vابراهيم موسى وزنة
شهدت مجريات دوري الدرجة الثانية في كرة القدم في الآونة الأخيرة، ظاهرة غير اعتيادية في ملاعبنا، إذ سرق جماهير فريق الهومنتمن الأضواء من الدوري بكل نتائجه، وهذا ما شجّع البرامج الرياضية التلفزيونية والصفحات الرياضية في الإعلام المقروء، للحديث مطوّلاً عن الموضوع.
ولما كثر المتعجّبون والمتسائلون عن سرّ هذه المواكبة التي فاقت حدّ التوقعات واكب الفريق في مباراته الأخيرة أمام فريق الاجتماعي أكثر من خمسة آلاف مشجّع ، وعلى ضوء ما استحقه الحدث من الإشادة والثناء من قبل المتابعين والمهتمين، كان لا بدّ من الشرح والتوضيح.
للأسف، كثيرون من مشجّعي أندية كرة القدم في لبنان هذه الأيام، لا يعرفون شيئاً عن فريقَيْ الهومنتمن والهومنمن، وهما الغائبان منذ ما يقارب تسع سنوات عن بطولة الدرجة الأولى بعد صولات وجولات لهما امتدّت لعشرات السنين، انطلاقاً من تنظيم الدوري المحلي الأول عام 1933. وخزائنهما ملأى بإنجازاتٍ وكؤوس تحكي عن أمجادهما وبطولاتهما.
وكان الناديان قد ودّعا الأضواء تِباعاً لأسباب عدّة، يقف في مقدّمها العامل المادي وغياب المموّلين، مع تراجع مستوى الاهتمام الرياضي لدى حزبَيْ الطاشناق والهانشاق الجمعيتان القيّمتان على الناديين الأرمينيين في السنوات الأخيرة، على حساب مضاعفة اهتماماتهما بالشؤون التربوية والكشفية، ناهيكم عمّا عكسته الانقسامات السياسية الحادّة الحاصلة في لبنان، والتي فرضت عليهما التعاطي بحذر مع ملفات حياتية كثيرة، نظراً إلى الخصوصية التي تحيط بالأرمن، خصوصاً في مناطق: برج حمود والنبعة والبدوي والضبية وزحلة وعنجر وصور وطرابلس والنقاش.
عدّة معطيات حصلت في الآونة الأخيرة، انعكست إيجاباً على حركة الارتقاء والتطوّر الرياضيين لدى فِرَق الهومنتمن، والجدير ذكره أن جمعية الهومنتمن هي الواجهة الرياضية الكشفية لحزب الطاشناق الذي ينضوي تحت عباءته غالبية الأرمن في لبنان 90 في المئة ، فأول الغيث كان مع الانطلاقة المتجدّدة لفريق كرة السلة، وفي طليعة المستجدّات الايجابية، دخول عدد من المتمولين الذين عايشوا أيام العزّ على خطّ الدعم والاهتمام، إضافة إلى أوان موعد قطاف المواهب المتخرّجة من الأكاديميات الكروية التي انطلقت منذ خمس سنوات، ناهيكم عن رغبة القيّمين في تظهير العطش الجماهيري من خلال المواكبة الفاعلة التي تساهم في دعم صندوق النادي. وما شجّعهم لرسم خريطة العودة إلى الأضواء، المستوى الجيد الذي ظهر به فريقهم الواعد الذي صار يقارب مستويات فرق الأولى والثانية، علماً أنه يشارك في البطولة حالياً بأجنبيّ واحد. وفيما لو تبلورت صورة الصعود بوضوح، سيسارعون إلى استقدام لاعب أجنبيّ آخر لتحقيق الهدف والمرتجى. وهنا نشير إلى أن أبناء النادي العريق ونجومه ممّن سبق أن دافعوا عن ألوان منتخب لبنان الوطني وارطان غازريان، آرمين سناميان، آشوت ورافي جلفاجي ومعهم مدرب الفريق صموئيل بوغوصيان يقفون اليوم في مقدّم المشرفين على مسيرة العودة «الهومنتمنية» إلى الاضواء، ولا شك أن الدور الايجابي الأبرز في تغيير واقع الفريق من حسن إلى أحسن، يعود الى حجم الدعم الذي أمّنه رئيس حزب الطاشناق الحالي، وهو الرياضي الخبير والاداري المحنك وصاحب السيرة العطرة. عنينا به آغوب خاتشيريان.
ختاماً، لا بدّ من التأكيد أن عودة الهومنتمن إلى الأضواء ستعيد إلى كرتنا المتعة والإثارة وإلى ملاعبنا الروح والعافية… فنحن في انتظار «البرتقالي»، آملين أن تدبّ الحماسة والغيرة في نفوس أهل الهومنمن وقلوبهم، ليلحق «الأحمر» بغريمه إلى دوري الأضواء، فالدوري من دونهما سيبقى «بلا وهج ولا رهج».