يا قادة أمة خجلت منكم أمتكم أمام الأمم
اياد موصللي
مضى ما يقارب الشهر على قرار ترامب باعتبار القدس عاصمة لـ«إسرائيل»… ومضى نحو 96 عاماً على ما قاله ناحوم سوكولوف في المؤتمر الصهيوني عام 1922 وجاء فيه: «أورشليم.. انها عاصمة السلام العالمي أما نحن اليهود فسوف نكافح ونتابع كفاحنا لدى هيئة الأمم ولن نرتاح قبل السلام النهائي… انّ جمعية الأمم تهتمّ بنجاح قضيتنا ليس فقط لأنها منحتنا الوصاية، ولكن لأنّ قضيتنا تتعدّى حدود القضايا الدولية لأيّ بلد، ولكن تتضمّن بشكل من الأشكال ازدهار العالم بأجمعه وسيكون المنطلق من أورشليم من حيث أتانا الذلّ ومن حيث سيأتينا النصر الكبير».
بعد 96 سنة تجدّد الموقف الأميركي ونفذ الوعد وبالنسبة لـ«إسرائيل» تحقق الحلم.. بفلسطين وبالقدس عاصمة لدولة إسرائيل»، تخطيط وتنفيذ لما رسم في الذهن والمعتقد وتحقيق لمشروع كان أشبه بالحلم والوهم.. هنالك مثل من بلادي يقول: «الرزق الداشر يعلم الناس الحرام».
لذلك حقق اليهود مشروعهم بكلّ تفاصيله للمرحلة الأولى.. إنشاء دولة.. ونشأت الدولة أما البقية فتأتي تباعاً.. عبر مخطط نفذ قسم منه ويبدو انّ التتمة بدأ العمل بها.
فما هو هذا المخطط؟
قبل ان نشرح ونحلل وقبل يأتي من يقول إنها افكار خيالية ننسبها لليهود والمشاريع التي يفكرون بها، نتوقف قليلاً عند تصريح نتنياهو الأخير حيث قال: «قمنا باتصالات واسعة مع بعض الدول العربية والخليجية التي أبدت رغبتها في تطبيع علاقاتها مع إسرائيل رغم الأوضاع الحالية وسنمضي في مخططنا». هكذا جاء تصريح نتنياهو وكما نقل في تلفزيون «الميادين»… ثم صدر قرار بضمّ الضفة لسلطة «إسرائيل» وبهذا تحقق كلّ المخطط..
فالقدس التي يعتبرها اليهود عاصمتهم الأبدية والتي منحت لهم باعتراف أميركي رغم رفض العالم ورفض الفلسطينيون والعرب. رفضنا القرار الأميركي واتخذنا إجراءات خطابية وتظاهرات جماهيرية ومؤتمرات ومهرجانات واستعراضات… تماماً رددنا على كلّ خطوة عملية بموقف كلامي كما حدث عندما منحت الأمم المتحدة لإسرائيل الحق بمساحة 55 من فلسطين ومن شدة وطأة الخطابات والمهرجانات أخذت اسرائيل كلّ فلسطين، وها هي الآن تأخذ اعترافاً بالقدس عاصمة لها…!
وإذا قمنا بجرد حساب للأحداث التي مرّت بها أمتنا وأخذنا بالقياس المقارن بين وقائع وتطورات ومراحل تلك الأحداث وقارنّاها مع ما خطط له العدو ونفذه لوجدنا أننا لسنا أمام نبوءة بل أمام حقيقة ساطعة ينطبق عليها المثل: «في الصيف ضيّعت اللبن».
