بوتين يبحث مع مجلس الأمن الروسي ملفّي سورية ومؤتمر «سوتشي».. وزاخاروفا تكشف أنّ الأوضاع في الرقة لا تزال معقّدة للغاية
بحث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مع الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الروسي التطوّرات الأخيرة في سورية وإعداد مؤتمر الحوار الوطني السوري المزمع عقده في سوتشي.
وقال المتحدّث الرسمي بِاسم الكرملين، دميتري بيسكوف، في مؤتمر صحافي، إنّ الاجتماع الذي ترأّسه بوتين «تطرّق إلى قضية التسوية السياسية في سورية، بما في ذلك التحضير لمؤتمر الحوار الوطني السوري في سوتشي».
وأشار بيسكوف إلى أنّ «بوتين أبلغ المشاركين في الاجتماع بمكالمته الهاتفية المفصّلة التي أجراها مساء أول أمس مع الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان»، فيما أضاف أنّ المباحثات في مجلس الأمن شملت أيضاً «مسألة عمل مناطق خفض التصعيد في سورية».
وفي السِّياق، أعلنت وزارة الخارجية الروسية أمس، أنّ تصريحات بعض المسؤولين الأميركيّين تؤثّر سلباً على موقف المعارضة السوريّة من مؤتمر الحوار السوري المقرّر عقده في سوتشي.
وقالت المتحدّثة بِاسم الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، في مؤتمر صحافي لها، إنّ «القائم بأعمال مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون «الشرق الأوسط»، ديفيد ساترفيلد، أعلن يوم 11 كانون الثاني، أنّ الولايات المتحدة تعتزم القيام بخطوات بشأن سورية عبر الأمم المتحدة باتجاه معاكس لمؤتمر الحوار الوطني».
وأشارت: «لقد قلنا أكثر من مرة، إنّ عمليات جنيف وأستانة ومؤتمر سوتشي مرتبطة ببعضها البعض. وكلّها تُعتبر عناصر عملية التسوية».
وتابعت قائلة: «والآن، أصبح من الواضح لماذا تعلن بعض مجموعات المعارضة السورية عن عدم وجود مواقف واضحة لديها بشأن المؤتمر. ومن الواضح من يقف وراء المعارضة ومن يعرقل التسوية ».
وأضافت زاخاروفا: «ربما يتوهّم البعض بأنّ روسيا ستتخلّى عن الموقف المبدئي بشأن دعم التسوية السياسية في سورية على أساس قرار 2254 لمجلس الأمن الدولي، وعن الجهود للتحضير لمؤتمر الحوار الوطني السوري في نهاية كانون الثاني».
وتابعت: «وإذا كانت لدى أحد، ونحن نعرف اسمه وهو السيد ديفيد ساترفيلد، مثل هذه الأوهام، فإنّكم لن تنجحوا على الرغم من كافة الجهود التي تبذلونها».
وقد جاء ذلك ردّاً على تعليقات القائم بأعمال مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون «الشرق الأوسط»، ديفيد ساترفيلد حول أنّ الولايات المتحدة لن تعتبر مؤتمر الحوار الوطني السوري في سوتشي شرعياً.
وأشارت زاخاروفا كذلك إلى أنّه «في الأيام الأولى من عام 2018 اشتدّت في سورية بشكل ملحوظ استفزازات مسلّحي «جبهة النصرة» وفصائل التشكيلات المسلّحة المتطرّفة، وكانت هناك هجمات على مواقع العسكريّين الروس».
وأضافت أنّ هناك تساؤلات بهذا الشأن لدى موسكو: «من أين حصل الإرهابيون على وسائل جديدة مبدئياً لخوض العمليات القتالية، ولماذا ظهرت بين أيديهم الآن بالذات؟»، أي في الوقت الذي تتعزّز فيه «التوجّهات نحو استقرار الأوضاع السياسية في سورية، وتجري تهيئة ظروف مواتية لتحقيق التسوية السياسية وعودة البلاد إلى حياة سلميّة».
وتساءلت: «هل يأتي ذلك بسبب أنّ هذا التطوّر للأحداث لا يروق لبعض القوى المتنفذة، ولأنّ روسيا تلعب الدور الأكثر أهمية فيه؟».
وتطرّقت زاخاروفا إلى موضوع الوضع الإنساني في مدينة الرقة السوريّة، التي حرّرتها «قوات سورية الديمقراطية» المدعومة من قِبل التحالف بقيادة الولايات المتحدة من قبضة تنظيم «داعش».
