الجيش اليمني يُعيد تأهيل مواقع ثابتة للدفاع الجوّي

نشرت وسائل الإعلام اليمنية، مشاهد مهمة أول أمس يظهر فيها حطام منسوب للمقاتلة متعدّدة المهام «تورنيدو» بريطانية الصنع تابعة لسلاح الجو السعودي، تمّ إسقاطها في أجواء محافظة صعدة، بجانب مشاهد تظهر فيها عملية استهداف لمقاتلة سعودية من نوع أف-15 في أجواء صنعاء.

هذه المشاهد نقلت المواجهات بين الدفاع الجوّي اليمني ومقاتلات التحالف العربي إلى مستوى جديد، بعد عام مضى تم فيه إسقاط أو إعطاب نحو 29 طائرة منها أربع طائرات ذات جناح ثابت، وخمس مروحيات، و20 طائرة استطلاع.

بالعودة إلى تسجيلات أول أمس، فإن التسجيل الأول الذي تظهر فيه عملية تتبّع واستهداف مقاتلة من نوع أف 15 في أجواء صنعاء، يُعَدّ من التطوّرات المهمة التي طرأت على أسلوب عمل الدفاع الجوّي اليمني في الظروف الحالية، فقد تمّ تسجيل عملية التتبّع والاستهداف بواسطة منظومة التتبّع والاستشعار الحراري بعيد المدى Ultra-8500 من إنتاج شركة Flir، وهي منظومة مخصّصة للعمل على متن المروحيات من أجل مهام المراقبة والدورية، وعمليات البحث والمطاردة. وتوفر صوَراً عالية الجودة وواضحة التفاصيل ليلاً أو نهاراً، وقد حصلت القوات الجوّية اليمنية على ثلاث منظومات منها في تموز 2009، ضمن مساعدات قدّمتها وكالة التعاون الأمني الدفاعي التابعة لوزارة الدفاع الأميركية إلى السلطات اليمنية وقتها.

يظهر في التسجيل قيام طيّار المقاتلة بتشغيل محرّكها على الطاقة القصوى بمجرّد تنبيه أجهزة الطائرة له بانطلاق الصاروخ اليمني باتجاهها، ومن ثم أطلق الطيّار المشاعل الحرارية التضليلية لمحاولة منع الصاروخ من الاقتراب من بدن الطائرة، إلا أن هذه المحاولات فشلت وانفجر الصاروخ بأحد المشاعل الحرارية لحظة انطلاقها من بدن الطائرة، ليلحق أضراراً ببدنها من دون أن يوضح التسجيل مصير الطائرة عقب الاستهداف، وحجم الضرر الذي لحق بالبدن. يُرجّح أن الصاروخ الذي تمّ استخدامه هو واحد من النوعين اللذين سبق ذكرهما، نظراً لأن الموجة الانفجارية للصاروخ كانت محدودة القوة والتأثير، وهو على عكس ما يحدث في حال استخدام صواريخ الدفاع الجوّي مثل سام-2، الذي تبلغ زنة رأسه المُتفجّرة 200 كجم.

في ما يتعلّق بالتسجيل الثاني، فإنه يُظهر حطاماً منسوباً لمقاتلة سعودية متعدّدة المهام من نوع تورنيدو، سقطت في محافظة صعدة شمالي اليمن، ويظهر من ضمن الحطام جنيحات التوجيه الخاصة بأجنحة المقاتلة، وأجهزة خاصة بقمرة القيادة، بجانب جزء من حاوية القنابل العنقودية .BL755

يُذكر أنه وبالرغم من استهداف المقاتلات التابعة للتحالف لأغلب مواقع الدفاع الجوّي اليمنية، لكن وحدات الجيش اليمني نجحت في إعادة مواقع عدّة إلى الخدمة، ومنها موقع لصواريخ سام-2 الروسية الصنع خلال عام 2016.

وكان واضحاً أن أية إعادة لتأهيل مواقع ثابتة للدفاع الجوّي لن يكون لها أيّ تأثير ميداني نظراً للتفوّق الجوّي لطيران التحالف الذي بالقطع لن يترك أيّ موقع للدفاع الجوّي قابلاً للاستخدام العملياتي، لذا قامت وحدات الجيش اليمني بمحاولات لإيجاد منظومات للدفاع الجوّي ذاتيّة الحركة، تتميّز بسهولة النقل وسرعة الاشتباك، وكانت هذه المحاولات مُستوحاة من تجارب سابقة قام بها الجيش الصربي في تسعينيات القرن الماضي، وحاولت تطبيقها جيوش دول عدّة من بينها الأرجنتين والعراق وليبيا، وذلك بإجراء تعديلات على الصواريخ قصيرة ومتوسّطة المدى الخاصة بالاشتباك الجوّي، والمُخصّصة للعمل كصواريخ جو جو يتمّ إطلاقها من على متن المقاتلات.

بالفعل تم تنفيذ بعض التعديلات على الصواريخ ذات التوجيه الحراري التي امتلكها سلاح الجو اليمني وكانت عاملة على متن المقاتلات الرئيسية في ترسانته هي المقاتلة الروسية ميج 29، وهما الصاروخان R-73 الذي يصل مداه في نسخته E إلى 30 كم، والصاروخ متوسّط المدى R-27 الذي يبلغ مداه في النسخة T إلى نحو 60 كم. حصل سلاح الجو اليمني على 166 صاروخاً من النوع R-73 ما بين عامي 2002 و2005، ومئة صاروخ من النوع R-27 عام 2001، وقد سمحت التعديلات التي نفّذها الجيش اليمني على هذين النوعين بإطلاقهما من منصّات ذاتيّة الحركة، بعد تزويدهما بالطاقة اللازمة للإطلاق من مصدر كهربائي منفصل، ومن ثم الاستفادة من بواحثهما الحرارية لاستهداف المقاتلات والطائرات من دون طيّار، بحيث يتم إسقاطها أو تحقيق أضرار بها عن طريق الرأس الحربي المُتشظّي الموجود في كلا الصاروخين بوزن 7 كجم في الصاروخ R-73 و39 كجم في الصاروخ .R-27

وقد نجحت تجربة هذه الصواريخ في مناسبات عدّة من بينها استهداف مقاتلة أف 16 في حزيران الماضي، ومقاتلة من نوع أف15 في أيار من العام نفسه، وكان النجاح الأكبر لهذه الصواريخ في تشرين الأول الماضي، حين أسقط أحدها طائرة هجومية من دون طيّار من نوع MQ-9 Reaper في أجواء صنعاء.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى