عدوى الانسحاب الروسي لا تصيب القوات الأميركية في سورية
حميدي العبدالله
قرّر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سحب الجزء الأكبر من القوات الروسية التي جاءت لمساعدة الدولة السورية في مكافحة الإرهاب. بديهي أن تُقدم روسيا على هذه الخطوة لأنّ أكثر من 90 من المناطق المأهولة من سورية باتت تحت سيطرة الدولة السورية، كما يقول وزير حرب الكيان الصهيوني، والحاجة لقوات لتطهير 90 من الأراضي غير الحاجة لعديد القوات ذاته لتطهير العشرة بالمئة المتبقية تحت سيطرة الجماعات المسلحة، إذ أنّ مبرّر مجيء القوات العسكرية الروسية هو المساعدة على مكافحة الإرهاب.
لكن الولايات المتحدة، وعلى أكثر من مستوى، من البيت الأبيض إلى وزارة الدفاع، علّقت على قرار الرئيس الروسي قائلة إنها لن تسحب قواتها من سورية، على الرغم من أنّ ذريعة وصول هذه القوات إلى بلاد الشام، بعيداً عن موافقة الدولة السورية أو بتفويض من مجلس الأمن الدولي، كانت مكافحة داعش حصراً، وليس كلّ الجماعات الإرهابية، واليوم داعش لم تعد موجودة في أيّ بقعة جغرافية من سورية باستثناء المنطقة الواقعة تحت الحماية الإسرائيلية في حوض اليرموك عند مثلث الحدود السورية الأردنية – الفلسطينية.
موقف روسيا وموقف الولايات المتحدة إزاء هذه القضية يكشف حقيقة سياسة البلدين في سورية. روسيا التي جاءت فقط لمكافحة الإرهاب، ولم يكن في نيتها وفي حسابها التدخل في الشؤون الداخلية السورية، وفرض إملاءاتها على السوريين، قرّرت أنّ مبرّر وجود قواتها قد انتهى، وبالتالي أقدمت على سحب هذه القوات. الولايات المتحدة التي أرسلت قواتها إلى سورية بذريعة مكافحة داعش، ولكن كانت تخفي أجندة أخرى، وهي محاولة فرض حلّ على السوريين بقوة وجودها العسكري بعد أن خسرت ورقة الإرهاب كقوة ضغط لفرض إملاءاتها، ترفض اليوم سحب هذه القوات، وتبحث عن ذرائع جديدة لتبرير بقائها، مثل حماية الأقليات، والانتظار حتى نجاح مؤتمر جنيف، أو بقاء القوات تحسّباً لعودة داعش من جديد، وهي كلها ذرائع تخفي أهدافاً وأجندة أخرى، أبرزها وأهمّها سعي الولايات المتحدة لفرض عملائها داخل نظام الحكم، والعمل على تقليص حضور القوات التي قاتلت إلى جانب الجيش السوري لطرد الإرهاب، وتحديداً قوات حزب الله وقوات الحرس الثوري الإيراني.