هذا عهد التميمي يتسابق في ساحات فلسطين عهدان، عهد البلطجة الذي يمثله دونالد ترامب، حيث القوة تراهن على تغيير التاريخ والجغرافيا، وعهد التميمي التي تقاتل لإثبات حقائق التاريخ والجغرافيا بوجه القوة.
عهد التميمي شقراء فلسطين. هي عهد كامل وحقبة سياسية تاريخية مضمونها أن أجيالاً تولد في فلسطين منذورة لقضية الحرية لا ينفع الزمن بالتقادم على قضيتها ولا يفيد الرهان على تلاحق الأجيال بجعلها تنسى ولا تهاب القوة والموت والسجن والتعذيب والإبعاد. وقد جرب الإسرائيليون كل هذه الوصفات لإسكات عهد التميمي وإسقاط عهد التميمي.
والد عهد ووالدتها وشقيقها الأصغر وعمّها وابنته من عائلة التميمي التي تختصر عهد عهدها وكلهم مثلها منذورون لفلسطين.
لم يفت في عضد هؤلاء تخاذل القيادات الفلسطينية وخياراتها التفاوضية ولا تآمر القيادات العربية وهرولتها للتطبيع. ولم تضع البوصلة عندهم حول أن فلسطين قضيتهم، وأنهم يكفون بلا أي سند لتكون القضية بخير، فالتحرير ينتظر، لكن المهم منع التسليم وهم يتكفلون بذلك وسيتكفلون.
كان هذا الوضوح كافياً لتبقى شعلة المواجهة جاهزة وحاضرة عند كل مفصل ومنعطف ليخرج عهد التميم إلى الضوء كعهد كامل يواجه عهداً كاملاً مقابلاً. والرهان هو أن العدوان يسقط ما لم يعتد. وهذا كافٍ لاستنهاض إرادة المقاومة والمهم أن تكون الشعلة متقدة. وهي كذلك وليس هناك كشف أرباح وخسائر مع كل جولة. فالجولة بذاتها ربح كامل.
عهد التميمي أسطورة فلسطينية، لكنها ليست يتيمة. ففي مشهد فلسطين استشهاديون من جيل عهد لم يتردّدوا وهم يذهبون لعملياتهم تفجيراً وطعناً ودهساً. وهم ينتظرون وسام شهادتهم ويكتبون وصاياهم قبل الرحيل. والوصية دائماً احفظوا فلسطين.
مخطئ من يظن أن بيد قيادة فلسطينية أن تغيّر هذا الواقع إذا قبلت ما تسمّيه تسوية واقعية. فالأكيد أن لا تسوية واقعية تمسح الذاكرة التاريخية والحقيقة الجغرافية. ومن حسن حظ القيادات الفلسطينية أنها لم تختبر قيادات واقعية في «إسرائيل» تعرض مثل هذه التسوية ليكتشفوا ما لا يرغبون باختباره..
ناصر قنديل