رئيس الجمهورية: أخذتُ قراري بشأن مرسوم الأقدمية للضباط ولن تُهدَرَ حقوقُ أحد
أكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أنّه «سيواصل السعي كي يكون دائماً منصفاً، ولن تكون بعد اليوم مخالفات ولن تُهدَر حقوق أحد»، ولفت إلى أنه اتخذ قراره «في موضوع مرسوم الأقدمية لدورة «الانصهار الوطني» للتعويض ولو جزئياً عن الخلل الذي أصابها». وقال: «إن النقاش الحاصل اليوم حول الأمر ليس لتحصيل الحقوق، بل إن الأمر يتعلّق بصراع سياسي على أمور أخرى».
وشدّد الرئيس عون على «أهمية التنسيق والتعاون بين الأجهزة الأمنية»، لافتاً إلى «النتائج السريعة التي بدأت تظهر جراء هذا التنسيق، إن كان عبر عودة اللبنانيين بكثافة إلى لبنان للسياحة الموسمية أو من خلال تبدّل النظرة الخارجية للبنان الذي بات يتمتّع بثقة دولية أكبر».
وركز رئيس الجمهورية على «ضرورة مواصلة العمل لمكافحة الفساد»، داعياً إلى «عدم الأخذ بالشائعات وإلى طرح الأسئلة والاستيضاح حول ما يُقال عن هدر وسرقات حتى الوصول إلى الحقيقة». وقال: «إننا نكافح الفاسدين والمرتكبين من دون تشهير، لأننا لا نسعى إلى شعبية من وراء ذلك».
كلام الرئيس عون جاء أمام القيادات العسكرية والأمنية والعاملين في القصر الجمهوري ولواء الحرس الجمهوري الذين هنّأوه بحلول الأعياد المجيدة.
وكان رئيس الجمهورية استهلّ لقاءاته مع القيادات العسكرية باستقبال قائد الجيش العماد جوزاف عون على رأس وفد من كبار ضباط القيادة.
وألقى العماد عون كلمة، فقال: «فخامة الرئيس، لقد كان هذا العام استثنائياً بكل ما للكلمة من معنى، إذ مرّ لبنان بمخاض صعب، لكنه في النهاية خرج منه معافىً سالماً وقوياً أكثر من أيّ وقت مضى. فعلى الصعيد العسكري والأمني، استطاع الجيش بفضل بسالة ضباطه وجنوده وتضحيات شهدائه وجرحاه، متوّجة برعايتكم المستمرّة له، دحر الإرهاب على الحدود الشرقية في عملية «فجر الجرود»، وبالتالي إخلاء لبنان من أي جسم إرهابي منظّم يتموضع في بقعة من أرضه. ومع هذا الإنجاز النوعيّ، بات الجيش يُمسك بكامل الحدود اللبنانية». وتابع: «أما على الصعيد الوطني العام، فقد اجتاز لبنان أزمة سياسية كبيرة ذات أبعاد محلية وخارجية متشعّبة، انتهت بمزيد من التوافق واللحمة بين اللبنانيين، بعد أن أبديتم الحرص كله على جمع الشمل وترتيب البيت الداخلي وترسيخ الوحدة الوطنية. وهذا أكثر ما نحتاجه في ظل الصراعات الدائرة حولنا».
وأردف: «أننا في المؤسسة العسكرية لا نغمض العيون، ولا ننام على حرير الإنجازات مهما علا شأنها، فمهمات الدفاع عن الحدود في مواجهة العدو «الإسرائيلي» وملاحقة الشبكات والخلايا الإرهابية، والحفاظ على الأمن، هي مهمات مستمرة في أي ظرف من الظروف، لأننا ندرك تماماً أنه في غياب الاستقرار الأمني، تضيع المكتسبات الوطنية ويستحيل الكلام على أي نهوض اقتصادي أو إنمائي أو اجتماعي. ونحن نراهن دائماً على ثقتكم بالجيش ودعمكم اللامحدود له، وهذا ليس بالأمر الغريب على فخامتكم بعد أن بذلتم أغلى سنوات العمر في خدمة هذه المؤسسة الوطنية العريقة ومن ثم قيادتها وترسيخ مكانتها وتطويرها على الصعد كافة».
وردّ الرئيس عون مرحباً بالوفد ومعايداً، متمنياً «ان يبقى لبنان محافظاً على استقراره وسلامه في ظل الجهود التي يبذلها الجيش». وتوجّه الى أعضاء الوفد قائلاً: «انسوا ما تسمعونه في السياسة، فالجيش هو الصامت الأكبر. هكذا تعلّمنا ومارسنا مهامنا في الجيش، وإذا ما تكلّم فهو يفعل ذلك داخل مؤسسته لا خارجها، وإذ ذاك يكون كلامه مسموعاً».
اضاف: «هناك أمور صحيحة وغير صحيحة تحصل في المجتمع، إلا أننا سنواصل سعينا كي نكون دائما منصفين»، مشدداً على «أن ليس من حق أحد أن يحسم سنتين من حياة الآخر المهنية وقد اتخذنا قرارنا في هذا الموضوع بغية التعويض، ولو جزئياً، عن خلل حدث، خاصة بعدما رأينا أن ثمة من هربوا وتسرحوا ثم اتخذت قرارات بترقية بعضهم لرتبة عميد، أو أن ثمة مَن لم يتثبت في اختصاصه، لأنه رسب في الامتحان وإذ به يتحوّل إلى غير سلاح بعيداً عن اختصاصه ويتسرّح، كذلك، برتبة عميد».
وأكد «بعد اليوم لن تكون هناك مخالفات ولن تُهدر حقوق أحد. إن المقصود من النقاش الذي تسمعونه في الخارج ليس تحصيل حقوقكم، وستظهر الأيام المقبلة أنه لا يتعلّق بحقوق العسكريين، بل إن الأمر يتعلق بصراع سياسي على مواضيع أخرى وما نريده منكم ألا تعلقوا على هذه الأمور».
ثم استقبل الرئيس عون وفداً من المديرية العامة للأمن العام برئاسة اللواء عباس إبراهيم، الذي ألقى كلمة تهنئة، فأكد «أننا في المديرية العامة للأمن العام ملتزمون العمل في المجالين الأمني والإداري لتكريس لبنان وطناً آمناً وفق النصوص القانونية، وحماية نظامنا البرلماني الديموقراطي، وسيشهد العام الجديد المزيد من الإنجازات في مختلف المواقع التي نعمل فيها استناداً إلى الصلاحيات والمهمات الموكلة إلينا».
وأضاف: «إن المديرية العامة للأمن العام في أعلى درجات جهوزيتها للتصدّي للخطرين الإرهابيين، «الإسرائيلي» ونظيره المتأسلم، ونعمل ليكون العام الجديد سنة تعقّب هذين العدوين بعدما نجحنا في مرحلتي التصدّي ثم المواجهة. أما على الصعيد الإداري، فإن الأداء في سائر المكاتب والدوائر والمراكز والنقاط الحدودية البرية والبحرية والجوية سيكون مماثلاً في جودته وحرفيته مع الدول المتقدّمة، لأن لبنان وشعبه يستحقان مجدا يليق بهما وبحضارتهما».
وتابع: «كان عام 2017 الذي نودع، عام الإنجازات على المستويات كافة برعاية فخامتكم، ونتيجة للتعاون والتنسيق بين سائر المؤسسات الرسمية، وخاض فيها لبنان تجارب قاسية أثبتت تمسك اللبنانيين بوطنهم ونظامهم الديموقراطي ووحدتهم. وما كان ذلك ليتحقق لولا إدراكهم بالممارسة واليقين أن جديداً مشرقاً ومختلفاً قد تجلّى جراء تقديم الحوار على الخصومة بين سائر المكوّنات السياسية وقواها».
وردّ الرئيس عون على كلمة اللواء ابراهيم، مهنئاً مؤسسة الأمن العام على «المهمات التي أنجزتها بالتعاون مع باقي الأجهزة الأمنية»، وقال: «جميعكم تبذلون الجهد اللازم بضمير مرتاح وإرادة قوية وعناد صلب، لتنفيذ المهمات الصعبة. مرّ لبنان بالفعل في فترات صعبة جداً وظلّ ينعم بالأمن والاستقرار. ولولا صلابتكم وتميّزكم بعدم الانحياز وارتباطكم بضميركم المهني والقَسَم الذي أديتموه، لما كان الوضع على ما هو عليه الآن».
ثم استقبل الرئيس عون، المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان على رأس وفد من القيادة جاء مهنئاً بالأعياد.
وتحدّث اللواء عثمان، فقال «نحن نقوم بواجباتنا كاملة للحفاظ على البلاد. رعايتكم لنا مستمرة، ونحن لدينا خطة استراتيجية لتطوير قوى الأمن الداخلي، مبنية على رؤية واضحة شعارها «معاً نحو مجتمع أكثر أمناً». وكما لدى مؤسسة الجيش شعارها، نحن اخترنا ان يكون شعارنا خدمة، ثقة، وشراكة. الخدمة تحصل من العمل المتواصل الذي تقوم به المؤسسة الأمنية لكشف الجرائم كافة بالسرعة اللازمة، وهو ما لاحظه الجميع في الفترة الماضية».
