القدس تنتصر لـ «عهدها» وتهزم واشنطن في نيويورك: 128 مقابل 9 وامتناع 35 جدالات عطل الأعياد رئاسية: بين القضاء والإعلام والانتخابات ومرسوم الضباط
كتب المحرّر السياسي
مع اليوم الأول لمؤتمر أستانة الخاص بسورية والنجاح الدبلوماسي السوري بموقف روسي حازم في رفض الحياد تجاه الخصومة مع المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا، ومسؤولية إفشال جولة محادثات جنيف، ببيان للخارجية الروسية أعلن خيبة الأمل من أداء دي ميستورا، وحمّل المعارضة مسؤولية تخريب مسار جنيف، سجّلت القدس نصرها الدبلوماسي في نيويورك بوجه التهديدات الأميركية العلنية لكلّ مَن يصوّت لصالح قرار إبطال أيّ قيمة قانونية لقرار الاعتراف الأميركي بالقدس عاصمة لـ«إسرائيل»، فحصدت مئة وثمانية وعشرين صوتاً، مقابل تسعة أصوات ضدّ، بينها أميركا و«إسرائيل» وغواتيمالا وهندوراس والتوغو وعدد من دول الجزر الصغيرة، بينما امتنعت دول أوروبية شرقية ودول أفريقية وأميركية لاتينية خشية على مصالحها بعد التهديدات الأميركية التي صرّح بها الرئيس الأميركي دونالد ترامب وكرّرتها مراراً مندوبته في الأمم المتحدة نيكي هايلي بصورة فجّة حتى بلغت تهديد الأمم المتحدة بوقف مساهمة واشنطن بموازناتها، لأنها تخيّب الآمال الأميركية.
انتصار القدس الدبلوماسي تلاقى مع ما يسجله الفلسطينيون من بطولات تحوّلت إلى الصفحات الأولى في الصحف الأميركية والبريطانية، كحكاية «الشقراء الفلسطينية» عهد التميمي، التي جدّد الاحتلال توقيفها، فيما تتسع حملة التضامن معها وتعمّ عواصم العالم، بينما تسعى السلطة الفلسطينية لترجمة هذا الانتصار الدبلوماسي بحملة اعتراف بدولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية، ورأت فيه رادعاً لمنع لحاق دول أخرى بالموقف الأميركي.
لبنانياً، بدا الاستعداد لعطلة الأعياد بترحيل ملفات الجدال التي ستملؤها، وفي طليعتها الانتخابات النيابية التي لم يعد ثمة فرص لتعديلات على مساراتها، لا موعداً ولا شكلاً، وصار الحديث فيها حديث التحالفات، التي بدأت تطلّ من موائد العشاء التي يقيمها النائب وليد جنبلاط تباعاً، كما تبشّر بتحالفات التجيير وهي الأهمّ برأي خبراء انتخابيين، حيث التحالفات في مناطق الوجود المشترك للأطراف ليس قضية إرادية، ولا ذات جدوى كبيرة، لأنّ الأحجام هي الأحجام، أما التحالفات المجدية فهي حيث تملك بعض الأطراف قدرة تصويتية ولا تملك مقاعد ترشح عنها مشاريع نواب، فتصير قدرتها التجييرية موضع تسابق بين الحلفاء القدماء والجدد. وهذا يصحّ في حالة حزب الله وحركة أمل في أقضية كثيرة في جبل لبنان، ويصحّ في حالة تيار المستقبل في دائرة بيروت الثانية وفي المتن، وفي زغرتا، أما ملف الموازنة المتفق على خطوطه العريضة فسينتظر عطلة الأعياد ليبصر النور مطلع العام.
بينما يبقى الجدال حول ملف العلاقة بين القضاء والإعلام من بوابة استدعاء الإعلامي مارسيل غانم، وما تركته من سجالات، ليحتلّ صالونات الأعياد مع ترحيل قضية مثول غانم أمام القضاء لليوم الرابع من كانون الثاني، وحيث يختلط حابل الإجراءات القانونية بنابل الحريات الإعلامية، وهو ما لا يمكن الفصل فيه إلا بالمثول أمام القضاء، من موقع احترام المؤسسة التي يفترض أن تبقى فوق التناول، والتداول، حتى لو كان على بعض ما فيها وحولها لكل طرف من زاوية ما يرى ألف مأخذ ومأخذ، فما بعد المثول لن يتسامح أحد مع محاولة كسر أنف إعلامي، وقبل المثول لن يتضامن اللبنانيون مع محاولة كسر مهابة القضاء.
