شرّ «المعارضة السورية المعتدلة» ما يضحك…
د. سليم حربا
«المعارضة السورية المعتدلة»… هذا المصطلح الذي أعيا مختبرات أميركا عن إنتاجه وبدل أن يقول الأميركي وجدتها قال إنها فانتازيا، والآن يُطرح هذا المنتج الفاسد أصلاً وغير الصالح للاستهلاك السياسي، ولا حتى البشري إلا في كهوف وأوكار وأنفاق «داعش» و«النصرة» وعلفاً لمن يجترّ الأوهام منذ سنوات، لكن أميركا تريد عبثاً تسويقها وتتلقّفها مملكة الرمال الوهابية وتريد تدريبها وتتسابق مع وريث بني عثمان في تبنّيها وتوظيفها ومع مشيخة قطر لتأميمها لصالح إخونجية تركية قطرية لتثأر لمرسي والقرضاوي، ومع الكيان «الإسرائيلي» الذي يريد تجميعها وصهينتها ليعيد لحد إلى المهد.
إذاً المعارضة السورية المعتدلة هي عبوة بلا عنوان وتنتظر أمبلاج وهابي سعودي أو إخونجي تركي قطري أو عبري صهيوني، والمضمون إرهابي «داعشي» لتصديرها إلى الداخل السوري، تلك العبوة التي امتلأت قيحاً ببقايا الوهابية المتوحشة والإخونجية المجرمة والصهيونية العميلة القذرة، والتي تريد أميركا بضربات تحالفاتها أن تسدد عليها لتفجّرها وتنشر غازها السام وروائحها الكريهة بدل روائح ياسمين الشام وعطر الجوري والجلنار وطعم الزيتون والليمون ونسائم قاسيون والقلمون وحرمون، وها هو المزاد العلني يبدأ في إسطنبول والرياض والدوحة وتل أبيب لشراء وتبنّي هذا المنتج العجيب وكأنه طبخة قرباط وفيه الترياق لطويلي العمر من المشيخات، فتركيا تقسم برأس سليمان شاه أنها لن تترك كردياً في شمال سورية، وستقدم لهم منطقة عازلة، بعدما أيقنت أنها بقواها وحلفائها عاجزة، والسعودية تقسم بفتاوى ورأس محمد ابن عبد الوهاب أنها طبخت ونفخت وأقامت المضارب لتدريبها وتسليحها، وقطر فتحت الجيوب والقلوب، والكيان «الإسرائيلي» يضارب بمال ونفط وحقد الجميع، والتحالف الأميركي يُغازل الجميع، وضربة على المسمار وضربة على الحافر على حساب معاناة ودماء السوريين والعراقيين، إنه البازار الذي يفرّ إليه الإرهاب ليعتدل تحت عباءة الإخوان وطربوش أردوغان وشماخ طويلي العمر، هي عبوة ما يُسمى «المعارضة المعتدلة» تتدحرج وتلملم ما تبقى من إرهابيّي الزمان في كلّ مكان من «داعش» و«النصرة» والجبهة الإسلامية والطالبان، لكنها ستبقى خارج سورية والميدان وستنفجر هناك في «مَن يداه أوكتا وفُوه نفخ»، ولن تُصرف في الميدان الوطني السوري المسوّر بالعزة والكرامة والمحصّن بالوطنية وجيناتها التي لا تباع ولا تشترى ولا تستعار، الميدان الوطني السوري الذي لا صوت فيه يعلو على صوت وكلمات ومفردات حماة الديار الذين يقولون القول الفصل ويدحرون إرهاب «المعارضة المعتدلة» من الغوطة الشرقية بعلوّ كعبهم في الميدان، تحت الأرض وفوقها، ويطهّرون جوبر كما قبلها في المليحة والدخانية وعدرا، وسيطهّرون ما بعدها والحبل على جرار الإنجازات التي لن تتوقف، بل تتكامل مع رياح وأعاصير الأسود من بواسلنا التي تطهّر مورك كما طهّرت ما قبلها وستكتسح ما بعدها، وصولاً إلى حندرات وما بعد بعد حلب وريفها وعين عرب كوباني والحسكة والميادين، والذين غيّروا كل الموازين في كلّ الميادين.
حماة ديارنا الذين يندفعون كالسيل ليلقوا ببقايا الإرهاب في مستنقعات أردوغان علّه يعالجها ويعدلها ويعبئها بعبوات جديدة كصديق وقت الضيق في وجه الشعب التركي.
والمضحك في شر المعارضة المعتدلة السورية أنها ليست معارضة وليست معتدلة وليست سورية وقد اهترأت وصدأت وقتلت ومن يجرب المجرب عقله مخرب، فأربع سنوات وطواحين الهواء تطحن هذا المصطلح وتفسر الماء بعد الجهد بالماء المالح والإرهاب بالإرهاب المعتدل. لذا فلا حقد بني سعود ولا شيطنة وإجرام إخوتهم في التلمود ولا أحلام وهستيريا البغدادي والظواهري والجولاني والأردوغاني يمكن أن تجعل من المستحيل ممكن أو تجعل من الإرهاب معارضة معتدلة أو تلغي ألف باء التاريخ وأبجد وهوز ومغامرات العقل الأولى التي ينطق بها السوري الحقيقي الوطني قيادةً وشعباً وجيشاً، فيا أيها البلهاء رواد بازار المعارضة المعتدلة، هذه بضاعتكم رُدّت إليكم وستكسد في مخازنكم وعندها ستندمون إذا بقي وقت للندم وستعتبرون إذا بقي من يعتبر، وقد أعذر من أنذر.