«جمعية نور» تفتتح معرضها السنوي التراثي… وإصرار على العيد

اعتدال صادق شومان

احتفاءً بالأعياد، وعلى عادتها كلّ عام، ودائماً على «نيّة» الجنوب التزاماً وعطاء وبذلاً تنموياً بكلّ أشكاله، إمداد، ومؤازرة، عنواناً اتخذته «جمعية نور للرعاية الصحية والاجتماعية» نهجاً ملزماً لها منذ انطلاقتها، بل هو الغرض الأساسي من نشأتها، ومن أجل هذا الغرض تقيم النشاطات الداعمة التي من شأنها تعزيز قدرات وصمود أهلنا في القرى الجنوبية.

غير أنّ احتفاء «جمعية نور» لهذا العام بمناسبة الأعياد يجيء مختلفاً من حيث هو أكثر إصراراً وعزيمة، على تحمّل التحدّي وتطويع مقوّمات المواجهة، في لحظة مفارقة مصيرية في تاريخ الأمة، وقد انتزعت عن القدس هويتها القومية، وأطفأت أضواء شجرة صاحب العيد، طفلها، وشهيدها المصلوب، بتصريح بلفوري جديد من غير أن يكون لهذا التصريح أية قيمة حقوقية على الإطلاق، كما في الوعد المشؤوم.

نعم… «بدنا نعيّد» تقول «مارلين»، رغماً عن أنوفهم ولن نسمح أن يقفل «باب مدينتنا» في وجه العيد، فـ «لعاصمتنا» الأبدية علينا حق، وحقّها أن نحتفل بها عيداً. ولطالما احتفلنا بكلّ أعيادنا، ولم تمنعنا يوماً شدّة أو وطأة الاحتلال حتى يوم أعلنوا «أرض فلسطين كوطن قومي لليهود» و»يومها أيضاً ما انهدم لنا عيد.. وليس الحال اليوم أفظع من أمس، ونحن لسنا أقلّ عزماً..

وبهذا العزم.. افتتحت «جمعية نور للرعاية الصحية والاجتماعية»، صباح أول أمس الاثنين معرضها السنوي للأشغال التراثية والمنتوجات في مركزها الرئيسي في الحمرا، وهو مفتوح حتى أواخر شهر الأعياد ويعود ريعه لدعم «محترف نور» للتراث في الكفير، قدّمت فيه منتوجاتها المتعدّدة، بحضور رئيس المجلس الأعلى النائب أسعد حردان، عميد العمل والشؤون الاجتماعية بطرس سعادة، وكيل عميد الداخلية رامي قمر.

وقد شاركت جمعية نور في افتتاح معرضها، عقيلة رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي نهى الناشف، رئيسة تجمّع النهضة النسائي منى فارس، لبنى جان عبيد، الدكتورة مريم سليم، صباح قانصو، وقد توافد إلى المعرض عدد من صديقات الجمعية.

وكانت في استقبال المدعوّين رئيسة الجمعية مارلين أسعد حردان وأعضاء الهيئة الإدارية.

أعمال المعرض التي توزّعت في أرجاء صالة العرض الدائم لجمعية نور للتراث، تشتمل على تصاميم حديثة لحرف ومشغولات مستلهمة من اللباس التراثي للمرأة في حياكة «العبايات» وملحقاتها من «المنديل» المطرّز بالخيوط الذهبية يُشلح فوق الكتف، في أناقة تجمع بين بهجة الألوان ورونقها مع مراعاة موضة العصر ومتطلباته من غير تغييب لسمة الأصالة المشرقية لهذا الثوب التراثي الذي اشتهرت به «بلاد الشام عامة»، وما زال يلاقي رواجاً، ولم يفت جمعية نور أنّ زينة المرأة لا تكتمل الا بتلك الحلى من خواتم وأساور وخلافه من مكمّلات واكسسوارات handmade التي خصّصت لها جزءاً من المعرض.

ومن حيث أنّ المعرض تراثي بامتياز، حضرت المطرّزات والمنمنمات اليدوية التي تفنّنت في حياكتها نساء بلادنا منذ القدم خاصة في القرى الجنوبية بما عُرف عنهن من مهارة في إتقان «شغل الإبرة» تحديداً تلك التي تتعلّق بلوازم ترتيب المائدة من مفارش و«فوط»، ابتدعت تلك الأيادي القطب المخفية منها والمنمّقة، ولها يعود الفضل بعدم طمسها من موروثنا التقليدي.

وعلى عادة معارض جمعية نور، هناك ركن ثابت للأعمال الخزفية الفخارية من صناعة حرفيّي بلدة «راشيا الفخار» التي تتكنّى بها حرفة ومسقط رأس.

وكمن يتجوّل في خان العطارين في الأسواق القديمة، تهفّ على المكان رائحة الصابون البلدي بشكله المربع ولونه الأبيض مضافاً إليه «كم ورقة» غار لزوم التعطير.

هي «جمعية نور للرعاية الصحية» ورديفتها «نور للتراث» التي عوّدتنا منذ انطلاقتها في تحقيق الكثير من أجل الأهداف التي تمسّ جوهر الصمود لأبناء الجنوب الخارج من تحت الاحتلال الطويل لأرضه ومقدّراتها الطبيعية والصناعية. ولم يزل في البال الكثير من الخطط التي لم يفصح عنها حفاظاً على «سرية» ضرورية كي لا تفسد روعة المفاجأة.

ومن نافل القول إنّ «جمعية نور للرعاية الاجتماعية» تجربة أثمرت نجاحاً ملموساً، من خلال متابعتنا مسيرتها ودورها. وقد لمسنا ثوابتها الجادّة والفعّالة في التزام دعم صمود المواطن الجنوبي في أرضه، من خلال الخدمات الإنسانية والاجتماعية والصحيّة التي ترجمتها جملة مشاريع وتدابير شاركت «البناء» في أغلب نشاطاتها، وقد ألقت رئيسة الجمعية مارلين حردان خلال الجولة في المعرض الضوء على بعض هذه النشاطات ودورها الفعّال في تعبئة الجهود الفردية والجماعية لمزيد من العطاء المثمر في مجال التنمية الاجتماعية والاقتصادية وتعميق مفهوم التضامن الاجتماعي .

ومن أجل هذه الغاية قالت لـ«البناء»: مددنا اليد وفق رؤية منهجية شاملة للوصول إلى المتوخى أولاً في خدمة الرعاية الصحية، ومن أجل ذلك أنشأت الجمعية المستوصفات، الثابتة والنقالة، وحرصت على تأمين الدواء بما فيها الأمراض المزمنة. ومما قالته حردان: أمّنّا الكشوفات الطبية لآلاف الطلاب والمواطنين. ولنا نشاطات على مستوى التنمية المستدامة وتأمين فرص العمل، من خلال الدورات المهنية. إلى جانب إنشاء مشغل حِرَفِي في الكفير، ومصنع للمنتوجات الزراعية من مؤونة وغيرها في الخلوات، بهدف التمكين الاقتصادي للمرأة الريفية، وتفعيل دورها في المجتمع، وتطويره بخطة متكاملة لدعمها على الصعيدين الاجتماعي والأسري. وتثبيت بعض حقوقها الإنسانية والسياسية والحقوق المعيشية. ودعم المدارس الرسمية والخاصة، وبهذا الشأن لنا في القريب بمناسبة الأعياد وجرياً على عادتنا السنوية حفل ميلادي كبير في منطقة مرجعيون حاصبيا يشمل ما يقارب 1500 طفل.

وأضافت حردان: لجمعيتنا دور فعّال في حرصنا البالغ في الحفاظ على التراث، من خلال دعم صناعة الفخار في بلدة راشيا الفخار، والأشغال اليدوية، التي تشكّل جزءاً أساسياً من تراث المنطقة.

وإنْ كنّا اخترنا طريق العمل الميداني المباشر فمن أجل خلق صلة حيوية ومتفاعلة مع الناس لكونهم المساهمين والشركاء الفعليين في مشاركتهم عملية تحقيق التنمية في المجتمع والحياة.

وقد قيل «إنما النيّات بالأعمال «ونحن نعمل على قدر نيّاتنا لأجل رقي مجتمعنا وتقدّمه.

وبهذه المناسبة وجّهت عقيلة رئيس الحزب نهى الناشف كلمة الى الجمعية عبر «البناء» هنّأتها فيها على نشاطها بالقول: عوّدتنا رئيسة جمعية نور مارلين حردان على هذه اللقاءات سواء في مركز الجمعية في بيروت أو في الجنوب للاطلاع على ما تقوم به الجمعية من نشاطات اجتماعية، ورعاية لسيدات المجتمع الجنوبي من خلال تثمين عملهم في فنونهم التراثية المتوارثة والمحافظة عليها كي لا نفقدها، ودائماً نلاحظ أنّ هناك إضافة مميّزة لهذا النشاط الدؤوب والمثمر، وهذا القدر من العطاء، ونحن نقف إلى جانبها وندعمها، وبرعاية الجمعية نأمل أن يستمرّ هذا الجهد لما فيه خير بيئتنا الجنوبية على الصعيد الإنساني والبيئي. وألف عافية لنساء الجمعية المتطوّعات كافة، لعمل الخير واللواتي يعملن بروح المثل «ازرع خير تلاقي الخير».

وبدورها أدلت لبنى جان عبيد.. بكلمة من القلب إلى صديقتها السيدة حردان، قالت فيها: «شهادتي مجروحة بـ«جمعية نور» لكوني صديقة مقرّبة من السيدة حردان و«زبونة» دائمة للجمعية أستعين بمنتوجاتها وأواكب تطوّرها ونجاحها سنة بعد سنة، وليس فقط من أجل دعمها تقديراً مني للدور الذي تلعبه بإتاحة الفرص أمام النساء في عدد من المناطق الجنوبية من وطننا، بل أيضاً لجودة منتوجاتها حتى أني لا أتوانى عن تقديم الهدايا للعائلة والأصحاب المقيمين في الخارج من هذه المنتوجات. وأريد هنا أن أدعو سيدات المجتمع اللبناني إلى دعم هذا النوع من المؤسسات الرديفة التي تصبّ في خانة الخدمة العامة للمجتمع. ولا بدّ لي أن أثمّن الدور الكبير الذي تؤدّيه صديقتي مارلين والجمعية عموماً». و«ينعاد عليكم العيد».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى