عون: المساس بسلطتنا أمر غير مقبول ولا غالب ولا مغلوب أمام القضاء
أكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، أن «المساس بسلطتنا أمر غير مقبول». وقال: «نحن نحترم السلطات كلها كما ينص عليها الدستور والقوانين ولا نريد أن نخاصم أحداً، بل على العكس، نريد أن يبقى البلد مستقراً وآمناً». وقال معروفة عنا إرادتنا ببناء وطن.
واعتبر أن «المؤسسات من دون دستور وقوانين لا قيمة لها، لأنها تكون غير خاضعة لمراجع بل للفوضى، وعلى الجميع أن يفهم ذلك»، مشدّداً على أنه بالأمس كان «هناك عدم تفاهم على قانون معين فطلبنا الاحتكام الى القضاء لأن لبنان لديه مؤسسات، من مجلس شورى الى المجلس الدستوري، لا سيما أننا نعتبر أن للقضاء أن يفسر القوانين والمراسيم التنظيمية عندما يقع أي إشكال. وأمام القضاء لا غالب ولا مغلوب، لأن القضاء ينطق بالحق. لكن أن يتم رفض دور مجلس القضايا في مجلس شورى الدولة والدستور، فهذا ليس أسلوبنا ولن نقبل به لأننا نبني وطناً».
مواقف الرئيس عون جاءت خلال كلمة ألقاها خلال مأدبة غداء أقامتها الرهبنة الانطونية بعد القداس الإلهي الاحتفالي بعيد شفيعها القديس انطونيوس في دير مار انطونيوس في بعبدا، بمشاركة اللبنانية الأولى السيدة ناديا الشامي عون.
وقال: «إننا نعمل من أجل تحسين الأوضاع في البلاد، والعمل الإصلاحي مهم إلا أنه صعب. لقد تمكنا من تأمين حماية الوضع أمنياً، وعملنا على تأمين الاستقرار. ولكن عندما نتجه ناحية الإصلاح أو لمواجهة الفساد، تبدأ الأصوات بالارتفاع، لأن المستفيدين من الفساد ومن المال العام في المراكز السلطوية هم أنفسهم من يقاومون».
وأضاف: «نقوم ببناء المؤسسات المسلحة وقد انطلقنا من الجيش وقوى الأمن وسائر المؤسسات الأمنية. وتم ضبط كل الأمور إن كان ذلك أمنياً أو على صعيد المهام الموكولة إلى القوى الأمنية والعسكرية أو لجهة استعداد هذه القوى الدائم للقيام بمهام أخرى. أما بالنسبة لسائر المؤسسات، فقد أصدرنا التشكيلات القضائية والدبلوماسية وبعض التعيينات في المؤسسات الإدارية، لكننا لا نزال نعمل لملء الفراغ في بعضها لاحقاً».
واستقبل الرئيس عون في قصر بعبدا أعضاء السلك القنصلي في لبنان الذين قدّموا له التهنئة بحلول السنة الجديدة، وحضر اللقاء وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل والأمين العام لوزارة الخارجية السفير هاني شميطلي. وأكد أن الكلمة الفصل في سوء التفاهم حول تفسير القوانين تبقى للقضاء. واستغرب اتخاذ الخلاف على مرسوم منح أقدمية لضباط دورة 1994 الطابع السلبي «فنحن نعطي أشرف مثل للشعب اللبناني يؤكد أنه أصبحت لمؤسساتنا القضائية حصانة، وهي تصدر أحكاماً وتفسر القوانين للجميع ابتداء من رأس الحكم. وهذا أمر في غاية الأهمية نعطيه نموذجاً لشعبنا».
وإذ رأى رئيس الجمهورية «أن مَن يتابع الإعلام اليوم يظنّ أن الأمور مشتعلة وهي ليست كذلك. لقد قلنا منذ بداية المسألة أن سوء التفاهم حول تفسير القوانين يستلزم العودة إلى المؤسسات القضائية التي تبقى لها الكلمة الفصل.