أضاف: «عندما نؤدي خدمة مهمة للمواطن بحمايته وحماية ممتلكاته وإعادة الحقوق لأصحابها بالسرعة اللازمة، نكسب بهذا الشكل ثقته، وفي النهاية نتحول شريكاً في الأمن. الشراكة ضرورية مع المجتمع لكون عديدنا الى الآن، وحتى في المستقبل، لا يمكن ان يتجاوز نسبة 1 من عدد السكان. في الخطة الامنية التي نعتمدها حالياً في فترة الأعياد، يسهر عناصرنا على حفظ الأمن عند الكنائس. وبمناسبة رأس السنة وضعنا خطة أمنية كبيرة، وهناك نحو 11 ألف عنصر إضافي سيكونون قرب المراكز السياحية ويقيمون حواجز للحفاظ على امن الناس».
ورد الرئيس عون مهنئاً بدوره قوى الأمن الداخلي بمناسبة الأعياد، مؤكداً ثقته الكبيرة «بهذه المؤسسة التي اظهرت جدارة، خصوصاً في مجال مكافحة الإجرام، لأن الكشف السريع عن الجريمة يمنح ثقة لكم وللمواطنين الذين يطمئنون الى الاجواء الامنية»، مشيرا إلى أن «التنسيق الذي أوصينا به بين مختلف الأجهزة الامنية يعطي نتيجة افضل».
ولفت إلى «النتائج السريعة التي بدأت تظهر جراء هذا التنسيق، ان كان عبر عودة اللبنانيين بكثافة الى وطنهم للسياحة الموسمية، أو من خلال تبدل النظرة الخارجية الى لبنان، حيث باتت هناك ثقة أكبر بنا تشهد عليها المواقف الدولية».
واشار رئيس الجمهورية الى ان «الأحداث التي رافقت إعلان رئيس الحكومة استقالته، زادت الثقة الداخلية والخارجية بنا، وتعاون معنا العالم كله كي نتخلص من هذا الوضع الذي كان خطراً جداً، وقلة يمكن أن تعرف إلى أين كان سيوصلنا. ولكن الحمد لله بالهدوء والتعاون مع الأجهزة كلها وصلنا الى نقل القضية الى العالم كله لنتمكّن من حلها».
واستقبل الرئيس عون، المدير العام لأمن الدولة اللواء طوني صليبا على رأس وفد من الجهاز.
وتحدّث اللواء صليبا، فقال «لقد اخترنا في أمن الدولة شعاراً لاستراتيجيتنا الأمنية للعام 2018، هو المضي قدماً برغم كل شيء، وهو من وحي نهجكم ومبادئكم التي لا تقبل المساومة أو التنازل في الامور الوطنية التي تمس بمصلحة لبنان واللبنانيين».
وتوجّه رئيس الجمهورية الى أعضاء الوفد، فقال: كل الناس يشكون من الفساد القائم على مستويات مختلفة، وبعضها على مستوى عالٍ، ونأمل منكم أن تحققوا النتائج، فتحدّوا من ذلك. وإني مدرك صعوبة مهامكم وما تتطلبه من بذل المزيد من الجهود بغية التوصل الى حل هذه المعضلة القديمة والمتفاقمة، لا سيما أن لبنان تراجع بحسب المؤسسات الدولية التي تحدد نسبة الشفافية في الدول الى المرتبة 130، بعدما كان يحتل المرتبة 63 في العام 2005».
واستقبل الرئيس عون وفداً من المديرية العامة للجمارك برئاسة المدير العام بدري ضاهر.
واستقبل الرئيس عون بعد ذلك، بحضور اللبنانية الأولى السيدة ناديا الشامي عون، موظفي المديرية العامة لرئاسة الجمهورية والإعلاميين المعتمدين فيها، وقائد لواء الحرس الجمهوري العميد سليم فغالي على رأس وفد من ضباط اللواء.
وألقى المدير العام لرئاسة الجمهورية الدكتور انطوان شقير كلمة، عدد فيها «الإنجازات التي حققها العهد، أكان ذلك على الصعيد الامني والتصدي للإرهاب ودحره، أو في القضايا الاجتماعية والاقتصادية بعد إقرار الموازنة وسلسلة الرتب والرواتب وإطلاق التنقيب عن النفط، او على صعيد إقرار التعيينات وقانون الانتخابات وإطلاق المشاريع الإنمائية في مختلف المناطق اللبنانية على قاعدة الإنماء المتوازن، او على صعيد السياسة الخارجية في ضوء المواقف التي اتخذها رئيس الجمهورية إزاء العديد من القضايا الإقليمية والدولية وآخرها قضية القدس»، متمنياً أن «تتواصل مسيرة الإنجازات في السنوات المقبلة».
