دويلة صهيونية بسروال كردي فاقع شرق نهر الفرات كباش دولي متفاقم وخيارات الناخب الروسي المقبلة 1
محمد احمد الروسان
بين سورنة الحدث الأوكراني، وأكرنة الحدث السوري، وبين الروْسنة الروسيّة، والأمركة الأميركية، والأيرنة الإيرانية، باشتباكات متعدّدة وعلى مدارج الخطوة خطوة من الصيننة بشراسة صامتة، وسعي عميق من فلسفة ومسارات الأتركة، وغياب قسري وذاتي كلي للعرب، حيث الطبخة أميركية والحطب تركي والوضع بوضعيات الكاماسوترا عسكرياً في الشمال السوري وفي الشرق السوري شرق نهر الفرات بالقرب من قاعدة التنف، حيث واشنطن تسعى لإنشاء دويلة إسرائيلية بسروال كردي، وبالتالي المنطقة مفتوحة على كلّ شيء الاّ الاستقرار.
حيث ميليشيا ما تسمّى بـ»قوّات سورية الديمقراطية» قسد تسيطر على مناطق شرق نهر الفرات، والبالغ مساحتها 28 ألف كم أكثر من ثلاثة أضعاف مساحة لبنان بدعم اليانكي والكاوبوي الأميركي، وعبر ما يسمّى بالتحالف الدولي غير الشرعي الذي تقوده واشنطن الأردن جزء منه ، تحالف البرغر كينغ والماكدونالدز، والذي هو في طريقه نحو التفكك بعد الانسحابات البلجيكية والنرويجية الأخيرة. وحسب اتفاقيات منع التصادم الروسيّة الأميركية، تمّ التفاهم على تقاسم العمل في الميدان العسكري، بحيث شرق نهر الفرات لأميركا، وغرب نهر الفرات لسورية وحلفائها، فعبرت ميليشيا «قسد» نهر الفرات وسيطرة على الطبقة وسدّ الطبقة بدعم أميركي مثير، مقابل عبور القوّات السورية والحليفة والرديفة والصديقة النهر والسيطرة على مدينتي البوكمال والميادين.
أميركا تربط إعادة إعمار سورية بالانتقال السياسي بشرط إصلاحات دستورية محدّدة، وترسل مجموعات دبلوماسية للعمل بجانب العسكريين الأميركيين في مناطق شرق نهر الفرات لتأسيس إقليم شرق نهر الفرات كدويلة إسرائيلية جديدة بسروال كردي فاقع اللون، لذا تعمل على زيادة تسليح ميليشيا «قسد» ورفع عددها من 25 ألف إلى 30 ألف عنصر وتدريبها، لتغيير دورها ووظيفتها، لتتحوّل الى جيش نظامي.
كما تعمل على تقوية المجالس المحلية المدنية التي تحكم المناطق المحرّرة من داعش كما تزعم واشنطن، فكان مجلس الطبقة ومجلس الرقة ضمن التصوّر الأميركي والغربي المستقبلي لهذه المناطق، وتدعو حلفاءها الأغنياء من العرب السعودي والاماراتي ومعهم بعض الغربي لإعادة إعمار الرقة عبر التحالف الذي تقوده من جديد، بعد أن أبادت الرقّة عن بكرة أبيها عبر تحالفها غير المشروع، ولغايات التغطية على جرائمها هناك، لتحويلها إلى لاس فيغاس الشرق. تحذيرات روسية متصاعدة للغرب من التعمية والتضليل على ما جرى من حرب إبادة بحق الرقة وأهلها بحجة محاربة داعش راجع زاخاروفا .
وتعمل واشنطن على تعزيز الخدمات والبنية التحتية والإفادة من الموارد الطبيعية الموجودة في شرق نهر الفرات، وتتمثل في مصادر النفط والغاز والزراعة والمياه، حيث ميليشيا قوّات «قسد» كمرتزقة تسيطر على أهمّ حقول النفط والغاز وأكبر السدود السورية المائية، كما تعمل على تدريب الأجهزة الحكومية والقضائية السورية الكردية هناك تصريحات بنجامين غريفو الناطق باسم الحكومة الفرنسية، وأثناء لقاء ماكرون ـ أردوغان مؤخراً في باريس، حيث مضمونها: المتطرفات الفرنسيات اللواتي تمّ إيقافهن في كردستان السورية من قبل «قسد» سيتمّ محاكمتهن هناك، إذا كانت المؤسسات القضائية قادرة على ضمان محاكمة عادلة لهن مما أثار غضب الرئيس التركي أردوغان.
الطبخة أميركية والحطب تركي
الأميركي وعبر حلفائه يعمل على توفير حماية حيوية لهذه المناطق شرق نهر الفرات في مواجهة الخطر الإيراني عليها، مع إبقاء القواعد العسكرية هناك، خمس قواعد بعدد 3000 بين جندي وخبير، مع مجموعات دبلوماسية تزيد عن 200 دبلوماسي مخابراتي، وتأسيس غرف عمليات مشتركة مع ميليشيا «قسد»، كلّ ذلك لتوفير الاعتراف العسكري والسياسي والدبلوماسي والقضائي لهذه المناطق مع تطويرات لمطار اميلان العسكري، حيث لا مركزية لهذه المناطق مع دمشق والهدف إضعاف المركز في العاصمة. كما تدفع واشنطن باتجاه مشاركة ميليشيا «قسد» والجسم السياسي لإقليم شرق نهر الفرات في العملية السياسية في جنيف وتحت إشراف الأمم المتحدة، وهذا ما تعارضه تركيا بعمق، حيث لا تقبل أيّ مشاركة لقوّات الحماية الكردية وذراعها السياسي حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي في أيّ دور سياسي، والولايات المتحدة بجانب توفير الدعم العسكري والسياسي والدبلوماسي لإقليم شرق نهر الفرات وسيطرة ميليشيا «قسد» عليه، تعمل على توفير حماية لإقليم عفرين ومنبج لتحقيق سلّة أهدافها من تأسيس إقليم شرق نهر الفرات، والتي تتموضع في التالي:
التأكيد لإيران أنّ واشنطن لن تقبل تسليمها سورية وشرقها، وتحسين الموقف التفاوضي مع دمشق وموسكو حول العملية السياسية الجارية، وتقوية الموقف التفاوضي للكرد.
الإرهابيون، والمسلّحون الإرهابيون في إدلب هم جيش العاصمة الأميركية واشنطن الجديد والأداة المتجدّدة للبلدربيرغ الأميركي، عمودهم الفقري كلّ من جبهة النصرة ونور الدين زنكي وأشرار الشام، وهم هؤلاء الأداة الإسلامية لواشنطن في الغزو وتغيير الوقائع وموازين أخرى، حيث الهدف إنتاج خرائط وترسيمات حديثة تلبّي مصالح العاصمة الأميركية واشنطن دي سي، لكي تضمن سيطرتها وتفرّدها في إدارة العالم، وهزيمة كلّ من يقف في وجه مصالحها، أو مشاغلته واستنزافه في الحدّ الأدنى كخصم وعدو، فالطبخة أميركية والحطب تركي بامتياز.
سورية بديكتاتورية جغرافيتها السياسية، وموردها البشري ونسقها السياسي وجوهره «توليفة» حكمها السياسي، تعدّ بالنسبة للغرب بما فيه الولايات المتحدة الأميركية وعبر حلف الناتو الحربي، المدخل الاستراتيجي للسيطرة وبتفوّق على المنظومة العسكرية الأممية الجديدة المتشكّلة بفعل المسألة السورية، ولاحتواء الصعود المتفاقم للنفوذ الروسي الأممي، والنفوذ الصيني وتقاطعهما مع إيران، والساعون جميعاً إلى عالم متعدد الأقطاب عبر فعل ومفاعيل الحدث الدمشقي، وصلابة مؤسسات نواة الدولة الفدرالية الروسية إزاء ما يجري في الشام من صراع فيها وعليها وحولها، فالروس يصحون وينامون ويتسامرون على وقع أوتار ما يجري في سورية.
والعاصمة الأميركية واشنطن دي سي وبتوجيه من البلدربيرغ الأميركي وعبر المجمّع الصناعي الحربي الأميركي، تبني آمالاً كبيرة مع تعويلاتها الأفقية والرأسية على حليفها الشرق الأوروبي أوكرانيا بسلطاتها وكارتلاتها العسكرية والاقتصادية، ودورها الكبير في تهديد كينونة ووجود الفدرالية الروسيّة وإعاقة صعودها الهادئ والثابت والمتواصل، عبر نشر القدرات العسكرية الأميركية المختلفة وقدرات حلفائها في الناتو، وتوظيفها وتوليفها في إشعالات للثورات الملوّنة من جديد، وعلى طريقة ما سمّي بالربيع العربي كي تجعل من الجغرافيا الأوكرانية وعبر حكّامها المستنسخين الذيليين للكاوبوي الأميركي، كحاجز رئيسي في الفصل بين الفدرالية الروسية وشرق أوروبا القارة العجوز المتصابية، ما بعد ضمّ القرم إلى روسيا عبر استفتاء شعبوي ديمقراطي نزيه، بعد خسارة واشنطن والناتو من ميزات استخدام السواحل الأوكرانية في السيطرة والنفوذ على منطقة البحر الأسود، بسبب تداعيات الضمّ الروسي لقرمه عبر استفتاء شعبوي عميق.
تعمل الولايات المتحدة الأميركية الآن وبشكل صريح وواضح بالتعاون مع «إسرائيل» في أوكرانيا بعد ضمّ القرم، تمثل تجليات عملها العسكري والمخابراتي والسياسي والدبلوماسي، بزيارة سريّة لرئيس وكالة الاستخبارات الأميركية مايك بوميو قبل أسبوعين الى كييف، برفقة ضبّاط من الموساد الإسرائيلي ومن أصول روسية وأوكرانية وخبراء من شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، في خطوة استفزازية لموسكو وحواضن النفوذ الروسي في الداخل الأوكراني الساخن، فظهر التصعيد في مناطق شرق أوكرانيا مع امتدادات لهذا التصعيد لجهة الجنوب الشرقي لأوكرانيا، وعبر استخدامات لبعض قطاعات الجيش الأوكراني المتحالف مع كارتلات اقتصادية وأمنية ذيلية لواشنطن في كييف ضدّ المدنيين الموالين للروس في أقاليم شرق أوكرانيا وجنوبها. و»إسرائيل» الكيان الصهيوني، تقوم الآن بدور خطير في أوكرانيا وهو نفس دورها في الحدث الجورجي الروسي عام 2008، ففي الحدث الجورجي قامت هذه الدولة الطارئة على الجغرافيا والتاريخ في المنطقة الشرق أوسطية والعالم، بدور البروكسي الأميركي الذي نقل وينقل الدعم والمعونات الأميركية لنظام الرئيس ساكاشفيلي، حيث تمّ توقيع اتفاقية تعاون عسكري أمني بين تل أبيب وتبليسي في حينه، قامت بموجبها جورجيا بتخصيص مطارين عسكريين في جنوب جورجيا لاستخدام القوّات الإسرائيلية، وتوقيعها أيضاً على المزيد من العقود مع الأطراف الإسرائيلية المعنية لجهة تأمين الحصول على المزيد من الأسلحة والعتاد والتدريب العسكري والأمني.
والآن وكما أسلفنا تقوم «إسرائيل» بذات الدور في الحدث الأوكراني، فتمّ توقيع اتفاقيات عسكرية إسرائيلية مع سلطات كييف، وبإشراف جاريد كوشنير زوج إيفانكا وكبير مستشاري الرئيس ترامب، بالتنسيق مع مدير «سي أي آي» مايك بوميو وبوجود الخبراء الإسرائيليين وضبّاط الموساد المرافقين له، هذا وقد أعدّ قادة كييف قائمة باحتياجات الجيش الأوكراني من الأسلحة والعتاد العسكري، مع وضع مجموعات اليمين المتطرف الأوكراني الموالي للغرب في الغرب الأوكراني تحت تصرف وأوامر محطة الموساد الإسرائيلي في الداخل الأوكراني، وتقول المعلومات إنّ مجتمعات المخابرات الأميركية والإسرائيلية، تعمل على إعادة خلق وتخليق مجموعات من تنظيم القاعدة الإرهابي، عمودها الفقري من مقاتلين من القوقاز من شيشان وتتر وبعض شركس، الذين قاتلوا في سورية وعلى مدار سنوات واكتسبوا مهارات قتالية، وكلنا سمعنا تصريحات روبرت فورد الأخيرة صانع فرق الموت في العراق وفي سورية عندما قال وبكلّ وقاحة سياسية: على روسيّا أن تكون مستعدّة للتعامل مع الشيشان وبعض قرنائهم من التتر والشركس حين العودة الى مناطق عيشهم الأصلية حيث اكتسبوا مهارات كبيرة ومهمة في القتال.
نواة الدولة الروسية القومية والوطنية تدرك، أنّ خيار التصعيد في أوكرانيا هو خيار أميركي إسرائيلي صرف وليس أوروبياً بامتياز، لذلك موسكو تمدّ الجسور مع أوروبا وترسل رسائل عدّة، في حين نجد أميركا تدفع أوروبا القارة العجوز للتصعيد مع روسيّا عبر الملف الأوكراني، لتبقى القارة الأوروبية تحت دائرة النفوذ الأميركي ولأبعاد روسيّا عنها، والدولة الأوروبية الوحيدة والتي تحاول حفر قناة مستقلة بعيداً عن شقيقاتها الأوروبيات مع الفدرالية الروسية هي: ألمانيا أقوى اقتصاديات الدول الأوروبية وذات العلاقات الاقتصادية ألمانيا تعتمد بشكل كلي على الغاز الروسي والاستخبارية مع موسكو، حيث التعاون المخابراتي المشترك والمتساوق في أكثر من ملف دولي وإقليمي وفي الشرق الأوسط، وكيف استطاع بوتين بسبب عمق خبرته لألمانيا ومجتمع مخابراتها أن يجعل خطوط التنسيق الأمني الروسي الألماني اوتوستراداً واسعاً حيث القواسم المخابراتية المشتركة والمتعدّدة، وخير مثال على ذلك: التحالف المخابراتي الروسي الألماني مقابل تركيا وأدوارها في آسيا الوسطى والشرق الأوسط وفي الداخل الأوروبي.
التحالف الألماني الروسي يقلق أميركا…
الغرب وأميركا يستخدمان أوكرانيا كدمية في اللعب الجيوسياسي مع روسيّا، كما يدفعان سلطات كييف لخوض حرب بالوكالة عنهما ضدّ روسيّا وأمنها القومي، تماماً كما يفعلان في الحدث السوري عبر دفع الأتراك وبعض مملكات القلق الخليجي وبعض عرب وزومبياتهم الإرهابية لتدمير الدولة الوطنية السورية. وروسيّا تعتبر أوكرانيا – كييف بسلطاتها الجديدة ودول شرق أوروبا الأخرى، بمثابة القاعدة الأميركية الإسرائيلية المتقدّمة في استهداف موسكو من جهة، كما تؤمّن وتحفظ هذه القاعدة الأميركية الإسرائيلية سيطرة واشنطن على الموارد النفطية الموجودة في منطقة بحر قزوين وآسيا الوسطى، وهل هو بحر مغلق أم بحيرة؟ كون تحديد وصفه هذا يبيّن الأساس القانوني البحري، لتقاسم الثروات وحسب مقتضيات القانون البحري الدولي والاتفاقيات بين الدول، ليُصار في النهاية لتقسيم الثروات الطبيعية الزاخره في عمقه، وإيران طبعاً حاضرة بقوّة بوصفها دولة مطلة على هذا البحر، الذي تفوق جودة نفطه وغازه عن جودة نفط وغاز الخليج في المنطقة العربية.
انّ ما يقلق العاصمة الأميركية واشنطن دي سي، هو قدرة وإمكانيات روسيّا الكبيرة، في توفير خيارات استراتيجية بديلة على مجمل قطاعات المجتمع الدولي وقطاعات المجتمعات العربية ومشاكلها مع الآخر، وهذا من شأنه كما يتحدث معظم الخبراء أن يضعف الدور الأميركي على العالم وفي الشرق الأوسط، بعبارة أخرى وكما أحسب وأعتقد، أن يضعف ويقلّل من الدور الرعوي الديكتاتوري المغلّف بغلاف الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان والحاكمية الرشيدة، لواشنطن على العالم وقلبه الشرق الأوسط، وقلب الأخير سورية بنسقها السياسي ودكتاتورية جغرافيتها. وهذا القدر الروسي المتصاعد من شأنه أيضاً من الزاوية الأميركية، أن يدفع الكثير من الدول والساحات وخاصةً في العالم العربي الى العلاقات القوية والمتينة مع موسكو، وعلى قاعدة التنويع في العلاقات الدولية المتوازنة.
وما يقلق الأميركان كذلك، أيّ تحالف ألماني روسي، فواشنطن وكما ذكرنا تسعى الى إبعاد أوروبا مجتمعةً عن روسيّا والعكس أيضاً وبأيّ طريقة، ولهذا الموقف الأميركي أبعاد استراتيجية مركبة، فنلحظ ونرى ونلمس دفعاً أميركيّاً لألمانيا للتورّط في الحدث الأوكراني سياسيّاً واقتصادياً وأمنياً وعسكرياً، رغم مقاومة ألمانيا لهذا الدفع الأميركي الجنوني، واجتراحها وحفرها قناة مستقلة مع موسكو بعيداً عن شقيقاتها الأوروبيات.
المعطيات والوقائع الجارية تتحدث بعمق، بأنّ نواة الدولة العميقة في الولايات المتحدة الأميركية البلدربيرغ ، والمجمّع الصناعي الحربي الأميركي والحكومة الاتوقراطية فيه، والشركات المتعددة الجنسيات التابعة له كإحدى الأدوات التدخليه في جلّ ساحات المعمورة، انْ لجهة القويّة، وانْ لجهة الضعيفة منها، يستثمرون في تفاصيل الوقت ومنحنياته، عبر رهانات وعقابيل الاستثمار في دم الايديولوجيا وحروب الوكالة لإنتاج الإرهاب، من خلال الحركات الجهادية السلفية التكفيرية، وتحالف المسيحية الصهيونية، واليهودية الصهيونية، وبعض بعض العرب والمسلمين المتصهينيين معها وستستمرّ بأثر مستقبلي، الى أن يحدث التفاهم الدولي على جلّ سلال المصالح المشتركة المتعددة.
بخصوص إيران وتداعيات التصعيد الأميركي الترامبوي نسبة للرئيس ترامب في تنفيذ الاتفاق النووي، وإحياءات لفوبيا إيران من جديد لغايات الاستحلاب المالي لدى مشيخات القلق العربي على الخليج، والمسألة السورية وتطورات ميدانها العسكري لصالح دمشق، والمسألة العراقية وإنجازات الجيش العراقي والحشد الشعبي والقوى الحليفة لهما، والمسألة الليبية بعناوينها المختلفة والفعل الروسي بمفاصلها عبر محاولات الجمع والحلّ واللقاءات مع القائد حفتر وكذلك رئيس حكومة الوفاق السراج، وعمليات اللعب في ساحات دول المغرب العربي وخاصةً الجزائر، عبر تنظيم دامس ما يسمّى بتنظيم الدولة الإسلامية في دول المغرب العربي ، وباقي المسائل والبؤر والمنحنيات الساخنة، فهم أي الأميركان مبدعون باستراتيجية الاستثمار بالوقت، على مجمل العلاقات الدولية في المنطقة والعالم من الزاوية الولاياتية الأميركية الصرفة، وعلى طول خطوط العلاقات الروسية الأميركية الغربية، والصينية الأميركية الغربية ووكلاء الأميركي في بحر الصين الجنوبي، فهناك حالات من الكباش السياسي والعسكري والاقتصادي والدبلوماسي والأمني الاستراتيجي تتعمّق بشكل عرضي ورأسي، وتضارب المصالح والصراعات على أوروبا والحدائق الخلفية للولايات المتحدة الأميركية، في دول وساحات أميركا اللاتينية وحلفها، ومثيلتها الحدائق الخلفية للفدرالية الروسية وحلفها، والمجالات الحيوية للصين واستخدامات أميركية جديدة للياباني إزاء الروسي بخصوص جزر الكورال المتنازع عليها بين روسيّا واليابان، مع توظيفات للفيتنامي والفليبيني والماليزي وسلطنة بروناي في مواجهات مع الصيني على السيادة على بحر الصين الجنوبي، ضمن استراتيجية الاستدارة الأميركية نحو آسيا وغربها وجنوب شرقها، بعد أن أوغل وأدمى الأميركي وما زال قلب الشرق سورية، بتوظيفات لوكلائه من بعض العرب وخاصةً من عرب روتانا الكاميكازيين وبعض المسلمين.
الشعور القومي يتعمّق في روسيا والصين
إذاً إلى حدّ ما ثمة تدهور في العلاقات بين روسيا والصين من جهة، والولايات المتحدة وحلفائها الغربيين من جهة أخرى، استناداً إلى تدفقات الأخبار والمعلومات التي تكشف كلّ يوم الدور المتعاظم والمتزايد الذي تقوم به موسكو والصين في مواجهة تحديات النفوذ والهيمنة الأميركية، أعمق من الحرب الباردة والتي تُبعث من جديد، بسبب ظهور الفدرالية الروسيّة وكومنولث الدول المستقلة، وظهور منظمة شنغهاي للتعاون التي جمعت بين الصين وروسيّا على طاولة موحّدة الأجندة، وعمل ومفاعيل وتفاعلات البنك الآسيوي الذي أعلن عنه الرئيس الصيني أواخر العام 2015، حيث بدأ يتأسّس عمله في الإقراض والاستثمار ابتداءً من هذا العام 2018، حيث الإدراك الأميركي لروسيّا الفدرالية والصين باعتبارهما مصدراً للتهديد والخطر، فخبرة العداء لأميركا متجدّدة في الشارع الروسي والصيني، وتجد محفزاتها في الإرث السابق الذي خلفته الكتلة الاشتراكية والاتحاد السوفياتي، وتدرك العاصمة الأميركية واشنطن أنّ التماسك القومي الروسي أكثر خطراً من التكوين الاجتماعي السابق الذي كان في الاتحاد السوفياتي، وكذلك الحال في الصين، خاصة في الاعتبارات المتعلقة بالعداء القومي الاجتماعي التاريخي بين القومية الروسية والغرب والقومية الصينية والغرب أيضاً، وتتميّز الدولة الروسية بالاكتفاء الذاتي وبوجود الوفرة الفائضة في كافة أنواع الموارد الطبيعية، وبالتالي يصعب التأثير عليها عن طريق العقوبات أو الحصار أو الحرب الاقتصادية والتجارية الباردة بالرغم من أنّ العقوبات آلمتها، وهو موقف يجعل روسيّا أفضل من الولايات المتحدة الأميركية التي تستورد كلّ احتياجاتها من الخارج الأميركي، وانّ روسيّا قادرة على التغلغل في أوروبا الغربية عن طريق الوسائل الاقتصادية، وهو أمر سوف تترتب عليه احتمالات أن تخسر أميركا حلفاءها الأوروبيين وغيرهم الذين ظلت تستند إليهم وما زالت، وانّ المسافة بين الفدرالية الروسيّة والولايات المتحدة الأميركية، هي بضعة كيلومترات عبر المضيق البحري الفاصل بين ولاية ألاسكا وشرق روسيّا، أضف إلى ذلك تملّك روسيّا كمّاً هائلاً من أسلحة الدمار الشامل لتحقيق التوازن في العالم وكبح جماح الثور الأميركي وحلفائه المتذيلين بذيله، مع الإشارة إلى أنّ المعلومات الأميركية الاستخبارية حول موسكو غير دقيقة، بسبب قدرة الروس على التكتم والسريّة. ونرى أنّ الناخب الروسي يهتمّ بالسياسة الخارجية الروسيّة كونها في خدمة الاستقرار الروسي الداخلي، وتعمّق الشعور القومي الروسي الذي أبدع الرئيس بوتين في إعادة إنتاجه وخلقه من جديد، فالناخب الروسي هو مع سياسة روسية خارجية مستقلة كما يريدها الرئيس بوتين وكوادر حزبه وإدارته وكارتلات مجتمع المخابرات الروسي، الذي تمّت إعادة هيكلته وأدواته وتحديثه بفرعيه الداخلي والخارجي، مع توسيعات مجالات عمله على مستوى العالم وفي كافة حقول الطاقة والاقتصاد والثقافة بجانب السياسة والعسكر وإنتاج السلاح والأمن المعلوماتي السيبراني وفي جلّ المعرفة البشرية، مع تركيزه بشكل عميق واعتماده على العنصر البشري الواعي والمثقف والمخلص في التجسّس والتجسّس المضادّ، في الحصول على المعلومات وجمعها والقدرة على التحليل لهذه المعلومات وعلى أكثر من مستوى ومرحلة، واستنتاج سلّة المخاطر المقبلة على مصالح الفدرالية الروسية وحلفائها في العالم، بعكس مجتمع المخابرات الأميركي وعموده الفقري «سي أي آي» والتي وصفها الرئيس دونالد ترامب بأنّها تعتمد أساليب قديمة بالية عفا عليها الزمن، لذا تجد أنّ الطيف السياسي الروسي في جلّه وكلّه هو مع نهج الرئيس فلاديمير بوتين. نعم لقد تفنّن بوتين في هندسة الشعور القومي الروسي وبالفخر الوطني لشعبه، كونه يغذي السخط الروسي المتفاقم على أيّ محاولة غربية وأميركيّة لإذلال روسيّا، ويعمل بذكاء وكوادره على تسويق الاستراتيجية الروسيّة بأنّها محاولة استعادة للمجد الروسي التاريخي، وهذا ما يمنحه تأييداً ساحقاً وماحقاً في الداخل الروسي، وسيتمّ تظهير ذلك جليّاً في انتخابات الرئاسة التركية المقبلة هذا العام 2018. والناخب الروسي صار يعي جيداً بفضل استراتيجيات الكرملين ذات النكهة الفلاديميريّة البوتينيّة، أنّ استراتيجية التوسع في القتال هي الحلّ الوحيد لحماية الأمن القومي الروسي، حيث من المعروف أنّ جغرافية روسيّا في جلّها سهول، فبنيت ونهضت الاستراتيجية الأمنية الروسية دائماً وأبداً على استراتيجية توسيع الدائرة حول المركز الرئيس للدولة الروسيّة، للتخلص من الأخطار والمهدّدات التي تهدّدها، ومن هنا نجد أنّ الروسي يحرص على عدم القتال على حدوده ويعمل على نقل المعركة الى أبعد نقطة ومركز وعقدة جغرافية استراتيجية من الحدود المباشرة له. في المسألة الأوكرانية صار القتال على العتبة الروسيّة، فاستشرست الفدرالية الروسيّة في سورية والمنطقة، وتقف بكلّ قوتها في دعم الرؤية السياسية والعسكرية والاقتصادية والاستخباراتية للصين في بحر الصين الجنوبي، وخاصةً بعد قرار التحكيم الأخير المسيّس الصادر عن المحكمة الدولية في لاهاي، ومضمونه ضدّ الصين وحقها في السيادة الوطنية على جزر بحر الصين الجنوبي، كما تدعم روسيّا المجالات الاقتصادية للهند في غرب أسيا عبر الكتلة الديمغرافية الهنديّة، حيث هناك أكثر من سبعة ملايين هندي يعملون في غرب آسيا، وتهتمّ الهند في استقرار تلك المنطقة، لذلك نرى اهتمامات هندية عميقة في المسألة السورية، كون دمشق مفتاح الاستقرار في غرب آسيا.
عضو المكتب السياسي
للحركة الشعبية الأردنية