وقال رئيس الجمهورية: «هذا الأمر سنتخطاه، ونحن نأمل من الجميع أن يدرك هذه الرسالة بمعانيها كافة، كما نأمل منكم أن تنقلوا رسالة مفادها أن لبنان وطن قانون وقضاء. ونحن بدأنا فوراً بالتشكيلات القضائية والأمنية للتأكيد أن الأمن والقضاء هما الأساس الذي عليه يُبنى كل شيء. والاستقرار الذي ننعم به لم يكن أمراً سهلاً للمحافظة عليه، بل هو نتيجة إصرارنا ذلك».
وأشار إلى أن الكثير من الإنجازات قد تحقق، وتبقى الإنجازات الاقتصادية، خصوصاً بعدما تعرّض لبنان لثلاث أزمات متتالية تمثلت بالركود الاقتصادي والحروب التي طوّقته وأقفلت منافذه البرية على الشرق، إضافة إلى أزمة النازحين وأعدادهم الكبيرة.
وأشار إلى أن «المطالب كثيرة والوسائل قليلة. وفي انتظار الانتقال من الاقتصاد الريعي إلى اقتصاد منتج ووضع الأسس اللازمة لذلك، علينا باحتواء الأزمات كافة، وبالمزيد من الوعي لوضع لبنان الراهن».
وشدّد على أن مسؤوليات جمّة ملقاة على عاتقنا في السنة الجديدة أولها ذات طابع اقتصاد، ونحن سنضع الخطط ونعمل على تنفيذها كي نصل إلى آخر السنة وقد حققنا نتائج يبدأ معها عهد جديد من الازدهار».
وختم: «نحن اليوم في وضع جيد، رغم المشاكل التي تعترضنا وقد ورثناها، ويجب النظر منذ الآن إلى ماذا سنترك من بعدنا».
وألقى عميد السلك القنصلي الفخري جوزف حبيس كلمة قال فيها: عهدكم الواعد، فخامة الرئيس، حمل في سنته الأولى بصمات مناقبيتكم، وصلابة مواقفكم، وإصراركم على أن تكون الإنتاجية هي مقياس الحكم. أنصفتم المطالب المحقة بسلسلة الرتب والرواتب، ودفعتم إلى إنجاز التعيينات القضائية والدبلوماسية بعد طول انتظار، وحرّكتم الحياة السياسية في لبنان بعد طول ركود، بالاتفاق على قانون جديد للانتخابات النيابية، سيعطي أصواتاً جديدة فرصة الوصول إلى الندوة البرلمانية والمشاركة في رسم المستقبل. والعالم لن ينسى، فخامة الرئيس، أنه في عهدكم، كان لبنان سبّاقاً في تحقيق الانتصار على الإرهاب، مسانداً بذلك الجهود الدولية المبذولة في هذا السياق».
وتابع قائلاً «جئنا اليوم إلى قصر بعبدا لنؤكد لكم وضع جميع إمكانات السلك القنصلي بتصرّفكم، وللتزود بتوجيهاتكم لنسج أفضل العلاقات بين لبنان والدول التي نمثّلها كقناصل فخريين. كلنا ثقة بأن حاضرنا بات أفضل من الماضي، والغد سيحمل لوطننا المزيد من الأمل والاستقرار والأمان والازدهار. كل ذلك بفضل سياستكم الحكيمة، وعزمكم مع جميع المخلصين في هذا البلد، على محاربة الفساد وتحقيق الإصلاح، وتطوير الاقتصاد، ومواصلة حماية وطننا من أخطار وانعكاسات الأزمات والحروب المشتعلة من حوله.
وكان عون استقبل السفير اللبناني المعين لدى الولايات المتحدة الأميركية السفير غابي عيسى لمناسبة تسلمه مهامه الجديدة وتمنّى له التوفيق وزوّده بتوجيهاته.