ثم ألقى رئيس مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية رفيق شلالا كلمة، فقال: «سنة مرّت، شعر فيها جميع اللبنانيين، ومن مختلف الانتماءات السياسية والطائفية، أن هناك أباً ساهراً على مصالحهم وأمنهم واستقرار البلاد. أمور ومطالب وأحلام كثيرة تحققت في انطلاقة هذا العهد الواعد، وساد التفاؤل حيث كان المراوحة والاستسلام واليأس يحيطون بحياة اللبنانيين. وعدتم وأنجزتم، فكان منكم العمل والمثابرة والتعاون مع المسؤولين كافة، ومن الناس الوفاء واستعادة الأمل».
أضاف: «ها هو لبنان في عهدكم يستعيد بعضاً من عافيته وينظر الى المستقبل، وأنتم من سعى بعناد وصلابة، الى تجنيب وطننا تداعيات ما يجري من حولنا. وبرهنت الأيام والمواقف، خصوصاً ما جرى في الفترة الاخيرة، أن حكمتكم قادت الوطن الى شاطئ الامان».
وتابع: «فخامة الرئيس، باسمي وباسم جميع الإعلاميين والإعلاميات في القصر الجمهوري، أوجه اليكم مجدداً تهنئتي القلبية، مؤكداً أن الوفاء لكم هو الذي يقود عملنا في رئاسة الجمهورية».
ثم قدّم شلالا باسم الإعلاميين هدية الى الرئيس عون واللبنانية الأولى.
وردّ الرئيس عون بكلمة شكر فيها الموظفين والعاملين في القصر الجمهوري وقائد وضباط لواء الحرس الجمهوري على جهودهم. وقال: لقد تحدّث المدير العام عن إنجازات تحقّقت، إلا أن هناك أموراً كثيرة تحتاج بعد إلى إنجاز. لن أتحدّث عما تسلمته عند تولي مهام الرئاسة، لأن اللبنانيين سيتحدثون لاحقاً عما تركته، لذلك أنا أتطلع إلى المستقبل وليس إلى الماضي. لقد اطلقنا على القصر الجمهوري اسم «بيت الشعب» منذ زمن بعيد، وقد استعاد اسمه الحقيقي، فلمن يكون القصر الجمهوري إذا لم يكن للشعب؟ أنتم ونحن والجميع نشكل الشعب اللبناني، وعلينا أن نعمل لأنفسنا لأنه لا أحد سيعمل من أجلنا. من هنا مفهوم الواجب الذي نقوم به والإرادة الصلبة التي تُبعِدنا عن اليأس والاستسلام وتحمّل الألم، كما نلتزم الصمت أحياناً للحفاظ على الوحدة الوطنية».
أضاف: «لبنان اليوم يعيش في نعيم الحريات، ولكن رغم ذلك يصدر كلام عن أن الحريات مهدّدة، وعندما سألنا عن عدد الصحافيين المسجونين، لم نتلقّ أي جواب لأنه، بكل بساطة، ليس هناك أي صحافي في السجن، إنما من الواجب الاستماع الى من يدعوه القضاء كشاهد أكان نائباً او إعلامياً أو غيره. ما هو شعوركم حين تسمعون كلاماً عن هدر بالمليارات، وبالأمس طالب أحدهم أحد الوزراء بإعادة 26 ملياراً، فهل هذا مقبول؟ على الإعلام والإعلاميين الإضاءة على الحقائق وعدم الأخذ بالشائعات، لأن هدفها تهديمي وزرع الشك بين المواطن والدولة، فنحن نقوم فعلاً بمكافحة الفاسد والمرتكب إنما من دون تشهير، لأننا لا نسعى الى شعبية من وراء ذلك. ولكن من الواجب أيضاً الاستماع الى كل مَن يتحدّث عن مسائل الهدر والفساد والسرقة لمتابعتها، وأوصيكم بعدم الاخذ بالشائعات وانتم الاقرب الى المسؤول الاول، واذا ساوركم الشك، اطرحوا الاسئلة واستوضحوا لتصلوا الى الحقيقة. أتمنى لكم مجدداً أعياداً مباركة لكم ولعائلاتكم».
وأقيم بعد ذلك، حفل كوكتيل للمناسبة.