لبنان يرفض تشويه هوليوود بـ»بيروت» الأميركي
اعتبر اللبنانيون فيلم «بيروت» للمخرج الأميركي براد أندرسون تشويهاً لصورة العاصمة اللبنانية بيروت وإهمالاً للوقائع التاريخية التي تناولتها الأحداث في فترة زمنية تتعلق بالحرب الأهلية في لبنان في ثمانينيات القرن الماضي.
وأثار الإعلان الترويجي للفيلم ردود فعل غاضبة على وسائل التواصل الاجتماعي وأطلق الناشطون عريضة على الإنترنت تدعو إلى مقاطعة الفيلم الذي لم يُصوّر أي مشهد منه في بيروت ولا تمتّ اللهجة المحكية فيه بصلة إلى لهجة أهل المدينة ولا يشارك فيه أي ممثل لبناني، بجانب أن الموسيقى التصويرية وثقافته لا تعبّران عن لبنان.
وترى العريضة أنه «يجب وضع نهاية لتسخيف لبنان ومحيطه الطبيعي والعربي. فهوليوود تعيد كتابة التاريخ وتستغل ماضي لبنان من دون أي رؤية لبنانية حقيقية. هذا الفيلم يشكل تهديداً للتراث اللبناني والثقافة».
ويروي «بيروت» أحداث حقبة لبنانية مظلمة، لا تخرج صورها من أذهان اللبنانيين، فترة الحرب الأهلية وحوادثها في العام 1982، السنة التي شهدت اجتياحاً «إسرائيلياً» للبنان وتخطّى بيروت وهو ما تم تغييبه في الإعلان الترويجي للفيلم.
ويتناول الفيلم الذي صوّر في المغرب قصة دبلوماسي أميركي فرّ من بيروت في العام 1972 بعد حادث مأسوي، ثم يعود بعد عشر سنوات بطلب من وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية إلى البلد الغارق حينها في الحرب في مهمة لإنقاذ صديق مخطوف من تنظيم متطرّف، بحسب ما جاء في الصفحة الرسمية للفيلم على موقع فيسبوك.
ويبدو من الإعلان الترويجي للفيلم الذي يقوم ببطولته جون هام وروزاموند بايك تركيز المخرج الأميركي على مشهد بيروت المدمّرة، ومشاهد لمجموعات إرهابية وفتيان يركضون في الشوارع حاملين أسلحة بلاستيكية. وكل ما عرضه الاعلان الترويجي «الأبنية، الناس، الصوت، الأماكن، الأحداث» لا يمّت بصلة إلى لبنان.
وذكر الناشطون في العريضة أن الفيلم شوّه صورة بيروت وأظهرها أنها بؤرة للإرهاب وصور اللبنانيين رعاعاً وأطفالهم مشرّدين في الطرقات يلهون بالأسلحة.
وعلّق متابع على صفحته على فيسبوك قائلاً: «مش المشكلة يحكوا عن الحرب بس عالقليلة يحكوا عن شي صار، مش اشيا كذب ويجيبوا ممثلين لبنانيين كونه فيلم لبناني».
وكتب ناشط: «انا زعلت لأنه لبنان بدو دفشة لقدام وبدنا نفرجي العالم صورة لبنان الحضارية بسهراته وحياته وعلمه وثقافته وتم التصوير في المغرب وما فيه ولا لبناني امام الكاميرا».
وعلق ناشط «يجب على الدولة التصرف بالموضوع ورفع دعوى اذا كان لديها الجرأة. اما بالنسبة للشعب اللبناني ف مكفي وموفي. تاريخ لبنان ليس فيلم للأميركان».
وتترقب الأوساط الثقافية أيضاً صدور مواقف رسمية لبنانية تعقيباً على الإعلان الترويجي للفيلم الذي سيغزو الصالات تزامناً مع ذكرى اندلاع الحرب اللبنانية في 13 أبريل/نيسان المقبل، والتي رغم بشاعتها، تظهر المشاهد الأولية للفيلم على أنها لا تمثلها أبدا، على حد قول المتابعين.
وقال وزير الثقافة غطاس خوري في بيان نقلته الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية إن الفيلم صوّر بيروت «بطريقة متجنية وظالمة».
وأضاف «من المتعارف عليه، حين يقدم أي كاتب أو مخرج على تنفيذ عمل ما، فإن توثيق المكان والتاريخ والموقع هو من باب البديهيات إلا أن المخرج براد أندرسون في فيلمه بيروت ، فاجأنا بخروجه عن هذه الوقائع».
وصرح وزير الدولة لشؤون مكافحة الفساد نقولا تويني أن «إظهار مدينتنا في هذا الشكل تشويه مقصود ومعلن لن نقبل به»، مطالباً وزير الثقافة بـ»دراسة إمكانية القيام بشكوى قضائية تمنع المخرج من استعمال عنوان الفيلم بسبب التشويه وسوء الاستخدام وتزوير الحقائق المتعمد دفاعاً عن بيروت».
وتقول كريستين نوارا، خريجة إخراج سينمائي في الجامعة اللبنانية، أن المشكلة الأساسية هي «تصوير فيلم عن حقبة مهمة وحساسة للغاية في تاريخ لبنان الحديث، من دون اللجوء إلى أي استشارة في الإخراج أو كتابة النص أو حتى اختيار الممثلين ومواقع التصوير من أي خبير لبناني أو عربي».
وتعمد هوليوود في الفترة الأخيرة إلى تصوير عدد من الأفلام التي تتناول منطقة الشرق الأوسط، إلا أنها تتعرّض إلى سيل واسع من الانتقادات لغياب الافلام من الممثلين العرب وعدم تحري الدقة في بعض المسائل التي تتعلق بهوية وثقافة بعض الشعوب.
وفي أحدث إنتاج سينمائي عن قصص من المنطقة العربية أعلنت شركة ديزني بدء التحضير لتصوير فيلم جديد بعنوان «علاء الدين» عن قصة من كتاب ألف ليلة وليلة الشهير، وذكرت التقارير الأولية خلو فريق الممثلين من العرب ونية صناع العمل التلاعب بلون بشرة عدد من الممثلين كي تناسب لون بشرة سكان منطقة الشرق الأوسط خاصة وأن الأحداث الخيالية للقصة تدور في مدينة في العراق.
وكالات