أردوغان لمخرج سياسي روسي بعد تهديد سورية بالردّ المناسب على أيّ عمل عسكري فرنجية يعلن التحالفات مع «القومي» في الكورة وحرب في البترون وطوق في بشري

كتب المحرّر السياسي

كما ورّط السعوديون حلفاءهم في العراق بتشجيعهم على التحرّك لتأجيل الانتخابات أملاً بكسب المزيد من الفرص لتحسين وضعهم الانتخابي في أوساط النازحين، من جهة، وبالضغط على رئيس الحكومة حيدر العبادي وإحاطته بتحالفات تناسب السعودية وجماعاتها من جهة أخرى، تورّط الرئيس التركي رجب أردوغان بحسابات خاطئة مشابهة في قراءة ما اعتبرها فرصة العمر لفرض حضور عسكري في سورية تحت عنوان تأديب الجماعات الكردية المسلحة المدعومة من واشنطن لكن خارج النطاق الجغرافي للحضور الأميركي، وحيث لا روسيا مرتاحة لتصرف هذه الجماعات ولا الدولة السورية لاقت منها ما يستحق الحماية ومثلما اصطدم السعوديون وجماعاتهم بتخطي الحسابات الانتخابية الضيقة لدى قادة التحالف الوطني والإصرار على عدم التأجيل، خصوصاً في ظل ما يترتب دستورياً على تأجيل الانتخابات من دخول حال الطوارئ، وهو ما سيحسم بالتصويت النيابي غداً، وربما يؤدي للنظر بالحصيلة أمام المحكمة الدستورية العليا، كذلك اصطدم أردوغان بموقف الحكومة السورية الذي عبر عنه نائب وزير الخارجية الدكتور فيصل المقداد الذي حذّر الأتراك من مغبة العبث بأمن سورية وسيادتها، مهدّداً بتصدّي الدفاعات الجوية السورية، التي استعادت كامل مقدراتها وفعاليتها، لأي طائرة تركية تنتهك المجال الجوي السوري، فاضطر الرئيس التركي إلى إرسال رئيس أركانه ورئيس مخابراته إلى موسكو طلباً لمخرج سياسي يحفظ ماء الوجه التركي ويمنع التصادم. واللافت أنه في الحالين العراقي والسوري عاود الأميركيون الذين كانوا يغضّون النظر عن عملية تركية في عفرين بصفتها خارج نطاق مسؤولياتهم، ليقولوا إنهم ينصحون الأتراك بعدم التورط بعمل عسكري ضد عفرين، وفي العراق بعدما قالوا إن موعد الانتخابات شأن عراقي، عادوا وقالوا إنهم ينصحون بإجراء الانتخابات في موعدها وعدم التلاعب بالاستحقاقات الدستورية.

لبنانياً، مع استمرار التجاذبات الرئاسية على خلفية قانون الانتخاب وتمديد المهل للمغتربين من جهة ومرسوم الأقدمية للضباط من جهة أخرى، كان الأبرز إعلان النائب سليمان فرنجية خريطته الانتخابية في الدائرة التي ستكون من أهم دوائر المعارك الانتخابية الكبرى في لبنان، والتي تضم زغرتا وبشري والكورة والبترون، والتي يخوض فيها النائب فرنجية معركته كما قال بثلاثي زغرتاوي هم نجله طوني وحليفيه إسطفان الدويهي وسليم كرم، وبتحالفات في دوائر الكورة يتصدّرها الحزب السوري القومي الاجتماعي وفي بشري وليم طوق نجل النائب السابق جبران طوق وفي البترون النائب بطرس حرب.

القوات تتماهى مع التطبيع الخليجي

شكّل مشروع رئيس التيار الوطني الحر وزير الخارجية جبران باسيل لتعديل المهل المتعلقة بتسجيل المغتربين الاختبار الثاني لمجلس الوزراء بعد سجال مرسوم الأقدمية في جلسة الأسبوع الماضي. وقد تمكّن رئيس الحكومة سعد الحريري من إبعاد حكومته عن رياح الخلافات السياسية حول تطبيق قانون الانتخاب من خلال إحالة مشروع التعديل الى اللجنة الوزارية المختصة التي ستُعقد الاثنين المقبل.

غير أن اللافت في الجلسة هو محاولات بعض الوزراء الفرض على مجلس الوزراء إبداء المرونة في التعامل مع مظاهر التطبيع الثقافي مع العدو «الإسرائيلي»، ما يطرح أكثر من علامة استفهام عن نيات البعض في الترحيب والتسويق لفكرة التطبيع والتماهي مع أكثر من دولة عربية وخليجية انخرطت علانية في مشروع التطبيع مع «اسرائيل».

