رئيس الجمهورية: استكمال التحضيرات للاستحقاق النيابي والموازنة والحريري: التضامن الوزاري باقٍ وأيّ خلاف يهون أمام مصلحة البلاد
في أولى جلساته في العام الجديد، أبعد مجلس الوزراء الملفّات الخلافية كلّها وأبرزها مرسوم الأقدمية لضباط دورة 1994، عن طاولته، حيث خلت الجلسة من أية مناوشات أو اشتباكات وخصّصت مباحثاتها لوضع ما يشبه «خريطة طريق» لأولويات الحكومة في السنة المقبلة وللملفات المطلوب منها الانكباب على معالجتها.
وقال رئيس الجمهورية العماد ميشال عون «إن الحكومة عالجت في 2017 الكثير من الملفات العالقة. ومع بداية 2018، هناك الكثير من الاستحقاقات التي يجب الاهتمام بها، على سبيل المثال لا الحصر التركيز على مصالح المواطنين ومعالجة القضايا الحيويّة وأبرزها استكمال التحضيرات للانتخابات النيابية وفق القانون الجديد، ومرسوم موازنة 2018 واستكمال التعيينات الإدارية، ومعالجة مشكلة النفايات على نحو نهائي، وتفعيل مشاريع البنى التحتيّة مثل الطرق والسدود والمياه، وإنجاز أوراق العمل اللبنانيّة إلى المؤتمرات الدولية التي ستُعقد لدعم لبنان والعمل على اللامركزية الإدارية».
ثم تناول موضوع مؤتمر روما لدعم الجيش، وطلب من وزارتي الداخلية والدفاع إنجاز أوراق العمل لدرسها أولاً في المجلس الأعلى للدفاع الذي سيدعو لعقده الأسبوع المقبل.
وأضاف: «أما بالنسبة إلى مؤتمر cedre، فقد بدأت التحضيرات لعقده وقد بحثنا مع الجانب الفرنسي حول هذا الموضوع ولا بدّ من أن تكون المشاريع التي سنتقدم بها لهذا المؤتمر تتلاءم مع الخطة الاقتصادية التي يجري العمل على إعدادها». ودعا إلى تشكيل فرق عمل بين رئاستي الجمهورية والحكومة والوزراء المختصين لمواكبة التحضيرات لهذه المؤتمرات.
ثم تناول الرئيس موضوع الأقساط المدرسيّة والخلافات الناشئة بين إدارات المدارس والمعلمين ولجان الأهل وأشاد بالدور الذي يقوم به وزير التربية لمعالجة هذه المشكلة. وقال إن المؤسسات التربوية راجعته وكذلك المعلمين، مشيراً إلى أن ثمّة اقتراحات يجب درسها، ومنها أن تتحمّل الأطراف الأربعة أي المدارس والأهل والأساتذة والدولة تكلفة الزيادات المترتّبة. وأوضح أنها فكرة للبحث والنقاش.
وأثار المراجعات في موضوع تطبيق قانون الإيجارات، ودعا إلى التسريع في تعيين اللجان في المحافظات التي نصّ عليها القانون، لأن تشكيل هذه اللجان ضروري لتحديد غير المستفيدين من صندوق المساعدات والذي يطبق عليهم قانون الإيجارات في انتظار تشكيل هذا الصندوق الذي لم يُشكّل بعد.
كذلك، أثار الرئيس عون موضوع الانتهاكات «الإسرائيلية»، ولفت إلى «ما تقوم به «إسرائيل» من أعمال تحتيّة لإقامة جدار على الخط الأزرق»، محذراً من «خطورة تجاوز هذا الحائط للنقاط المحدّدة بالخط الأزرق»، ودعا إلى مراقبة هذا الأمر بدقة لتفادي أي تداعيات تنتج عنه .