الشعوب ضائعة موزعة بين وعي وإدراك للأخطار التي تهدّد أمتنا ولا تملك القرار والفعل… وبين قسم ساه غير واع ولا مبال وحكومات عائمة على بحر الأوهام… خاوية خالية من أية تطلعات فكرية قومية وطنية بناءة. حكومات تمثل سلطات خارجية ولا تمثل أبداً إرادة أمة أبت أن يكون قبر التاريخ مكاناً لها في الحياة…
هذا هو عدوّنا واضح الصورة والأهداف يسير أمامنا نحو هدفه بجرأة وثبات، ونقف نراقب او نمالئ بمنتهى العجز والضعف والاستسلام… و»لن يغيّر الله ما يقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم»… لذلك حالنا من سيّئ إلى أسوأ تغيّرت صور الحكام والبراويز المحيطة بها ولكن حقيقتهم وتخاذلهم وضعفهم وعمالة بعضهم لم تتغيّر.. نستكين ونطاطئ الرأس واليهود في المقابل يعلنون كما جاء في البروتوكول الاول صفحة 183: «حقنا منبعه القوة وكلمة حق وجدانية معنوية ليس على صحتها دليل.. أعطني ما أريد فأبرهن بذلك على أنني أقوى منك وتتميّز قوّتنا في هذه الحالة الرجراجة على قوة أخرى بميزات أمنع وأقوى وتبقى وراء الستار حتى يحين وقتها فتضرب ضربتها وهي عزيزة ولا حيلة لأحد من النيل منها أو الوقوف في وجهها.
«إسرائيل» مشروع عدواني مستمرّ لأنه نتاج عقيدة آمن أتباعها بأنهم شعب مختار وكلّ ما عداهم هو من «الغوييم»، ايّ الغوغاء الذين لا يستحقون الحياة وكلّ تفكير بـ»إسرائيل» على غير هذا الاساس هو كفر ووهم…
فـ«إسرائيل» تفتعل الأحداث وتقتنص الفرص من أجل ارتكاب عمل يتمّم مخططاتها ويحقق نواياها المتجدّدة دائماً القائمة أساساً ووجوداً على الدماء.. وهم يعترفون بذلك بوضوح كعقيدة يؤمنون بها كما جاء في البروتوكول الأول صفحة 186 إذ يقول: «دولتنا الماضية قدماً في طريقها طريق الفتح السلمي من حقها ان تبدّل أهوال الفتن والحروب بما هو أخفى على العيون وبإصدار أحكام بالموت ضرورية ومن وراء الستار فيبقى الرعب قائماً وقد تبدّلت صورته ويؤدّي ذلك إلى الخضوع الأعمى… فالشراسة غدت العامل الأقوى والأكبر للدولة.
لذلك أعجب عندما أقرأ وأسمع عن الاجتماعات واللقاءات بحثاً عن السبل الآمنة والطرق السالكة فالبحث عن السلم وتوسله باستسلام وخضوع لن يؤدّي إلا إلى الذلّ.. فلن ينفع التوسّل والاستنجاد وتقبيل الأيادي مع جمع من الناس هذا هو إيمانهم وهؤلاء لا ينفع في مواجهتهم إلا وقفة العزّ التي وحدها تمثل الجواب الشافي.
نكبنا لا بسبب ضعفنا بل بسبب إضعافنا من سلطات عميلة متآمرة، ولكن ليس عاراً ان ننكب بل العار ان تحوّلنا النكبات من أمة قوية الى أمة ضعيفة… لذلك سنقاتل اليوم وكلّ يوم ونعود لما قاله سعاده: اننا نواجه الآن أعظم الحالات خطراً على وطننا ومجموعنا فنحن أمام الطامعين المعتدين في موقف يترتب عليه إحدى نتيجتين أساسيتين هما الحياة والموت واية نتيجة حصلت كنا نحن المسؤولين عن تبعاتها..
وسيبقى السيف الإسرائيلي يلعب في رقابنا ما دامت هذه الرقاب محنية على النطع وسيبقى سيفهم أشدّ فتكاً من ألسنتنا التي تلعق يد الظلم والبطش… والسيف أصدق انباء من الكتب..
لن نعيد الكلام ونكرّر اللطم على أمة خجلت من عارها الأمم فشعوبنا أصبحوا مثل حكامنا يدفنون الرأس وراء المذياع ومنابر الخطاية.. اميركا تدعم «إسرائيل» وتبرّر تصرفاتها وتحصنها ضدّ أيّ إجراء إدانة ونحن نكرّم رئيسها نجمع له حكام الدول للانحناء والخضوع ونرقص أمامه بالسيف والترس ونقدّم له الأموال.
ويحكم… إذا لم تكونوا أحراراً من أمة حرة فحريات الأمم عار عليكم.. ليس بإحناء الرأس نحمي الحرمين وثاني القبلتين ولا مهد المسيح وكنيسة القيامة.