وقالت إنّه «يتهيّأ في وسائل الإعلام الغربية والدوائر السياسية ما يصعب تسميته، إلّا بتواطؤ الصمت حول الوضع الحقيقي في الرقة. ويأتي ذلك من أجل عدم الإساءة إلى سمعة واشنطن وحلفائها، التي لا تمتلك أسساً قانونية لتواجدها في سورية. وفي الوقت ذاته تستمر محاولات تأجيج وتشويه صورة ما يحدث في الغوطة الشرقية وإدلب».
وأشارت زاخاروفا إلى أنّ الأوضاع في الرقة لا تزال معقدة للغاية، حيث هناك ألغام وقذائف لم تنفجر في الكثير من أحياء المدينة، وألحقت أضراراً بـ 80 في المئة من المباني ولا تعمل منظومة إيصال المياه، ولا يوجد كهرباء إلّا في بعض الأحياء. كما لا يزال كَمّ كبير من الجثث تحت الأنقاض، ما يهدّد بانتشار الأوبئة، ولا تزال الوكالات الأمميّة المختصة غير قادرة على تقييم الوضع.
وأضافت أنّ «أسباب هذا الوضع واضحة، وهي تكمن في استخدام ما يُسمّى بالتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة للقوة بشكل عشوائي، وبعد ذلك التلاعب بتشكيل إدارة محلّية غير خاضعة للسلطات السوريّة الشرعية في دمشق».
ميدانياً، هزيمة ميدانية نكراء وانكسار جديد منيت به الفصائل الإرهابية المدعومة من النظام التركي في ريف إدلب، بعد إفشال وحدات الجيش السوري الهجوم المعاكس الذي شنّه ارهابيّو «الحزب التركستاني» أمس الأول بالتنسيق مع ضباط أتراك من محور عطشان – خوين في ريف إدلب.
الفصائل الإرهابية حاولت إحداث خرق ميداني في المواقع التي سيطر عليها الجيش العربي السوري مؤخراً بريف إدلب، وأطلقت هجوماً يمكن وصفه بالانتحاري بُغية رفع المعنويات المنهارة للفصائل الإرهابية المتحالفة، وفي محاولة يائسة لإيقاف الانهيارات المتتالية في صفوفها أمام زحف متسارع لقوات الجيش نحو مطار أبو الضهور العسكري.
وكانت مصادر ميدانية أكّدت استعادة الجيش السوري وحلفاؤه في محور المقاومة معظم النقاط التي تراجعوا عنها جرّاء هجوم «جبهة النصرة» والجماعات المرتبطة بها في ريف إدلب الجنوبي الشرقي.
وكان الهجوم انطلق من مواقع «النصرة» في تلّ أغبر وتلّ سكيك، ومن مواقع أخرى باتجاه نقاط الجيش وحلفائه في محيط عطشان وتلّ مرق والخوين وأرض الزرزور وأم الخلاخيل في ريف إدلب الجنوبي الشرقي.
وأعلنت فصائل مسلّحة إطلاق عملية هجوم معاكس على مواقع الجيش السوري التي سيطر عليها في ريف إدلب الجنوبي الشرقي.
وشارك في العملية كلّ من «أحرار الشام وجيش الأحرار وفيلق الشام وجيش إدلب الحر وجيش العزّة وجيش النصر والحزب الإسلامي التركستاني وهيئة تحرير الشام» على عدّة محاور، في محاولة لصدّ تقدّم الجيش السوري وايقاف تقدّمه للسيطرة على مطار أبو الظهور الحربي.
ونشر ناشطون تسجيلات مصوّرة تظهر استخدام «فيلق الشام»، وهو أحد فصائل درع الفرات للعربات التركية الثقيلة والمدافع التي تمّ تسليمه إيّاها خلال قتال تنظيم «داعش» في ريف حلب.
وفي ريف حلب الجنوبيّ الشرقيّ حرّر الجيش السوريّ وحلفاؤه في محور المقاومة قرى علف وأم غراف وأم غبار وصبيحة وعيطة وأم سنابل جنوب غرب خناصر بعد مواجهات مع «جبهة النصرة» والفصائل المرتبطة بها.
من جهته، لفت المرصد السوري المعارض إلى أنّ حالة من الهدوء الحذر تسود جبهات القتال في ريفي حماة الشمالي وإدلب الجنوبي الشرقي، وذلك عقب تمكّن الجيش باستعادة كامل المناطق التي خسرتها باستثناء قرى الزرزور وأم الخلاخيل ومشيرفة شمالي.
ونشر الإعلام الحربي مشاهد تظهر تقدّم الجيش السوري ريف حلب الجنوبي الشرقي حيث فجّر مستودع عبوات ناسفة لـ»جبهة النصرة» في أم خان.
كذلك سيطر الجيش السوري على عدد من النقاط في محيط كتيبة حفظ النظام شرق مدينة حرستا في الغوطة الشرقية لدمشق بعد مواجهات مع المجموعات المسلّحة المنتشرة في المنطقة.