ثم تناول الرئيس موضوع الحريات، وأكد أن «ثمّة حملة مركزة بأن الحريات في خطر لا سيما الحريات الإعلامية، ولقد طرح عليّ هذا السؤال يوم عيد الميلاد في بكركي، فسألت أين هم الصحافيون أو رجال الفكر الموجودون في السجون»؟
وتابع: «الواضح أن ثمّة مَن يسعى إلى استغلال هذا المسعى، فلا أحد يستهدف أحداً لا سيما المؤسسات الإعلامية، كل ما في الأمر أن القضاء تحرّك للتحقيق في قضية معينة، ولا يتعدّى الأمر ذلك ويجب علينا أن نحترم القضاء الذي بإمكانه أن يستجوب أياً كان كشاهد، أنا حريص على موضوع الحريات بقدر حرصي على تطبيق القانون. هذه هي حدود المسألة كلها وليس أكثر من ذلك».
وكان رئيس الجمهورية استهلّ الجلسة بمعايدة رئيس الحكومة والوزراء، ومن خلالهم اللبنانيين بالأعياد، كما عايد الطائفة الأرمنية الأرثوذكسية. وهنّأ عون القوى الأمنية والعسكرية على أدائها وسهرها فترة الأعياد والحافظة على الاستقرار.
ولفت رئيس الحكومة سعد الحريري من جهته، إلى «أن أهمية مجلس الوزراء انه شكّل فريق عمل لحماية البلد وحقق إنجازات أمنية واقتصادية كبيرة خلال العام الماضي، وأمامه جدول أعمال لا بد أن يكمل به وصولاً الى تحقيق الانتخابات النيابية».
وأضاف «بالنسبة الى مؤتمري روما وباريس فإن التحضيرات جارية لهما، وبالنسبة الى مؤتمر باريس عرضت ورقة العمل على الأفرقاء السياسيين التي يمكن تقديمها وكانت هناك ملاحظات يمكن الأخذ بها، وبعد انتهاء الحوار مع الأفرقاء السياسيين سنأتي بورقة العمل الى مجلس الوزراء للموافقة عليها، وهناك إصلاحات لا بد منها لمواكبة هذا المؤتمر المهم للبنان والذي سنعكس ايجاباً على الأوضاع الاقتصادية».
وفي تطمين إلى أن الخلاف السياسي لن يتمدّد إلى مجلس الوزراء تابع الحريري قائلاً «من الممكن أن تكون وجهات النظر بين العديد من الأفرقاء على هذه الطاولة متباعدة حول العديد من الأمور، ولكن ما يجمعنا مصلحة البلد واستقراره وسنكمل الطريق بقيادة فخامة الرئيس». وأردف: «نحن بخدمة جميع اللبنانيين ومجلس الوزراء هو للجميع وهذه الجلسة الأولى في هذه السنة هي رسالة واضحة بأن التضامن الوزاري باقٍ ومستمر وأن أي خلاف يهون أمام مصلحة البلاد والاستقرار».
وهنّأ الحريري الرئيس عون والوزراء بحلول الأعياد، متمنياً أن تكون سنة خير على الرئيس وجميع اللبنانيين. وجدّد الشكر والتقدير للجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي والأمن العام وأمن الدولة وكل الهيئات التي شاركت بتأمين أهدأ الاحتفالات بعيدي الميلاد ورأس السنة، واعتقد أن مجلس الوزراء يجب أن يكون فخوراً بالمشهد الحضاري التي شهدته بيروت والمناطق اللبنانية كلها، وأن التقارير الأمنية والإعلامية كلها أكدت أن احتفالات لبنان في عيد رأس السنة كانت من أهدأ وأنظف الاحتفالات في العالم، متوجهاً بالتحية الى الرئيس نبيه بري لقراره بإعادة فتح مداخل ساحة النجمة ودعوة المقاهي والمؤسسات للعمل من جديد، لافتاً إلى أن هذه الخطوة بعد احتفالات رأس السنة تعيد الحياة لقلب العاصمة التي نحتاج إليه وتنقذ الكثير من المؤسسات من خطر الإفلاس والإقفال.
