«صفقة القرن» من منظور محور المقاومة… إزالة «إسرائيل» وعودة الفلسطينيين
كمال ترحيني
لا شكّ في أنّ الأجواء السائدة في العالمين العربي والإسلامي، وخصوصاً عند جمهور وقواعد المقاومة في لبنان، شبيهه إلى حدّ كبير بما كانت عليه قُبيل إعلان الانتصار على العدو «الإسرائيلي» في 25 أيار عام 2000 فهناك تحوّل كبير جداً في الخطاب، من الدفاع سابقاً إلى الهجوم حالياً، فلم نرَ في تاريخ الصراع العربي «الإسرائيلي»، حزباً سياسياً يقول بالفم الملآن وعلى رؤوس الأشهاد، إنّ قرار ترامب الأخير يشكّل بداية النهاية لزوال الكيان الصهيوني الغاصب.
وإذا ما أردنا ترجمة هذا الكلام إلى معطيات ميدانيّة، فيمكننا الحديث عن الأمور التالية:
1 ـ إنّ تجربة حزب الله في المقاومة أثبتت أنّ لديه رؤية بعيدة المدى وإمكانات مهمّة عملياً، فمن استطاع أن يجبر «إسرائيل» على الاندحار والانسحاب من لبنان ذليلة، بعد أقلّ من 18 عاماً على الاحتلال، ومنعها من تحقيق أيّ هدف من أهدافها خلال عدوان تموز في العام 2006، يمكنه أن يفرض عليها أيضاً شروطاً أكبر، وأن يذهب بعيداً في المواجهة الوجودية.
2 ـ إنّ قتال حزب الله في سورية والعراق وغيرها من مناطق المواجهة، أكسبه خبرة قتاليّة عالية في التعاطي مع الظروف الميدانية والجغرافية المختلفة من جهة، وفي التواصل ومدّ جسور الثقة والكفاءة مع المقاتلين من مختلف أطياف محور المقاومة من جهةٍ أخرى.
3 ـ إنّ الكلام الأخير لأمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله عن فتح الجبهات وتدفّق المقاتلين، يعني أنّ الحزب أعدّ العدّة لهذه المواجهة الكبيرة عسكرياً، وهو بصدد تظهيرها سياسياً وإعلامياً، وما ظهور السيد نصرالله مع مؤسّس حركة النجباء الشيخ أكرم الكعبي، ومن بعده ظهور الشيخ قيس الخزعلي القيادي في حركة «عصائب أهل الحق» على الحدود اللبنانية الفلسطينية المحتلّة إلّا دليل على هذا الاستعداد.
4 ـ الاتصال الهاتفي الذي جرى بين قائد قوة القدس اللواء قاسم سليماني وفصائل المقاومة الفلسطينية، من أجل ترتيب أوراق قوى المقاومة في المنطقة وفلسطين المحتلّة والمساعدة بكلّ الطاقات والإمكانيّات، يؤكّد على حجم التنسيق العالي المستوى، بين كلّ أطراف محور المقاومة وقرب الساعة الصفر.
5 ـ إصرار الحرس الثوري الإيراني وحزب الله، على ترتيب التموضع في سورية، بعد القضاء على «داعش»، وخصوصاً في الجنوب السوري حيث جبهة الجولان السوري المحتلّ، يؤكّد أنّ التحضيرات قد اكتملت لإشغال العدو في أكثر من جبهة.
بناءً على ما تقدّم، وإذا ما نظرنا إلى الاستعدادات الكبيرة لمحور المقاومة، بدءاً من جهوزيّة المقاومة في لبنان، بعد انتهائها من حرب سورية الكونيّة، واستعداد الحشد الشعبي بمكوّناته الأساسيّة العصائب والنجباء وحزب الله… بعد انتهائهم أيضاً من فتنة العراق، مع بدء تحرّك المقاومة في الداخل الفلسطيني، وحضور الحرس الثوري الإيراني الدائم، فإنّ محور المقاومة يكون قد أتمّ الاستعداد للمواجهة الكبرى. وهذا ما يطرح السؤال عن إمكان إطلاق شرارة التحرير الأولى من الداخل الفلسطيني بعد تزخيم العمليات العسكرية ضدّ الجبهة الداخلية والمواقع العسكرية، ومن خلال انطلاق انتفاضة فلسطينية ثالثة، أم أنّ الشرارة ستبدأ من الجولان حيث الاستعداد الأكبر للصواريخ التي تؤرّق الكيان «الإسرائيلي» بشكلٍ دائم، من دون إسقاط احتمالية الانطلاق من الجنوب اللبناني الذي أذلّ «الإسرائيلي» عام 2000 وعام 2006، كما أنّ احتمال انطلاق الجبهات كلّها دفعة واحدة تحت نداء «لبّيك يا قدس»، لتكون «صفقة القرن» من منظور محور المقاومة بإزالة «إسرائيل» من الوجود وعودة الفلسطينيين من الشتات العالمي إلى أرضهم الطيبة.