موسكو: انعقاد مجلس الأمن لبحث الوضع في إيران انتهاك لسيادتها وواشنطن تبحث عن ذريعة لتشديد الضغط على طهران
عقد مجلس الأمن أمس، جلسة مشاورات مغلقة بناء على مبادرة من روسيا قبيل جلسته المخصصة لبحث الوضع في إيران، وأكدت البعثة الدائمة للاتحاد الروسي عقد مشاورات لمجلس الأمن الدولي لـ«مناقشة المبادرة الأميركية»، عشية اجتماع مجلس الأمن بشأن الاحتجاجات في إيران.
وانتقدت موسكو الضغوط التي تمارسها واشنطن لتكريس اجتماع مجلس الأمن لبحث الوضع في إيران، فيما لم يتضح ما إذا كان أعضاء آخرون في المجلس سيدفعون في اتجاه تصويت إجرائي يحول دون عقد الاجتماع، إذ ترجّح مصادر دبلوماسية أن تطلب روسيا تصويتاً إجرائياً في مستهلّ الاجتماع للبت في مسألة إدراج الوضع في إيران على جدول أعمال المجلس.
ويتطلّب إدراج المواضيع الجديدة على أجندة الجلسة، موافقة تسعة من أعضاء مجلس الأمن الـ15، فيما لا يمكن للأعضاء الخمسة الدائمين استخدام حق النقض لدى التصويت على القضايا من هذا الشأن، أي تلك المتعلقة بالشأن الداخلي للدول.
وكانت قد حذّرت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة نيكي هايلي عشية جلسة مجلس الأمن، من «خطر انزلاق إيران إلى السيناريو السوري»، ودعت المجتمع الدولي إلى «منع حدوث ذلك».
وقالت هايلي في بيان وزع أول أمس: «شاهد العالم الفظائع التي تشهدها سورية، والتي بدأت بعد أن رفض النظام الدموي حق الشعب في الاحتجاج السلمي. علينا ألا نسمح بتكرار ذلك في إيران».
ووفقا للمسؤولة الأميركية، فإنّ «التطورات في إيران تخص مسألة أساسية هي ضمان حقوق الإنسان للشعب الإيراني، إضافة إلى كونها مسألة سلام وأمن دوليين».
وأضاف البيان الأميركي: «إذا حاولت دولة ما عرقلة إجراء جلسة مجلس الأمن، فهي ستفضح نفسها بذلك، مثلما يحاول النظام الإيراني حرمان شعبه من إمكانية أن يسمع صوته»، في إشارة ضمنية إلى موقف الخارجية الروسية القائل «إنّ التطورات الداخلية في إيران، وفي بقية دول العالم لا تدخل في وظائف مجلس الأمن الدولي».
فيما اعتبر سيرغي ريابكوف نائب وزير الخارجية الروسي دعوة واشنطن مجلس الأمن للانعقاد في جلسة طارئة لبحث الوضع في إيران «تعدّياً سافراً على سيادتها»، مؤكداً بأنّ «أميركا تبحث عن ذريعة لتشديد الضغط على إيران»، واصفاً محاولاتها المحتملة لاستخدام الاتفاق النووي لهذا الغرض بأنها «غير لائقة».
وقال ريابكوف: «الولايات المتحدة مستمرة في انتهاج سياسة التدخل المعلن والسري في الشؤون الداخلية للدول بشكل سافر وبلا حرج، كما تتعدى بصراحة على سيادة الآخرين متسترة بشعارات الديمقراطية وحقوق الإنسان».
وأضاف: «لا يمكننا التعامل مع الدعوة الأميركية لاجتماع مجلس الأمن لبحث الوضع في إيران إلا من هذا المنظور، إذ تدعو واشنطن إلى بحث قضية تعدّ شأناً داخلياً إيرانياً بحتاً».
وتعليقاً على تصريحات نائب الرئيس الأميركي مايك بينس، قال الدبلوماسي الروسي: «تتكرّر مثل هذه الدعوات بين حين وآخر، بل وبانتظام. ولا نفهم ما الذي لا يعجب الجانب الأميركي في الاتفاق النووي. إن مضمون الوثيقة معروف جيداً، والأميركيون يتابعون سير تنفيذ الاتفاق، ويشاركون في جلسات اللجنة المشتركة والمناقشات الأخرى».
وكان قد صرّح بينس في وقت سابق لإذاعة «صوت أميركا» «أنّ بلاده تريد اتفاقاً أطول أمداً حول برنامج إيران النووي، يقضي بالإعادة الفورية لكل العقوبات ضدّ طهران في حال حاولت يوماً ما الحصول على سلاح نووي قابل للاستخدام وصواريخ بالستية لإيصاله».
وأضاف الدبلوماسي الروسي: «إذا كانوا يبحثون عن ذريعة لتشديد الضغط على إيران لأسباب لا علاقة لها بالاتفاق النووي، والأمر كذلك حسب ما نلاحظه، فإن ذلك تصرّف غير لائق، لا يتفق مع وضع الدولة العظمى. إنها وسيلة للاستفادة من نيران الأزمة التي يؤججونها هم أنفسهم، ومن دون أي أساس».
يُذكر أنه سبق لريابكوف أن حذّر واشنطن أول أمس من «محاولات التدخل في الشأن الإيراني» ودعاها إلى «عدم استغلال ما تشهده إيران لإجهاض الاتفاق النووي المبرم معها».
وقال: «رغم المحاولات المتكرّرة لتشويه صورة ما يحدث في إيران، نبقى على ثقة تامة بقدرة هذا البلد الجار والصديق لروسيا على تجاوز الصعوبات الحالية التي يواجهها، والخروج من الوضع الراهن بلداً معززاً وشريكاً موثوقاً في تسوية مختلف القضايا بما فيها استمرارية تنفيذ الاتفاق الدولي مع طهران حول برنامجها النووي».
وأضاف: «ندعو الولايات المتحدة في هذه المناسبة إلى عدم اتخاذ أي خطوات من شأنها إعاقة استمرار التعاون الإيجابي والمثمر مع إيران على صعيد برنامجها النووي».
وفي تعليقه على عزم واشنطن تشديد العقوبات ضد طهران، أكد ريابكوف أن «موسكو تعتبر كل العقوبات الأحادية غير قانونية»، مضيفاً: «إذا كان هناك من لا يعجبه جانباً من جوانب سياسة إيران الخارجية، فعليه العمل على تعميق وتطوير الحوار مع هذا الطرف، والبحث عن حلول جماعية للمشاكل القائمة. مع أنه يصعب علي فهم جوهر المطالب الأميركية من سياسة إيران الإقليمية أيضاً».
تجدر الإشارة إلى أن المدن الإيرانية قد شهدت في الـ28 من الشهر الماضي مظاهرات متفرقة استمرت لبضعة أيام، احتجاجاً على غلاء الأسعار والبطالة، سقط خلالها 20 قتيلاً في اشتباكات بين المتظاهرين والشرطة، فيما أوقف الأمن 450 متظاهراً حسب المصادر الرسمية.
فيما أعلن قائد الحرس الثوري الإيراني، محمد علي جعفري عن «انتهاء الفوضى في إيران واندحار منظمي العصيان».