الانتخابات ما زالت في دائرة الخطر؟
حسين حمّود
تراجعت حماوة السجالات بشأن ما سُمّي «مرسوم دورة عون» بين رئيس الجمهورية ميشال عون والتيّار الوطني الحرّ» من جهة وبين رئيس المجلس النيابي نبيه بري وحركة أمل من جهة أخرى، بعد تداول حلّ في الكواليس السياسية، يبدو أنه سيُرضي الطرفين، بالرغم من بعض الاعتراضات عليه من جانب محازبي الرئيسين.
وكما بات معلوماً، فإن هذا الحل يقضي بدمج مرسومَي الترقيات للضبّاط والأقدمية ليوقع عليهما وزير المال علي حسن خليل.
«الحل العاجل والطارئ»، اقتضته الحال السياسية المتردية التي وصل إليها، التي شارفت على انهيار الاستقرار الذي ينعم به لبنان منذ التوافق الرئاسي الثلاثي على معظم الشؤون السياسية والاقتصادية والإنمائية والأمنية، ما وفّر للبنان مظلة أمان داخلية، مدعومة من جهات أجنبية لها مصالحها في ترسيخ استقرار الوضع اللبناني. لكن «هزّة المرسوم»، خلخلت الوضع، وكانت لها ارتدادات على مجمل الوضع السياسي، لكن التهديد الأبرز لها دهَم الانتخابات النيابية التي بات مصيرها، باعتراف كل الأوساط السياسية، في خطر شديد ولن يكتب لها النجاح بالرغم من قسوة انتظارها على مدى سنوات عديدة، تخللتها تجاذبات شديدة وسجالات حادة رُفعت فيها السقوف والسيوف، في حلبات صراع مديدة.
لكن هل زال الخطر؟
برأي بعض الجهات السياسية «لا»، بل أصبح التهديد الماثل في وجه الاستحقاق الانتخابي أخطر بكثير من السابق، وذلك بفعل تطور سياسي لم يكن متوقعاً، أقله، في هذه المرحلة وهو تفكّك المحور السعودي في لبنان أو في أقل الحالات اهتزازه، ولا سيما بعد إعلان رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط انسحابه منه وانتقاده سياسات العائلة السعودية الحاكمة وأمرائها.
ويُضاف إلى هذا التطور، الانقسام الحاد الذي برز قبل ذلك في صفوف تيّار «المستقبل»، بعد أزمة رئيس الحكومة سعد الحريري مع السعودية، بين متمسك بالعلاقة مع الرياض مثلما هي وبين رافض لاستمرارها كما هي، بعدما تبين بالملموس أنها علاقة تبعية للسعودية، وعلى عماها مهما كانت الارتدادات السياسية، ليس على لبنان وحسب، بل حتى على التابعين لها. وهذا ما ظهر بعد ترويج الرياض لإمكان استبدال سعد الحريري في قيادة تيّار «المستقبل» وفي رئاسة الحكومة، بشقيقه بهاء.
وفي مقابل، ابتعاد جنبلاط عن السعودية وفتور علاقة الحريري بها، لم يبقَ للمملكة سوى الوزير السابق أشرف ريفي وسمير جعجع والتنظيمات التكفيرية، وهم في أضعف حالاتهم، سياسياً وشعبياً، علماً أن القوى السياسية الفاعلة، في قوى 14 آذار، لم تحسم مسألة التحالف مع القوى المذكورة حتى الآن.
لذلك، فإن السعودية من مصلحتها راهناً، أن تسعى بكل جهودها لتطيير الانتخابات المقرّرة في شهر أيار المقبل، لأن تكوين السلطة الجديدة في لبنان لن يكون بأي حال من الأحوال، وفق ما تبغيه، بعد السياسات التي رستها مع أبرز حلفائها في الداخل والمخططات التي سعت إلى تنفيذها في المحيط، وكلها آل إلى الفشل. لكن ونتيجة لذلك، فإن معظم الأوساط السياسية اللبنانية وعلى اختلاف توجّهاتها وانتماءاتها الحزبية، تؤكد أن الانتخابات حاصلة في موعدها، وإن حاولت الرياض تعطيلها، فمعركتها ستكون مع الغرب الذي يضغط باتجاه حصول الانتخابات في موعدها المقرّر لاعتبارات مصلحية عديدة.