كذلك كان الترحيل مصير مرسوم أقدمية الضباط الذي وضعت الخطوط العريضة لحلحلته، ورسمت على أساسها مناخات التهدئة الرئاسية لاستعادة حرارة ما كان قبل المرسوم.
أزمة مرسوم «الضباط» إلى العام المقبل…
مع سحب أزمة مرسوم ضباط «دورة عون» من التداول السياسي والإعلامي ووضع الملف في عهدة رئيس الجمهورية لإيجاد المخرج المناسب، هدأت الجبهات السياسية ورحلت الملفات الساخنة الى مطلع العام المقبل الذي سيكون عام إعلان الترشيحات ورسم التحالفات الانتخابية وانصراف القوى السياسية لاستكمال استعداداتها لخوض غمار الاستحقاق الانتخابي.
وفي وقتٍ رَمَت عين التينة الكرة إلى بعبدا لإخراج الصيغة القانونية والدستورية الملائمة، أشارت مصادر نيابية لـ «البناء» إلى «وجود اقتراح قانون في المجلس النيابي لا يزال يُناقَش في اللجان النيابية ولم يُحَل إلى الهيئة العامة لوجود وجهات نظر مختلفة حياله بين القوى السياسية»، ولفتت الى أن «رئيس المجلس النيابي نبيه بري لا يريد تصعيد الموقف إفساحاً بالمجال أمام الجهود الجارية»، وأوضحت أن «المرسوم يرتّب أعباءً مالية عند ترقية الضباط وعند إحالتهم إلى التقاعد ومنحهم مخصّصاتهم»، ولفتت الى أن «حدوث سابقة مثيلة في السابق عبر ترفيع عدد من الضباط من دون توقيع وزير المال لا يحوّلها الى سابقة ولا يبرّر الخطأ».
وإذ لفتت المصادر الى أن «شبه اقتناع تكوّن لدى المرجعيات الرئاسية على أن توقيع المرسوم مخالف للقانون من دون توقيع وزير المال وضرورة معالجة الخطأ، أشارت الى أن صيغة الحل لم تنضج بعد وهي تدرس من قبل مستشارين دستوريين وقانونيين وعسكريين لاتخاذ الحل القانوني».
وبحسب مطلعين فإن حزب الله قال موقفه خلال مجلس الوزراء وأبلغ المعنيين بضرورة معالجة الموضوع في إطار الدستور والميثاق وتمنى على رئيسي الجمهورية والحكومة إعادة النظر بالمرسوم والبحث عن معالجة قانونية»، ولفتوا لــ «البناء» الى أن «الجهود مستمرة في الكواليس، لكنها تحتاج الى وقت على أن تتظهر الصيغة الدستورية مطلع العام المقبل، وربّما يكون إقرار قانون في المجلس النيابي في أول جلسة تشريعية وتجميد المرسوم أحد الحلول».
لماذا نكء ملفات الحرب؟
وأبدت أوساط نيابية وعسكرية استغرابها الشديد إزاء التمييز بين ضباط الجيش اللبناني وبين دورات التخرّج، مشيرة لــ «البناء» الى أن «جميع الضباط هم ضباط الجيش اللبناني وليس من العدالة بمكان ترفيع ضباط من أغلبية طائفية معينة على حساب آخرين لا سيما وأن مرحلة الحرب الأهلية ولت وأُقفِلت ملفاتها، فلماذا إعادة نكء هذه المرحلة بفتح ملفات غير أساسية في البلد وفي ظل مشهد الوحدة الوطنية الذي تشكل بعد الأزمة الأخيرة؟ واستبعدت المصادر أن ينعكس الأمر سلباً على العلاقة الجيدة بين الرئيسين ميشال عون ونبيه بري»، مشيرة الى أن «هناك أولويات وملفات اقتصادية واجتماعية ومالية ملحّة يجب حلّها فالمجال لا يتّسع للتلهي ببعض القشور».
واعتبرت كتلة الوفاء للمقاومة في بيان عقب اجتماعها الأسبوعي أن «التزام وثيقة الوفاق الوطني واحترام الصلاحيات من شأنه أن يسهم في تحقيق الوفاق الوطني وتلافي الأزمات والاعتراضات». ولفتت الى أن «أولوية العمل الحكومي يجب أن تكون موازنة 2018 والانتخابات النيابية».
محاولات ربع الساعة الأخير!
