زواج النازحين في لبنان والتعقيدات الرسمية
عندما يتزوّج السوريون الذين لاذوا إلى لبنان فراراً من الحرب في بلادهم، تتحوّل المناسبة السعيدة، التي تشكل علامة بارزة على الطريق نحو الحياة الطبيعية، إلى كابوس بسبب البيروقراطية والروتين الإداريين في لبنان.
ويتضاعف بؤسهم ومعاناتهم لبعدهم عن مسقط رؤوسهم مع شعور جديد بالخوف من أنهم قد لا يتمكّنون من العودة إليه.
ويمثل هذا معضلة بتداعياته المحتملة على الاستقرار في لبنان، الذي يؤوي أكثر من مليون ونصف المليون نازح من الجمهورية الشقيقة، قد ينتهي بهم المطاف إلى أوروبا في حالة انتشار التوتر.
فكثير من النازحين السوريين، مثل ابن امرأة تدعى فاطمة، تزوّجوا على أيدي رجال دين في خيامهم أو في مكان قريب، ولم يدركوا أن هذا الزواج غير رسمي إلا بعد ولادة أطفال.
وتقول النازحة السورية فاطمة «ما عم لاقي حداً يساعدنا يعني مشان يثبّت زواجو ابني.. ما عام من لاقي حداً يساعدنا.. سألنا مرتين تلاتي وما حداً ساعدنا. يعني لا شيخ بيقبل يثبتلنا ياه.. ما عم نلاقي».
وعندما يذهبون لتسجيل أطفالهم في السجلات المحلية، كثيراً ما يُقال لهم إن هذا غير ممكن بسبب عدم وجود وثيقة أو قسيمة زواج رسمية. ومن دون هذا التسجيل، لا يحق لهؤلاء الأطفال الحصول على جواز سفر سوري أو بطاقة هوية أخرى تمكّنهم من الذهاب إلى هناك. وبدون وجود أوراق ومستندات هوية سوف يواجه هؤلاء المواليد خطر الاحتجاز في لبنان مستقبلاً.
ويقول نازح إلى قرية في الجنوب «تسجيل الزواج.. المشكلة الي واجهتنا.. أكبر مشكلة واجهتنا هي قصة الشيخ.. يعني الشيخ السوري مو معترف به. فيش مثلاً متل مختار، منروح منسجل عنده مثلاً أنا سجلت زواجي بسورية، عندي دفتر عيلة. أنا كنت متزوج قبل الأزمة بالـ 2009 تقريباً. عندي 5 ولاد، 2 منن إجوا بلبنان، بروح عند المختار، بدي ياه يمضيلي شهادة الولادة لبلش بل الإجراءت. بقولي روح أنجز اوراقك بالأول. وأنا كاسر إقامتي».
ويضيف «خيي عندو إخوات تنين اتجوزو بلبنان هون كذلك نفس العملية يعني حتى شهادة ولادي بالمشفى ما عطوهن. قال روح جيب ورقة شيخ بعدين بتجي لتاخد شهادة ولادي، والشيخ لازم يكون معترف في ومصدق من شيخ لبناني يعني وليس فقط الشيخ السوري، تكون الورقة مصدقة من الشيخ اللبناني هيك حاكولي بالمشفى».
وتبدو القوانين والتشريعات بعيدة جداً عن التجمّعات العشوائية أو الأماكن التي يقيم فيها النازحون في المناطق اللبنانية. والزواج بمعرفة الشيوخ غير المسجلين أمر شائع، لكن من الصعب تحديد عدد حالاته، لأن السلطات نادراً ما تعرف به.
وفي حين أن من السهل في سورية تسجيل الزواج الشفهي بمعرفة القبائل أو الزيجات الدينية، فإن هنا، في لبنان، الإجراءات معقدة ومكلفة.
فأولاً يجب أن يكون النازح، أو النازحة، متزوجاً على يد شيخ مصرّح له من قبل أحدى المحاكم الدينية التي تتعامل مع الأحوال الشخصية، والذي يُعطيه عقداً. ثم عليه بعد ذلك الحصول على شهادة زواج من كاتب عدل محليّ، ونقل الشهادة إلى السجل المدني المحلي وتسجيلها في سجل الأجانب.
ويقول الشيخ وسيم يوسف الفلاح، وهو قاض شرعي في بيروت إن عدد القضايا في المحكمة تضاعف لثلاثة أمثال. و«كلن عم ياخدوا أوراق، وكلن عم ياخذوا للخارج لإثبات زواجهم في سورية»، لتقنين الحالات الزوجية ضمن الأمور القانونية والصحية. و«عادة يطلب في حال عدم وجود حمل من الزوجين إعادة معاملة الزواج وفق القانون».
وقالت الأخصائية القانونية في مجلس اللاجئين النرويجي تينا جيو إن أكثر من 50 في المئة من النازحين السوريين في لبنان أصغر من 18 عاماً، مما يجعل الولادات والزيجات أمراً شديد التعقيد.
وكالات