وتجلى ذلك في طلب الوزير «القواتي» ملحم الرياشي من مجلس الوزراء في مستهل الجلسة كما علمت «البناء» «تحديد المعايير التي لها علاقة بمقاطعة إسرائيل »، في إشارة الى فيلم «ذا بوست» للمخرج الأميركي ستيفن سبيلبرغ الذي قرّر وزير الداخلية بخلاف القانون والدستور السماح بعرضه في السينما اللبنانية، وأضاف رياشي: «مش كل ما واحد غنى منمنعو، سبيلبرغ ما بينتخب بزبوغا».

غير أن الوزير علي قانصو ردّ على رياشي بالقول: «كيف نوافق على فيلم تبرّع مخرجه في العام 2006 بمليون دولار للعدو الاسرائيلي الذي دمر لبنان وحاول القضاء على المقاومة؟». وأضاف قانصو: «يبدو أن دكِتنا بلبنان بالتطبيع رخوة»، في إشارة الى وزير الداخلية الذي لم يجب على انتقاد قانصو!

مشروع باسيل الى اللجنة الوزارية

بالعودة الى مشروع تعديل المهل، وبعد إعلان غالبية مكونات مجلس الوزراء «حركة أمل وحزب الله والحزب السوري القومي الاجتماعي وتيار المردة والوزير طلال أرسلان ، الحزب التقدمي الاشتراكي»، عن رفضها ادخال أي تعديلات على قانون الانتخاب، قرر الحريري إحالة الملف الى اللجنة الوزارية المختصة. وقد أشار الوزير علي قانصو في الجلسة الى أهمية توسيع دائرة إشراك المغتربين في الانتخابات لا سيما أن الحزب لديه الكثير من المنتشرين المؤيدين في جميع قارات العالم ومن مصلحته إشراكهم في الانتخابات، «لكن طرح الموضوع في الوقت الحالي غير ممكن لنفاد الوقت قبل موعد الانتخابات النيابية الى جانب أن الاقتراح لم يحظ بالوفاق السياسي المطلوب لا سيما أنه قد يفاقم الخلاف القائم بين رئيسي الجمهورية والمجلس النيابي حيال أزمة مرسوم الأقدمية، مشيراً الى أن «لا إمكانية لتطبيق القانون لا سيما أن رئيس السلطة التشريعية صرّح بأنه لن يفتح أبواب المجلس لتعديل القانون لأن ذلك قد يطيح الانتخابات النيابية برمتها».

وفي ما لاذ حزب «القوات» بالصمت، تمنى الوزير باسيل على رئيس الحكومة إعادة طرح المشروع على مجلس الوزراء إذا لم يُبتّ به في اللجنة الوزارية، وهنا سأل أحد الوزراء باسيل: هل تقصد عرض هذا الملف على التصويت؟ فردّ وزير المال علي حسن خليل بالقول: «إننا لم نصوت في المجلس على أي موضوع ونرفض التصويت عليه»، لكن مصدر وزاري مطلع استبعد «أن يمرّ المشروع في اللجنة الوزارية»، مشيراً الى أن «مشهد الانقسام داخل مجلس الوزراء سينعكس داخل اللجنة».

وأكد وزير المال في تصريح، خلال مغادرته الجلسة أن «موقفنا واضح وأي فتح لعملية التعديل على قانون الانتخاب ، تشكل خطراً على إجراء الانتخابات في موعدها»، مشدداً على «أننا لن نوافق على ذلك، كما أننا مصرّون على إجراء الانتخابات في موعدها». ولفت الى أنه «اذا دعا رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري ، الى جلسة للجنة قانون الانتخابات، فنحن سنحضر ونشارك بالاجتماع»، مشيراً الى أن «سحب بند مشروع قانون تمديد مهلة تسجيل الناخبين المغتربين وتحويله الى اللجنة جاء بناء على طلب رئيس الحكومة».

وسأل باسيل : «كيف يتهموننا بمحاولة تأجيل الانتخابات ونحن كنا ضد التمديد ؟». وأبدت مصادر التيار الوطني الحر استغرابها «اعتراض البعض على مشروع تعديل المهل الآن في الوقت الذي لم تعترض عندما طرحته في اللجنة الانتخابية الشهر الماضي!»، واضعة معارضة الرئيس نبيه بري في «سياق ردة فعل على موضوع مرسوم الأقدمية». وأوضحت المصادر لـ «البناء» أن «إصرار باسيل ينطلق من أن «عدداً كبيراً من المغتربين أنجزوا أوراقهم الثبوتية لكن لم يتمكنوا من تسجيل أسمائهم في الوقت المحدد، لذلك يجب أن نسمح لهؤلاء بالتسجيل والمشاركة في الانتخابات».

غير أن وزير الداخلية أوضح، أنّه «لضيق الوقت، أُحيل البند 24 إلى اللجنة الوزارية المكلفة تطبيق قانون الانتخابات، وذلك لا يعني أنّه سقط إذ إنّ من الممكن أن يمرّ أو أن يسقط، وإداريّاً هناك صعوبة في تطبيقه».