في غضون ذلك، وفي ما انطلق قطار الانتخابات النيابية، يضيق الوقت أمام تطبيق الإصلاحات الواردة في قانون الانتخاب الجديد، وقد عُلِم أن الإدارات المعنية في وزارة الداخلية ستقدّم غداً إلى الوزير نهاد المشنوق رؤيتها لجهة الإمكانات التقنية واللوجستية لإنشاء الـ «ميغا سنتر»، للمقترعين في مكان السكن، غير أن أكثر من مصدر في كتل نيابية مختلفة، «استبعد إمكان تطبيق الإصلاحات في الانتخابات المقبلة لضيق المهل».
وأشارت مصادر نيابية لـ «البناء» الى أن «وجود اتفاق بين الرؤساء على إجراء الانتخابات في موعدها وفقاً للآليات التقليدية وعدم تأجيلها تحت أي ذريعة»، لافتة الى محاولات ربع الساعة الأخيرة لتطبيق الإصلاحات، لكن في حال عجز وزارة الداخلية عن ذلك، فستجرى الانتخابات في موعدها، لكنها تخوّفت من انعكاسات سلبية للوضع المعقد والتصعيدي في المنطقة على لبنان ما قد يؤدي الى تأجيل الانتخابات».
عون: العام المقبل سيكون أفضل
وطمأن رئيس الجمهورية خلال إحيائه حفلاً ميلادياً في قصر بعبدا الى أن «العام المقبل سيكون افضل من السنة الحالية، وذلك بفضل جهودكم، فاللبناني من خلال احترامه للقوانين وابتعاده عن الأعمال المخلّة بالأمن، يساهم في نجاح الدولة». أضاف «إننا نقوم حالياً بتركيز أسس الدولة من خلال المؤسسات، وكما قلت، كل سنة ستكون أفضل من سابقتها».
وعرض عون مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الاوضاع النقدية والمالية في البلاد والإجراءات التي يعتمدها المصرف المركزي في هذا المجال. وأوضح سلامة أن الوضع النقدي في البلاد مستقرّ، وأنه عرض مع الرئيس عون تطلّعات العام 2018 وسبل التمويل لتفعيل الاقتصاد. ولفت إلى أن الإجراءات التي يتّخذها المصرف، تساعد على حفظ الاستقرار المالي في البلاد.
وأشار مستشار رئيس الجمهورية لشؤون العلاقات الدولية الوزير السابق الياس بو صعب في حديث تلفزيوني الى أن «وزير الخارجية جبران باسيل عمل للبنان في جولته الخارجية وحاولنا توضيح موقف رئيس الوزراء سعد الحريري الذي كان في أحسن الحالات بوضع ملتبس، وكان هناك توضيح لموقف لبنان مما حصل مع رئيس الحكومة»، مؤكداً أن «الرئيس ميشال عون ومنذ اللحظة الأولى لاتصاله مع الحريري شعر بأن هناك أمراً غير طبيعي في ما يحصل»، متوجهاً الى السعودية بالقول: «مستعدون لأحسن علاقة مع المملكة ونريد التوصل الى حل».
الحريري: الوقت الأفضل للاستثمار في لبنان
بدوره، أكد رئيس الحكومة سعد الحريري أن «هذا هو الوقت الأفضل للاستثمار في لبنان ، لأنه بفضل هذا الاستقرار السياسي والأمن المستتب في بلدنا، تمكنا من إرساء مفهوم أننا بلد مستقر سياسياً وقادر على مواجهة الأزمات، موحد وبطريقة حكيمة»، مشيراً إلى أن «موازنة العام 2018 تشكل تحدياً بالنسبة إلينا»، لافتا إلى أن «هدفنا هو التأكد من أن العجز المالي لن يزيد من العام 2017 حتى العام 2018، وأن نكون قادرين على مواجهة التحديات المالية كلها في العام المقبل». وشدّد على أنه «لن تكون لدى لبنان أي مشاكل مع الخليج ، وأنه ستكون هناك الكثير من الخطوات التي سيتخذها الخليج تجاه لبنان وسيتخذها لبنان تجاه الخليج».
وفي كلمة له خلال مؤتمر القمة العالمية للأعمال Global Business Summit أشار الحريري الى أن «إقرار الموازنة هو أحد أهم إنجازات هذه الحكومة. فالبلد كان يسير على موازنة العام 2005، وعلى مدى 12 سنة كنّا نعمل على أسس غير حقيقية. اليوم لدينا موازنة للعام 2017 والتي تضمّنت عدداً من الإصلاحات وبعض الضرائب ، وأنا أعتقد أن الطريقة لتحريك النمو هي الاستثمار في برنامج الاستثمار الذي عملنا عليه على مدى الأشهر الثمانية الماضية».