المسألة الآن عادت الى محورها الأساس واكتملت المرحلة الأولى أصبحت إسرائيل تسيطر على كامل فلسطين بما في ذلك القدس.. فمشروعها تحقق في جزئه الأساس وأصبحت «الدولة اليهودية» قائمة وعاصمتها القدس ونعود لما جاء في الصفحة 2015 من البروتوكول الخامس حيث يقول:
«متى ولجنا أبواب مملكتنا لا يليق بنا أن يكون فيها دين آخر غير ديننا وهو دين الله الواحد المرتبط به مصيرنا من حيث كوننا الشعب المختار وبواسطته ارتبط مصير العالم بمصيرنا فيجب علينا ان نكنس جميع الأديان على اختلاف صورها.. وإصرارهم على يهودية الدولة جزء من هذا المفهوم..
قرار عملي فعلي اتخذته سلطات الاحتلال الصهيوني رغم كلّ مناقضاته لقرارات الأمم المتحدة القاضي بتقسيم فلسطين ووضع القدس تحت سلطة دولية.. فعلت «إسرائيل» ما تريد ونحن ما زلنا وسنبقى كلاماً بكلام وحتى الكلام فارغ دون محتوى أو مضمون..
حتى الآن لم يصدر من الدول العربية وجامعتها المخزية قرار واحد عملي إجرائي ضدّ كلّ دولة تؤيد «إسرائيل» في ما تقوم به من أعمال.. ونذكر المثل المصري «اسمع كلامك يعجبني أشوف افعالك أتجنن».
القرار الأخير الذي اتخذته السلطة الإسرائيلية معناه الواضح إعلان الدولة اليهودية وعاصمتها القدس… وبعدها سنقول وداعاً يا أقصى وكافة المقدسات الإسلامية والمسيحية.
وتبدأ المرحلة الثانية في إتمام تنفيذ المؤامرات التي قاموا بها في العراق ثم في الشام ويحاولون القيام بها اليوم في إيران ومصر.
وفي هذا الخصوص نعود لما قاله كسينجر في 27/11/2011 «انّ إيران ستكون المسمار الأخير في النعش الذي تجهّزه أميركا و»إسرائيل» لكلّ من إيران وروسيا بعد ان تمّ منحهما الفرصة للتعافي والإحساس الزائد بالقوة وبعدها سيسقطان وللأبد لتبني مجتمعاً عالمياً جديداً لن يكون إلا لقوة واحدة وحكومة واحدة هي الحكومة العالمية السوبرباور وقد حلمت كثيراً بهذه اللحظة التاريخية.
ونذكر شعبنا وشعوب عالمنا العربي… عوا مهمتكم بكامل خطورتها ولا تخافوا الحرب بل خافوا الفشل.. ففي الفشل النهاية المخزية..
ونقول لجامعة العربان… اتخذي بحق أميركا والدول المؤيدة لـ«إسرائيل» والممالئة والدول العربية التي تجري اتصالات بها قراراً يساوي القرار الذي اتخذته بحق الجمهورية السورية عند مجابهتها للعدوان الذي تعرّضت له..
نردّد مع المثل الشائع «اذا لم تستح فافعل ما تشاء».
ولسوف تسمعون من الآن صوت الأجيال في التاريخ يناديكم:
يا عرب يا بؤساء تقدّمون الطاعة والولاء
لمن باعكم واحتقركم ورماكم بالوباء والبلاء
استقبلتم ترامب ووقفتم أمامه أذلاء
وجعلتموه وسيطاً بينكم وبين اليهود الدخلاء
فأعطاهم القدس عاصمة وأصبحتم في الخلاء
كنتم خير أمة فلماذا وهنتم وأصبحتم حقراء
ملكتم المال وفقدتم العزة والشهامة
وأصبح الخضوع والخنوع لكم علامة
ستبقى اللعنة تلاحقكم من يوم الدين ليوم القيامة
لن ينفعكم الندم ولن يعيد إليكم الكرامة
وكلّ عار أصاب بلادنا تحملون عنه الملامة
إلام يبق الذلّ عنوانكم وتدنسوا العمامة
وصفكم الرب بالكفر والنفاق
فأصبحتم يا عربان ترون اليهود اخوة ورفاق
وهم يعتبرونكم من القمامة…!