من ذاكرة «العصفور الذي أضاع طريقه إلى الشام»
يكتبها الياس عشي
اليوم الثالث من عام 2017
… تلك العادات الصغيرة والبريئة والمتواضعة والخالية من الزيف، جعلتنا، وكنّا ما زلنا في سنيّ الفتوة، نخرج معاً إلى المواجهات الكبيرة، لا فرق بين دين ودين، ولا بين مذهب ومذهب، ولا بين غنيّ وفقير. كنّا جميعاً صوتاً واحداً في ذكرى وعد بلفور، وتقسيم فلسطين، وقيام الدولة العبرية، وسلخ لواء اسكندرون، وحرب السويس. كانت الشوارع، رغم صغرها، تتسع لنا جميعاً، وكانت أصواتنا تصل إلى كلّ بيت فتطلّ النساء مشاركات في الزغاريد والمناديل، فيزداد الشارع وميضاً، وتقوى السواعد، وليحدثْ ما يحدث.. المهمّ أننا هنا.
هكذا عشنا في اللاذقية… هكذا رأيتها… هكذا كانت… إلى أنِ اختفى الكرسيّ من مداخل الحوانيت، وما عاد الناس يكترثون لجنازة تمرّ من أمامهم.