلى رشدها نحو المسار الصحيح»، مؤكداً أنّ «هذه المسائل تحل على أرض الواقع وأنّ الأميركيين مضطرون الآن للاعتراف بهزيمتهم، حيث لن يكون لوجودهم مستقبل في سورية بعد تحقيق الاستقرار هناك».
وحول قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب الاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة للكيان «الإسرائيلي» ونقل سفارة بلاده إليها، أوضح بوشكوف أن «تلك الخطوة تمثل نهجاً خطيراً جداً، حيث علينا أن ندرك أن القانون الدولي لن يوقف الولايات المتحدة عند حدّها من الآن فصاعداً ما يحولها إلى دولة مارقة، وهذا ما أكده أقرب حلفائها الذين أدانوا قرار ترامب».
من جهة أخرى، أعلنت وزارة الدفاع الروسية «وصول كتيبة من الشرطة العسكرية الروسية إلى داغستان بعد انتهاء مهامها في سورية».
وذكرت الوزارة في بيان نشرته على موقعها الإلكتروني أن «كتيبة مؤلفة من 200 عنصر من الشرطة العسكرية التابعة للإدارة العسكرية الجنوبية وصلت على متن طائرتي نقل عسكريتين إلى مطار محج قلعة في داغستان بعد انتهاء مهمتها في سورية».
ولفتت الوزارة إلى أنّ «عناصر الكتيبة أنهوا مهمتهم في سورية بنجاح، حيث عملوا منذ أيار الماضي على رصد الأوضاع في مناطق تخفيف التوتر وتوفير سلامة المدنيين والمساعدة في الحملات الإنسانية ومرافقة قوافل المساعدات إلى المناطق المتضرّرة من الإرهاب».
وأعلن وزير الدفاع الروسي أول أمس، عن «بدء عودة جزء من القوات الروسية التي تشارك منذ أيلول عام 2015 في الحرب على الإرهاب في سورية بناء على طلب من الجمهورية العربية السورية لدعم جهود الجيش السوري في عمليّاته ضد التنظيمات الإرهابية».
فيما أكد رئيس لجنة الدفاع والأمن في مجلس الاتحاد الروسي القائد السابق للقوات الجوية الفضائية الروسية فيكتور بونداريف «أن وجود القوات الأميركية في سورية غير شرعي».
وقال بونداريف للصحافيين في موسكو أمس: «إنّ التحالف الأميركي المناهض للإرهاب لم يُدعَ رسمياً ولا قانونياً من قبل حكومة البلاد أو الشعب السوري»، مشيراً إلى أنّ «الأميركيين شجّعوا سابقاً المعارضة ودعموا الإرهاب في سورية، وإذا لم يتوقفوا عن التدخل فيها، فسوف يستمر التهديد لوحدة البلاد الإقليمية والسياسية وسلامة مواطنيها».
وأوضح بونداريف «أنّ أراضي الدول الأخرى التي توجد فيها قوات أميركية، وخاصة تلك التي تقع على الحدود مع سورية يمكن أن تستخدم لاستئناف عبور الإرهابيين إليها مجدّداً»، مشيراً إلى أنّ «الأميركيين ببقائهم في سورية سيكونون قادرين على إنشاء ورعاية جيل جديد من المتطرفين في هذا البلد».
وشدّد بونداريف على أن «الجيش السوري وقوات حفظ الأمن السورية حالياً قادران على درء أي مخاطر محتملة».
ورداً على سؤال حول احتمال مشاركة روسيا فى عمليات مكافحة الإرهاب فى دول أخرى، قال بونداريف: إنه «لم توجه طلبات رسمية بعد من زعماء أجانب»، مضيفاً: «إننا نعمل في أراضي الدول ذات السيادة حصراً بطلب رسمي من حكوماتها الشرعية. وهذا ما يميّزنا أساساً عن الأميركيين».
من جهة أخرى، أعلنت روسيا «أنه لم يتم التوصل بعد إلى تفاهم بشأن من سيتولّى رئاسة مؤتمر الحوار الوطني السوري المتوقع عقده في مدينة سوتشي الروسية».
وجاء ذلك مساء أول أمس، على لسان المبعوث الخاص للرئيس الروسي بالتسوية السورية ألكسندر لافرينتيف، الذي نفى، رداً على سؤال من الصحافيين، أنباء تفيد بـ «تولي نائب الرئيس السوري فاروق الشرع منصب الرئيس في المؤتمر».
وأوضح المسؤول الروسي «أن جميع معايير المؤتمر المقبل لا تزال قيد الدراسة، ولا وضوح لحدّ الآن بشأن مَن سيترأسه».
في سياق متصل، أعلن العراق أنه «تقدّم بطلب رسمي إلى الحكومة الروسية لدعوة ممثليه إلى حضور الجولة الثامنة من اجتماع أستانة حول الأزمة في سورية».
وكانت وزارة الخارجية الكازاخية أعلنت أول أمس، أن اجتماع أستانة الثامن حول الأزمة في سورية سيُعقد يومي 21 و22 من كانون الأول الحالي.
وذكرت وسائل إعلامية «أن الإعلان عن الطلب جاء على لسان السفير العراقي لدى روسيا حيدر منصور هادي العذاري أثناء لقائه أمس رئيس لجنة مجلس الاتحاد الروسي للشؤون الدولية قسطنطين كوساتش»، حيث أشار السفير إلى أنّ «تجربة العراق وجهوده ستكون مفيدة في التسوية السياسية للأزمة في سورية»، لافتاً إلى «العلاقات التقليدية الجيدة بين الشعبين العراقي والسوري الشقيقين».
فيما أكد المتحدث باسم هيئة التفاوض للمعارضة السورية يحيى العريضي، «أنّ مفاوضات جنيف هي المسار الأساسي للعملية السياسية حول سورية».
وقال العريضي: «هذه الجولة من مفاوضات جنيف، ربما لم تنجز شيئاً، لكن وفد المعارضة قدم موحداً كما طلب منه»، مشيراً إلى أنّ «بيان اجتماع المعارضة الثاني في الرياض جاء من روحية القرار الدولي».
وتطرق العريضي إلى مؤتمر الحوار الوطني المرتقب في سوتشي، مشيراً إلى أنّ «المعارضة في انتظار أن توضح موسكو طبيعة المؤتمر، حتى تحدد موقفها منه».
ميدانياً، يواصل الجيش السوري عملياته في الريف الشمالي الشرقي لمحافظة حماة ضد مسلحي جبهةِ النصرة، إذ تمكّن من استعادة السيطرة على بلدة الظافرية القبلية والظافرية الشمالية.