حزب الله سهّل على الحريري المهمّة
روزانا رمّال
كشف مصدر رفيع لـ«البناء» أن حزب الله وبعد الأزمة الأخيرة التي عاشها سعد الحريري جراء إعلان استقالته من الرياض قرّر تقديم كل ما يُساعد الحريري على استكمال المهمة الصعبة في هذه الظروف التي تعيشها المنطقة، باعتبار الخطوة خياراً «وطنياً»، وذلك بعد أن تبين أن الحريري هو من أكبر عوامل الاستقرار السياسي على الساحة اللبنانية في هذه المرحلة. واضاف المصدر «كان هناك «تمنٍّ» من مصادر رئاسة الجمهورية أن يتم تسهيل المهمة امام الحريري، وكان هناك حرص وطني كبير من الرئيسين بري وعون على تنفيذ المهمة. ويتابع المصدر «حزب الله خفّف من تصريحاته المتعلقة بالملفات الإقليمية القادرة على إحراج الحريري في ما يتعلق بـ«اليمن» تحديداً، وهو أكثر ما يستفزّ السعودية. وهو ما أكد عليه الحريري في مقابلة له بالأمس لصحيفة أميركية هي وول ستريت جورنال وكلام الحريري، حسب المصدر لا يأتي من فراغ. فهو يعتبر أن حزب الله عامل استقرار في الحكومة أي في لبنان نتيجة تمسك الحزب بالمحافظة على تماسك واستقرار الحكومة. وقد وصلت هذه الأصداء بقوة للحريري، وبالتالي صار خطاب الحريري مبنياً على معادلة التوازن الداخلي والمحافظة على الحكومة وفق قاعدة تقديم ما يلزم من الاطراف كافة.
أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله قدّم قبل عودة الحريري بأيام قليلة موقفاً قوياً باتجاه مساعدة المعنيين الإقليميين والدوليين بالوساطة لإعادته الى لبنان، والتي دخلت دول أساسية على خطها عرف منها فرنسا والامارات قال فيه إن «عمليات حزب الله في العراق تنتهي بانتهاء الحرب على داعش هناك، والتي وصلت لنهايتها، ما يعني أن هذه هي خطته أيضاً في سورية واليمن أي «العودة» الى لبنان بانتهاء العمليات بدون أن يكون هناك أي نية لتقديم موقف فيه رغبة توسعية لحزب الله، كما توحي الأجواء الخليجية حول تمدّد نفوذ إيراني عبر حزب الله وتغلغله فيها. وتقول مصادر «البناء» إن هذا الخطاب كان مفصلياً لجهة ترتيب عودة الحريري مع تقديم ما يلزم. وهو ما اعتبره الطرف السعودي خطاباً فيه بعض التراجع الكلامي المحسوب أو المدروس من قبل حزب الله الذي يساعد المملكة بقبول التخلّي عن الحريري والعودة الى لبنان.
تتقدم اليوم الانتخابات النيابية لتعود وتطفو على السطح. وهي وحدها أحد أكبر ما يمكن أن يشكل عامل قلق جديد للمملكة العربية السعودية التي اعتادت على حسابات الأكثريات والأقليات. وقد ضمنت لما ناهز عشر سنوات على أكثرية نيابية لحلفائها مع ما شابهم من تفاوت في التموضعات طيلة هذه الفترة ليأتي اليوم سبب جديد للقلق يبدأ فيها النائب جنبلاط بثّ هذا القلق للسعوديين بعد إعلانه الانسحاب من فريق 14 اذار رسمياً، وهو كلام واضح لمن تسوّل له نفسه حول تعويم جنبلاط وإغرائه بما يمكنه من التموضع قبل الانتخابات الى جانب السعودية.
التسهيلات التي منحها حزب الله لإعادة التوازن بالمرحلة شكل عاملاً جدياً من عوامل الهدوء على الساحة السياسية لينتقل الكباش الخفي الواقع بين القوات اللبنانية والكتائب اللبنانية وتيار المستقبل ليؤكد شرذمة تحالف عريض لا يمكن أن تُعاد لملمته من دون ابتكار طريقة ما بدت خطوة النائب غطاس خوري ولقاءاته بالقواتيين بالأمس، أحدها من دون أن تكون مؤشراً على ان العلاقة المتينة او الجيدة ستعود بين الحريري والقوات إلا إذا تمّت المحافظة على بعض التحالفات المصلحية بين القوات والمستقبل فتصير المعادلة تشبه المعادلة بين حزب الله والمستقبل «خلاف على ملفات الخارج واتفاق على الداخل»، لتكون خلافات على الملفات الداخلية واتفاق على الملفات أو التحالفات الخارجية، أي عدم التخلي عن التحالف الأساسي مع السعودية، بل والمحافظة عليه. وهو الأمر الذي تحرص كتلة المستقبل على التذكير فيه وآخر تذكير كان للنائب وليد جنبلاط.
بالعودة لحزب الله وحرصه على مهمة الحريري، فإن التمسك بهذا الاستقرار السياسي يعني إدراك حزب الله أهمية التقدّم الذي حققه على الساحة اللبنانية وعدم الحاجة للمخاطرة بهذا الاستقرار وخسارة الساحة الاهم بالنسبة اليه وهي القادرة على دعمه في حركته الخارجية في كل مرة استتب فيها الاستقرار. بالتالي فإنه وبالمكان الذي يستطيع حزب الله تقديم التسهيلات فيه من دون أن يبدو ذلك تراجعاً في حركته الإقليمية ولا ضرراً على موقفه المحلي، فإن هذا سيكون موقفه الغالب في المرحلة الحالية لأن التحديات التي كان يعيشها الحزب انتهت اليوم بارتياح حلفائه الأساسيين في المنطقة لجهة دعم الرئيس السوري بشار الأسد واستعادة زمام الأمور تدريجياً في سورية ولجهة نجاح إيران بالاستحصال على الاعتراف بأحقية الملف النووي الإيراني، بالتالي فإن ما سيخسره حزب الله جراء أي تصعيد في المواقف الكلامية سيكون أكبر وأكثر ضرراً مما هو مفترض لطرف يشعر بفائض من القوة المحلية والإقليمية.