مختصر مفيد
مختصر مفيد
جنيف بين الذكاء والتذاكي
منذ الدعوة الأولى كانت محادثات جنيف حول سورية على طريقة «الجمل بنيّة والجمّال بنيّة والحمل بنيّة» وكان سباق بين الذكاء والتذاكي.
لم تكن سورية مؤمنة بأن هذا المسار أكثر من مرآة لما يجري في الميدان، وأن مَن شنّوا الحرب عليها صنعوه ليكون منصة استدراجها للتنازلات تحت ضغط ما يراهون عليه من انتصارات.
شاركت سورية وهي تثق أنّها ستغيّر معادلات الميدان وتفرض إرادتها، فتعيد تشكيل المهمة في جنيف ليحلّ الذكاء مكان التذاكي.
مرّة على مرّة تبدّلت الموازين وظهرت نصوص قرارات أممية تعكس التبديل، حتى صار الصراخ السياسي لخصوم سورية خارج النص وخارج السياق.
بدأت سورية تضع النقاط على الحروف، وهي اليوم تُمسك بزمام المبادرة بعد تدرّج من تحرير حلب إلى دير الزور والبوكمال، وبعد إسقاط الخطوط الحمر الأميركية حول وجود قوى المقاومة في الجنوب السوري وبلوغ الجيش السوري والحلفاء الحدود مع العراق وعبورهم ضفاف الفرات.
في جولة جنيف الأخيرة ارتكب الخصوم الغلطة المميتة، فصاغوا بيان إدانتهم في الرياض وتوهّموا أن وفد توحيد المنصات يُغطي الخطيئة.
تمهّل الوفد السوري وخطوة خطوة بدأ بلعبة الوقت والحضور والغياب يرسم بالنقاط المتلاحقة مسار المحادثات.
بيان الرياض يناقض القرار الأممي بمحادثات من دون شروط مسبقة. وقد جعل من مصير الرئاسة ما أسماه شرطاً لحل سياسي مقبول، فنسف القرار الأممي ويستدعي رفع الكارت الأحمر.
الوفد المسمّى موحداً ليس إلا توحيداً جزئياً لبعض المكوّنات من المعارضة، لكنه ليس الوفد الموحّد الذي نصّ عليه القرار ولا تزال أطياف عديدة خارج الوفد، حتى يستحقّ التفاوض معه كممثل للمعارضة.
رُفعت الجولة، وقد وضعت سورية نقاطها على الحروف، لتتم قراءة صحيحة ووضعت الذكاء مقابل التذاكي، فوقعت على خصومها الفضيحة.
ناصر قنديل