وأضاف: «أمامنا تحديات كبيرة وعين مجلس الوزراء يجب أن تكون على مصلحة المواطن اللبناني. صحيح أننا على أبواب انتخابات نيابية، ولكن لا يمكن تأجيل المواضيع التي تهمّ الناس أمامنا إقرار الموازنة ومؤتمر روما المخصّص لدعم الجيش والقوى الأمنية بشيء من مستلزماته».
وعن موضوع الحريات العامة، قال الحريري «لبنان صان الحريات لكن تحصل عمليات تسييس وعلينا أن نكون بعيدين كل البعد عن هذا الأمر. إن فخامة الرئيس أكثر إنسان حريص على الحريات واحترام الجميع للقضاء ومنذ انتخاب فخامة الرئيس وتشكيل الحكومة، أظهرنا حرصاً على الحريات ولا نزال. إن دور الإعلام في لبنان مهم لإظهار لبنان بصورته الجميلة ونحن حريصون على الحريات». وختم الرئيس الحريري متمنياً للرئيس عون الصحة والعافية مستكملاً نشاطه وأعماله.
وبعد ذلك باشر مجلس الوزراء مناقشة المسائل السياسية. فطرح وزير الشؤون الاجتماعية بيار بو عاصي، مسألة زيارة قائد عصائب أهل الحق قيس الخزعلي، وبعده، «أبو العباس» قائد لواء الإمام الباقر أحد فصائل المقاومة السورية الى الجنوب، معتبراً أن «لا بد من تطبيق مسألة النأي بالنفس بالكامل»… وفي حين أشار وزير العدل سليم جريصاتي الى ان التحقيقات في كيفية دخولهما الأراضي اللبنانية مستمرة، سأل وزراء القوات أيضاً عن مواقف الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الأخيرة وتحديداً عن استقدام آلاف المقاتلين الى الجنوب، لافتين إلى أن في ذلك تجاوزاً للدولة وللقرار 1701، فأفيد أن الوزيرين محمد فنيش وعلي قانصو أوضحا إن نصرالله لم يقصد استدعاء مقاتلين غير لبنانيين، بل هذا قد يكون جزءاً من الرد في حال حصول اعتداء «إسرائيلي».
بعد ذلك، بحث المجلس بنود جدول الأعمال، فأقرّها كلّها. كما وافق ومن خارج الجدول، على تخصيص اعتماد بقيمة 50 مليار ليرة لوزارة الداخلية لإجراء الانتخابات النيابية. وأقرّ أيضاً تخصيص يوم في السنة لذكرى شهداء القضاء.
ورداً على سؤال عن إقلاعة الحكومة في أولى جلسة لها وعن مدى تأثير الكباش الرئاسي حول مرسوم الأقدمية عليها، أجاب وزير الاعلام «انطلاقة الحكومة لا بأس بها، أقلعت بشكل جيد».
وعن قضية زيارات المجاهدين الى الحدود، قال «طُرح الموضوع، والتحقيقات لم تكتمل بعد وهي مستمرة في قضية جولة الخزعلي. وعندما تنتهي، سيتم الإعلان عنها».
ولفت رياشي إلى أن إحالة أحداث القاع الإرهابية الى المجلس العدلي لم تطرح.
ورداً على سؤال عن الحريات، قال إن «سجل إجماع من قبل رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة على رفض المساس بالحريات، لأنه يمسّ بقدسية الوطن».
ورجّح رداً على سؤال أن نشهد تعيينات في الجلسات الوزارية المقبلة.
وقبل الجلسة، عُقدت خلوة بين الرئيسين عون والحريري. كما تحدّث عدد من الوزراء. وأشاد وزير الدولة لشؤون التخطيط ميشال فرعون بـ «خطوة رئيس مجلس النواب نبيه بري بفتح ساحة النجمة في وسط بيروت أمام المشاة وإزالة كل العوائق. وهو أول ملف إيجابي في العام الجديد».