وكان الحريري قد أشار في مستهل الجلسة الى أن «من يسمع ما يصدر في وسائل الاعلام من مواقف وتصريحات حادة بخصوص ما يطرح من مواضيع وملفات في مجلس الوزراء، يعتقد أن هناك مشكلا معقدا في ما بيننا وأننا على خلاف مستعصٍ، لكن الحقيقة والواقع غير ذلك تماماً». وإذ اشار الى «أننا لسنا فريقاً سياسياً واحداً وهناك وجهات نظر مختلفة»، ولفت الى ان «هناك أموراً تتطلب حلولاً قبل الأخرى»، تمنى على «الجميع التروي وتهدئة المواقف السياسية وكل الأمور المطروحة يمكن ايجاد الحلول لها من خلال التحاور والنقاش الهادئ، وليس بانتهاج المواقف الحادة».

وعبرت مصادر وزارية عن ارتياحها لتجنيب مجلس الوزراء العاصفة السياسية والانتخابية التي تشهدها الساحة الداخلية، واصفة الجلسة بالهادئة باستثناء سجال الوزيرين جبران باسيل ومروان حمادة على خلفية طرح باسيل إنشاء قنصليات في عددٍ من الدول، فقال له حمادة نحتاج الى وقت لدراسة الأمر واستمهل الوزراء أسبوعاً لإبداء الرأي، وكان قد سبق هذا الموضوع رفض باسيل تعيين 106 مأموري أحراج في بيروت اجتازوا امتحانات مجلس الخدمة المدنية وتأخر تعيينهم بسبب غياب التوازن الطائفي، ما أثار امتعاض حمادة وانتقاده التفرد والازدواجية الذي يمارسهما باسيل تجاه الملفات في الحكومة.

وفي سياق ذلك دخل رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط على خط السجال، وقال عبر «تويتر» موجّهاً رسائل للمعنيين: «أحذر من المحاولات المتنوعة للتهميش او الاستفراد بالقرارات او العودة إلى ثنائيات قديمة».

الحريري يجمّد مساعيه بأزمة المرسوم

على صعيد أزمة مرسوم أقدمية الضباط، جمّد رئيس الحكومة مساعيه بين بعبدا وعين التينة بعد رأي هيئة «التشريع والاستشارات» في وزارة العدل الذي شكل رسالة الى الحريري، بأن الأمر انتهى ولا داعي لأي وساطات، وأشارت مصادر نيابية في تيار المستقبل لـ»البناء» الى أن «الحريري يقف في الوسط ولم يتخذ موقفاً منحازاً الى أي جهة. وهو عمل وسيعمل على تقريب وجهات النظر بين الرئيسين عون وبري، لكنه لا يملك حلاً أو مبادرة معينة لانهاء الخلاف القائم»، رافضة إلقاء المسؤولية على الحريري في هذا الإطار، إذ إن «الجميع بات يعرف عمق الخلاف السياسي بين رئيسي الجمهورية والمجلس النيابي حيال أكثر من ملف».

فرنجية: مشروعنا انتصر استراتيجياً بعون

وفي السياق الانتخابي، يبدو أن دائرة البترون – الكورة – بشري – زغرتا ستشهد أم المعارك نظراً للرمزية التي تمثلها على الساحة المسيحية وفي ظل تعدد القوى السياسية المختلفة فيها وتعقيدات التحالفات الانتخابية التي لم تحسم حتى الآن. وفي سياق ذلك، أكد رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية في حديث تلفزيوني، أنه ليس مرشحاً للانتخابات النيابية، قائلاً: «مرشحونا للانتخابات النيابية في زغرتا هم طوني فرنجية، اسطفان الدويهي وسليم كرم». ورسم خريطة التحالفات الانتخابية كالتالي: «في الكورة التحالف الأساسي مع الحزب السوري القومي الاجتماعي، في بشري مع جبران طوق، أما في البترون فمع النائب بطرس حرب».

واعتبر أن «التعاطي الموجود اليوم ليس تعاطي التيار الوطني الحر الذي كان خصمنا وأصبح حليفنا، وباسيل تخطّى غازي كنعان في التعاطي مع مؤسسات الدولة». ولفت الى أن «لا مصلحة مع رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع في الانتخابات، وأنا لم أعمل لإلغاء أحد، بل باسيل يعمل لإلغائي لانه يعتبرني خصمه في الانتخابات الرئاسية المقبلة».

واعتبر فرنجية أن «مشروعنا وصل عبر رئيس الجمهورية ميشال عون، وفي المسائل الاستراتيجية انتصرنا مع الرئيس عون»، مشيراً الى «أنني لا أنأى بنفسي ولي موقعي اليوم في الساحة السياسية».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى